الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة في الحوار حول العلمانية والديموقراطية

جهاد مسوتي

2005 / 9 / 3
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الديمقراطية أولاًً وأخيراً
ينشط بين المثقفين حوار ممتع حول العلمانية والديمقراطية . هذا الحوار ، يحرضه فعل التغيير الجاري في المنطقة بواسطة قوى خارجية وداخلية وإقليمية . ويخضع لمتطلبات واستحقاقات دولية بالدرجة الأولى وداخلية بالدرجة الثانية ومصالح إقليمية بالدرجة الثالثة . أي أنه ليس ناتجاً عن تطور داخلي طبيعي لمجتمع معزول يتسق مع صيرورة تطوره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، بل يخضع للعوامل الثلاث مجتمعة بطريقة معقدة والفعل الخارجي فيها يعتبر عاملاً حاسماً وفق المتغيرات الجديدة .
وحتى نستطيع أن ندخل في فضاء هذا الحوار لابد من عرض عام للسمات المشتركة لمجتمعاتنا العربية ، ولو بدرجات متفاوتة بينهم :
أولاً – مجتمعات متخلفة اقتصاديا وثقافياً واجتماعياً وسياسياً مقارنة بالمجتمعات الرأسمالية وحتى البلدان الآسيوية الصاعدة .
ثانياً – يهيمن على هذه المجتمعات تحالف العسكريين وفئات اجتماعية ما قبل الرأسمالية( قبلية - عشائرية – طائفية - .. ) وشرائح وسيطة من مثقفي السلطة تغلف البنية المتخلفة للفئات المهيمنة والسائدة .
ثالثاً – لا يوجد في المجتمعات العربية حالة دستورية متقدمة تعطي للدولة طابعها المؤسساتي ذو الدور الوظيفي الذي يخدم المجتمع بكل فئاته وأفراده بالتساوي أمام القانون دون تمييز ، بل بالعكس الدولة العربية كمؤسسة قائمة على الاحتكار لفئة مهيمنة تقوم على التمييز بين المكونات المجتمعية المختلفة الدينية والطائفية والعشائرية والقومية .
رابعاً – وعي مجتمعي فئوي له أسبابه التاريخية يقوم على التمييز والإقصاء وعدم المساواة .
خامساً – تدعي الأنظمة السائدة للمجتمعات العربية دور المدافع عن الأصالة والهوية غطاءً لدورها الحقيقي في الحفاظ على إمتيازاتها ومصادر ثروتها وسلطتها .
سادساً – تنمي هذه الأنظمة الأزمات الخارجية لصرف الأنظار عن أزماتها الداخلية وتناقضاتها الاجتماعية لاستبعاد عوامل التغيير أو الإصلاح السياسي ..
سابعاً – تبني هذه الأنظمة سياساتها الخارجية على أساس ضمان مصالحها الخاصة كفئة حاكمة وليس مصالح شعوبها .
هذه المجتمعات تتعرض الآن لإرادة تغيير دولية تنسجم ومتغيرات نهاية القرن الماضي بانتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي ، والنشاط المبرمج من قبل الدول الرأسمالية المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية لتصفية الأنظمة الشمولية والشيوعية وصولاً للنظام العالمي الجديد الذي يرتكز على مباديء السوق والأنظمة الديمقراطية .
وبعيداً عن خطاب الحرب الباردة ، وشعارات العداء للإمبريالية والصهيونية والاستعمار ، لنحاول معاً فهم موقعنا من العملية التاريخية التغييرية الجارية في العالم . فبعد الحرب العالمية الثانية ، بدأت ظروف جديدة واستقطاب جديد ومناخ حرب باردة بين المنتصرين على المحور النازي الفاشي الياباني . عبر عن نفسه بالمعسكر الرأسمالي والمعسكر الاشتراكي ومجموعة الدول النامية والمستقلة حديثاً وحركات التحرر الوطني والمستعمرة ، أي مجموعة الدول المتخلفة في العالم .
في مناخ الحرب الباردة ، بدأت الكيانات العربية تنزع نحو الاستقلال السياسي من الاستعمار . وفي هذا السياق نشأ كيان جديد في المنطقة لم تتقبله المجتمعات العربية هو دولة إسرائيل بناء على قرار التقسيم عام 1948الصادر عن الأمم المتحدة بتشكيل كيانين فلسطين وإسرائيل بعد فشل مشروع الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين والمقترح من قبل الاتحاد السوفييتي حيث رفضته الجامعة العربية . وبدأ صراع يميز المنطقة الشرق أوسطية ، هو الصراع العربي الإسرائيلي . وساد مناخ رافض للتقسيم وبدأت حرب مواجهة مع الكيان الجديد المدعوم من الغرب الرأسمالي الذي ينظر إلى اليهود بمنظار العطف نتيجة تعرضهم للإبادة العنصرية بالمحارق من قبل النازيين الألمان على حد تعبيرهم . ونتيجة حرب 48 بين العرب والصهاينة نزح عدد كبير من العرب الفلسطينيين . و فشلت الجيوش العربية في إنقاذ الشعب الفلسطيني وتعطيل قرار التقسيم ، وتوزعت الأراضي الفلسطينية على دول الجوار العربية ( الأردن– مصر– سورية ) وأصبح الشعب الفلسطيني موزعأ بين مقيم في إسرائيل ولاجيء في الدول العربية والشتات في أنحاء العالم .
استنزف الصراع العربي الاسرائيلي طاقات الأمة وفتت الموقف العربي بين راديكالي ومهادن وراغب بتسوية للنزاع . وتوزعت الأنظمة العربية بين المعسكر الاشتراكي والرأسمالي أو اللعب على الحبلين .
المهم في الأمر ، تمسكت الدول الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة بالهيمنة والحماية على منطقة الخليج العربي أو الفارسي ووضعت خطاً أحمر أمام المعسكر الاشتراكي لمنع الاقتراب منه أو محاولة التدخل في شؤونه . ووسعت نفوذها في شمال أفريقيا والشرق العربي بدرجات متفاوتة . بينما ركز المعسكر الاشتراكي على مصر والجزائر وليبيا وسورية والعراق وجنوب اليمن . وأصبحت منطقة الشرق الأوسط أو المنطقة العربية منطقة توتر دائم وصراع بين الدول العظمى ممثلاً بالدول العربية وإسرائيل .
نجحت الولايات المتحدة بعد حرب تشرين بتحقيق تسوية بين مصر وإسرائيل في عام 77 وفشلت في إقناع النظام السوري . وحتى صديق العرب المعسكر الاشتراكي كان يحث حلفائه على التسوية مع إسرائيل ، ولكن ضمن مساومات دولية لم تفلح لإصرار الولايات المتحدة على الانفراد بالوساطة وفق مشروعها الخاص .
في ظل مناخات الحرب الباردة والتنازع على النفوذ بين المعسكرين في المنطقة العربية ، كان هناك تواطؤاً على طبيعة الأنظمة الحليفة . فلم تكن هذه الأنظمة ديموقراطية أو اشتراكية . وإنما خليط عجيب من التخلف المبروظ بشعارات الإسلام أو الاشتراكية أو القومية . ولم تكن هذه الأنظمة تعتمد على تطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي . وإنما اعتمدت على الدعم الخارجي ، وعلى ركيزة اجتماعية ما قبل رأسمالية ( عشيرة – طائفة – الخ .. ) مغلفة بإطار مزيف من مثقفي السلطة الذين يمارسون التضليل والتزييف . أسس ذلك ، لمعانات للشعوب العربية سماتها التمييز والإقصاء و اللا مساواة والاستبداد ( الحكم غير الصالح ) . وفتح المجال لنزاعات إثنية ( قومية – دينية – طائفية – عشائرية - الخ .. ) في المغرب والجزائر والسودان ومصر والسعودية ولبنان والعراق وسورية .. أعطت الفرصة للغرب للدخول في هذه النزاعات كطرف أو كوسيط . وظلت الأنظمة تعالج هذه الأزمات وفق منطق الاستبداد والتفرد بالسلطة ومواجهة هذه الاثنيات بالنظر إليها كحركات شعوبية أو أقليات تسعى لمحو الهوية العربية الإسلامية ، والحقيقة كانت هذه الأنظمة تدافع عن مصالحها الخاصة دون النظر للمصلحة العليا الوطنية للمجتمع على أساس المساواة والمشاركة في صنع القرار .
البيضة أم الدجاجة أولاً :
مع احترامي وتقديري للسجال الجاري حول العلمانية والديموقراطية أجد من الضروري الدخول في السجال وصولاً إلى أفكار تخدم عملية التغيير الجارية وبالاتجاه الذي يطمح إليه النهضويين الجدد بما يخدم مصالح الشعوب وبالاستفادة من مناخ التغيير العالمي .
العلمانيون :
العلمانيون المتشددون يؤكدون على أولوية الالتزام بالعلمانية لأنها تشكل أساساً لأي نظام ديموقراطي حقيقي ، وإلا فأي صيغة حكم تتجاهل العلمانية تكون النتيجة السير باتجاه نظام شمولي بسبب النزعة الدينية السائدة المستندة على أولوية الشريعة الإسلامية ( وبسبب تراجع الحركة الثورية واليسارية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ) والمآل الحتمي هو إقصاء الآخر واستبداد الدولة الدينية . فالحوار الجاري حول الدستور العراقي مثلاً يعطي دليلاً للمساعي الجارية من قبل الإسلاميين لإخضاع الدستور للشريعة الاسلامية وإلغاء المكاسب التي تحققت بإسقاط نظام الاستبداد .
إذاً ، من هم العلمانيون ؟ ولماذا هذا التحفظ على الشريعة الاسلامية ؟ العلمانيون متنوعون من حيث الطبيعة ، فليسوا كلهم يحملون أفكار عصر التنوير أو يساريين أو قوميين علمانيين وإنما أيضاً ينتمي لهذه الفئات مكونات دينية غير إسلامية و طوائف أقليواتية ، عانت سابقاً من استبداد الدولة العثمانية كدولة يحكمها المذهب السني ومن قبلها المماليك . وتشكل لديها أساس ثقافي باطني مناهض للنظام الديني الإسلامي السني . ولهذا تكون هذه الطوائف منحازة تلقائياً للعلمانية لتنتزع حقها في المساواة والمشاركة السياسية . هذا المثال ينطبق أيضاً على النظام الشيعي في إيران بعد الثورة الاسلامية . كذلك الاثنيات والطوائف غير الشيعية تكون منحازة تلقائياً للعلمانية .
الديموقراطيون :
هم مناهضو الاستبداد . كذلك ، هم متنوعون ، منهم المثقفين الليبراليين ، والمثقفين الاشتراكيين الديموقراطيين غير الشيوعيين ، والقوميين المتنورين . والطبقات البرجوازية الصاعدة . وحديثاً بعد انهيار المعسكر الاشتراكي بدأت تظهر مراجعات نظرية لليسار بمختلف شرائحه ، تميل نحو الديموقراطية وتتخلى عن ديكتاتورية البروليتاريا . وظهر ضمن الإسلام السياسي تيارات معتدلة نتيجة الهزائم والأزمات المتكررة الناتجة عن التطرف واللجوء إلى العنف كوسيلة للتغيير السياسي ورأى هؤلاء المعتدلون أن النظام الديموقراطي لا يتعارض ومنطق الشورى في الإسلام وإعلانهم التخلي عن العنف كوسيلة للتغيير السياسي . لكن مازال البعض ينظر إليهم بتوجسس من استغلالهم صناديق الاقتراع والانقضاض على السلطة ونسف العقد الاجتماعي والحكم باسم الشريعة الاسلامية . ويرد هؤلاء الإسلاميون المعتدلون على هذا التوجس باتجاههم أنه ينطبق على غيرهم مثلاً كالشيوعيين و البعثيين .
الأزمــــــــــة :
إذا نحن أمام مشكلة !!!.. كيف نصل إلى عقد إجتماعي جديد في ظل التشكيك المتبادل بين المكونات الاجتماعية والسياسية المختلفة للمجتمع السوري ؟
لنناقش المثل السوري الذي يعنينا ، حيث يوجد طيف واسع من المكونات الاجتماعية والسياسية السورية يمكن تقسيمها بشكل عام إلى التالي :
المكونات السياسية الحاكمة والموالية :
- حزب البعث الحاكم .
- أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية .
- أحزاب صغيرة أو انشقاقات ، نشأت بتشجيع من النظام لتكون عناصر ضغط على أحزاب الجبهة واحتياط لإشغال أي فراغ يظهر داخل الجبهة وهي تعمل ضمن الخط العريض للنظام مع هامش بسيط ليعطي مبرر لاستمرارها ..
- تجمع اسلامي يمثله المغفور له الشيخ أحمد كفتارو شكل دعماً إسلاميا سنياً للنظام .
الأحزاب المعارضة :
- التجمع الوطني الديمقراطي الذي يجمع أحزاباً خمسة موازية لأحزاب السلطة ( الشعب الديموقراطي – الاتحاد الاشتراكي – الاشتراكيين العرب – البعث الديمقراطي – العمال الثوري ) نشأت على قاعدة عدم التوافق مع نهج الحركة التصحيحية عام 70 وقبل ذلك بسبب تباين بالرؤية ، وتبلور نهجها الديمقراطي في نهاية السبعينات .
- حزب العمل الشيوعي .
- الحزب القومي الاجتماعي السوري ( الجناح غير الموالي ) .
- الأخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي وتيارات إسلامية أخرى ، اصطفت في موقع المعارضة منذ نشأتها باعتبار أن أهل الحكم لا يلتزمون الشريعة الإسلامية . وفي السنوات الأخيرة راجع الأخوان المسلمون خطابهم بحيث يقترب من الديموقراطيين .
- أحزاب جديدة نوعاً ما ( التجمع من أجل سورية – النهضة – الحداثة والديمقراطية ... ) .
- أحزاب كردية وآشورية .
تجمعات غير معلنة أو معلنة تعبر عن فئات اجتماعية هامة في المجتمع السوري وأغلبيتها تميل للمعارضة :
- نخبة مثقفة من الاقتصاديين الليبراليين .
- تجمع التجار في المدن الكبرى ( دمشق – حلب – حمص - ... ) .
- تجمع الصناعيين في المدن الكبرى .
- تجمعات الحرفيين في الأسواق الهامة من المدن الهامة .
- تكتلات وتعبيرات داخل المنظمات النقابية والمهنية والحرفية المؤطرة من قبل النظام تحاول الحفاظ على مصالحها في ظروف صعبة ( رغم هيمنة المافيات النقابية ) .
- حلقات دينية صوفية تحت النظر .
الآن ، بالعودة للأزمة داخل المعارضة ، نجد أن بحث مسألة العلمانية والديموقراطية مهم ولكن أشعر أن هناك نوايا خفية تخدم السلطة ونويا خفية أخرى تسعى لتوسيع صفوف المعارضة لكسر الخلل بالتوازن بين المعارضة والسلطة .
لكن من وجهة نظري أشعر أن الموضوع جدير بالإثارة . وذلك لأجل وضع حد من كل الجهات لمحاولات بعثرة المعارضة وإضعاف دورها من أجل التغيير الديموقراطي . إضافة لذلك هناك مظاهر تطفو على السطح تعبر عن إتجاهات جديدة وتظهر مناحي تطرف في طرحها مثلاً ( وحدة اليسار . حول ماذا ؟ – وحدة القوميين في مواجهة الخارج – تشكيلات جديدة لليبراليين وصراع حاد فيما بينهم .... ) ماذا يعكس ذلك ؟ نجاح النظام في إختراق صفوف المعارضة وبعثرة اتجاهاتها .
واضح تماماً ، أن الحلقة المركزية لهذه القوى لم تعد واحدة ، وأن هذه القوى تشعر بالعجز تجاه الشروط والعوامل الموضوعية وأن دورها ثانوي في العملية لذلك تشغل نفسها بالإيديولوجيا بالأصولية القومية واليسارية والإسلامية بما يعني إنزواء وهروب .
بالعودة لموضوع العلمانية والديموقراطية . أجد من الضروري الاستئناس بمواقف الفئات السياسية والاجتماعية ومختلف مكونات المجتمع السوري . فنجد أن هذه الفئات غير موحدة فكرياً تجاه العلمانية . لنأخذ مثالاً على ذلك الطبقة البرجوازية في سورية بمختلف شرائحها هل هي متحدة حول العلمانية ؟ وهي التي كانت الحامل الاجتماعي لها في أوروبا في عصر التحول من الإقطاع إلى الرأسمالية ومناهضة هيمنة الكنيسة والسلطة الدينية. طبعاً لا !! لأن في سورية لا يوجد سلطة دينية ، ولأن البرجوازية السورية موقفها موزع بحسب انتمائها الطائفي هل هي قريبة من طبيعة السلطة أو بعيدة عنها ؟ أم هي متضررة وتشعر بالتمييز ، أو هي شريكة ومهادنة ومنصاعة وتقبل بالفتات . وهكذا ينسحب الموضوع على باقي الطبقات والفئات الاجتماعية والسياسية لأن النظام في سورية نظام شمولي ومستبد وذو بنية اجتماعية وطائفية مشوهة تحتاج إلى تغيير بالاتجاه الديموقراطي لتتوفر للفئات الاجتماعية والسياسية بالاصطفاف وفق مصالحها وبرامجها ورؤيتها للتطور والتنمية في ظل دولة مؤسساتية ترعى مصالح المجتمع على أساس المساواة .
