الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن رشاد أبو شاو وروايته - البكاء علي صدر الحبيب

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2002 / 12 / 20
الادب والفن



      في شهادته التي نشرت في مجلة فصول ( المجلد 11/ العدد 3/ 1992) ، وتحت عنوان " شيء عن تجربتي في مواجهة ظروف   غير ديمقراطية " يقول الكاتب الفلسطيني : رشاد أبو شاور ]أن تكتب عن فلسطين ومأساة شعبها يعني أن تعود إلى الأسباب ، وأن تدرس حياة مجتمع بكامله . أنت لن تحمل مسئولية الكارثة للعامل الخارجي ، فالعامل الذاتي سرع وسهل في حدوث النكبة ، الجهل والتخلف عوامل موجودة في رحم الحياة الاجتماعية ، والروائي الذي لا يعرف ويقرأ جيدا حياة مجتمعه سيكتب أهجيه العدو ليس إلا ، وربما يحمل الظروف أسباب المآسي ، ويتهرب من  سلبيات مجتمعه وتمزقه وخرابه [ويقول في موضع آخر من الشهادة " مادمت من جيل النكبة أقصد نكبة 1948 ، وما دمت من جيل الثورة ، جيل المنافي والرحيل والتشرد ، جيل الفداء والتضحية ، جيل الأحلام والآمال ، فلا بد أنني عشت مواجهات صعبة في سبيل   حرية الإبداع ، ودحض الأوهام والأكاذيب وتحدي الخراب."                                                                     
      والروائي ( رشاد أبو شاور ) صدرت له ثلاث روايات : أيام الحب والموت ( 1972) البكاء علي صدر الحبيب ( 1974) الرب لم يسترح في اليوم السابع   ( 1986) . وهو في رواياته ينطلق من الواقع الفلسطيني معبرا عنه ، متعرضا للظروف الاجتماعية والسياسية التي أثرت علي علاقات الأفراد داخل المجتمع الفلسطيني معبرا عن الثورة الفلسطينية بطريقة جلبت عليه المشاكل داخل فلسطين ، وإزاء التهديدات التي وجهت له بعد صدور روايته الثانية ( البكاء علي صدر الحبيب ) غادر وأسرته بيروت إلى سوريا وأقام في مخيم بير موك .                                                                 
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : ماذا قدم ( رشاد أبو شاور ) في روايته تلك حتى يتعرض لكل هذا ؟؟                                                              
انه يتعرض لموقف القيادة الفلسطينية تجاه القضية ، معبرا عن هذا الموضوع تعبيرا يتميز بالجرأة ، تلك الجرأة التي وجدناها عند الكاتب الفلسطيني  ( غسان كنفاني )  في روايته    " رجال في الشمس " والتي يتعامل فيها مع الواقع العربي بوضوح وجرأة في التصوير ، معبرا عن تلك المشاعر المكبوتة التي يعيشها الفلسطينيون في الأرض المحتلة وخارجها ، فأبطال الرواية يفرون بحثا عن وجودهم في مكان بعيد عن أرضهم ، ولكنهم في النهاية يموتون ضحية لموقف الحكومات العربية منهم .                              
   وتلك وجهة نظر يطرحها ( كنفاني ) كواحد من الكتاب الذين حاولوا التعبير عن القضية الفلسطينية تعبيرا واقعيا ، وليس تعبيرا انفعاليا .               
   - إن غالي المناضل الفلسطيني في رواية ( البكاء علي صدر الحبيب ) يقول " كنتم تصدرون الأوامر من دمشق ودرعا وبيروت ، كانت أجهزة اللاسلكي هي وسيلتكم النضالية ، اللعنة علي الكذابين ص27 والإدانة تشمل قيادة التنظيمات الفدائية نفسها ، فالمقاتل ( أبو خليل ) يتم اعتقاله ، وتتم إهانته بواسطة قيادته رغم أنه شارك في عدد من المعارك الفدائية ، لرفضها لانسياق للأفكار التي أسماها ( الدروشة) والتي تدور داخل المعسكر  و( زياد) يتحدث عن أزمته الحقيقية داخل تنظيمه الثوري ، فيحدد أن هناك تنظيما يلفظ الثوريين الحقيقيين ، وتنظيما آخر يمتص الثوريين الحقيقيين ويحولهم بدورهم إلى سفنجات تمتص غضب غيرها ، يقول :  ( معهم المال ومعهم أيضا السلاح ، ومعهم أيضا الذين يدعمونهم ، كل واحد منهم وله دولة تدعمه ، وتحافظ علي وجوده فوق ، والذين ادعوا أنهم سيغيرون ثبت أنهم أكذب من الذين سبقوهم ، الذين جاءوا متأخرين فلعبوا بالشعارات التغييرية ، ادعوا العلمية ، سكتوا حين وصلوا ، صعدوا ثم استقروا بما فيهم ) ص20
 وهذا هو نفسه ما تحس به ( نهاد) ، استشهد أخوها في حوادث لبنان عام 1969                حيث تحدد أن هناك من يتاجرون باسم تحرير فلسطين ، فهاهو الرجل يعرض عليها السفر إلى بلد أفريقي للقيام بعمل فدائي هناك مقابل مبلغ من المال ، بينما يسكن قصرا ويأكل أصنافا مميزة من الطعام – علي حد تعبيرها- فالكاتب يعبر عن موقفه من هؤلاء الذين يتاجرون بالقضية ، مركزا علي الجوانب السلبية داخل التنظيمات الفدائية ، علي الرغم من إيجابية الفعل الذي يقوم به الفلسطينيون أنفسهم ، فيصبحون ضحية لعدو اغتصب أرضهم ، وقيادة أهدرت ثورتهم . 
  وتعد رواية ( البكاء علي صدر الحبيب ) عملا فنيا علي قدر من الوضوح وثبات الرؤية ، ليس مباشرا في طرح قضيته ، فلم تجيء المعالجة زاعقة كعادة الأعمال التي تتعرض للقضايا حين تطرح موقفا ثوريا محددا ، بل نراها معالجة اعتمدت علي بساطة التوصيل وعمق التناول والتعبير عن المشاعر الإنسانية المختلفة التي تنتاب أبطال الرواية ، وتلك حسنة تضاف إلى رصيد العمل ، حيث إن الفلسطينيين الذين تركوا أرضهم ويعيشون خارجها ، ولا يعودون لتلك الأرض إلا من أجل تنفيذ عمل من الأعمال الثورية ، يموتون وينتحرون ، هؤلاء لهم مشاعرهم الخاصة ، يملكون طموحات للمستقبل ، ويحلمون ببيت وزوج ، يبحثون عن الحب ، يتشوقون للعواطف ، علي الرغم من الحصار الذي يعيشون داخله .                                                  
                
 ( زياد ) بطل الرواية يعيش في مخيم اليرموك ، يكتب المسرح ، يحاول أن يقدم عملا يعبر عن أزمتهم ، يعير عن واقعهم الذي يعيشون فيه ،    فيكتب مسرحية ( سقوط أريحا) فنه يعكس موقفا محددا " إما أن نكون فنانين بجد ، أو أن نكذب ونهر  ج  ونغش انسجاما مع الواقع " يحاول مع زملائه عمل شيء مفيد ونافع .. فجر حبيبته تفقد عذريتها مع حبيبها السابق ، الذي ابتعدت عنه لاكتشافها أن هناك فصلا بين ما يقول وما يفعل ( وزياد شاب حسن الأخلاق ، طيب اللب آدمي يحتاج إلى زوجة  ) ص18                                                         وغالي يعيش تلك الحالة من العدمية يقول : " هربت قرفا من كل شيء ، هربي لأري العالم .. فماذا رأيت ؟؟ زنجي ضائع علي باخرة ، عاهرة من ترينداد تطالبني بثمن اللذة سلفا ، شرطي في مالطة يطارد شخصا بدراجته النارية ثم يضربه بالرصاص حين يحاول الهرب" ص33 . وهو لم يتزوج وله وجهة نظر فيمن يريدها زوجا له ( فتاة تشرب الخمر ، وتدخن وتجلس مع الناس وتذهب إلى السينما ، وتحمل السلاح وتقاتل ولا تكون نعجة ) ص45.. أبوه استشهد قبل أن يفهموا ما هو النضال ، جاع هو وأمه وكان يحلم بالوطن دائما ، وهم يريدون قتله حيا ص49 وهتا ء صديقة ( فجر ) أعطت جسدها للكثيرين ، وتشعر أنها لا تصلح أن تكون زوجة لأحد ، وعندما تحب يموت حبيبها ، وتلحقه شهيدة في عملية انتحارية وتنتهي الرواية بفجر وزياد يواصلين الحلم ،  حلم الحياة ، رغم الموت الجاسم فوق كل شيء.                      
ولنا ملاحظة علي هذا العمل ، وهي أن الكاتب استخدم تكنيكا يعتمد علي عدة محاور : الأول تيار الشعور ، معطيا لانتقالات هذا التيار أرقام مسلسلة .
الثاني : تقديمه الشخصية لتصبح عنوانا للجزء الروائي .                                                             
الثالث: العودة إلى تيار الشعور وبقية الشخوص مع استمرار التسلسل الرقمي ..وأري أن هذا التكنيك يقلل من عمق التناول ، بمعني أنه يؤدي إلى تهلهل التجربة الروائية وهذا ما حدث بالفعل  في أجزاء من الرواية ، واللغة علي الرغم من كونها إيحائية وفنية وذات دلالة إلا أنها في بعض المقاطع جاءت مباشرة ، وكمثال علي ذلك قوله : فيخرج عضوه ، ويأخذ في دهنه بشحمة الماكينات ، ويحركه حتى ينتصب ثم يجأر بوحشية – يا أمريكا يوما ما سأحاسبك ، سأغمد هذا في سفلك أيتها العاهرة ص  31  هامش :
                                                                 
                                           يقول أبو شاور عن روايته : " عندما نشرت روايتي ( البكاء علي صدر الحبيب ) في بيروت ، ما هي إلا أيام حتى بدأت حملة ضدي .. فجريدة " المحرر" اللبنانية نشرت  صورتي وقد غطاها السواد ، واتهمتني بتشويه الثورة ووجهها الجميل ، أما جريدة الصياد فقد أعلنت عن مصادرة الرواية وملاحقة المؤلف ، وفي الأسبوع التالي اتهمتني بالإساءة إلى سمعة عدد من القادة والمسئولين وأسهبت في تأويل الأسماء ومطابقتها مع أسماء حقيقية في مجلة  ( الحرية ) كتب صحفي فلسطيني أنني" أؤسس لمرحلة السولجنتسينية في الأدب الفلسطيني                                                                             
                            








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي