الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ثورة دجنبر 1905 والأدوار الطليعية اللينينية

وديع السرغيني

2014 / 12 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عن ثورة دجنبر 1905
والأدوار الطليعية اللينينية

خلفية تاريخية لانتفاضة دجنبر

بداية كيف نقدّر اللينينية؟ وما المقصود باللينينية؟ ولماذا إضافتها للماركسية إذا لم تكن فعلا إضافة؟ حقا إنها بالنسبة لنا إضافة نوعية للماركسية، بل هي الماركسية نفسها في عصر آخر، عصر انتقال الرأسمالية لعصر الاحتكار وسيطرة رأس المال المالي، عصر الإمبريالية باختصار.. أي عصر الانهيار والتعفن الذي لحق بالرأسمالية كنظام سياسي اقتصادي، واجتماعي. استنفد إمكانياته وأفل نجمه، ولأجل استمرار الحياة بدون قهر وبدون بؤس وبدون آفات أو حروب أو كوارث..الخ لا بد من إسقاطه، ولا بد حتما من تجاوزه في لحظة تاريخية ما، حين تتوفر الشروط الذاتية والموضوعية لهذه اللحظة التاريخية بالذات.
في هذا السياق وتعاملا مع هذا الحدث التاريخي الهام من تجربة الحركة العمالية الروسية، شكـّلت أعمال لينين واجتهاداته النظرية والسياسية تطورا بارزا في النظرية الماركسية الثورية، بحيث تمت المعالجة لموضوعات جوهرية تم فيها التأكيد وبوضوح على الموقف الماركسي، أو بالأحرى إنتاجه اعتمادا على المنهجية العلمية الماركسية، أو عبر تطوير المواقف الماركسية السابقة ووضعها في الإطار التاريخي للمرحلة الجديدة ومتطلباتها.
إذ لا يمكن فصل هذا الحدث الثوري المهم، عن مجمل الصراعات الفكرية والسياسية التي انخرط فيها لينين مبكرا، ضد أساتذته الكبار ودفاعا عن الأفكار الأساسية التي نادى بها ماركس وإنجلز من قبل، وتطويرا للأفكار نفسها بناءا على ما استجد من ظروف، وعملا بمنهجية "التحليل الملموس لكل واقع ملموس" تصطدم به الحركة العمالية في ظروف جديدة ومغايرة، تميزت حينها بالنضال ضد الإمبريالية باعتبارها قمة التطور الرأسمالي التي لا بد أن يليها الانهيار والدمار والتعفن، وبالتالي لن تكون سوى عشية الثورة الاشتراكية حيث كان، وما زال، لزاما وواجبا على الحركة الشيوعية توحيد صفوفها، وإعداد قواعدها وحلفاءها للثورة ضد الرأسمالية والاستيلاء على السلطة وتشييد الاشتراكية وبناء صرح الديمقراطية الجديدة.
فيمكن البحث عن جذور ثورة دجنبر 1905 في حراك الإضرابات والمظاهرات، الذي اختمر واشتد عضد قيادته الطليعية، منذ سنوات 1896/1897، وانتشر كالنار في الهشيم في صفوف العمال والطلبة، الذين احتلوا شوارع سان بطرسبورغ ببسالة وبدون تراجع أو تردد.. إضافة لإضرابات المنجميين سنة 1902، وبعدها الإضراب العام الهائل الذي عمّ الجنوب الروسي بأسره، لمدة ثلاثة أشهر مستمرة، من ماي إلى غشت 1903، يليه الإضراب العام الذي اندلع مرة أخرى في باكو في شتنبر 1904، وهو الإضراب الذي يمكن اعتباره بمثابة الإرهاص المباشر للثورة التي انطلقت في يناير 1905 بالإضراب العام الذي شل الحركة في سان بطرسبورغ.. لتتوالى الإضرابات والمظاهرات في مناطق عدة من روسيا، ولتصل أوجها في دجنبر بعد أن تحولت إلى انتفاضة مسلحة شعبية عارمة.
وفي أكتوبر 1905 أعلنت البروليتاريا الثورية الإضراب العام، فتوقفت المصانع والمعامل والسكك الحديدية وقطاعي النقل والخدمات.. عن العمل في عموم البلد كله، اضطر القيصر بعدها في 17 أكتوبر إلى إصدار بيان وعد فيه بتطبيق الدستور، و"تفضـّل مانحا" الشعب الروسي المنتفض، حرية التعبير والاجتماع والصحافة..الخ لتتبخـّر الوعود بعد أيام معدودة، وليتبيّن أن الأمر لم يكن سوى خداعا وتضليلا لربح الوقت، بعد أن تملك القيصر وقواته الذعر، بسبب من اتساع رقعة الانتفاضة الثورية وجيشها الرهيب، حيث كانت معارك المتاريس على أشدها في أغلب المدن العمالية وحيث لم تعد المطالب تستهدف تحسين الأوضاع، بل أصبح الثوار يطالبون بإسقاط القيصرية وعقد الجمعية التأسيسية وإقامة الجمهورية الديمقراطية، لتصل الانتفاضة أوجها في دجنبر 1905، في ملحمة ثورية لا عهد للعمال الروس بها.
لم يكن الهدف من إثارتنا لهذا الحدث الثوري المهم في تاريخ الحركة العمالية الثورية والاشتراكية، هو التذكير أو الإحياء لذكرى ثورة دجنبر المجيدة وفقط، بل كان الهدف دائما وأبدا هو استغلال هذا التراث العمالي لتجديد النقاش والحوار بين الفصائل اليسارية الماركسية المغربية، المستميتة دفاعا عن هذا التراث الثوري العظيم وإمكانياته الهائلة لإنارة السبيل نحو الثورة الاشتراكية المنشودة.
ويكفينا الانتباه لغزارة الإنتاج الأدبي الثوري، الفكري والسياسي، الذي قدّمته مجمل الفرق الاشتراكية الثورية في تلك الحقبة التي واكبت عملية اختمار ثورة 1905.. يكفي النظر بتمعن في الإنجازات الثورية الجماهيرية في الميدان تطويرا لمعارك المتاريس وتحويلها إلى انتفاضة شعبية مسلحة، بمساعدة ودعم من الإضرابات القطاعية والمحلية والإضراب العام أو الإضراب السياسي الجماهيري..الخ
وفي مقدمة هذا العطاء، برز اسم لينين من بين جميع المنظرين الثوريين الحازمين، الأكثر إخلاصا لقضية الطبقة العاملة ولمشروعها التحرري الاشتراكي، ولرسالتها التاريخية، المتجلية في أهليتها، لوحدها ودون غيرها، لقيادة مجموع الكادحين والمقهورين والمحرومين من أية مِلكية.. في نضالهم التحرري الديمقراطي والاشتراكي.. اسم يشهد له التاريخ بثوريته وكفاحه وحنكته في قيادة شيوعيي بلده البلاشفة، الذين كسّروا بعض "اليقينيات" التي كادت أن تحنـّط الماركسية وتدفع بها للتـّحجر، دون أن يفرطوا في أسسها ومنهجيتها وثوابتها العلمية التي أرصت بتطوير النظرية تطويرا خلاقا بتوافق مع كل وضع تاريخي جديد وكل حالة اجتماعية ثورية جديدة.
انتصرت الماركسية الثورية، أي اللينينية، في ظل أوضاع ثورية عرفتها ساحة الصراع الطبقي في بلدان عدة، أبرزها روسيا وبولونيا، أوضاع واكبها سيل جارف من النقاش الفكري والسياسي داخل الأوساط الاشتراكية، حول موضوعات وتاكتيك النضال الطبقي، وحول دور الحزب والنقابة في إنجاح الإضراب العام وتخليصه من العفوية والفوضوية، وحول دور الكفاح المسلح والرجوع لمعارك المتاريس التي أبعدتها القيادات العمالية الإصلاحية كأساليب كفاحية مهمة وحاسمة، بالإضافة للتنظيم السياسي، حيث انتصر التصور اللينيني بطرحه لمنظمة المحترفين الثوريين كبديل للأشكال التنظيمية الكلاسيكية العقيمة، أحزاب شرعية علنية مرهونة بشروط اللعبة الديمقراطية البرجوازية، جرفتها أوهام النضال السلمي لحد التسليم والإيمان الأعمى برحابة الديمقراطية البرجوازية ومؤسساتها التمثيلية والبرلمانية، وبإمكانية وصول الطبقة العاملة عبر المسالك الانتخابية إلى السلطة، وبالتالي الشروع، وبشكل سلس، في بناء الاشتراكية أمام أنظار البرجوازية وحلفاءها!!
انتصر البلاشفة، أي التنظيم الثوري الجديد، على أنقاض التصور التنظيمي الذي تبنته الأحزاب اليسارية الانتخابية والمهلهلة، والتي كانت تسمى حينها بالأحزاب الاشتراكية ـ الديمقراطية، بالنظر للمراجعة الخطيرة، السياسية والفكرية التي انتشرت عدواها داخل جسم الحركة العمالية الاشتراكية، التي لم تعد تخفي تحفظها، بل ورفضها للإضراب العام ولمعارك المتاريس وللعنف الثوري أو الثورة المسلحة بشكل عام.. انتصر التنظيم البلشفي في بلد يعج بالثوريين المناهضين للتنظيم من أصله، نعني الفوضويين أنصار وأتباع باكونين، وكذا أنصار خط الإرهاب الفردي وجميع أصناف الثورية الشعبوية.
وفي خضم الصراع ضد جميع الفرق اليسارية الثورية، الفوضوية والشعبوية البرجوازية الصغيرة، وعلى أنقاض المراجعة الذيلية التي رفعت رايتها الأحزاب الاشتراكية ـ الديمقراطية، برزت تعاليم اللينينية وتبوءت عن استحقاق موقع الطليعة داخل الحركة العمالية الاشتراكية محليا وأوربيا لقيادة النضال الثوري التحرري الذي تخوضه البروليتاريا المسنودة بالجماهير الكادحة في المدن والأرياف، حين رسـّخت داخل الحركة العمالية الاشتراكية تصورها للحزب بوصفه القيادة الطليعية للحركة العمالية في كافة ظروف وشروط الصراع الطبقي، مؤكدة على أن الحزب يجب أن يبقى ثوريا في كافة الظروف والمجالات والمواقع، في ظروف السلم وفي ظروف الثورة، في النضال الاقتصادي وفي النضال السياسي، في النقابة وفي الجمعية وفي النوادي والاتحادات، مع العمال وفي طليعتهم ومع الطلبة والعاطلين، وسائر الكادحين والمقهورين..الخ
كان لا بد من انتصاب المنظمة الثورية، منظمة المحترفين الثوريين، لقيادة الفعل الثوري وتطويره إلى الأمام، إذ بدونه لم تكن هناك الإمكانية لنقاش الإضراب العام والعصيان والانتفاضة المسلحة، ولم تكن الإمكانية لنقاش البرنامج البلشفي، برنامج الحد الأدنى وخطته في الدعوة لإسقاط القيصرية وإقامة الجمهورية الديمقراطية، والإقرار بالمشاركة في حكومة الثورة الديمقراطية وفي المجلس التأسيسي الذي لا بد وأن يرى النور غداة نجاح الثورة والانتصار على النظام القيصري الاستبدادي، بدونه أيضا لم تكن الإمكانية للترويج لشعارات الحزب وبدرجة أولى شعار "الحيتان الثلاثة"، الجمهورية ومصادرة أراضي القصر وحاشيته وحلفاءه من الملاكين الكبار، ويوم عمل من ثماني ساعات، بدونه، وحيث لا شك في ذلك، ما كان "لمجلس تحالف العصب القتالية" بأن يتشكل، وما كان بإمكان مجلس نواب العمال بأن يتخذ ذلك القرار التاريخي وتلك الخطوة الجبارة والجريئة التي قضت بتحويل الإضراب إلى انتفاضة مسلحة.
أشياء كثيرة لم تكن لتداعياتها أن تتخذ تلك الحدّة، "التي جعلت من معركة دجنبر أكثر المعارك جوهرية ومشروعية وأعظم حركة بروليتارية بعد الكمونة" على حد تقييم لينين.
كانت المنظمة البلشفية، المنظمة الوحيدة التي ساندت النضال الجماهيري المسلح والعنف الثوري الواعي والمنظم، مطالبته بتحويل جميع أعمال وحركات العنف الفردية والمتفرقة، التي كانت جلها بدون أهداف.. إلى عنف جماهيري هادف ومرتبط بالنضال البروليتاري وشعاراته السياسية والديمقراطية التحررية.
فعلى عكس التيار وضده، أي في خضم المجابهة الصريحة والشرسة، ضد جميع الانتهازيين والانتظاريين الذين أنكروا على الطبقة العاملة حقها في الإضراب العام بوصفه شكلا نضاليا مهما وسلاحا حاسما للإطاحة بالنظام، تقدم النقاش وتطور، ليس دفاعا عن الإضراب السياسي الجماهيري، فحسب، بل مطالبته بتحويله إلى انتفاضة مسلحة كشكل أعلى وأرقى للنضال، قطعا للطريق عن كل الأصوات التي نعتت المدافعين عنه بالفوضويين والإرهابيين والبلانكيين..الخ وبرز لينين وبجانبه شهيدة الخط البروليتاري روزا لوكسنبورغ، في حمى هذا النقاش الدائر أوساط الحركة العمالية الاشتراكية كمدافعين شرسين عن الإضراب السياسي الجماهيري وعن النضال المسلح وحرب الأنصار "بوصفها وسيلة من وسائل النضال لا غنى عنها في بعض الظروف".. و"شكل نضالي محتم في مرحلة بلغت فيها حركة الجماهير بالفعل حد الانتفاضة" ضدا على الاتجاهات الانتظارية التي حاولت حصر النضال في واجهتين رئيسيتين وفقط، الواجهة البرلمانية والواجهة النقابية، مع نبذها واستبعادها لتكتيك الإضراب العام الذي لا يجوز استعماله حسب نظرها سوى لحظة إعلان الحروب، ضد الحرب ومن أجل السلم!
في هذا السياق، أي سياق الدفاع عن الإضراب السياسي الجماهيري وتحويله إلى انتفاضة مسلحة، بمساعدة ودعم من حرب الأنصار، لم يتوانى لينين عن التحديد والتدقيق في شروط وأهداف النضال المسلح، ولم يتردد في انتقاد الأعمال الفردية، والتوّلع والانبهار بالسلاح، أو المغالاة في التعامل مع هذا الشكل النضالي.. متحدّيا جميع الأصوات التي ادّعت أن هذا الشكل سيفيد معنويات العمال وسيشوش عمل الثورة معتبرا "أنه ليس بالماركسي من يعتبر الحرب الأهلية، وحرب الأنصار التي هي شكل من أشكال الحرب الأهلية أمرا غير طبيعي ويفسد المعنويات".. "فالماركسي يقف في مجال النضال الطبقي لا في مجال السلم الاجتماعي.. وفي مراحل معينة من تطور النضال الطبقي يجب على الماركسي أن يقف إلى جانب الحرب الأهلية، فكل شجب معنوي للحرب الأهلية غير مقبول إطلاقا من وجهة النظر الماركسية"
بنفس التصور وبنفس المنهجية التي تعاملت بها اللينينية، باعتبارها ماركسية العصر، تقبّل لينين بكل تلقائية منتوج الديمقراطية العمالية أي المجالس أو السوفييت، حين تردد الكثيرون من زعماء الحركة العمالية الروسية وغير الروسية، بمن فيهم غالبية البلاشفة، للقبول بها كمكون من مكونات الحركة العمالية ومؤسساتها التنظيمية.. بأن حسم الأمر والرأي بخصوص هذه الهيئة الديمقراطية الجديدة، التي بشـّرت بجنين السلطة المستقبلية وبالشكل الذي ستتخذه ديمقراطيتها كدكتاتورية بروليتارية حازمة ضد الرجعية والبرجوازية وحلفاءها، حين حسم السلطة لمصلحة الطبقة العاملة.. "فسوفييت نواب العمال ليس برلمانا عماليا وليس هيئة للإدارة الذاتية البروليتارية، بل منظمة كفاحية لأجل بلوغ أهداف معينة.. فهو من حيث جوهر الأمر، اتحاد كفاحي واسع، غير رسمي، للاشتراكيين والديمقراطيين الثوريين. وضرورة هذا الاتحاد جلية للعيان من أجل القيام بالإضرابات السياسية وبأشكال أخرى للنضال، أشد نشاطا، من أجل مطالب ديمقراطية، حيوية، معترف بها ومحبذة من أغلبية السكان الساحقة".. فعلى عكس ما يتصوره البعض من أصحاب نظرية "القبعات" الحقوقية أو النقابية أو السياسية، أي نظرية الاختصاص الضيقة والتافهة التي يلتزم بها بعض الماركسيين المزيفين في بلدنا إخفاء لعجزهم التاريخي وتخفيا وراء مقولة "لكل مقام مقال" التبريرية، فلم يكن سوى سوفييت نواب العمال هو من قرر في السادس من نونبر "بأنه ينبغي السعي وراء تحويل الإضراب إلى انتفاضة مسلحة" في الوقت الذي لم تكن جميع المنظمات النقابية والسياسية العمالية مستعدة لهذا الأمر، وهو ما جسّده "مجلس تحالف العصب القتالية" في تردده وعدم استعداده للانتفاضة التي كان يعتبرها قضية ما تزال بعيدة، وبالتالي لم يكن له دور يذكر في معارك الشوارع الجارية حينها، بما يعني أنه كان في ذيل الأحداث الثورية، ولم يكن مؤهلا للاضطلاع بدوره كقيادة وكهيئة أركان فعـّالة لقيادة البروليتاريا المنتفضة وحلفاءها، في حرب الشوارع. مع العلم أن "مجلس تحالف العصب القتالية" تشكل أصلا من جميع الأحزاب المناهضة للقيصرية، أي بمن فيها الحزب الاشتراكي ـ الديمقراطي الروسي بجناحيه البلشفي والمنشفي وحزب الاشتراكيين الثوريين الشعبوي وأحزاب أخرى!
ومن الموضوعات المهمة الأخرى التي واكبت هذا الحراك الثوري البروليتاري الذي امتد لسنوات ووصل أوجه وقمته خلال خريف 1905، لا بد من التذكير كذلك بالنقاش الذي تأجج في صفوف وبين أجنحة الحركة العمالية الاشتراكية حول برنامج المرحلة، أي برنامج الحد الأدنى، برنامج الثورة الديمقراطية من المنظور البلشفي اللينيني بما تضمنه من خطة للإطاحة بالقيصرية، وإعلان الجمهورية، وتشكيل الحكومة الثورية المؤقتة، والدعوة لعقد الجمعية التأسيسية، بمشاركة البروليتاريا عبر حزبها الماركسي الثوري في الحكومة والجمعية.. بالإضافة كذلك لبرنامج الثورة الزراعية وما تميز به البلاشفة في هذا الصدد حول مسألة تأميم الأرض والقضاء على الملكية العقارية الإقطاعية بما يشكله هذا التصور من تعميق فعلي للتحالف العمالي الفلاحي وكسب الفقراء والمعدمين من الزراعيين، بالتالي لمصلحة الثورة.
دروس وخلاصات

في بلدنا المغرب الذي لا يخلو من تناقضات صارخة تفضح بجلاء النعيم الذي يعيش في رغده حفنة من المالكين المستفيدين من النظام السياسي الاقتصادي القائم، وتشهـّر ببطشه واستبداده في حق جميع المعارضين والثوريين، وكذا المحتجين ضد سياساته.. هذا النظام الذي نعتبره رأسماليا تبعيا عميلا للإمبريالية والاستعمار الجديد، تحكمه طبقة برجوازية بتحالف مع كبار الملاكين العقاريين، في مقابل وتعارض مع السواد الأعظم من الناس أي الغالبية الساحقة من المواطنين والمواطنات، التي تعيش حالة فقر وخصاص وحرمان بيّن، يتعرّضون لأبشع وسائل الاستغلال في المعامل والمصانع والشركات والضيعات وشركات المناجم، وشركات الصيد البحري وشركات الخدمات..الخ هذا إذا ساعدهم الحظ وأتيحت لهم الفرصة للظفر بمنصب شغل ما.. أمّا من لم يحالفه الحظ وهم الغالبية الساحقة، فمصيره البطالة والمياومة أو التسكع والانغماس في الجريمة والتسول والمخدرات والدعارة..الخ
ومنذ أواخر ستينات القرن الماضي، تبلورت في المغرب كما في العديد من الأقطار العربية فكرة التأسيس لمجموعات ومنظمات سياسية جديدة بهوية ماركسية لينينية، كبديل لأحزاب اليسار الإصلاحي الشرعي والعلني، وفعلا تشكلت على هذا الأساس المنظمات الثلاثة المعروفة بـ"إلى الأمام" و"23 مارس" و"لنخدم الشعب"، وهي منظمات سياسية كانت جميعها قريبة من الأطروحات السياسية والفكرية التي روّج لها الحزب الشيوعي الصيني خلال مسيرته النضالية من أجل الثورة والظفر بالسلطة السياسية، باعتمادها، من حيث الأفكار المرجعية، على أفكار زعيم الحزب ماو تسي تونغ، وخاصة فيما يتعلق بتحديد التناقضات والجبهة الوطنية المتحدة في مقابل جبهة الأعداء، والكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية انطلاقا من القرى والبوادي والجبال، واعتمادا على الجماهير الفلاحية، بهدف إستراتيجي كان هو الإطاحة بالمَلكية عبر الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وإقامة الجمهورية بناءا على السلطة الديمقراطية الشعبية، التي ستوفر الشروط للانتقال لعهد الاشتراكية.
صحيح أن الصراعات بقيت حبيسة الأفكار والتصورات والولاءات، أي في إطار الصراع الفكري فقط، والترويج للنظرية الثورية الماوية.. لكنها أفزعت فعلا النظام واستنفرت أجهزته القمعية والمخابراتية مما دفع به لاجتثاثها بسرعة، والتعجيل باستئصالها من مواقع أنشطتها في الجامعة والثانويات، بالنظر للسرعة الرهيبة التي انتشرت بها الأفكار الماوية في وسط المثقفين والشبيبة التعليمية، أساتذة وطلبة وتلاميذ.. كانت الأمور مجرد أفكار ونضالات احتجاجية وإضرابات طويلة الأمد في الجامعة والثانويات.. فلا كفاح مسلح ولا جبهة، ولا جيش شعبي، ولا حرب طويلة الأمد.. بل حتى الصمود دفاعا عن هذه الأفكار لم يكن طويل الأمد، بدليل أن أول المختفين عن الأنظار، وأول المتفككين هم الذين سموا أنفسهم ذات يوم بـ"المتكتلين" قبل أن ينجبوا منظمة سمّت نفسها "لنخدم الشعب" والتي تبنـّت الماوية صراحة بدون إضافات لينينية أو خوجوية أو ﯕ-;-يفارية أو هوشيمينية.. ماوية قحة لا تشوبها شائبة، تميزت بمحاربة النضال الجماهيري ومعارضة العمل في النقابات العمالية واتحادات الطلبة والتلاميذ، تبشيرا بالنضال المسلح وبموضوعات ماو، وخططه عن الجبهة المتحدة وحرب الشعب الطويلة الأمد، وبالدعوة للتوجه للبوادي والجبال عوض المدن والمصانع والمعامل والشركات..الخ
لم تدم تجربة هذه التنظيمات سوى سنوات معدودة حتى وقع حصارها، ثم اجتثاثها وخنقها في المعتقلات والسجون والمنافي، فنال منها القمع، وحلّ بها التشظي والتلف، وعمّت المراجعة صفوفها، ودبّ التفكك في هياكلها، ورغم محاولات الوحدة والتجميع وإعادة البناء، لتحقيق الاستمرارية، عجز ما تبقى من الماركسيين الثوريين عن تحقيق ما اعتنقه وضحى من أجله المؤسسون.
سُمّيت هذه التشكيلة، في الأدب السياسي المغربي، بالإضافة للفعاليات الفردية الماركسية وبعض التجمعات الثورية الصغيرة والمتعاطفين مع إحدى التشكيلات، من هنا وهناك، بالحركة الماركسية اللينينية المغربية أو اختصارا بالحملم.. وبعد فشل المنظمات واندثارها، بقيت الحركة الماركسية مستمرة بأشكال جديدة في إطار مجموعات وفرق وتيارات وحساسيات متنوعة، أنجبت هي الأخرى جميع أصناف الفوضوية والعدمية والتروتسكية والستالينية والماوية، بالإضافة لتوجهات ماركسية لينينية ما زالت متشبثة بالتجربة السبعينية الأصل مع بعض الانتقادات لأسسها الفكرية والسياسية، وأخرى راجعت العديد من جوانب التجربة فيما يهم الأفكار المرجعية والبرنامج وتاكتيكات وأساليب العمل الميداني الجماهيري، في إطار من التشبث بجوهر "البيان الشيوعي" وبموضوعة الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، باعتبار الطبقة العاملة، وليس الفلاحين عموما أو الفلاحين الفقراء خصوصا، أو الطلبة والتلاميذ، أو أخلص المقاتلين الثوريين، أو جميعهم متحدين في جبهة وطنية..الخ هي الطبقة الوحيدة، دون غيرها، المؤهلة تاريخيا لقيادة الصراع الطبقي والنضال الثوري الذي يخوضه عموم الكادحين والطبقات الشعبية نحو الإطاحة بالرأسمالية وتشييد الاشتراكية.. بما يقتضي ذلك من انغراس داخل الأوساط العمالية قصد نشر الأفكار والأهداف الاشتراكية والتأطير والاستقطاب التنظيمي، بما يعني ذلك بناء حزب الطبقة العاملة المستقل فكريا وسياسيا وتنظيميا، أي الاستقلال عن باقي الفئات والطبقات الاجتماعية الأخرى التي من مصلحتها كذلك الثورة والتغيير للأوضاع القائمة.. فكان لزاما على تيار الخط البروليتاري إعادة التأكيد على الخلاصات اللينينية فيما يخص نظرية بناء الحزب الثوري الطبقي، وفق الرسالة التاريخية واستنادا عليها لبناء التحالفات اللازمة لإنجاح الثورة، والتكتيكات والخطط المدعـّمة لهذا الرأي، خاصة خط الإضراب العام والانتفاضة المسلحة، الذي انحرفت عنه جميع المنظمات السبعينية المغربية بعد أن اعتبرته غير ملائم للظروف والأوضاع المغربية، معانقة ومحتضنة في المقابل، خط الحرب الشعبية الطويلة الأمد.
فخط الانتفاضة والعصيان البروليتاري والشعبي المسلح، هو الخط البروليتاري اللينيني الذي انبنى وصلب عوده، خلال الفترة التي تكلمنا عنها ابتداء من أواسط تسعينات القرن 19، وهي التي خصّبت التربة الصالحة لثورات 1905 وفبراير وأكتوبر 1917، خلالها انتصب الحزب اللينيني وانتصرت أفكاره من أجل تركيز منظمة المحترفين الثوريين، ومن أجل توسيع دائرة حركة الإضرابات العمالية ومن أجل ربط النقابات والنقابيين بالعمل الثوري، والاستعداد لمعارك المتاريس والانتفاضات العمالية المسلحة.. وخلال هذا الحراك الثوري العمالي والجماهيري، لم ينكر أهمية التحالفات من أجل الإطاحة بالقيصرية لتشييد الجمهورية الديمقراطية، دون التنازل عن الدور الطليعي للحزب في قيادة التحالف لمصلحة الطبقة العاملة، ودون مهادنة تجاه البرجوازية في سياق التعبئة الثابتة والدائمة للهدف الإستراتيجي المتجلي في الثورة الاشتراكية وتحقيق المجتمع الحر والديمقراطي الخالي من الطبقات، عبر دكتاتورية البروليتاريا وسلطة المجالس العمالية والشعبية في المدن والأرياف.
وبالرغم من تضحيات الرفاق السبعينيين وصدقية ثوريتهم التي لا يجادل فيها أي أحد من المناضلين الماركسيين، أو من أعداء الماركسية حتى.. فقد تنصّلوا نظريا وبرنامجيا من أي شيء يمكنه أن يربطهم بالثورة الزراعية وفق المنظور الماركسي اللينيني، والذي تميز به البلاشفة في صراعهم مع الاتجاهات الاشتراكية البرجوازية الصغيرة المعارضة للمصادرة كتدبير ديمقراطي ثوري، والذين كانوا يطالبون بالمصادرة والتأميم مباشرة للأراضي المصادرة على عكس ما طالبت به البرامج السبعينية عن المصادرة وتوزيع الأراضي على الفلاحين تطبيقا لشعار "الأرض لمن يحرثها"..الخ مما يعتبر انحرافا وتخليا واضحا عن تصور البلاشفة اللينيني لتأميم الأرض، والقضاء على المِلكية العقارية التي استفادت منها البرجوازية وحلفاؤها الملاكون الكبار.
فضد التزلف لمصلحة الفلاحين، كان الواجب على الرفاق في المنظمات وانسجاما مع ما يدّعون الاستناد عليه كمرجعية بروليتارية طبقية، تمتين العلاقة مع الطبقة العاملة بتقوية منظماتها النقابية وبتوسيع دائرة جمعياتها التثقيفية ونواديها التعاونية.. ثم التعبير الواضح عن مصالحها أينما وجدت، في المدن والأرياف، في المعامل والضيعات حيث وجب الرهان بقوة على البروليتاريا الريفية والمياومين والعاطلين.. لكسب جمهرة الفلاحين الفقراء، عبر الترويج لبرنامج الاشتراكيين التقدمي المعروف بالتأميم، وليس بالرجوع مرة أخرى للبرنامج البرجوازي الصغير، الذي سبق وأن وصنـّفه لينين، وقبله ماركس في نقده لبرودون، بالرجعي مقارنة مع التصور الرأسمالي لتصنيع الفلاحة ولتطوير المِلكية العقارية، فما بالك بالاشتراكيين الماركسيين الثوريين، الذين واجهوا نظرية "المِلكية الاجتماعية" و"التوزيع العادل للأراضي".. والذي لا يغدو في جوهر الأمر سوى تشجيع سافر للملكية الصغيرة والإنتاج الصغير.
لقد دافع لينين بقوة عن ضرورة الجمع بين النضال البروليتاري الصرف وبين النضال الفلاحي العام دون الخلط بينهما، حيث قال "ينبغي مساندة النضال الديمقراطي العام والنضال الفلاحي العام، دون الامتزاج بهذا النضال الذي ليس نضالا طبقيا، دون جعله أبدا مثلا أعلى بواسطة تعابير صغيرة مزيفة كتعبير "جعل الملكية اجتماعية"، دون النسيان" ولو لحظة واحدة، أن من الضروري تنظيم بروليتاريا المدن والأرياف في حزب طبقي، في حزب الاشتراكية ـ الديمقراطية، في حزب مستقل تماما".
على هذا الأساس وهذا الفهم كان لينين ينعت الاتجاهات الاشتراكية المدافعة عن الملكية الصغيرة والإنتاج الصغير بالبرجوازية الصغيرة، والحال أن المنظمات السبعينية بقيت مخلصة لنفس التصور الشعبوي الذي حاربه لينين بشراسة، وبقي أنصارها القدامى والجدد مقتنعين بأن خطابها هو الماركسية اللينينية في أنظف صورها وحالاتها بعد أن نزعت عنها جلباب التحريفية والانحراف والإصلاحية الانتهازية والبرجوازية الصغيرة..الخ فبالرغم من تضحياتها ومعاناتها مع القمع وأجهزته، وبالرغم من تفانيها الثوري من أجل نصرة قضايا الكادحين والمحرومين، فلن يشفع لها هذا من الانزلاق لهذا المنحدر البرجوازي الصغير المناقض لجوهر الأطروحة اللينينية وبرنامجها في الثورة الزراعية. وبقي البرنامج السبعيني دون نقد، محنطا مقدسا تتناقله الأيادي والمجموعات والفرق الجديدة، دون نقاش ودون تمحيص، ودون مراجعة، وهذا هو بيت القصيد في هذه المرحلة التي نعيشها الآن، حيث انتشرت بعض التقديرات الخاطئة، كمثلا بأن الثوري المخلص والصامد والمبدئي..الخ هو الذي عمّ الشيب رأسه دون أن يراجع شيئا من الأفكار والمواقف التي اطلع عليها بداية حياته الطلابية أو التلاميذية.! فعوض الدفاع عن الأسس النظرية للماركسية وعن مبادئها وثوابتها الأساسية، وعن الإضافات اللينينية الخلاقة التي مأزقت الاتجاهات الفوضوية والاقتصادوية والشعبوية البرجوازية الصغيرة، يستميت الرفاق المحتضنين والمدافعين عن التراث السبعيني في تقديس برنامج السبعينات في مجمله، بعدم المساس بعذريته، عبر المراجعة والتصحيح، لكي يصبح فعلا ماركسيا ولينينيا، مدافعا عن مصالح البروليتاريا، وعن تصور البروليتاريا، وعن الخط البروليتاري الذي له الأهلية والكفاءة اللازمة لحل جميع قضايا الكادحين والمحرومين والمستغلين.. الشيء الذي لن يتم ولن يتحقق، إلا عبر التشبث بالمشروع الاشتراكي والعمل الجاد من أجل تحقيق شعار الثورة الاشتراكية، الذي أصبح ذا ملحاحية أكثر من أي وقت مضى، خلال عصر العولمة الرأسمالية والسيطرة الإمبريالية التامة.. فليس حفاظا أو دفاعا عن مصالح صغار المالكين أو "الوطنيين" من المالكين الكبار والمتوسطين، يناضل الماركسيون اللينينيون، بل من أجل مصالح جمهرة الكادحين غير المالكين وعلى رأسهم الطبقة العاملة التي لا يجب نسيانها ولو للحظة.
بهذه الطريقة التي استحضرنا بها أمهات الموضوعات والأطروحات اللينينية التي واكبت فترة النضج البلشفي، والتميز النوعي والثوري الذي أحدثه في جسم الحركة الثورية الاشتراكية في روسيا وفي عموم أوربا، خلال مرحلة الثورة الأولى.. موضوعات مهمة انطلقت بنظرية الحزب والمنظمة الثورية، وبتكتيك الثورة في مرحلة من تطور المجتمع الروسي، وبأشكال النضال البروليتاري الملائمة للأوضاع المتغيرة، خصوصا الإضراب العام والانتفاضة الشعبية المسلحة ثم برنامج الثورة الزراعية..الخ
للتأكد مرة أخرى بأننا لن نكون لينينيين ونحن نعارض ونبخـّس لحدّ الاحتقار أطروحات لينين الأساسية التي غيّرت مجرى الحسابات والنضال العمالي الاشتراكي بداية القرن العشرين، وحوّلت بالتالي أنصاره البلاشفة من ماركسيين ثوريين إلى ماركسيين لينينيين يتميزون بأشياء لا يومن بها غيرهم من الماركسيين الذين تردّدوا لسنوات، في تعاطيهم الإيجابي مع النظرية اللينينية وإضافاتها الخلاقة للفكرة الاشتراكي العمالي.
فحين يقتنع جميع الرفاق الذين يشهرون بلينينيتهم، بهذا الخط، حينها سيتبيّن للجميع مستلزمات هذا الخط، الميدانية والعملية، وأهمها تجميع الطلائع الماركسية وتوحيدهم من أجل هدف أولي نعتبره إستراتيجية المرحلة، ألا وهو الانغراس والارتباط بالطبقة العاملة، عوض التراشق بين المجموعات المناضلة الميدانية ونشر الفضائح الشخصية لبعض الأسماء والزعماء واستعمال أحطّ الأساليب في الصراع الفكري والسياسي، التي تعتمد صيحة "أنا وحدي نضوّي البلاد"، ولا تأخذ بعين الاعتبار أو تقدر تضحيات جميع الرفاق مهما اختلفنا معهم، فهم "رفاق طريق" وليس أعداء كما يتصور البعض ملحقا لعنة البرجوازية الصغيرة بجميع المخالفين.. والغريب هو حين يكون الخلاف من داخل نفس التصور الذي انتقدنا أسسه، والذي ما زالت تدافع عنه بعض الفرق والمجموعات والتيارات المناضلة، دون أن تتوصل لتجميع صفوفها في إطار تنظيمي موحـّد.ّ الشيء الذي لم يكن يفعله لينين أبدا فرغم حروبه الفكرية والسياسية ضد خصومه المناشفة والاشتراكيين ـ الثوريين، كان دائم الحوار معهم ودائم التنسيق، ليس الميداني وفقط، بل التنظيمي، وفي الغالب السري كما أشرنا لذلك لحظة تشكيل "تحالف العصب القتالية" والتي ضمت في صفوفها جميع الفرق السياسية الثورية الاشتراكية وغير الاشتراكية.
وبالرجوع لإستراتيجية الارتباط بالطبقة العاملة والدعوة للانغراس في أوساطها، فلا يعني ذلك، في نظرنا، السكن بجانبها أو الانتقال مباشرة لأوساطها عبر بيع قوة العمل، أو اقتناء بطاقة المركزيات النقابية القائمة، فالأهم من هذا وذاك هو إقناعها بالمشروع الاشتراكي وبالثورة الاشتراكية، كحل وحيد لإنقاذها من البؤس وتحرير جميع بؤساء ومهمشي ومحرومي هذا المجتمع الذي نعيش في كنفه.. مما يستلزم تعبئتها وتنظيمها وتأطيرها لهذا الغرض بالذات، حيث يجب تسخير الخبرة التاريخية العمالية لهذه المهام، وحيث يجب إبعاد المناضلين عن جميع الإطارات المشككة في إمكانيات الطبقة العاملة والمناهضة للماركسية والاشتراكية، وحثهم بالتالي على تحريض العمال والعاملات من أجل خوض النضال النقابي عبر الانخراط أو التأسيس لنقابات عمالية ولعمل نقابي نوعي، وعبر تشييد النوادي والجمعيات، بقصد نشر الأفكار الاشتراكية ونقل الخبرة العمالية الثورية، وبعدم تبخيس العمل السياسي أو النضال الديمقراطي الجماهيري والاحتجاجي، لتطوير الوعي ولتوسيع قاعدة التواصل مع الجماهير العمالية وكافة الجماهير الشعبية الكادحة المعنية بالتغيير.. هو ذا انتماؤنا البروليتاري كما أفهمنا إياه "البيان الشيوعي" والتراث الماركسي اللينيني بكليته، أما إذا كان يحسب الحساب لمنشئنا الاجتماعي ووضعنا الطبقي داخل المجتمع، فكلنا برجوازيون صغار ابتداء من ماركس إلى إنجلز ثم لينين بل إن إنجلز ورث معملا للنسيج وبالتالي يمكن تصنيفه ضمن البرجوازية الصناعية الكبرى! هراء وتفاهة بئيسة لأقصى حد..

وديع السرغيني
دجنبر 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا