الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعتقل السياسي السوري المنبوذ ؟

احمد مصارع

2005 / 9 / 3
حقوق الانسان


حين يتم الإفراج عن المعتقل السياسي السوري , فان أقرب صورة عن أوضاعه ما بعد السجن , صورة الشخص المنبوذ من امكانات الحياة الطبيعية , وفرص الاندماج الاجتماعي , وذلك لأسباب غامضة , تصدر عن الجهات المسئولة , التي تتعمد تجاهل الشروط اللازمة , بفرض أن فترة سجنه كانت كافية لتأهيله , وتكون المرحلة التالية , في تسهيل عملية اندماجه .
لتحديد المجال بداية , لابد من حصر الموضوع بمناقشة ظروف المعتقلين والمفرج عنهم , والحاملين على أكتافهم , عبء الحجر والتجريد , والحرمان من الحقوق المدنية , ومنها تبدأ المرحلة الأولى في سجنه المفتوح على وضعية المنبوذ فعليا .
من التناقضات غير المبررة , أن تقضي محاكم أمن الدولة , بأحكام مبرمة , وهي محاكم ( شرعية ) , وفقا لصورية دستورية , في حين لا يشمل المعتقلين السياسيين , بأي نوع من السماح , أسوة بالسجون الجنائية المدنية , كما يقال ( ربع المدة ) على سبيل المثال , بل وعلى العكس , فغالبا ما يزاد على مدة محكوميته الفعلية المبرمة , الربع ألتسامحي , وكأنه يقتطع لصالح الجرم الجنائي المدني , ويعاد تحميله على كاهل السجين السياسي , وتبرر الفترة الإضافية لما بعد المحكومية , بانتظار صدور العفو , وقد يحمل العفو صفة رئاسية , وقد يصدر ذلك نادرا بصفة مرسوم جمهوري , الأمر الذي يدفع للاستغراب .
ما معنى الإفراج عن المعتقل السياسي , بالشروط السابقة ؟ وما لذي اكتسبه المعتقل من فكرة الخروج بعفو ؟
وماهي مفاعيل العفو , ومن أعلى مستويات القرار ليتحول الى شخص منبوذ فعليا ؟.
الحجر والتجريد , والحرمان من الحقوق المدنية , عوائق حقيقية تمنع الفرد من التكيف والاندماج الطبيعي في المجتمع , فلا هو مواطن , ولاهو يسير على طريق المواطنه , ولذلك تجد نسبة كبيرة منهم يفضل حياة السجن , على وضعية السجن المفتوح , نتيجة وجود تلك العوائق .
المنهجية الصارمة هو القاسم المشترك , بين المفاهيم السائدة , فإذا اعتبرنا ( الحقوق المدنية ) كمفهوم كان قد استنسخ عن القانون الفرنسي , فالمقصود بالمفهوم هو الحقوق السياسية , ومن الممكن تصور حرمان السياسي من حقوقه السياسية كإجراء منطقي , وهي معروفة , كحق الانتخاب والترشيح , واستلام مسؤوليات سياسية بالدولة وشغل وظائف عامة , بينما لا يتطرق الحرمان من الحقوق المدنية , ليشمل الحقوق الطبيعية , بل والشخصية أيضا , ومن هنا نلحظ شدة وصرامة في تجاوز حدود المفهوم .
بطاقة الهوية الشخصية تحمل سمة ( الحجر والتجريد من الحقوق المدنية ) , وكل استخراج لقيد النفوس سيحمل نفس العلامة , وندرة امكان الحصول على جواز سفر , وتعدد جهات منع المغادرة نحو الخارج ؟؟؟..
إذا كان الاندماج غير ممكن في مثل هكذا وضع , في الداخل , فلماذا يحرم من امكان اندماجه خارج البلد , الذي لا يمكنه العيش فيه وفقا للشروط الصعبة التي تمنعه من الاندماج .
عند ما تسأل محاميا , عن معنى ( حجر وتجريد ) الشخص , سيجيبك ضاحكا , ولكي لا يثقل عليك بالمعني القانوني , فانه سيختصر الأمر شارحا , يمكن فهم معنى العبارة التالية : تخيل أن أجنبيا كان قد دخل الى بلادنا عابر ا , وحتى بالخطأ , فانه يملك وضعا قانونيا أفضل بكثير من المنبوذ المحلي .
إذن نحن أمام حالة منسجمة مع نفسها , فالمعتقل المفرج عنه , سيبقى يعيش هاجس السجن المفتوح , مفضلا حياة السجين , على وضعية المنبوذ , هذا من جهة , وهو حين لا يتمكن , من العمل والعيش الطبيعي في بلده , فانه سيبقى يعيش هاجس الإفراج عنه , وعن وثائقه الشخصية , ورفع المنع المتعدد وليتمكن من السفر والعيش خارج البلد , حيث لامكان له في البلد ,فكم تكون المشاعر مريرة , عندما تطلب حياة المنفى والغربة , ولتهجر طائعا مختارا , ولا يمكنك فعل ذلك , فالمنبوذ , هو في وضع حرج للغاية , فلاهو يريد البلد , ولا البلد الذي هو فيه يريده والصورة هنا غير دقيقة , ومن جهتي شخصيا , أبحث عما يمكن تسميته بالتسوية القطعية , من نوع :
لست من جنسية هذا البلد , وسأبحث عن جنسية أخرى , فمن حقي كمنبوذ فعليا , أن أنفى مجردا من كل الحقوق المدنية , وما الأوراق الشخصية المؤقتة الممنوحة على سبيل الإعارة , ولا تجدد أبدا , أو كنوع من أنواع البراءة المتبادلة , والى الأبد ؟ وكثيرا ما يتقرر لدى العقل السليم , بأن المعقول يمكن أن يصدر عن اللامعقول ,أو عن طريق الصوت الرومانتيكي الحالم لفيروز ( لاانت حبيبي ولاربينا سوا .. إنساني يا حبيبي ) , فقد صار فراقك أيها ( الوطن ) عيدا لي , لا لقاؤك , لأنني نويت حقا الحياة ثم الموت في ارض الله الواسعة ...
فهل حان عصر يختار فيه الإنسان وطنا بديلا , دون إرغام القدر .
احمد مصارع
الرقه - 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد