الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد سياسي ضروري

نبيل علي صالح

2014 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرون يعيدون تراجعنا وانكسارنا الحضاري الراهن إلى الآخر، مجتمعا أم دولاً أم مراكز قوى إقليمية أم دولية .. وكثيرون أيضاً لا يتعبون أنفسهم ولو قليلاً في التفكير الجدي بحثاً عن الاسباب والعلل والدوافع الكامنة وراء عقليات الهيمنة والسيطرة الإقليمية على وجه الخصوص.
لهذا وقبل أن نتحدث عن قوة الآخر، وعن هيمنته وظلمه وعدوانه، وعن تآمره ومخططاته ودسائسه التي يحيكها باستمرار كما يقول العقل الايديولوجي العربي المنساق ابدا وراء طوطمياوته وخزعبلاته المؤامراتية، مع أن بعضه تلك المؤامرات أمر قائم بطبيعة الحال وموجود دوماً كمصالح بين الدول والجماعات البشرية الى حد بات امرا طبيعيا... قبل ذلك كله إذاً بات لزاماً علينا أن نقر ونعترف بأن هناك ثغرات بنيوية واختلالات جذرية عميقة غائرة في تربة مجتمعاتنا و بلداننا العربية، على مستوى الذات والموضوع في الداخل والخارج.. هي من تدفع الدول والقوى الإقليمية والدولية الطامعة بنا للاستمرار في ممارسة سياسات الهيمنة والتسلط، وتجذبها دوما للسعي باتجاه تحقيق مطامعها بسهولة ويسر على حساب ثرواتنا ومواردنا وجغرافيتنا الطبيعية والسياسية..

وفي محاولتنا البحث والتدقيق في علة المرض، يمكن القول بأنه وعلى مدى عقود طويلة لم تنجح حكوماتنا العربية العتيدة في بناء علاقة مواطنة سليمة وصحيحة وناجحة مع الفرد الإنسان المواطن، كما وأنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحشيد وتحريض أجمل ما عنده من قيم ومبادئ فكرية وسلوكية لدفعه باتجاه العمل المنتج والفعال.. كما فشلت في بناء وفي إقامة أي شكل فعال ومؤثر من التعاون الحقيقي والتنسيق الجاد فيما بينها كنظم وحكومات مسؤولة عن تطوير وتأمين احتياجات شعوبها، وضمان مصيرها الحي الفعل.. وبما يساعد على تطوير مجمل القوى والمواقع الاستراتيجية اقتصاداً وسياسةً وامناً، وبما يعزز أيضاً استقلال قرارها الخارجي... كدول وحكومات قائمة ومسؤولة أمام شعوبها ومجتمعاتها..

فماذا كانت النتيجة العملية التي وصلت إليها مجتمعتنا وبلداننا طيلة فترة تطبيق تلك السياسات العقيمة الفاشلة التي لم تنتقد مضامينها، ولم تراجع سياساتها وتطبيقاتها ولم تتم مساءلة خياراتها ومحاسبة الأشخاص الذين أدمنوها ودفعوا باتجاههاً؟
كانت النتيجة أن المنطقة العربية (وهي منطقتنا أساساً، وعليها وفيها ومنها تخرج ثرواتنا ومواردنا الطبيعية والبشرية الهائلة) باتت منطقة جاذبة ومستقطبِة لمطامع الآخرين، على مستوى دول الإقليم بالذات، خاصة بعد خروج الأميركان من العراق (والمنطقة عموماً)، وإعادة بوصلة عقيدتهم القتالية باتجاه منطقة المحيط الهادئ لمواجهة المارد الصيني القادم..
إذاً باتت منطقتنا العربية، كصحن الحلوى، الجاذب لشهية الآخرين، باتت منطقتنا منطقة فارغة استراتيجياً وجيوسياسياً، فسقطنا كعرب –دولاً ونخباً وحكومات- في خضم منطقة منزوعة الحماية الدولية، بعدما استقرت لزمن طويل (استقرار الأعماق واستقرار الأموات)، واستمرت عقوداً طويلة تحظى برعاية (واستثمارات مصلحية نفعية) غربية وأمريكية مؤثرة، وانطلقت تلك القوى الإقليمية لتفعل فعلها فينا، في معظم دولنا العربية المشرقية، ولتخوض على أرضنا (ونحن الضعفاء) حروبها وصراعاتها مع القوى الدولية، وتستخدم فيها أبناءنا، وتحقق مكاسبها بدمائنا، وعلى حساب ثرواتنا المبددة والضائعة.

وهنا نسأل كما يسأل الكثيرون: أين يكمن الحل والدواء بعد تشخيص المشكلة والداء؟
يجب أن ندرك أولاً أن الجسد العربي ضعيف جداً، ومناعته الذاتية هشة، ولكن ضعفه ليس ناجماً عن حالة ضعف ذاتي قدري، بمقدار ما هو ناجم عن تضعيفنا نحن له ولذاتنا، وتبديدنا لطاقاتنا وتسليم قيادنا للآخرين، بما يخلق الفرصة أمام القوى الإقليمية للتأثير علينا والتلاعب بمصائرنا ومقدراتنا..
وثانياُ يجب أن نعمل على إعادة السياسة إلى حضن المجتمع، وتثمير جهود الأفراد، وتزخيم جهودنا وقوانا كدول عربية ذات إمكانات قوية قادرة على الفعل والتأثير..
ولكن ربما يصح هنا قول الشاعر:
......وما لجرح بميت إيلام!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة