الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زقنموت (رواية) 29

تحسين كرمياني

2014 / 12 / 17
الادب والفن


طوى أوراق(موحان)وأنشغل من جديد بـ صولة يأسه،قام وخرج،عبر الشارع،توجه نحو مكانه الأثير،جلس ينتظر تكرار مشهد الإثم،كانت فكرة مفاجأة أتت في لحظة شبق،لم يعد يمتلك جرأة لإقناع(مها)،أتهمته بفقدان رجولته،صار يستحي منها،صارت خارج وقته،وصلته جملة ليست عابرة عبر لسان أمّه نقلاً عن جارتها،أم(مها)تروم فسخ الزواج،قدّمت أوراق الطلاق إلى المحكمة،بعدما تعرضت إلى هجمات لسان أم(سليم)،ودليلها القاطع،فقدان(ماهر)كرامته.
هاله مشهد الخراب الحاصل،تلك المنازل الطينية طلول تلعب فيها الكلاب السائبة،لابد أنها شملت بقرار الحكومة بإزالة بيوت تلك المنطقة،كونها بيوت تجاوز،أو بالأحرى بيوت يقطنها(أكراد).
(ماهر)رغب أن يتأكد من رجولته،قبل وقوع الطلاق،أراد أن يجلس في تلك الحفرة،يوم جلس هارباً من لقاء ليلي مع(مها)،يوم خرجت المرأة القروية ورفعت ثوبها لتشخ بولها وربما برازها،لقد رأى كامل عريها،لكنه كان نازفاً حرارته مع(مها)،فلم يشعر بحماسة وتمرد شبق.
ها هو يجلس،غير نازفاً ما فيه،جاء ليختبر كرامته.
فرصة مثالية ضاعت لتجريب قدراته،كل شيء فيه مستعر بقوة ورغبة وصهيل،أنتظر دقائق كي يتأكد أن حالته لم تكن عرضية،جلس في الحفرة وراح يفرك عضوه غير الشامخ،مرت دقائق وهو يلهث،ولحظة شرقت روحه بآهات التعب،تراخى شبه ميت،تغمره تعاسة أزلية:
لم أعد أنا إنسان.!(قال لسانه)
زرر بنطاله ولحظة قام،وجد ظلال أشباح تحيط ظلّه،مائتاً ألتفت،وجد ثلاثة كلاب واقفة ترمقه بحيرة.
مد يده وألتقط حجارة،فرت الكلاب مذعورة،كانت تهرب وتتوقف لتلتفت إليه.
خرج من الحفرة.
وصل البيت.

أم(ماهر)فتحت الباب،وجدت ثلاثة شبّان..قال أحدهم:
((أين ماهر.؟))
((من نقول له.؟))
((أمن..))
هرعت وأنهضته،كان فاقداً شعوره،ما زالت الصيحة التي حررها في الحفرة تضج في رأسه،قام ليتحرى،وجد الشبّان داخلين عليه غرفته،صعقت أمّه:
((ماذا تريدون منه.؟))
وجدوا قرب سريره كومة أوراق،لملمها أحدهم ودسها في عبّه.
((ماهر..مدير الأمن أرسلني يطلبك.))تحرك لسان أحدهم.
لم يمتلك كلاماً،تهيأ ورافقهم.
زجّوه في غرفة،وجد فيها أنفار جدد،لحاياهم كثّة،عيونهم غائرة،بدوا غرباء ليسوا من بلدته،تقدم أحدهم يزحف ،كشر عن أنياب مزنجرة.:
((هاهاهاها..سيجارة.))
((ها..لا أدخن.))
صفعه وتراجع إلى رفاقه:
((لا يدخن،هاهاهاها..لا يدخن..هاهاهاها.))
تقدم آخر:
((نقود..!))
((لا أملك نقوداً.))
((هاهاهاها..لا يملك نقوداً..هلاهاهاها.))
صفعه وعاد لرفاقه.
وجد الثالث يبغي الزحف إليه،في وجهه وجد كدمات وجروح قصاص،أشار إليه أن يتوقف.
تكلم:
((هاهاهاها..ماذا تريد..هاهاهاها.))
حذره(ماه):
((سأنادي عليهم.!))
((هاهاهاهاهاها.))انطلقت قهقهة جماعية.
في تلك اللحظة فتح الباب،وجد(ماهر)نفسه مساقاً إلى مدير الأمن.
قال له:
((ما هذه الفوضى في البلدة.؟))
((لا أعرف من يروج هذا الكلام.؟!))
((ما يشاع عنك أتعرف عقابه.؟))
((أنا لم أعد أنا سيدي.))
((يجب الكشف عن الملابسات عند طبيب مختص،خشية أنك تلقيت تهديداً من أطراف ـ مها ـ واتفقتما على هذه اللعبة لنسف قرار القيادة،أم هنّاك من حقنك بطعام مدسوس بعقار.))
((سيدي..هذا ليس صحيحاً.))
((الشباب سيرافقونك حتى المشفى لنختبر رجولتك.))
((لدي تقرير لجنة ـ شرحبيل ـ))
((ربما تقرير مزوّر.))
((دائرة التجنيد أرسلت معتمداً معي وتم تسريحي أسباب صحيّة من الجيش.))
((ضابط التجنيد فر من البلدة،بعدما تم الكشف عن ملابسات تسريح بعض الشباب بداعي أنهم أكراد ومشمولين بقرار تسريحهم من الجيش.))
رافق(ماهر)شابين من رجال الأمن،في المشفى خضع لفحوصات سريرية،تم فحص دمه وسائله وإدراره،بعد ثلاث ساعات أعادوه ومعهم مغلفاً مختوماً.
فتح مدير الأمن الأوراق،قرأ التقرير السرّي المرفق،نظر إلى(ماهر)نظرة رعب..قال:
((أنك بكامل الصحة والعافية.))
((ماذا تعني سيدي.؟))
((أنت تحاول التهرب من قرار القيادة.))
((ليس هذا صحيحاً سيدي.))
((ما يشيع من كلام لم يأتِ من فراغ.))
((حياتي تتأرجح سيدي.))
((تحاليلك تؤكد أنك أفرغت سائلك قبل يوم.))
سكت(ماهر).
((ارتكبت جرماً جسدياً.))
((لكني ميت الحياة.))
((تحليلك يكذبك.))
((لا أفهم ما تقول سيدي.))
((ماهر..أنت ترتكب حماقات خارجية،أتعرف عقوبتها.))
سكت(ماهر).
((وجهك يتلاعب،قل الحقيقة.؟))
((أنا لم أعد أنا،أنا بلا حياة سيدي.))
((أين سكبت قذارتك.؟،قل قبل أن تنال عقاباً صارماً.))
((سيدي..حياتي تسكنني عندما أكون نائماً.))
(( كلام فارغ..))
((تلك هي الحقيقة،مع ـ مها ـ أشعر أنني فارغ المحتوى.))
((كتب الطبيب أن قذارتك جديدة،عمرها أربعة وعشرين ساعة.))
((سيدي..كل صباح أستيقظ على بلل في سروالي.))
((ألم تجرب طريقة ما لاختبار نفسك.))
سكت(ماهر).
((يجب أن تجرب نفسك بطرق شتى كي تختبر رجولتك.))
سكت(ماهر).
((يمكنك أن تستمني.))
سكت(ماهر).
((أم أنك شاذ.؟))
((لم أفهم كلامك سيدي.))
((ما سر تواجدك في الجبال يومياً.؟))
((دائماً أخرج صباحاً من أجل القراءة وكتابة الشعر.))
((وما سر تواجدك عند طلول منازل التجاوزات.؟))
((لا أعرف،ربما هو المكان الملائم والهادئ للقراءة والكتابة.))
رمقه مدير الأمن،وجد(ماهر)في عينيه سؤال صارخ،لم يدم السؤال:
((ماهر..أنت تكذب.))
((لا أجد وازعاً يدعني أن أكذب.))
((سأجعلك تحت المراقبة،أينما تكن حتى في منامك ستجد من يدوّن تفاصيل حياتك.))
سكت(ماهر).
((أنك إنسان تعي الأمور،وتعرف القانون،من يتحايل على القرارات سيشنق أمام الناس.))
((سيدي..لست مسئولاً عمّا يدور على ألسنة الناس،ولن تجدني خارج حسابات المواطنة الصالحة.))
((ليس من أجل هذا طلبت.))
((أخشى أن واحدة أخرى أعلنت حبي لها.))
ضحك مدير الأمن،قام من وراء النضد وتوجه إليه،مسكه من معصمه وقاده،جلسا معا على أريكة.
قال:
((لم تكتب عن مكتسبات الثورة وحكمة القيادة وحربنا المقدسة ضد العدو.))
((ما نزل بي قفل كل شيء في.))
((أن تتفاعل مع الحكومة،ستجد نفسك تتحرر من ربقة الوهم الذي يبطش بذاكرتك.))
((لم أجده وهماً،أنها مشكلة وجودي،أنها حياتي،تراوغني،تارة تسككنني وطوراً تلفظني.))
((لا أفهمك..))
((رجولتي لم تعد تستفيق.))
((ربما هناك عمل خبيث أجري لك.))
((هكذا أسمعوني.))
((يمكنك زيارة السادة.))
((ما زلت أتواصل العلاج.))
((و ـ مها ـ ))
صمت.
((يمكنني سحلها إلى هنا.))
((أرجوك سيدي،كل شيء يحسسني بقرب موتي.))
((لو قامت بما يخل بقرار القيادة،ستتعرض إلى السجن.))
((ما زالت صغيرة،لها الحق أن تتركني في هذه المرحلة على أقل تقدير،ليس بوسع أيّة أنثى أن تجلس لتغدو هدفاً لكلام جارح.))
((حسناً ماهر..أمهلك وقتاً لتصلح الأمور.))
((هذا ما أرجوه.))
((لا تنسى أنتظر منك قصائد تدعم معركتنا.))
((حين تعود حياتي بوسعي الحرب أيضاً.))
قام مدير الأمن،قام(ماهر):
((هيأ لنا قصيدة،بعد أسبوع لدينا حفل بمناسبة عيد ميلاد الحزب.))
خرج(ماهر)مسكوناً بالتنمل،خوف يفتته،ورغبة تدحرجه نحو هاوية الموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المصمم ستيفان رولاند يقدم مجموعته الجديدة المستوحاة من أشهر


.. الممثلة القديرة وفاء طربيه تتحدث عن النسخة السابعة من مهرجان




.. تفاعلكم | الغناء في الأفراح.. حلال على الحوثيين.. حرام على ا


.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب




.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