أما الموقف والتخوف من الأخوان المسلمين كظاهرة سياسية ترتكز على الايدولوجيا الدينية فالتحفظ مشروع . وذلك نتيجة الخطاب الديني الذي يرتكز على الشريعة الإسلامية ، أي يعني إمكانية الشروع بالسير باتجاه الاستبداد والنظام الشمولي . وبالتالي احتمال رد فعل من قبل الفئات والطوائف والأحزاب الخ.. التي ترفض الانصياع للشريعة واعتبار الشريعة مسألة تخص المسلمين المؤمنين وعلى المذهب السني . وهذا ما حصل بالفعل في مطلع نظام البعث وتبلور أكثر مع الحركة التصحيحية . وطبعاً لظروف الحرب الباردة دور في ذلك ، وتم التسويق إيديولوجيا لطائفة على حساب طائفة أخرى لأن الجذور التاريخية بين هاتين الطائفتين كان صراعاً بين فقراء المسلمين وأغنيائهم ، ولأن سورية تتبنى الآن النهج الاشتراكي . ولكن مع مرور الزمن ، تبين زيف هذه الادعاءات وبطلانها ، فالفقراء موجودون بكل الطوائف ، والأغنياء موجودون أيضاً ، والتاريخ لا يعيد نفسه وإذا عاد يعود بصورة مسخ . لكن الحقيقة التاريخية هي أن هناك طوائف عانت في عهد المماليك والعثمانيين من الحرمان والاقصاء السياسي شكل لديها ثقافة الشعور بالاضطهاد إلى أن جاء الوقت المناسب للانقضاض على السلطة ولكن على حساب من هم أبرياء من ظلم الأجداد وهم فئات واسعة من الشعب السوري . وهذه مسألة يجب أن يعيها الأخوان المسلمين بالإبتعاد عن التمثيل الطائفي السياسي لحزبهم واعتبار الإسلام بصفة عامة بعيداً عن الطائفية ملهماً لتكريس سيادة القانون وإحقاق العدل وتمثل القيم الأخلاقية من خلال برنامج سياسي وطني واجتماعي واقتصادي يسهم بدوره في عملية التنمية والتقدم ومواكبة العصر والابتعاد عن التعصب الإيديولوجي والميل للاعتدال وهذه صفة من صفات الإسلام الحقيقي . فالتعصب يؤسس للعنف وهذا مرفوض من الجميع . وأعتقد أن الأخوان المسلمون خطو بهذا الاتجاه خطوات ملموسة يجب أن نشجعهم عليها وإعادتهم إلى حلبة اللعبة السياسية كأحد أطرافها فسورية عاشت هذه التجربة في فترة الخمسينات قبل عهد الوحدة .
بعد التجربة ، والمعانات التي مست كل طوائف الشعب السوري ومكوناته الأخرى ، وفي ظل المتغيرات الجديدة ، أصبح من الضروري مراجعة الواقع ومنع حدوث إختراق خارجي ليس من قبل طائفة محددة وإنما من قبل مكونات طائفية وسياسية وإجتماعية أخرى تعاني من الإقصاء والاتهام باللا وطنية لأن تصبح حصان طروادة وتعطي الذريعة للخارج بالتدخل المباشر .
أخيراً ، إن مناقشة المسألة العلمانية يجب أن تسير داخل دائرة الحوار الوطني الذي يؤسس لعقد اجتماعي جديد مستفيداً من التجربة التاريخية في تاريخنا القديم والحديث آخذاً بعين الاعتبار الوقائع الجديدة وصولاً لحل وسط توافقي يؤسس لمرحلة وطنية جديدة قائمة على المساواة أمام القانون وتكريس مبدأ تداول السلطة وتمفصل السلطات واستقلال القضاء وحرية العمل السياسي والمعتقد والتعبير أي احترام حقوق الإنسان . والالتزام بحق الأقلية في المعارضة ، وعدم استغلال صندوق الاقتراع عند تحقيق الأغلبية ضد الأقلية بإقصائها وهذا ينطبق على الإسلاميين والشيوعيين والبعثيين أيضاً . واحترام الهوية والتقاليد ، ومسائل كثيرة يمكن التوافق عليها بين الجميع . وأن التشدد حول مسألة العلمانية قد يؤسس أو يدعو لاستمرارية الاستبداد . وأعتقد في ذلك عرقلة للتقدم والتنمية على مختلف الأصعدة وعرقلة بشكل أساسي للسير باتجاه التغيير الديموقراطي . وأن نجاح الحوار الوطني في الداخل والخارج يعزز الوحدة الوطنية الحقيقية ، ويؤسس للحوار مع الآخر في الخارج على أساس المصالح المشتركة في الأمن والاستقرار والسلام الحقيقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -