الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر الخبراء و المختصون في الدول الرأسمالية من أزمة المديونية. 1 من 2

أشواق عباس

2005 / 9 / 3
الادارة و الاقتصاد


إن ما قام به الخبراء من تقديم مقترحات و حلول لمعاجلة أزمة المديونية ، لم يكن قادر على معالجة الأزمة بشكل جذري ، و إنما اقتصر فقط على تخفيف حدة أثارها . و ذلك من أجل تمهيد الطريق للتقليل من أعباءها على المدى الطويل ، و بالتالي إطالة فترة السداد و تسهيل تدفق الموارد الخارجية إليها . و تعتمد آراء الخبراء و مقترحاتهم على فكرة أساسية هي : (انك إذا أردت أن تستعيد ديونك الضخمة من مدينك ، فلن ينفعك العمل على إفلاسه ، و إنما عليك أن تجتهد في أن تساعده على تقوية قدراته على الدفع حتى ، و لو اضطرك الأمر أن تنتظر ، فكلفة الانتظار في جميع الأحوال أفضل من ضياع هذه الديون ) . و سيتم التركيز هنا في هذا البحث على نقطتين رئيسيتين من ضمن مقترحات و أراء هؤلاء المختصين و هما :
- تحسين شروط إعادة جدولة الديون .
- تغيير شكل ملكية الحقوق المستحقة على البلدان النامية .
أولا : شروط تحسين إعادة جدولة الديون .
خلال القرن الماضي اعتبرت اتفاقيات إعادة الجدولة من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها في التخفيف من أزمة المديونية . فقد لعبت دورا في حل مشكلة السيولة التي تواجهها الأقطار المدينة إلى حد ما . و لكنها لم تعد من إجراءات تخفيف عبء الديون عن طريق إعادة ترتيب مواعيد استحقاق السداد . و السبب في ذلك هو تفاقم المشكلات لدى الدول االمثقلة بالديون . لذا قامت كل من البنوك التجارية المقرضة و نادي باريس بإدخال تعديلات كبيرة في تناولها لموضوع إعادة جدولة الديون الخارجية . و هنا لا بد لنا و قبل كل شيء من التعريف بمفهوم عملية إعادة جدولة الديون في ظل قواعد نادي باريس المشهورة .
- إعادة جدولة الديون و شروطها :
في الواقع تعتبر عملية إعادة الجدولة عملية مرهقة و قاسية ، و ترتبط قبل كل شيء بقبول الدول المدينة مجموعة من الشروط المجحفة بحقها ، و الرضوخ لتوجهات اقتصادية و اجتماعية جديدة غالبا ما تتعارض مع واقع هذه الدول و أوضاعها و ظروفها الاجتماعية و السياسية . و كذلك تقترن عملية إعادة الجدولة بتداخل العوامل السياسية و الاستقطاب الدولي .
و يرتبط عادة طلب دولة ما لإعادة جدولة ديونها بوضع اقتصادي داخلي سيء جدا . ابرز سماته هو أن هذه الدولة المدينة إذا ما استمرت في دفع أعباء ديونها المستحقة عليها في مواعيدها ، تصبح غير قادرة على تمويل وارداتها الضرورية سواء كانت استهلاكية أو وسيطة أم استثمارية . و هي في الوقت نفسه تجد صعوبة كبيرة في الحصول على قروض جديدة بسبب انعدام الثقة في قدرتها على الدفع . و مع استمرار وضعها هذا لفترة من الزمن يتدهور فيها مستوى الاستهلاك الجاري ، و ينقص عرض السلع فيها ، و بالتالي ترتفع الأسعار و يتزايد معدل البطالة نتيجة توقف الطاقات الإنتاجية فيها . الأمر الذي ينعكس في تدهور وضع الحساب الجاري لميزان المدفوعات و تدهور سعر صرف العملة الوطنية بشكل مستمر ، من خلال وضع برنامج صارم ترشد من خلاله أدائها في الاقتصاد القومي وزيادة مدخراتها المحلية .
و كنتيجة لذلك يجد البلد نفسه واقع لا محالة في حصار شديد يدفعه في نهاية الأمر إلى طلب إعادة جدولة ديونه ، و يبدي استعداده للرضوخ و تنفيذ ما يفرضه عليه الدائنون . و في جميع الأحوال فإن هذا البلد قد تجاوزت فيه معدل خدمة ديونه حدود الأمان ، ووصل إلى مستوى حرج بحيث أصبح فيه غير قادر على المحافظة على المستوى الضروري لوارداته .
و من الناحية البروتوكولية فإن عملية إعادة الجدولة تبدأ بطلب أو إعلان تتقدم به الدولة المدينة إلى الجهات الدائنة لها تطلب فيه وقف مدفوعات خدمة الدين و الدخول في مفاوضات إعادة الجدولة . و الشروط التي يجب على البلد المدين قبولها هي غالبا ما تتعلق بسياسات التجارة الخارجية و سياسات الإنفاق العام و السياسة الاستثمارية .
أما فيما يتعلق بسياسة التجارة الخارجية فغالبا ما تتركز مطالب الدائنين على النقاط التالية :
1. تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية ، أي الهبوط بسعر الصرف الرسمي إلى مستوى أقرب من سعر السوق السوداء .
2. تحرير العامل بالنقد الخارجي من القيود المفروضة على المدفوعات الخارجية ، و إلغاء الرقابة على الصرف ،و إباحة حيازة النقود الأجنبية للأفراد و الهيئات من خارج القطاع العام ، و إقرار حق الفرد بالتعامل فيه ، و إباحة حرية دخول و خروج العملات الأجنبية .
3. إلغاء اتفاقيات التجارة و الدفع الثنائية ، و الاتجاه تدريجيا في نظام متعدد الأطراف للمدفوعات الخارجية .
4. إلغاء القيود المفروضة على الواردات ،و السماح للقطاع الخاص بالاستيراد ،و إلغاء التنظيمات و الإجراءات التي كانت تطبق لتشجيع الصادرات .
و هنا لا يخفى على احد أن هذه الشروط هدفها الأساسي هو فرض نمط التجارة الحرة على الدولة المدينة تحت دعوى ضرورة المنافسة الأجنبية و محاربة الاحتكار و التدخل .
أما فيما يتعلق بسياسة الإنفاق العام فإن ابرز ما يطالب به الدائنون فهو ضرورة تقليل أو إلغاء العجز بالموازنة العامة للدولة لكي يمكن كبح جماح التضخم . و في هذا المجال يطالبون بما يلي :
- تقليل الإنفاق العام بشقيه الجاري و الاستثماري .
- زيادة الضرائب على السلع و الخدمات .
- إلغاء الدعم السلعي الموجه للمواد التموينية التي يستهلكها الفقراء و ذوي الدخل المحدود ،و تقليل التوظيف الحكومي للعمالة الجديدة .
- زيادة أسعار البيع لمنتجات القطاع العام وزيادة أسعار الخدمات العامة و مواد الطاقة .
- زيادة أسعار الفائدة المدينة و الدائنة .
- وضع حدود عليا للائتمان المصرفي المسموح به للقطاع الخاص .
و هذا يعني أن هذه الشروط تهدف في جوهرها إلى تخفيض نمو الطلب المحلي من خلال الضغط على استهلاك ذوي الدخل المحدود .
أما فيما يتعلق بالسياسة الاستثمارية للدولة المدينة ، فإن الدائنون يطالبون بضرورة تشجيع الاستثمارات الخاصة الأجنبية ، تحت حجة أن ما تحتاج إليه البلدان المتخلفة ذات المديونية الخارجية الثقيلة ليس القروض العامة الخارجية و إنما الأموال الخاصة .
و يكون ذلك عن طريق وضع ضمانات كافية و امتيازات سخية لهذه الاستثمارات ، كإعفائها من الرسوم الجمركية و الضرائب و حصولها على الأراضي و المواد الخام بأسعار رخيصة و هذا يعني انه لتحقيق هذه المطالب يتطلب من البلد المدين أن يجري تعديلا جذريا في قوانينه الداخلية .
أما فيما يتعلق بطبيعة التوجهات الاستثمارية ، فأبرز المطالب هو ضرورة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات التصديرية ، و ذلك بغية زيادة قدرة هذا البلد على الحصول على القطع الأجنبي الذي يحتاجه لدفع أعباء الديون المتراكمة . و قبل هذا كله يتوجب على الدولة المدينة أن تذعن لشرطين أساسيين قبل موافقة الدائنين على طلب إعادة جدولة ديونها .
الشرط الأول : كإجراء عقابي يتحمل البلد المدين دفع فوائد تأخير على الأقساط المؤجل دفعها ، و ذلك كي لا تقدم على إعادة الجدولة مرة أخرى , وفي هذه الحالة يكون سعر الفائدة التأخير أكبر من سعر الفائدة الاسمي على القروض المعاد جدولتها .
الشرط الثاني : يتعين على البلد المدين في جميع الأحوال أن يقوم بإجراء أو توقيع اتفاقية دعم أو مساندة مع صندوق النقد الدولي ، و ذلك قبل أن يوافق الدائنون على إعادة الجدولة .
............... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال


.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 1–6-2024 بالصاغة


.. وضع منافسة بوتين دونتسوفا على قائمة -العملاء الأجانب- في روس




.. إلى متى يمكن أن يتحمل الاقتصاد الإسرائيلي الحرب في غزة وفي ا