الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تنتقدوا النظام السوري في لبنان حتى لا يغتالكم - الشرق الأوسط الجديد

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 9 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا تنتقدوا النظام السوري في لبنان!!
حتى لا يغتالكم (الشرق الأوسط الجديد)
فخر الدين فياض

كلما ارتفع صوت وطني لم يلوثه أمراء الحرب فلي لبنان.. يتم إسكاته عبر تطاير أشلاؤه في سماء بيروت، وحين تتطاير أشلاء الصوت فإن دويه يصل إلى البعيد أكثر ويجتاز مسافات عبر سماوات مدن وعواصم عربية وعالمية.. والسماء القريبة هي سماء دمشق شقيقة بيروت التي تزوجت ذات يوم من (خواجه مهجري) وسكنت على شاطىء البحر.. كثيرون في بيروت لا يحبون دمشق وزوجها وأولادها.. فبيروت التي جاورت البحر وأخذت عنه أكثر عاداته غرابة وسحراً واستقبلت سفن العالم البعيد.. ورواد المغامرات في الشرق الحالم.. وتواصلت مع نساء العالم الحر بكل أزيائهن وتقاليدهن وجمال سيقانهن الطويلة.. أصبحت لا تحب نغمة دمشق (العروبية) التي لم تتواصل مع نغمات العالم الحديث.. وتحولت دمشق إلى شقيقة ثقيلة على بيروت بكل ما تقدمه لها من خبز عربي وسلال عنب وتين.. وألفة ريفية، ووصايا العائلة وخوفها من حرية بيروت وشعرها الأشقر الطويل الذي ينشر عبقه على سواحل الشعر والتفرد والمغامرة.. والجنون.
بيروت ضاقت بحرص شقيقتها وبرائحة الأيديولوجيات والعقائد والطريق الذي لا يسير إلا في اتجاه واحد.. فدمشق تزوجت (الضابط ابن البلد) وارتدت الحجاب منذ نعومة أظفارها.. وتخرج أولادها من (الكلية الحربية) ولم يفكر أحد منهم بجولة سياحية في حي (الشانزليزيه) أو (البيكاديللي) أو (جاردن سيتي)، حتى حين يذهبون إلى هناك فإن حسهم القروي الذي يعيش بداخلهم منذ أيام (الكلية الحربية) فإنه لا يفارقهم ويميزهم عن الآخرين بلكنة ونظرة وطريقة حديث!!
إلا أن أبناء خالتهم حين تراهم في باريس فمن الصعب تمييزهم عن الفرنسيين إلا بصحن (التبولة وكاسة العرق).
بيروت كانت وقحة مع شقيقتها بعد أن تناست دمشق بعض أعراف الضيافة.. وضرورة التزام (الضيف) بحسن التصرف وحق الآخر بالاختلاف والتميز..
إلا أن دمشق ظلت تحب بيروت وتخاف عليها من قراصنة البحر تخاف على أصلها الفينيقي وأصلها العربي وكل تاريخ العائلة الممتد عبر آلاف السنين...
القراصنة الحقيقيون يقتلون الشرفاء من أبناء بيروت.. أبناؤها الذين أحبتهم بيروت ودمشق معاً.. دوناً عن الأبناء الذين تحولوا إلى أمراء حرب وتجار سلاح وصفقات مع الشيطان.. بسبب رفاق السوء.
حاولوا اغتيال مروان حمادة (أطال الله بعمره) أولاً وهو طبيب تخلق (الحكمة) والمعروف، ثم اغتالوا رفيق الحريري صاحب المشروع الإنساني والأخلاقي قبل أن يلتف حوله تجار السياسة ومنافقوها ليحولوا مشروعه إلى مشروع سياسي ودجاجة تبيض ذهباً ودولارات، وبكل ضغينة وحقد أعمى وسير لا يعرف التردد نحو قتل أجمل ما في الوطن اغتالوا سمير قصير أجمل العروبيين عروبة، وأكثر اللبنانيين وطنية وسلام.. وأخيراً اغتالوا جورج حاوي الطيب بين أوغاد كثيرين المقاوم منذ نصف قرن لمشاريع إسرائيل وأميركا رحل وظلت صرخته تدوي (يا أنصار العقل.. اتحدوا)..
كل هؤلاء كانوا ألطف المعارضين لدمشق.. وأكثرهم حرصاً على دمشق وبيروت.
القراصنة اختاروا هؤلاء لأن استشهادهم يبقى في الوجدان جرحاً وفي القلب نغمة حزن لا تنتهي.. أما سماسرة الوطن وأمراء الحرب (المعارضين) لم يقترب أحد منهم.. القراصنة لا يريدون اغتيالهم لأن لهم دور قادم يؤدونه وفواتير الحساب لم يأت وقت دفعها.
الاغتيال اليوم في شوارع بيروت يحرض ضد دمشق ويعبىء ضد ما تبقى من أصالتها وعروبتها.. ويمهد الطريق للمارينز الأميركي ـ الإسرائيلي نحو بواباتها..
رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي أصبحوا في عالم آخر.. جميعهم انتقدوا دمشق.. وارتفع صوتهم وطنياً وقومياً ضد الخطأ وضد الفساد في بيروت ودمشق معاً.. وضد الهيمنة الأمنية والمخابرات و(زعران) البلدين.. حرصاً على الأرض والناس والخير والجمال.. جميعهم (أوادم) ولا يشك أحد بعمق انتمائهم وعمق انتقاداتهم.. كان قتلهم فرصة من الصعب تكرارها لضرب دمشق وبيروت معاً.. والمسلسل الأسود مستمر..
كل رجل صالح ومؤمن بالوطن والتاريخ سينتقد دمشق اليوم سيكون الاغتيال مصيره غداً وستبكيه دمشق كما تبكيه بيروت..
إلا أن (السماسرة والأمراء) لينتقدوا ما شاؤوا فلن يصيبهم مكروه ليس لأن القرصان الأميركي ـ الإسرائيلي راضٍ عنهم فحسب وإنما هناك استحقاقات المرحلة القادمة ومشروع (الشرق الأوسط الكبير)، ومصالح إسرائيل الاستراتيجية.. وآنذاك ستبحث دمشق عن بيروت ولن تجدها، وتبحث بيروت عن دمشق ولن تجدها أيضاً.. ستبكيان منفردتان على فقدان الأحبة والأرض.. والمستقبل!!..
صحفي وكاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاستثمار الخليجي في الكرة الأوروبية.. نجاح متفاوت رغم البذ


.. رعب في مدينة الفاشر السودانية مع اشتداد الاشتباكات




.. بعد تصريح روبرت كينيدي عن دودة -أكلت جزءًا- من دماغه وماتت..


.. طائرات تهبط فوق رؤوس المصطافين على شاطئ -ماهو- الكاريبي




.. لساعات العمل تأثير كبير على صحتك | #الصباح_مع_مها