الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يجب أن نحلم أحلاماً أكبرمن مستوى أفكارنا

بوشن فريد

2014 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا يجب علينا أن نحلم أحلاماً أكبر من مستوى أفكارنا.
من ينقذ الهوية القومية السياسية في الجزائر؟
تميل كل جماعة سياسية, أو بالأحرى, تحتاج إلى تشكيل تصور عام لنوع الجماعة التي هي عليه, و التي تود أن تكونه, و ما الذي تشكله, و كيف تمتاز عن الآخرين, أو إن شئت فقل: تصور عام لهويتها.
فالهوية القومية السياسية, لا شأن لها بالماهية أو الروح المتعنة أو النفس المنغلقة, لأن هذه الأمور لا وجود لها. و الهوية القومية السياسية في الجزائر لا شأن لها أيضا بما أطلق عليه ساسة القرن التاسع عشر الشخصية أو الثقافة القومية, لأن الجماعات الحديثة ذات السياسة المتذبذبة, و يفخرون بحرية الإرادة الشعبية و تقرير المصير لا يمكن أن تمتلك شكلاً متسقاً, كما أنه ليس ثمة ثقافة حديثة تامة الانسجام عديمة التمايز.
إن الهوية القومية السياسية لا تحتاج إلى أهداف وطنية متفق عليها بالإجماع, ذلك أن هذه الأهداف إنما هي بالضرورة عرضة لاختلاف الآراء و تغيير التعريفات, كما أنها لا تستلزم رأياً موحداً في تاريخ البلاد, لأن تاريخه, لا محالة, معقد و مريب و منحرف, و فيه روايات شتى و حكايات يغلبها طابع الانتماء الجهوي و العاطفي و حتى اللغوي أحياناً أخرى, و يمكن أن يكون باعثاً قوياً للخلاف و الشقاق, إذا ما جُعل منه ممارسة في التمجيد الذاتي القومي.
إن مبادرة جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس" تتكون أساساً من عناصر سياسية تختلف عن الطرح السياسي لمفهوم التغيير الذي تناشده أحزاب المعارضة, و بالتالي تخندق سلوك التعنت و حب الانفراد بالقيادة السياسية و عبادة الزعامة, أثر كثيراً في مفعول المعارضة ككّل, و لصناعة الهوية القومية السياسية بهذا المستوى الفكري و النضالي, بتشتت صفوف الأرضيات و المطالب بين كيانات سياسية, متفقة لحد بعيد, على همجية و بلطجية و فرعونية النظام المتربع على مقاليد الحكم و أقدار الشعب, يمنح لمهندسي لطبيعة المنظومة الحاكمة بالجزائر منذ الاستقلال, حق الفيتو مرة أخرى, للتصويت على استعباد المجتمع الجزائري بنخبه و فقرائه و أذكيائه, و كما سيكون هذا الطلاق العمدي, بين جبهة القوى الاشتراكية و التنسيقية المعارضة المتكتلة في إطار واحد و موحد, دافعاً قوياً للنظام البوتفليقي للاستثمار في فراغاته البلهاء و ثغوره الجاهلية, في مرحلة أين تعرف أسعار البترول انخفاضاً رهيباً, فالنظام سيسعى أو سعى من قبل إلى استبدال حيله الجهنمية في تفريغ محتوى أهداف و مطالب المعارضة عن طريق مبادرة الأفافاس, التي إن لم تكن من حيث الشكل متهمة, و لكن من باب المعنى السياسي, تعتبر مبادرة غير بريئة و لو لحين.
و على هذا, لا يمكن تأسيس لمفهوم القومية السياسية في الجزائر, في ظل التقاذف السياسي الغير الأخلاقي و الجاهلي, و التغيير السلمي لا يتحقق إلا في غياب عبادة الإيديولوجية و نكران ثقافة الاستعلاء بين هذه الكيانات السياسية.
كان من المفروض على جبهة القوى الاشتراكية إعادة خياطة مشروعها و تقييمه, و مشاركته مع الأحزاب الأخرى المحسوبة على الوفاء للوطنية و مقتنعة بالنقاش الجاد و الحر, و كما كان على التنسيقية الوطنية من أجل الحريات و الانتقال الديمقراطي أن لا تتسرع في الحكم على كل حركة أو نشاط سياسي تناقض مشروعها, و تتعامل معه كمشروع بديل يستحق المحاكمة و المصادقة و المراقبة, و لكن مادامت السياسية لدينا, تراعي المصالح الذاتية قبل مصلحة البلد, و أن النظام بدوره لا يتكاسل و يترقب كل صغيرة و كبيرة, و يستثمر في أخطاء و عيوب خصومه, فلا يجب علينا أن نحلم أحلاماً أكبر من مستوى أفكارنا.
بقلم: فريد بوشن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا