الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام المصري : شر البلية ما يبكي

احمد عسيلي

2014 / 12 / 13
حقوق الانسان


نشرت صحيفة اليوم السابع المصرية ، في عددها الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2014 ، خبر القرار الذي اتخذته محكمة النقض ، بتخفيض الغرامة المستحقة على الملياردير المصري أحمد عز ، و ذلك من 100 مليون جنيه ، إلى 10 ملايين جنيه فقط ، و علقت الصحيفة على ذلك الخبر ، أن هذا القرار جاء بعدما قدم محاميي الدفاع عن أحمد عز ، مستندات ووثائق ، تثبت أن الحكم الأول مخالف ل (صحيح القانون ) ؟؟
أي أن الخزينة المصرية حرمت من 90 مليون جنيه وفق (صحيح القانون ) ، من رجل سرق البلاد لسنوات طويلة و ألقي القبض عليه أثناء ثورة يناير محاولا الهرب خارج الوطن ، و بحوزته 90 حقيبة محملة بالذهب و الدولارات ؟؟
و بعد حوالي الأسبوعين تقريبا ، و في نفس الجريدة ، نشر بتاريخ 9 ديسمبر 2014 ، خبر إلقاء أجهزة الأمن ، القبض على مجموعة قوادين للمثلية الجنسية ، و بحوزتهم مبالغ مالية هي على الترتيب ( 2100 جنيه و 300 جنيه و 400 جنيه )
أي مبالغ تترواح بين 30 يورو و 210 يورو ، و اعترف هؤلاء الأشخاص أن هذه المبالغ هي من عملهم في مجال الدعارة و إفساد أخلاق المجتمع ، كما ذكرت أن هذه المبالغ المالية قد تم التحفظ عليها ، و أودعت في مستندات القضية كعنصر اتهام و إدانه لهؤلاء الناس .
طبعا يجب أن نشكر أيضا عناصر الأمن ، الذي سهروا من أجل المواطن المصري ، و لحفظ حقوقه و أخلاقه ، و استطاعوا بفضل جهودهم الجبارة كشف أوكار الفساد و التجارة غير النظيفة .
و لكي تكتمل القصة ، فقد نشرت صور هؤلاء المجرمين أعداء الشعب و الفضيلة ، و هم شبه عراة إلا ما يستر أعضائهم الحساسة ، و خط أسود باهت جدا على عيونهم يظهر أكثر مما يخفي ، طبعا مع الشكر للإعلامية المصرية منى عراقي التي قامت بمجهود جبار أيضا في الكشف عن هؤلاء الناس.
هنا فقط أود أن أطرح بعض الأسئلة :
1ـ المكان الذي ألقي فيه القبض على هؤلاء الناس هو حمام بخاري مرخص من قبل الدولة ، و يمارس عمله بشكل علني و ليس سري ، بدليل أن هناك صحفي استطاع الدخول إليه و مراقبة كل ما يجري بكل سهولة ، و هذا الحمام يقع في وسط مدينة القاهرة العاصمة ، فأين هي مسؤولية رجال الأمن الجنائي أو المراقبة المفترضة من قبل أجهزة الدولة على هذه الأماكن ؟ كيف أصبح مكان علني و مرخص و يقع في وسط العاصمة أن يتحول إلى وكر للدعارة ؟؟
مسؤولية من هذه التي جعلت من هذا المكان مقصد للأجانب و العرب دون أن يدري به أحد من المسؤولين عليه ؟
من كان يشرف على الرقابة الصحية لهذه الحمام و مطابقته للمعايير الصحية ومعرفة ما يجري بداخله ؟
هل الأمن المصري بحاجة لصحفية فضولية كي يعرف ماذا يجري بمكان يقع في وسط العاصمة ؟
ألا تحتاج هذه القضية لو كانوا بالفعل غيورين على (طهارة و عفة ) البلاد محاسبة مديري الأمن و الجهات المختصة ؟
أم أن رجال لأمن و المسؤولين أصحاب الملايين فوق الإتهام ، و من يلقى القبض عليهم هم فقط أصحاب الجنيهات القليلة ؟؟
2 ـ هؤلاء الناس حولوا إلى القضاء ليقول فيهم كلمته ،فأي قانون بالعالم يسمح بنشر صور و أماكن سكن الناس قبل محاكمتهم ؟
و ليست مجرد صور عادية للوجوه ، بل هي لأجساد عارية دون أي مراعاة لحرمة الإنسان و جسده ،
ألستم مدافيعن عن الطهارة و العفة ؟ أمن الطهارة و العفة نشر صور الناس و هم شبه عراة ووضعها على صفحات الجرائد و كيل الإتهامات لهم ؟
3ـ هل وجود مبالغ مالية مثل 300 أو 400 جنيه تستدعي التحقيق مع الإنسان عن مصادر هذه الأموال و مصادرتها و وضعها في حوزة القضاء ؟
أليس من الطبيعي أن يحوي انسان راشد و عامل لمبلغ 400 جنيه ؟ هل يستدعي هذا المبلغ التحقيق معه ، أم تريدون الشعب كله معدم لتضعوا المزيد من الملايين في أرصدة مصاصي الدماء ؟
مبارك الذي يمتلك 70 مليار دولار حر طليق في قصوره المنتشرة في كل أنحاء العالم ، و من يمتلك 400 جنيه ، يقبع داخل السجون و معرض لكل أشكال الإهانة ؟؟
ثم تسألون بعد ذلك عن سر وجود الإرهاب في بلادنا ؟؟
4 ـ لماذا نكذب على أنفسنا دائما ، مصر ككل الدول العربية ، مليئة بأماكن الدعارة و ممارسة الجنس ، المثلية و الغيرية ،و لا يكاد يخلو كباريه من أماكن مخصصة لممارسة الجنس مقابل المال ، و في مصر آلاف الكباريهات ، فلماذا محاولة التركيز الإعلامي على هذ المكان لتمتلئ صفحات الجرائد المصرية بهذا الخبر و كأنه استثناء أو حالة غير عادية و خارجة عن تقاليد مجتمعنا ؟؟
كل هذا فقط لأنكم تحتاجون لفرقعة إعلامية ؟ فلم تجدوا سوى هؤلاء المساكين كي تتسلوا بهم في إعلامكم ؟
هل لأنهم فقراء و يملكون في جيوبهم فقط عدة مئات من الجنيهات تتسابقون لملئ صفحات جرئدكم عنهم ؟
كونوا مطمئنين ، فمصاصي دماء الشعب لن يقصدوا هذا المكان ، فهم يفعلون نفس الممارسات لكن في لندن و باريس ، و ربما أيضا في شقق فخمة في المعادي و المهندسين ، و في أماكن لن تتجرؤوا على الإقتراب منها .
أسفي على مساكين بلادنا العربية ، لا قانون يحميهم ، و لا منظمات حقوقية تطالب بحقوقهم ، هم معرضين لكل أشكال الإيذاء ، و ما زاد الطين بلة هو التطور الإعلامي ، و تعدد القنوات الفضائية ، و حاجة هذه القنوات الى فرقعات تملئ بها صفحاتها و ساعات بثها ، فلم تجد سوى غلابة و فقراء البلاد كي يتحولوا إلى وقود تشعل بهم ماكينة البث هذه .
كنا نقول سابقا أن شر البلية ما يضحك ، لكن حتى الضحك أصبحنا عاجزين عنه ، ففي بلادنا ، شر الأمور أصبح يدمي قلوبنا و عيوننا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين