الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعوب المغاربية و الوحدة المعلقة

عائشة التاج

2014 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الشعوب المغاربية و الوحدة المعلقة

"كلّما كانت الدولة فاسدة ،كلما زادت القوانين ".كورنيليوس تاسيتوس


وحدة ملجمة :

هل تكفي الحدود و القوانين المنظمة أو بالأحرى "اللاجمة " لكل أشكال التفاعل ما بين الشعوب للحد من حركيتها المجالية وكذا من باقي تفاعلاتها البينية والتي تهم بالتأكيد كل المجالات ؟؟؟

وإلى أي حد تعكس هكذا قرارات "فوقية "تطلعات هذه الشعوب؟؟

لا شك أن الشعوب تميل طبيعيا لعلاقات انسيابية تتماشى وانسيابية وحدة حاكتها عوامل الجغرافيا والتاريخ والدين و الثقافة والتجارة والفن و الحب والزواج والمصاهرة والمودة والتعاون والتضامن .......طوال قرون متواترة شكلت تلك الطبقات المتراكمة عبر الزمان والمكان من حضارة مغاربية " استدمجها الوجدان الاجتماعي شرقا وغربا ،شمالا وجنوبا .....كي تسري في أوصاله مدا من شحنات الانتماء المشترك ......من الوريد إلى الوريد .

محددات الانتماء المشترك :

الانتماء لا يتحدد بتلك الأوراق الثبوتية والمزدانة بطوابع رسمية تجيز لصاحبها الحصول على حقوق محددة وفق قوانين تصيغها هذه السلطة أو تلك .
الانتماء هو أولا ذلك الدفق من المشاعر التي تنبعث مودة عند أي تفاعل مع بين شخصين او جماعتين ......توحدهما العديد من العناصر .
-الانتماء قد يحدده ذلك الهيجان الجماهيري في باقي الأقطار المجاورة الذي قد تفرزه مباريات تلعب فيها إحد ى فرق بلدان المنطقة مع فرقة غريبة ,

_الانتماء قد يحدده بشكل أكثر عفوية ذلك التفاعل مع هذا الفنان او ذاك او تلك الفرقة الموسيقية أو تلك ,,,,لأن انفعالات عميقة انبثقت من أدغال القلب فاهتزت أوتاره من فرط التجاوب حماسة و بهجة وفرحا .
_ الانتماء قد يحدده ذلك التضامن التلقائي الذي قد يعبر عن نفسه إثر حدث مؤثر
أصاب إنسانا أو منطقة شقيقة .

أشكال متعددة من عناصر الانتماء لا يمكن حصرها تعبر عن تلك الوحدة الموجودة والموءودة بقرارات أقل ما يقال عنها أنها "طائشة ".

نعم ،إنها وحدة تعكسها أوجه التشابه في كل شيء أو بالأحرى في أغلب المكونات الرئيسية لشعوب تتوخى العيش مع بعضها البعض في ود وسلام وتماسك و تعاون .



الأخبار المزيفة تخلق العوائق النفسية :

الكثير من الناس يبني مواقفه تجاه هذا البلد أو ذاك أو تجاه هذا الشعب أو ذاك
انطلاقا من الأخبار "الزائفة " التي تخلق مواقف مسبقة يتم السعي لتنميطها
من خلال الإشاعات والأفكار الجاهزة التي تخدم سياقا معينا لا يتجاوب بالضرورة مع "المصلحة العامة "في بعدها الحقيقي .....بالنسبة لبلدين متجاورين متحابين شعبيا متنافرين سياسيا ,

قبل ان أقرر المشاركة الفعلية في أحد الملتقيات العلمية بإحدى الجامعات "الجزائرية " انهالت علي العديد من التحذيرات المثبطة للعزيمة والتي ترتكز بشكل خاص على "أخبار موجهة "من هنا وهنا ك ، تبالغ في تهويل الشروط الأمنية وما قد يترتب عنها من أخطار محتملة ,,,الخ
إلا أن رغبتي في الاكتشاف والمشاركة " جعلتني أتحدى هذه العوائق "النفسية "
و أيضا عوائق "المسافة ,,,في ظل زمن جد محدود .
وكم كانت مفاجأتي "جميلة " وأنا أعيش تجربة مميزة قد تفوق شحنتها الوجدانية ما سبق أن عشته في تجارب مماثلة ببلدان أخرى .





شساعة المشترك :

لا شيء بتاتا يشعرك أنك خارج بلدك . لم أشعر للحظة واحدة أنني "خارج المغرب" . نفس المقومات ونفس المشاكل حتى و إن اختلفت "التسميات "
نفس السحنات والأمزجة ، نفس التصرفات ونفس القيم التي تنتظم حولها السلوكات الاجتماعية : كرم مادي ومعنوي وحفاوة في الاستقبال والاهتمام قد لا تجد لها مثيلا خارج "الرقعة العربية " .
خصوبة وجدانية تنم عن ذلك الرصيد الاحتياطي من ثروتنا "الإنسانية "
الباذخة في زمن غدا فيه الإنسان الذي يسمى متحضرا "شبيها بآلة تشتغل بشكل تحكمي يسير عن بعد ويعتبر "جفاف المشاعر" خصلة تنبيء عن عقلانيته "المتطرفة " .
ذلك أن الإنسان أكبر من أن يختزل لمجرد "عقل " يخيط الأحداث والشخوص بحيادية مفترضة .....
الإنسان هو أيضا قلب يخفق مشاعر وأحاسيس ......قد تختلف في شحنتها حسب
الشروط ، ولعل هذه الشحنات ما يجعل الفن والفنانين الأكثر قربا من أي سياسي حاذق وأكثره قدرة على التأثير .
ولعلنا نحن العرب ، لازلنا نمتلك تلك الخصوبة المتوارثة عبر الأجيال من خلال
قدرتهم الاستثنائية على نظم الشعر بانسيابية مميزة .....,لآشعر بدون رصيد مميز من المشاعر .

برودة الطقس ودفء المشاعر :

كان الجو باردا جدا .....
وكان الدفء يلف المكان فرحا ومحبة واحتفاء بمناسبة علمية جميلة جمعت الأشقاء من أماكن متعددة كي يفكروا مع بعض ويقتسمون أيضا لحظات جميلة من الود المشترك .
رأيت الفرح في وجوه ذلك الحشد من الشبان والشابات ويؤثتون بحضورهم الوازن مدرج الكلية و يتواصلون مع تجارب أخرى من بلدان شقيقة.

رأيت الحفاوة في وجوه العمال والموظفين والمسؤولين وهم يشتغلون كخلية نحل من اجل إنجاح تظاهرة لها دورها الحاسم في تحريك منطقة نائية يلفها نوع من الركود خصوصا في هذه الفترة الباردة .

وعبر الفرح عن نفسه من خلال السعي في التواصل معنا والتقاط الصور للحفاظ على الذكرى "حية تنبض " رغما عن الزمن .
كما لمست الحفاوة المميزة من خلال درجة الصبر والتفاني في اداء المهام المسندة

في أي منطقة يمكن أن تجد زملاء ينتظرونك في المطار لساعات كي يقلك لمكان اللقاء ولا يسأمون من "طول الانتظار الناجم عن تأخر الطائرة حتى وإن كان الوقت ليلا وباردا وممطرا والمعلومات "غير دقيقة " ويتحملون وزر الانتظار بمحبة الأشقاء ؟
في أي منطقة قد يأتي مسؤول لتوديعك ولو في عز الفجر ولا تثبطه عن هذه اللفتة الإنسانية الجميلة تراكم التعب الناجم عن شروط تنظيم الملتقى وتفاصيله الكثيرة ولا قطرات المطر ولا لفحات البرد وعندما يجد السيارة التي ستقلك للمطار قد اقلعت يتبعها بكيلومترات ، فقط ليؤدي واجب التوديع كما تقره الأعراف العربية الأصيلة لضيوفها الأعزاء ؟؟؟؟
قد لا يحدث هذا ‘لا في منطقة تحافظ بإصرار على "أصالة عاداتها المميزة ".

وأنا أنتظر الطائرة المتأخرة كي تقلنا من مطار الجزائر العاصمة نحو مطار "عنابة " أثتت اللحظة بدردشة مع إحدى الجزائريات ......وهي تودعني ،فوجئت بها تبحث في إحدى حقائبها وناولتني "خميسة ذهب" من حجم صغير كي تبقى ذكرى للقائنا ......تأثرت بالأمر فبحث أيضا في حقيبتي وسلمتها "هدية رمزية " امتنانا لفعلتها الراقية .

ارتسامات مواطني البلدين :

ونحن في المطار ،التقينا طبيبين مغربيين رجعا أيضا من أحد الملتقيات بالعاصمة
فقال لنا احدهما :الجزائريون رائعون .....يتاكد لي ذلك مرة إثر أخرى ,,,,
وأكدنا بدورنا هذه الملاحظة ,,,,
كما أكد لنا كثير من الجزائريين "روعة المغاربة وطيبتهم " وتجاربهم مع حفاوة الاستقبال المغربية .
وكلما تجاذبنا أطراف الحديث عن العلاقة بين الشعبين ولو بشكل غير مباشر برزت المطالبة بضرورة فتح الحدود وتوطيد جبهات التعاون في أفق الوحدة وخلق قوة بالمنطقة تمكن أهلها من تموقع أكثر وزنا ضمن المنظومة الدولية ,
فهل يستجيب حكام المنطقة ويعبرون عن مستوى من النضج يضاهي نضج شعوبهم البعيدة النظر ؟؟؟؟




عائشة التاج , سسيولوجية من المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اصحاب الجين الكريم
Jugurtha bedjaoui ( 2014 / 12 / 12 - 22:45 )
صحيح كل ماجاء في المقال الراقي من الناحية السوسيولوجية المكونة لسكان شمال افريقيا اصحاب الجين الكريم والمحب والمضياف الا ان الاستادة المحترمة اسقطت هاد الجين على شعوب اخرى لاصلة لها بشمال افريقيا والاستادة لها باع في الثقافة ومعرفة دقيقة لمكونات الشعوب المغاربية لكنها انكرت اصلنا وثقافتنا وكرمنا وهي تعلم ان القرارات الفوقية تاتي من حكام يتبنون اصلا لا يمثل اصلنا ولهاد بقت الحدود مغلوقة وستحل عندما يرجع الحكم لاهلها وسيعود ولو بعد حين وستتوحد الشعوب يوما كما وحدهم الجد الاكبر ماسنسن تحياتي وقليلا من الانصاف

اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت