الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لادينية الدولة ولا دينية الدولة و الدين

حميد المصباحي

2014 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يعتقد الكثير من الفاعلين السياسيين,وبعض الدارسين و المتابعين,أن
العلمانية مرادف للادينية الدولة,التي تعني عدم تدين شخوصها,المشرفين على
تدبير سؤون المجتمع ,اقتصاديا وسياسيا وإداريا,والحقيقة هي غير ذلك,فرجال
الدولة,من حقهم التدين,بل إنة تدينهم,لا يجعل الدولة دينية,لأنها
مؤسسة,لا تستحضر التصنيفات العقدية في حكمها على المواطنين,و لا تعنيها
دينية العبض أو حتى عدم تدينه,فهذه مسألة بيد الله,ولا دخل للبشر
فيها,خصوصا إن كان حاكما,فهو يحكم الشعب بإرادته وليس بإرادة إلاهية,حتى
لا يصير الحكم تيوقراطيا,بحيث يحتكر الحق من طرف الفئة التي تنتمي لديانة
معينة,وهنا سيجد الحق صعوبة في التعريف والتصريف,وهو ما يتنافى مع
العدالة ودولة الحق والقانون,دولة مؤسسة على المواطنة وليس الرعايا,كما
يرد في الخطابات التقليدية التيوقراطية,حكم ينزع نحو القداسة,التي عانت
منها الكثير من المجتمعات البشرية ودفعت ثمنا باهضا الشعوب في نضالها
لبناء الدولة المدنية,دولة العقل,وتدبير البشر لأمورهم السياسية
باجتهاداتهم الفكرية وليس وفق تأويلات رجالات الدين للتشريعات والكتب
المقدسة,سواء كانت مسيحية يهودية أو حتى ديانات غير قائمة على وحدة
الإلاه,أو أحكام أسطورية,نسبت لشخوص خارقين,كما هو الحال في الأساطير
اليونانية والبابلية القديمة,فما هي خطورة الدولة الدينية سياسيا
وأخلاقيا؟وهل العلماتنية اجتهاد سياسي غربي أروبي لا يعني إلا الغرب
نفسه؟؟
1دينية الدولة
ليست ابتكارا إسلاميا,عرف بدولة الخلافة,كما يعتقد غالبا,إن الدولة
الدينية,وجدت منذ الدولة الفرعونية,حيث كان الحاكم يعتبر مقدسا بنسبته
للآلهة,وكانت له طقوسه الخاصة,وعباداته تختلف عن عبادات الشعب,بل إن
الفراعنة,اعتبروا أنفسهم في حالات أخرى آلهة,مفارقةن للبشر,لهم القدرة
على التكهن,وهم خالدون,فقط تتغير وجوههم عندما ينتقلون إلى العالم
الآخر,وهنا فقد ارتبطت السياسة,بأقدم الديانات الطوطمية,التي كانت تؤله
الموجودات الطبيعية ثم الأجداد,وعند تأسيس الدولة,وظف الساسة,بانتماءاتهم
الأسرية هذه الحقائق,وأوجدوا كهنة مخصوصين يدافعون بما ينتجون من أفكار
عن ألوهية الحكام وتعاليهم عن الوجود البشري المعتاد,وسوف تنتقل
الفكرة,إلى الديانات الوثنية,والتعددية,بحيث كانت الدول تسمى بآلهة
المناطق التي تحكمها,غير أن الدولة الرومانية,عندما هددتها المسيحية
كديانة موحدة,سوف تتبنى دينا رسميا,تحفظ به وجودها,وتحفز به الجنود
والأتباع على تحويل صراعات المصالح وحتى الحروب إلى ديانات مقدسة,لجلب
المقاتلين والحلفاء والجنود,لكنها حافظت على غاياتها كدولة,تسعى للسيطرة
على الدول الأخرى وإخضاعها لنفوذها السياسيي,وكذلك كانت دولة فارس
نفسها,فهناك فكرة الإلاه,المراد تحويله إلى موجه للملوك,سواء كانو
قياصرة,أو فراعنة,ولن يختلف الأمر مع الخلافة الإسلامية,التي حاول بعض
الخلفاء في البداية,الحفاظ على طهرانيتها الدينية,لتظل قريبة من روح
النبوة,والأبوة الدينية ,بحيث يكون الخليفة ممثلا للأمة وحاميا لها
ولديانتها وأمصارها,وبذلك كانت السياسة محجوبة بكثافة الديني وقيمه
الزهدية لدى الخلفاء الراشدون كما يسميهم التاريخ الإسلامي,لكن مباشرة
بعد أن تولى معاوية إبن أبي سفيان حتى انقلبت الأمور,دون أن تعتمد شرعية
أخرى ,بل بقي الديني في صلب الدولة,وتقوت معه وشيجة القبلي,في صيغته
السياسية,وكانت كل أشكال مواجهته تبتغي العودة إلى الأصول الدينية لتكون
هي المتحكمة في الدولة وليس العكس,إذ لقن معاوية لبنيه,أن الدولة تستحضر
الديني حتى إن لم تعمل به,مما سيقود إلى جرح تاريخي,لم يندمل لحد
الآن,وهو قتل الحسين من طرف يزيد إبن معاوية,الذي نكل بأهل البيت وتشفى
فيهم,بقطع رأس سيد سادته,حفيد النبي وإبن فاطمة الزهراء,وربما هذا
الخطأ,ومثيله من الخطايا,ما سوف يعصف بالدولة الأموية,على يد بني عمومة
الحسين إبن علي,أي آل العباس عم النبي وعلي إبن أبي طالب,والذين نكلوا
بالطغاة,أحيائهم وحتى أمواتهم,وكانت هذه ردات فعل قوية ومبررة شعبيا على
ما لحق أهل بيت النبي من أضرار ومحن.
2الدولة العلمانية
هي دولة,كما سبقت الإشارة,قد يوجد بها متدينون,لكنهم لا يدعون تمثيل الله
على الأرض,ولا يلتمسون قداسة لقراراتهم السياسية,والإقتصادية,وهم رجال
كباقي رجال السلطة,غير معصومين من الأخطاء,حتى لو كانوا ملوكا,كما أن
سلطاتهم محددة بقانون ومساطر تحد من السلطة المخولة للدولة,وتبعدها عن
أية نزعة شمولية أو استبدادية,وهو ما عرف في الفكر السياسي الحديث بفصل
السلط وفيما بعد بدولة الحق والقانون,التي تتعارض مع أي شكل من أشكال
الدولة الدينية,مهما كا صفاؤها العقدي وزهد حاكمها وعدالته,فالدولة
العلمانية,تعتبر العدالة,قوانين ومساواة أمامها للناس جميعا,بمن فيهم
الحكام أنفسهم وعلماء الدين وحتى القساوسة والفقهاء,لا فرق ولا تمييز بين
أهل البلد,الذين يصيرون مواطنين,وليسوا أتباعا لهذا الحاكم أو ذاك,ومعنى
المواطنة,الإعتراف بالحقوق المتساوية في العيش على أرض مشتركة,لها
حدود,محروسة والكل مطالب بالذوذ عنها ما دام قادرا على ذلك,وأن الوطن لا
ميز فيه بين أبنائه,بمختلف دياناتهم ومللهم و أعراقهم.
3الدولة الإلحادية
وهو نموذج نادر في التاريخ البشري وشاذ,ولم تعرفه في أروبا إلا
بولونيا,عندما صرحت أيام المعسكر الشرقي بأنها دولة لا مكان فيها
للمعتقدين بأية ديانة,وأن المعتقد يحرم صاحبه من تبوؤ أي منصب سياسي في
الدولة,ولم يوجد في التاريخ القديم,في حدود علمي ومعارفي دولة صرحت
واشترطت لقيامها بالتنكر لما هو ديني,فحتى المغول,الذين يقال الكثير حول
عدم احترامهم للديانات لم يصرحوا في سياساتهم بمعاداة دولتهم لدينية
حكامهم,حسب معتقداتهم التي تعتبر دينية,حتى إن متحت من الأساطير
القديمة.
خلاصة
لاأعتقد أن العصر الحالي,قابل لأن يعيد المآسي التي تسببت فيها الدول
الدينية,التي تكون في بداياتها مغرية,لكنها عندما ترسخ أقدامها,تكون أكثر
أنماط السلط ميلا للإستبداد,والتسلط,إلا إن عدلت مشاريعها,كما يحدث
بإيران,التي تغير رئيسها من خلال الإنتخابات,فيحدث انتقال السلطة من شخص
لآخر,وهو لا يحكم باسمه,بل يمثل حزبا,وهنا أتساءل,ما ضرورة الديني هنا
إذا كانت الممارسة السياسية بعيدة عن احتكار السلطة؟؟
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي