الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاب

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 12 / 17
كتابات ساخرة


لأكثر من أسبوعين تقريباً و هذه الكلمة تتردد من قِبل مواقع التواصل الاجتماعي على مسامعي بطريقةٍ مزعجة..جريمة النقاب..شرعية النقاب..منع النقاب..وجوب النقاب..و سلسلةٌ طويلة من الجُمل -ذات المقطعين على الأغلب- و التي يجب أن تنتهي بتلك الكلمة أي "النقاب"..تجد بإن هذا الأمر ما هو إلا موضوعٌ سخيف لكي يكون محور للنقاش بين أي شخصين يحملان فكراً ذو أبعاد ثلاثية على الأقل؟؟..نعم أتفق معك تماماً في ذلك الأمر و لكن و لأنك بِتَّ تعرفني و تعرف عشقي للقطيع سأسير في اتجاهه المعاكس لأحدثك أنا أيضاً عن النقاب..و أتمنى أن لا تتقيأ تلك الكلمة -فتغرقني بها أنت الآخر- عندما نصل سوياً إلى نهاية حديثي عنه.

أتعلم أعتقد أن الذكر المسلم لا يكترث "حقيقةً" للنقاب و بكل ما يحمله من رمزية يحاول مُستميتاً أن يجعلها دينية و لكنه يكترث به فقط لأن الموضوع نسائي فمن يرتدينه للأسف هن "غالباً" من النساء..و لهذا ستجد أن المقاتلين بشراسة من أجل استمرار وجوده هم أغلبهم -إن لم يكن جميعهم- من الذكور!!..هل هي مصادفة؟؟..لا أعتقد ذلك..كل ما في الأمر أنه لو سقطت قطعة القماش تلك فهذا يعني بالنسبة لهم بداية سقوط سلطتهم على المرأة و هو الأمر الذي لا يتوقون إلى حدوثه بالتأكيد.

سيخبرك الكثيرون أن النساء أنفسهن سيمتنعن عن إلقائه بعيداً عن وجوههن حتى لو مُنح لهن الخيار بين إبقائه أو إلقائه؟؟..حسناً و لكن هل مُنحن حرية الاختيار تلك لكي نتمكن من الجزم بذلك الأمر!!..لا أتذكر أن هذا الأمر قد حدث لأن السماح للأنثى المسلمة بالاختيار -كفكرة- يعني منحها صفة الإنسان المؤهل عقلياً لذلك الاختيار..أو لنقل أنه سيكون بداية السقوط في فخ الاعتراف بأنها كائن يملك عقلاً و من حقه أن يقرر ما يرغبه لنفسه بنفسه دون وصايةٍ أو ولايةٍ من أحد..و هو ما سيُعد مخالفةً صريحة لتراثٍ إسلامي تدور معظم نصوصه المتعلقة بالمرأة حول فكرة نقصان عقلها و دينها كمحور ارتكاز لثباته في وجدان أغلب المسلمين.

و سيخبرك البعض أن قطعة القماش تلك هي رمزٌ ديني مُقدس..لا بأس و لكن فلنمنح النساء حق الاختيار بين الإيمان بذلك الرمز أو الكفر به..و ليكف كل شخص يقوم بتقصير بنطاله عدة سنتيمترات و يطيل لحيته بضعة إنشات عن إخبار المسلمات -أو أولياء أمورهن لو شئنا الدقة- أن تلك القطعة تعادل في قدسيتها قدسية غشاء البكارة الذي يبحث كل شرقي عنه في ليلته الأولى مع أُنثاه ليُعمل فيه تمزيقاً..و لقد كان بإمكان من يدعون إتباعهم للمنهج الإسلامي -المنقرض- في الدعوة و الذي ينص على طرح جميع الخيارات الفكرية أمام الشخص و من ثم منحه حق الاختيار ليتحمل هو دون سواه نتيجة ذك الاختيار أن يكونوا هم السباقين لإعطاء جميع من هم حولهم درساً في ثقتهم باختيارات الأنثى المسلمة و التي ستتمسك حتماً بالنقاب كرمزٍ ديني مُقدس لديها كما هو لدى الذكر كما يزعمون..و لكن يبدو أن مستوى الثقة في إيمان الفتيات المسلمات منخفض لأدنى منسوب لديهم كما هو حال الماء في حوض الأسماك الذي أمامي الآن.

فمنحهم ذلك النوع من الثقة -كما الاحترام- للأنثى المسلمة يحتاج منهم إلى أمر يشبه إلى حدٍ ما قفزة الإيمان..و هو ما يُعد أمراً صعب التحقق في مجتمعات نشأت على قمع الأنثى ليل نهار بحجة بضع كلمات جوفاء يحفظها الجميع مرددين لها دون أن يعوا معناها..و تمرد أي أنثى على تلك الكلمات -الغير مُقدسة تماماً- سيثير جنونهم الأمر الذي سيظهر بوضوح على الأقل بشكلٍ لفظي في أي نقاش يدور حول ذلك الأمر "المفصلي" في تاريخ الأمة الإسلامية..ذلك النقاش الذي جوهره هو أن حدوث ذلك الأمر الجلل -أي منح المرأة حرية عدم ارتداء النقاب- سيعني البداية لانتزاع المرأة لحقها في اختيار ما يناسبها في أي أمر من أمور حياتها و هو الأمر الذي لا يمكن لتلك الكائنات التعايش معه فطرياً.

أصابعك الصداع؟؟..و أنا كذلك..و من المضحك أن كل تلك الزوبعة بدأت مؤخراً فقط لأن أحدهم لاحظ أخيراً أن قطعة القماش تلك أصبحت أداة خطرة في متناول البعض أكثر منها رمزاً لحشمة و حياء الفتاة المسلمة دون غيرها من نساء الأرض اللواتي يفتقدن إلى هاتين الصفتين من وجهة نظر فئةٍ من المسلمين بالطبع..فالنقاب تم استخدامه أكثر من مرة في جرائم سرقة و قتل في الدول الغربية..نعم هي حوادث فردية و لكن بسبب قيمة الفرد كما الممتلكات في تلك الدول تم تحجيم ارتداء النقاب..بينما في دولنا العربية يعتبر النقاب هو الراعي الرسمي لمهرجان التخفي لدى الجماعات الإسلامية المتطرفة و خاصةً القاعدة التي يميل كثير من كوادرها إلى استخدامه إما لتهريب السلاح أو للتسلل إلى مكان ما أو حتى دولةٍ ما دون تفتيشٍ يُذكر!!.

و لكن و بالرغم من أن المسلم هو شخص عاطفي و غير عقلاني على الأغلب و بالرغم من كل هذا الاستبسال من جانبه -و الذي نراه بوضوح في مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام- في ساحة معركة فرض النقاب على نسائه و أيضاً نساء سواه أراهنك أنه سيتوقف عن كل ذلك الاستبسال و فوراً لو ظهر في الغد شيخ ما بسلطةٍ دينية تعلو من هم حوله ليخبره أن النقاب لم يعد يناسب مقتضيات العصر أو المرحلة الحالية..حينها ستجده يقاتل و بكل قوته ليثبت لك صحة حديث شيخه و أن النقاب ليس رمزاً دينياً إسلامياً خالصاً كما كان الجميع يعتقد بل هو من الموروثات الثقافية للديانة اليهودية و التي امتزجت بالإسلام و عزز من وجودها كما ترسيخها التشدد الاجتماعي و لن أفرح قلب بالبعض بالقول "الديني"!!.

أتعلم كنت أتمنى أن أجد من بين جموع المتحدثين بحماسٍ مسعور عن قدسية النقاب من تحدث و لو عرضاً عن مطالبته بقانون يُجرم اغتصاب المحارم و يفرض عقوبات مشددة على مرتكبيه خاصة مع تزامن كُلاً من حادثة اغتصاب وحش لابنته الطفلة و حصوله على حكم متساهل جداً مع حملة الدفاع المقدس عن النقاب تلك..و لكني وجدت أن أغلبهم يرى أن هذا الأمر -أي النقاب- هو أكثر أهمية من أي أمر آخر!!..فهو يعني بداية فقدان الولاية العقلية على النساء -و ربما الجسدية في مرحلةٍ ما- بينما البعض الآخر يجد أن حدوث هذا الأمر -أي عدم ارتداء نسائه للنقاب- كفيل بسحق شرفه أمام الآخرين و هو ما لا يفعله اغتصابهن بالنسبة إليه بالطبع!!.

و النتيجة لهذه المهزلة أن حمام أي طائرة مغادرة من دولةٍ متشددة دينياً إلى دولة غربية أو حتى عربية ذات سقف ديني أكثر مرونة هو من أكثر الأماكن ازدحاماً بالنساء..ليس لقضاء حاجتهن فيه و لكن لنزع قيودهن التي أُجبرن عليها فيه..و لا أعلم لماذا تنزع نساء المسلمين نقابهن في الخارج فلا يفقدن شرفهن بينما سيفقدنه لو نزعنه في بلاد المسلمين!!..و كأني بالأمر اعترافٌ ضمني بأن الرجل المسلم ما هو إلا كائنٌ منفلتٌ جنسياً و لم يتمكن إسلامه من ضبطه أبداً بينما نجح العالم الغربي بقانونه الوضعي من ضبط رجاله و لو"نسبياً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية وتأييد للسيدة زين اليوسف
غـسـان صــابــور ( 2014 / 12 / 17 - 09:21 )
الفولار, الحجاب, النقاب, البوركا, بدع إنسانية اخترعها تجار فتاوى مصابون بالعقم الجنسي والفكري, لجنزرة المرأة, لأنهم نفسيا ولأسباب شخصية ونفسية كانوا يكرهون المرأة وجمالها وتطلعها للمستقبل. خلافا لهم ولرؤياهم المتحجرة العقيمة.
يا سيدتي.. في كل مجتمعات العالم اليوم.. المرأة هي مستقبل الرجل والإنسانية.. وأنت منهن وأقول منهم.
أتمنى لك ديمومة الجرأة والشجاعة والكتابة وصراحة النقد... وكم أتمنى أن تنفتح الجرأة وقوة الصراحة لدى غالب الأنتليجنسيا الإسلامية المرعوبة الصامتة.. حتى نصل إلى الحقيقة الحقية.. بعيدا عن الصمت الباطوني الذي يغلف الجاليات العربية أينما وجدت...
ولك كل مودتي واحترامي وتأييدي... وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا


2 - إلى غسان صبور
زين اليوسف ( 2014 / 12 / 17 - 13:12 )
أولاً شكراً لتعليقك و لمنحك بضع دقائق لتضع هنا ما تمكنت من سلبه منك من كلمات..و ثانياً أتمنى كما تتمنى و لعلي لهذا أكتب لعلي ببضع كلمات أتمكن من تغيير لون جزء و لو صغير من تلك الصورة القاتمة السوداء...


3 - إلى أنيس عموري
زين اليوسف ( 2014 / 12 / 17 - 13:15 )
هناك عبارة تُلح علي لأكتبها منذ رأيت تعليقك لأول مرة في مقال سابق لي و أعلم أنك ستفهم هذه العبارة كما أردت لك أن تفعل لا كما تبدو من ظاهرها و هي أن تعليقك ينافس مقالي و لعله يسقطه فرقاً بي...


4 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 12 / 17 - 14:52 )
دكتوره مسلمه محجبه , سألها الصحافيون مستغربين (أن لباسها لا يعكس مدى علمها) ظناً منهم أن الحجاب رمز تخلف و رجعيه! .
فأجابتهم بكل بساطه و ذكاء قائله :
(إن الإنسان في العصور الأولى كان شبه عاري , و مع تطور فكره عبر الزمن بدأ يرتدي الثياب , و ما أنا عليه اليوم و ما أرتديه هو قمة الفكر و الرقي الذي وصل إليه الإنسان عبر العصور , و ليس تخلفاً .
أما العري , فهو علامة التخلف و الرجوع بفكر الإنسان إلى العصور الأولى , و لو كان العري دليل التقدم ؛ لكانت البهائم أكثر تقدماً!) .


5 - نقاب و دعارة
ماجدة منصور ( 2014 / 12 / 17 - 15:49 )
سيدتي
صديقتي تعمل في إدارة مباحث إحدى الدول الخليجية وهي برتبة رائد.0
قالت لي بالحرف الواحد: إن معظم من نقبض عليهن من نساء يمارسن الدعارة...هن من المنقبات!!!0
وجميع المجرمين اللذين نراهم في الأفلام ..هم يخفون وجوههم بقناع شديد الشبه بالنقاب
احترامي


6 - نقاب
Arnab Awy ( 2014 / 12 / 17 - 17:43 )
النقاب زيًّ وهَّابيٌ ‧-;-‼-;-‧-;-
مُستورد مع فواعلية الجزيرة׃-;-


7 - لا وجود للأزياء الخاصة في الإسلام
Fathy ( 2014 / 12 / 17 - 21:18 )
ahl-alquran.com

لا يوجد في الإسلام نقاب أو حجاب أو أزياء للرجال أو للنساء


8 - من النقاب الى بورنو كشف العورات
عبد الله اغونان ( 2014 / 12 / 17 - 23:35 )

المرأة بين قوسين
وبين المطرقة والسندان
اخجلي ياحرمة تنقبي
أنت امرأة حرة جسدك ملكك
بل دخل التعري وكشف العورات أسلوبا سياسيا حتى الشواذ والسحاقيات يطالبون بالحرية
من قمة التشدد والتنطع الى قمة التفسخ والانحلال
وبينهما يضيع الانسان ذكرا وأنثى


9 - إلى ماجدة منصور
زين اليوسف ( 2014 / 12 / 18 - 00:09 )
أتفق معك لأن من تعمل في هذه المهنة يكون هاجسها الأول هو إظهار التدين و الذي يخالف في جوهره ما تفعله..لهذا يكون النقاب وسيلة لها و لو ظاهرياً لكي يظن من هم حولها أنها أكثر شخص بعيد عن شبهات الرذيلة..تحياتي لتعليقك...


10 - إلى عبد الله خلف
زين اليوسف ( 2014 / 12 / 18 - 00:43 )
رغم أني أسمع هذه القصة منذ أن كنت طفلة و لم أبتلعها تماماً منذ ذلك الوقت إلا أني أريد أن أخبرك أنه رغم ذكاء و عبقرية هذه الدكتورة المسلمة و المحجبة في قصتك ظلت رغم ذلك نكرة و لم يتناقل الناس إسمها بل تناقل الصفات التي يرغب في نعتها بها...

أتمنى أن تذكر لنا إسم هذه الدكتورة حتى تظل عبقريتها العلمية عالقة في أذهان الجميع عندما يبحثون عن منجزاتها العلمية بعد أن عادت بحجابها إلى مجتمعها الذكوري القمعي أو بقيت في بلاد الغرب الذي بالتأكيد قدر قدراتها العلمية فعمل على نشر منجزاتها...

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي