الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المشهد المصري

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2014 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


عودة الاحتجاجات الى الشارع المصري بعد الحكم ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك من تهم قتل المتظاهرين في ثورة يناير هو علامة سلبية قد تقوض جهود السلطة الحالية برئاسة المشير عبد الفتاح السيسي في تحقيق الاستقرار على اعقاب الانتخابات البرلمانية التي ستجري في بداية السنة القادمة . ولكن حجم التهديد الفعلي الذي يواجه النظام الحاكم سيبقى محدودا بالنظر الى حالة الاستقطاب المستمر على الساحة السياسية والمجتمعية المصرية بين الاسلاميين و غيرهم . التوتر الايديولوجي القائم و التجاذبات داخل الصف الاسلاموي نفسه هو نقطة القوة التي تستفيد منها الحكومة المصرية للسير نحو الامام و قطع الطريق امام اي معارضة ناشئة جادة يمكنها الوقوف في وجه سياساتها . ومع ذلك ما يؤرق مضاجع السلطة هو الانقسامات الممكنة التي قد تحدث في الجبهة المدنية المعارضة للاسلاميين وهي الجهة المانحة للشرعية السياسية ولو شكليا على اثر الاحتجاجات التي ادت الى عزل الرئيس السابق محمد مرسي والغاء تبعات المرحلة الانتقالية الثانية بعد ثورة يناير .. اذا اعادت الاحزاب و القوى المدنية المصرية تموضعها سياسيا بالنسبة للوضع الحالي وشكلت تكتلا مدافعا عن الديموقراطية فمن المحتمل ان اختراقا سيحدث على صعيد الاصطفافات الايديولوجية بما يؤدي الى تخفيف حدة الاستقطاب و هو الخبر السيء الذي لا تريد سماعه الجهات الحكومية
لقد ظلت الحركية الاحتجاجية على مدى الاشهر الماضية مقتصرة تقريبا على نشاطات جماعة الاخوان المسلمين و بعض القوى الصغيرة المقربة منها للمطالبة بالغاء ما ترتب عن عزل مرسي الى جانب نشاطات طلابية وفئوية معارضة في الجامعات وأماكن العمل مع غياب شبه كلي للتنسيق مع الاطراف الاخرى التي شاركت في ثورة يناير ، و حتى عندما تحركت الاصوات الغاضبة ضد قرار تبرئة مبارك لم تتواصل القوى المصرية مع بعضها وبقيت مستأنسة لمواقعها الاستقطابية الثابتة التي تميز العلاقة بين الاسلاميين والقوى المدنية الموصوفة بالعلمانية و بين الاسلاميين ذاتهم
اذ ينقسم الاسلاميون بين جماعة الاخوان و الاحزاب الدائرة في فلكها وبين السلفيين الذين بدورهم يتراوحون بين فئة تقترب من نهج الاخوان المعارض للسلطة الحالية مثل الجماعة الاسلامية و الجبهة السلفية واخرين التحقوا بركب المتعاملين مع الوضع الجديد بعد عزل مرسي وعلى رأسهم حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية كحزب يسعى الى ان يكون رقما مهما في المشهد السياسي من خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة بعد ان شارك في التحالف الداعم لرئاسة السيسي وفي اقصى ركن تبرز السلفية الجهادية المتطرفة عبر تنظيم انصار بيت المقدس الموالي ل" الدولة الاسلامية " و معه اجناد مصر ومجموعات صغيرة اخرى . وقد ولدت هذه الاختلافات في المنهج بين الحركات الاسلامية حالة من التجاذب والصراع الضمني المفيد للسلطة . فالاخوان الذين يرفضون الى اليوم ممارسة العنف في كفاحهم ضد المنظومة الحاكمة يواجهون تحديات جمة للحفاظ على التماسك بصفوفهم اي منع المنتمين للجماعة من الانزلاق للتطرف او الانخراط في فرقة القبول .. وكلما ازدادت قوة المجموعات المتشددة باستغلال الثغرات الاجتماعية و السياسية فسينعكس ذلك سلبا مباشرة على الرصيد الإخواني من جهة المنافسة حول النموذج الاسلامي ، و ضمن وعاء الاستقطاب الاكبر في الشارع المصري كذلك لان الجماعة توصف بالارهابية و تنسب اليها البروباجندا الحكومية كل عمليات العنف التي تحدث ولذلك يتوقع في الفترة المقبلة ان تبقى جهود الاخوان مركزة ذاتيا في الدفاع عن وجودهم اكثر من محاولة الاقتراب من خصومهم
اما العلاقة بين القوى السياسية المحسوبة على التيار المدني فتحكم بمنطقين . منطق التكتل ضد الاسلاميين ومنطق الاختلافات بين المؤيدين للسلطة و المؤسسة العسكرية و المعارضين لها المنادين بتجسيد الديموقراطية .. ومتى بقي المنطق الاول سائدا فذلك لصالح السلطة وكلما رجحت الكفة نحو المنطق الثاني فستعزز احتمالات كسر الاستقطاب و تشكيل رأي عام معارض يؤدي الى حركية ديموقراطية تقود الشارع للانتفاض مجددا ضد الحاكمين في القاهرة وخاصة اذا نفذ الصبر الشعبي من المعالجات الحكومية التي لم تحسن الاوضاع الاقتصادية للمصريين . ومن المؤكد ان مواضيع مثل تبرئة مبارك و توغل البيروقراطية المرتبطة بالدولة العميقة ستهيج الانقسامات في الصف المدني المصري و ستدفع ببطء نحو التحولات التي تكلمنا عنها وحينها سيجد التحالف السياسي و العسكري الذي يقوده السيسي نفسه مجبرا على الموازنة بين متطلبات ابقاء الاستقطاب و اشباغ رغبات الحرس القديم في عدم التنازل عن ثوابت السلطوية في مصر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة