الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-كاترينا- المتنية أو سوريا كما تصورها الشعر(3)

محمد هالي

2014 / 12 / 17
الادب والفن


لكي يفهم القارئ ما أصبو إليه فإن التحليل يشمل هذا الجزء من القصيدة فقط:
"كلب برجل واحدة كان يحرسها
أكلا معاً
ناما معاً
ضحكا معاّ كأعجوبة
نامت في حضنه
نام في حضنها
أقسمت أن تنجب منه رجلا
أحلام كاترينا تموت قبل وضع البيض بقليل
أطلق حراس البلدية النار على حلمها
جرّوه من رجله اليتيمة
رموه جوهرة في كنز على الرصيف
..
لا تصرخ كاترينا
لا تبكي
تتقاسم حصتها من الدمع مع جفاف القلوب
لا تصرخ
تترك للصمت أنشودة كجدار أُطلق عليه الرصاص"
علاقة الكلب بكاترينا، هي قضية أخرى طرحها المتني ليبرز تاريخ وضعية كاترينا التائهة، و المريضة، و الجريحة، استفسرت المتني و أنا في حيرة من أمري، عن قصة الكلب المعاق، فقال: "كلب عادي"، لكن لم ترقني كلمة "عادي"، و بدأت أبحث في هذا اللغز الذي أسقطتني فيه كاترينا ، و إذا كان الكل يعلم أن كاترينا قادرة على حراسة نفسها بنفسها، فلماذا الكلب المعاق هو المكلف بحراسة امرأة قوية ككاترينا ؟ الكلب ليس عاديا كما أراد أن يصوره المتني، قد يكون حيوانا أليفا، و طيعا، لكنه لم يحرس كاترينا كما أراد أن يوهمنا المتني، مادامت أن الحراسة تحتاج إلى قوة، و شهامة، و هذه المزايا لا تتوفر في كلب معاق "برجل واحدة" ، ربما
"أكلا معاً
ناما معاً
ضحكا معاّ كأعجوبة
نامت في حضنه
نام في حضنها"
لكن هذا الحنان الزائد هو من مزايا امرأة عطوفة، فهي التي تحرسه، و تقدم له العون و المساعدة، لكن كيف تقسم ب" أن تنجب منه رجلا"؟ كيف يتحول كلب إلى إنسان؟ بلغة الشعر يمكن، و ذلك بتقاسم الخيال لتلك الصور، فيرى امرأة تنجب من الكلاب بشرا، و من البشر خرفانا، و إذا كان التصور الديني يرى بأن هناك علاقة قوية بين اللاهوت و الناسوت، نتيجة قدرة الله على الخلق، فإن المتني يرى أن هناك علاقة قوية بين الكالوب و الناسوت، نتيجة قوة كاترينا في المزج، فبهذه الخاصية تستطيع أن تنجب البشر، بقدر ما تستطيع أن تنجب الكلاب، فيخرج من الرجل كلبا، و من الكلب رجلا، و هذه هي تداعيات التفاعل الطبيعي في الحياة، من مزايا كاترينا أن الحيوان يشبه الإنسان، و الصراع هنا تؤججه غريزة البقاء، إذن "البقاء للأقوى"، لا فرق بين الكائنات في حالة كاترينا (الطبيعة)، الأم واحدة، و الأبناء مشتتون فوقها، هكذا يفهم التلاقح في القصيدة، كاترينا لا ترى فرقا بين الكائنات، تضحك مع الكلب، تنام في حضنه، تراه تارة حيوانا، و تراه تارة أخرى إنسانا، تلهو مع الكل، تغني لهم برياحها، و تخيفهم ببرقها، و رعدها، الكلاب رجالا، و الرجال أسودا، و الأسود ثعالبا، و الصراع تشعله الكائنات كلها، و بطش البعض على البعض، و ظلم كائن لكائن مقبول بالنسبة إليها، لهذا فهي محروسة بكلب، و هي تحرسه، فهي تستطيع أن ترى الأمر بعين الرأفة، التي انقلبت ضد كاترينا فتضيع الأسطورة عندما " أطلق حراس البلدية النار على حلمها"، فضاعت الولادة القيصرية، و هي أن يخرج رجل عن طريق زواج الكلب بكاترينا" ، أسطورة عجيبة كانت تحلم بها كاترينا لو لم
"(ي)جرّوه(الكلب) من رجله اليتيمة
(ي)رموه جوهرة في كنز على الرصيف"
أشعل البعض الفتنة و أشعل البعض الآخر الرصاص، و عم الغضب الجميع، تاه الكلب، و نجا، و لم يسعفه الوقت للإنجاب، و تحول الى "جوهرة في كنز"، و رغم ذلك:
"لا تصرخ كاترينا
لا تبكي
تتقاسم حصتها من الدمع مع جفاف القلوب
لا تصرخ
تترك للصمت أنشودة كجدار أُطلق عليه الرصاص"
ألم يكن الكلب هنا ما تقيأتهم السفينة " منياّ يشبه ماء البحر" ، أو بالأحرى " رهط من السكارى"؟، و رغم ذلك ف"الكنز على الرصيف" ، مجرد ما تبقى للكلب من بصيص، لمراقبة كاترينا، و حراستها، و لو من بعيد، لكن هذه الحراسة ستتم برجل واحدة، ببصيص من الأمل، في انتظار أن تهدأ كاترينا، و تتقبل صبرها الذي سوف لن ينفد، فهي في حاجة لحراسة من طرف رجل الكلب المتبقية، لا لشيء سوى أنها:
" نامت في حضنه
نام في حضنها"
و أن هذا الحب سوف لن يمل الانتظار، سيواصل الكلب النباح أو الصراخ، أمام قوة الرصاص، و صوت البارود، و أجيج الطائرات، و سترضى كاترينا بحراسته و لو من بعيد، و ستحوله لا محالة إلى قوة جارفة، أمام هجوم الأعداء، و صمت الأصدقاء، و فرجة القنوات نتيجة ما تنقله من لون الدماء، و تبعثر صور الأشلاء، فقط لكونها:
" لا تبكي
تتقاسم حصتها من الدمع مع جفاف القلوب"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه