الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 5 - ويلهلم ليبكنخت

سعيد العليمى

2014 / 12 / 13
الارشيف الماركسي


البورجوازى والبورجوازية
لم تحرز البورجوازية السلطة السياسية ابدا فى المانيا كما حدث فى فرنسا وانجلترا . ورغم ان البورجوازية الانجليزية قد ازاحت منذ اكثر من قرنين ونصف والبورجوازية الفرنسية اكثر من قرن مضى كل النفاية القروسطية ، فان البورجوازية الالمانية لم تكن ابدا فى وضع يجعلها تقوم بثورة سياسية وتحقق فى الدولة مايسمى بالحرية السياسية . خسارة التجارة العالمية نتيجة لاكتشاف امريكا ، وارتباطا بذلك اعاقة نمو النشاط الصناعى ، والانقسام السياسي وخراب المانيا ، شلل الروح القومية لحد الموت تقريبا ، ونشوء مصالح امبراطورية معادية للشعب وللتنوير ، كل هذا منع نمو مواطنة قوية . عندما لاحت فرصة متأخرة فى 1848 لم تكن لدي الشعب الالمانى حتى حينئذ القوة للقيام بثورة سياسية . بعد استمتاع قصير بالحرية احنت رأسها مرة اخرى للنير القديم . خوفا من العمال ، التى اشتمت منهم قوة جديدة وخطرة ، فأصبحت رجعية ، دون ان تكون ابدا ثورية ، لقد كفرت عن احلامها الثورية ، التى بدت لها وكأنها طيش شباب ، والقت بنفسها فى احضان الرجعية السياسية ، ولم يشغلها سوى مثال واحد باق ، وهو ان تثرى . اختفى المواطن من المجال السياسي واصبح اما غير مبال من الناحية السياسية او رأسمالوى .ان تكون راسمالويا يعنى ان تعترف وتساند الحكومة بدون شروط ، على ان تكون حكومة طبقية وتمثل وتروج بشكل حصرى مصالح الراسمالية .
حتى نمنع الانطباعات الخاطئة وسوء الفهم ، يجب ان نكون واعين تماما بالفارق بين " السياسي" و " الرأسمالوى " . هاتان الفكرتان ، اللتان يمكن ان نخلط بينهما بسهولة بسبب التباس الكلمة الالمانية " Burger " ، لابد ان نفصلهما بوضوح الواحدة عن الاخرى . فى فرنسا فان كلمة بورجوازى bourgeois "" التى كان لها فى القرون الوسطى نفس معنى كلمتنا " burger " ( تعنى فى اللغة الالمانية : اهل المدينة ، شخص ميسور الحال ، او مواطن – المترجم ) ، اتخذت فى مجرى الزمن والتطور الاقتصادى تدريجيا معنى " راسمالى كبير " ، بينما نستعير نحن الالمان للفكرة الاخيرة الكلمة الفرنسية " bourgeois" ولكننا نستخدم ايضا الكلمتين الالمانيتين " burger " و" burgerlich " دون ان نلاحظ الفارق . ومن ثم ينشأ التباس اللغة الذى يمكن ان يفضى لأى شئ عدا وضوح المفهوم . نحن نتحدث عن المجتمع ال "burgerlich " ونعنى المجتمع البورجوازى الرأسمالى الحديث . ونتحدث عن الروح ال " burgerlich " ، والحرية ال " burgerlich" ، ونعنى الروح الديموقراطية للحرية التى كانت لدى المواطنين فى الازمنة القديمة حينما كانوا يحاربون الكهنة وامراء الاقطاع ، وهى الروح التى تتعارض تماما ، على اية حال ، مع الروح الراسمالوية ، ومن ثم الرجعية ، والمواطنين الذين يدللون الكهنة وملاك الارض ، او بورجوازية اليوم .
ان صواب مايسمى بالمفهوم المادى للتاريخ ، الذى يعتبر ان التطور السياسي يعتمد على الاقتصادى ، لايمكن ان يخطر فى ذهننا بشكل مقنع وصارخ باكثر مما يدلل عليه التغير الذى حاق بالبورجوازية خلال مجرى القرن التاسع عشر . يمكن لنا ان نبين باكبر قدر من الدقة كيف ادى تغير علاقات الانتاج الى تغير فى النظرات والمواقف السياسية للبورجوازية . كانت كل خطوة للامام فى التقدم الاقتصادى خطوة للامام فى تطور التناقضات الطبقية وخطوة فى اقتراب البورجوازية ناحية اعداءها القدامى ، ملاك الارض والكهنة ، وخطوة فى تخطى البروليتاريا الناهضة ، التى لابد لها من اجل تحقيق تحررها ان تدافع عن الحقوق المتساوية لكل البشر والمبادئ الديموقراطية التى سبق وان دعمتها البورجوازية . فى اللحظة التى تتقدم فيها البروليتاريا الى الامام بوصفها طبقة منفصلة عن البورجوازية ولها مصالح متعارضة معها ، تكف البورجوازية من هذه اللحظة عن ان تكون ديموقراطية . يتحقق هذا فى بلدان القارة الاوروبية بطريقة نموذجية تماما فى فترة توصف عادة بانها ثورية بامتياز – فى فترة ثورات فبراير ومارس . والتناقض هو تناقض واضح فحسب . لقد كانت ثورة فبراير انتصارا متأخرا للمثالية البورجوازية التى اثارت المصالح المادية للواقعية البورجوازية لحد التناقض ، والتعارض والرجعية . ان الانفجار السابق لأوانه للثورة البروليتارية ( فى معركة يونيو 1848 ، فى باريس ) ، الذى اعقب الانفجار المتأخر للثورة البورجوازية ، ساق البورجوازية الى جانب عدوها الموروث ، لأنها توقعت فى انتصار البروليتاريا سقوط الراسمالية . انتخب نابليون رئيسا فى فرنسا ، وفى المانيا تطلعت البورجوازية وهى فى شهر عسل ثورة مارس الى مخلص يكبح جماح الشبح الاحمر . وهكذا فان " الرجعية السوداء " التى اعقبت ثورتنا فى 1849 ، كانت فى الواقع ببساطة الطابع الحقيقى لهذه الثورة ، وقد نزع عنها رداءها الخادع من الجمل الرائعة المموهة . كانت البورجوازية مضطرة تحت حكم الراسمالية لأن تصبح رجعية من الناحية السياسية بقدر ماكانت راسمالوية او خضعت للنفوذ الراسمالوى . كانت " الرجعية السوداء " التى انتشرت منذ نصف قرن مضى فى القارة الاوروبية ، ضرورة تاريخية مثلها تماما مثل الرجعية الاسود لسياسة التعرج الملتوية الراهنة لقانون السجون الذى فرضته الراسمالية علينا فى نوبة يأس .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هزيمة ساحقة للمحافظين وتوجه لليسار.. ما الذي حدث في بريطانيا


.. ملك بريطانيا يعين رسميا زعيم حزب العمال كير ستارمر رئيسا للو




.. اكتسح حزب العمال البريطاني بزعامة كير ستارمر فمن هو وما برنا


.. فوز ساحق لحزب العمال البريطاني في االنتخابات العامة... وكير




.. الانتخابات البريطانية.. أبرز المشاهد لتولي كير ستارمر رئاسة