الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعاني غزة من احتلال ثلاثي ؟؟!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2014 / 12 / 16
القضية الفلسطينية


عانت غزة منذ نكسة 1967 من الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ انتفاضة 1987 مدت منظمة التحرير نفوذها لتشكيل ما عرف بالقوى الضاربة بدعوى مقاومة الاحتلال. هذه القوى الضاربة قامت بقمع العمال لمنعهم من العمل في إسرائيل دون أن تقدم لهم أي بديل فانتشر الجوع وتفاقمت البطالة وانعكس ذلك على البنية الاقتصادية والاجتماعية، حتى تم فرض اتفاق أوسلو دون أي استفتاء. من خلال هذا الاتفاق المهين تقتنص إسرائيل على المشتريات الفلسطينية ضريبة القيمة المضافة 14 % وتقوم بتحويلها إلى السلطة لكي تصرفها رواتب لتنظيم فتح وهم جالسون في بيوتهم !!
حماس ادعت عام 2000 أن هدفها هو تحرير فلسطين، وادعت في أدبياتها وخطابها السياسي أنها تعارض اتفاق أوسلو وأنها – لهذا السبب – قامت بتحريم إجراء أي انتخابات تحت الاحتلال عام 1995، ولكنها تراجعت عام 2006 واعترفت بمجلس أوسلو وخرجت تطلب السلطة التي حازتها في قطاع غزة عام 2007 من خلال ما عرف بالحسم العسكري أو الانقلاب المسلح !
الآن شعب غزة يعاني في الحقيقة من ثلاث احتلالات دفعة واحدة، احتلال إسرائيلي، واحتلال فتحاوي سلطوي، واحتلال حمساوي على وشك أن يتحول إلى تنظيم داعش، وسوف نلقي بعض الضوء على الاحتلالات الثلاثة فيما تبقى من سطور.

أولاً: الاحتلال الإسرائيلي – الصهيوني

وهو قوة الاحتلال المنظم من قبل الدولة الصهيونية ( وليس العلمانية ) التي لا ترى في الشعب الفلسطيني سوى بقايا احتلال عربي إسلامي لأرض الميعاد !! إسرائيل تحتل الضفة بالمستوطنات، وتحاصر غزة بحرا وجوا وبرا، كما تقوم باستغلال غزة كسوق استهلاكي لمنتجاتها الزراعية والصناعية. إسرائيل بدون أي سند قانوني تقوم بتدفيع شعب غزة ضريبة القيمة المضافة التي لا يدفعها منطقياً سوى مواطني الدولة، لأن تلك الضرائب تعود للمواطنين من خلال الخدمات التي تقدمها الدولة، فماذا تقدم إسرائيل من خدمات للشعب الفلسطيني تحت احتلالها ؟؟! حتى تلك الضرائب تقوم إسرائيل بإرجاعها إلى السلطة لكي تشتري خدمات لأمن المستوطنين، أي أننا ندفع ضرائب من أجل أمن إسرائيل .. هل رأيتم اتفاقا أكثر عبقرية من اتفاق أوسلو ؟؟!
إسرائيل ومن خلال الملاحق الاقتصادية لاتفاق أوسلو ( باريس / برشلونة ) تقوم بفرض أسعار المحروقات والمواد الغذائية بشكل يتناسب مع أسعارها في إسرائيل، في حين أن مستوى دخل الفرد في إسرائيل يصل إلى 40 ألف دولار سنوياً، مقارنة بالدخل السنوي في غزة والبالغ 500 دولار سنوياً !!! فأي ظلم وأي عربدة ؟؟! بأي حق تقوم إسرائيل باقتناص وقرصنة ضريبة القيمة المضافة من شعب تحت الاحتلال، لا يتمتع بحق الاقتراع ولا تعتبره جزءا من تكوين الدولة " اليهودية " ؟؟!


ثانياً: الاحتلال الفتحاوي – السلطوي

وهو احتلال تحت الاحتلال الإسرائيلي، ويستمد قوته وبقاؤه من خلال التحويلات الضريبية التي يتم قرصنتها بدون وجه حق من شعب تحت الاحتلال !! أجهزة السلطة الأمنية في الضفة تقمع أي تحرك شعبي لمقاومة الاحتلال، وتقوم ببيع التنسيق الأمني مثل أي شركة حراسة لقوات الاحتلال ! فما الفائدة التي تعود على الشعب الفلسطيني من وجود سلطة تحت الاحتلال ؟؟!
طبعاً تنظيم فتح قام بلهط السلطة " الرشوة " وتمتع أعضاء فتح بوظيفة وراتب ضخم وسيارة فارهة، وتم استحداث بنية دولة " بدون وجودها على أرض الواقع " فأصبحنا نشاهد الوزراء والوكلاء والمدراء العامون والسجاد الأحمر وقوات الجيش والشرطة والمخابرات، وفي غياب أي رقابة شعبية على السلطة استشرى الفساد وتم إفقار الناس من خلال الفواتير الضخمة لشركات الاتصالات والجوال والكهرباء، وهي شركات احتكارية موجودة في ظل اقتصاد معولم المفروض أنه يعتمد المنافسة الحرة، فلماذا لا توجد شركات أخرى ؟؟! هل تحرير فلسطين بالنسبة لقيادة السلطة انتهى عند حصولها على كعكة الاتصالات والجوال والكهرباء وضريبة القمة المضافة ؟؟!

ثالثاً: الاحتلال الحمساوي

من العام 1993 وحتى 2005 كانت حماس تدعي بأنها تعارض اتفاق أوسلو من نواحي شرعية، باعتبار أن أرض فلسطين هي أرض رباط إسلامي لا يجوز التفريط بذرة تراب واحدة منه، ولكن كانت المفاجأة بأن حماس قد تراجعت عن موقفها " الشرعي " وشاركت في انتخابات عام 2005، والآن يطالبون بحصتهم من رواتب " دايتون " التي أفتوا في وقت سابق بأنها رواتب محرمة شرعاً !!!
طبعاً حماس مارست النضال والكفاح ضد الاحتلال، وخاصة العمليات التي استهدفت أهدافاً عسكرية كالجنود والدبابات ومواقع الجيش. لا يجوز إنكار هذا رغم كل شيء، ولكننا نتكلم الآن عن قوة حاكمة في غزة، عن سلطة متنفذة تحكم بسلطة الأمر الواقع دون وجه حق، حيث تقوم الحكومة " الربانية " بتقليد سلطة رام الله، من خلال فرض الضرائب والمكوس والتراخيص والمخالفات وجميع أوجه الجباية المنظمة. الشيء الأكثر ألماً هو مظاهر الفلتان الأمني وتصاعد الجريمة وكذلك موجات الهجرة التي يضحي الناس بحياتهم من خلالها في عرض البحر بحثاً عن أمل في حياة أفضل في ظل تفاقم البطالة والفقر. أما شيوع مخدرات الترامادول فيأتي تعبيراً آخر عن استفحال اليأس بين الشباب والخريجين ( 80 ألف خريج عاطل عن العمل ) !

أخيراً،

إن الشعب الفلسطيني في غزة يعيش حالة من الفقر والتبعية وممارسة أشكال الاستبداد، ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى قرب انفراج أزمة غزة، ففي ظل البطالة والجوع يضطر شعب غزة لأن يدفع بدون وجه حق أو سند قانوني ضريبة القيمة المضافة لإسرائيل ( للسلطة ) وبدون أي وجه حق ولا أي سند قانوني، تقوم حكومة حماس بفرض مزيداً من الأعباء الاقتصادية والمالية على شعب مضطهد يعاني الفقر وانعدام الموارد ؟؟! هل يشكل اتفاق أوسلو الذي نعاني من تبعاته حلاً لأزمة الشعب الفلسطيني ؟؟؟ نتساءل أيضا: لمن لا يعرف، فإن اليابان محتلة من قبل أمريكا وكذلك كوريا الجنوبية، وهي من أقوى الاقتصاديات في العالم وأكثرها نمواً وازدهاراً، فهل كان الاحتلال الإسرائيلي هو السبب المباشر والوحيد في تفاقم البطالة وشيوع الفقر والجهل والاستبداد ؟؟! من جهة كاتب السطور، فإن التخلف والاستبداد والقهر والنهب المنظم لأقوات الناس لا علاقة له بالاحتلال !! لدينا بعد الاحتلال الإسرائيلي ، احتلالين فتحاوي وحمساوي وعلى الشعب أن يجد مخرجاً من هذا البؤس !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم