الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل زور التاريخ ام لا؟

احمد عبدول

2014 / 12 / 18
الادب والفن


كثيرة هي العبارات التي تتردد على السنة من نلتقيهم ونحاورهم ونجالسهم بشكل يومي تقريبا ,كثيرة هي تلك العبارات التي اضحت وكأنها حقائق لا يرقى اليها الشك بحال من الاحوال, والسبب في ذلك هو كثرة ترديدها واستهلاكها من قبلنا بين الحين والاخر ,دونما اي عملية مراجعة او تمحيص او تثبت ,ولعل اهم وابرز تلك العبارات التي تتردد على السنة الكثير منا بما في ذلك ممن قطع اشواطا بعيدة في الاشتغال في الحقول الفكرية والثقافية هو ترديد العبارة الاتية (ان التاريخ قد تم تزويره )او (التاريخ لا يمكن الوثوق به ) الى اخر تلك العبارات التي تتهم التاريخ وترميه بالتحريف والتزوير وتشويه الحقائق .الا انني ومن وجهة نظري المتواضعة ارى ان التاريخ بمفهومه العام الذي يغطي صفحات عامة الامم والشعوب لم يتم تزويره كما نردد نحن ,نعم قد يقع التزوير في جوانب معينة وزوايا ضيقة تاريخيا ,لكن التاريخ كحوادث ووقائع لا تكون عمليه تزويره بالعملية الهينة او البسيطة .لقد اولع بنو الانسان منذ فجر الخليقة على تدوين كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة عن هذا الحدث او ذاك او هذه الشخصية او غيرها حتى تجذرت تلك الصفة داخل كينونة الفرد والجماعة لذلك صارت عملية التزوير من الصعوبة بمكان .
لا شك ان عملية تقديم او تأخير بعض الجزئيات اثناء مراحل كتابة التاريخ أو اعادة كتابته امر وارد بل هنالك ما يعرض تلك الجزئيات الى النقصان او الزيادة ولربما الى توجيهها في مسارات غير تلك المسارات المرسومة لها مسبقا . لكن التاريخ يبقى بعيدا عن ان يكون مزورا بجملته فالتاريخ كان وما زال حريصا كل الحرص ,على الاحاطة التامة والشاملة بحياة الامم والشعوب والافراد على حد سواء .
ان ما يجعل التاريخ متهما بالتزوير هو امر قد لا نتبه اليه غالبا ,هذا الامر يتمثل بمسألة اختلاف القراءات اتجاه الماضي بمجمل شخوصه ووقائعه ومناسباته .
ان اختلاف القراءة الفردية والجمعية اضافة الى تباين القراءة الدينية والسياسية اتجاه التاريخ وحوادثه هي التي تجعل منه متهما بالتزوير وقلب الحقائق ,التاريخ قد نهض بما يتحمله من مسؤولية فما كان منه الا ان يسجل مختلف المواقف على هذه الشخصية او تلك لكن هذه المواقف تمت قراءتها وفقا للأهواء الشخصية والمصالح الفردية والمعتقدات الجمعية فكان ان اصبح المشهد التاريخي وكانه مشهدا متناقضا يضرب بعضه بعضا ليتم رميه بالتزوير والتدليس .
التاريخ الحديث على سبيل المثال سجل لرئيس وزراء العراق الراحل المرحوم (نوري السعيد ) جملة من مواقفه الانسانية والحزبية والسياسية ,لتتم قراءة تلك المواقف قراءة متضادة من قبل من يتعاطف مع السعيد ومن يعارضه فيكون السعيد في نظر الطرف الاول انسانا وطنيا وسياسيا مثاليا من الطراز الاول بينما يكون السعيد في نظر خصومه ومعارضيه مستبدا وديكتاتوريا وعميلا من الطراز الاول كذلك ..
التاريخ قال كلمته في حاكم مثل (صدام حسين )حينما ثبت مساوئه وحماقاته ودمويته ,لكن هنالك من ارتبط بصدام وحزبه عشائريا ومصلحيا قد قدمه على اساس انه رمز وطني وقائد ضرورة وانه رجل الوحدة والعروبة والاسلام .
مسالة القراءات التي تعتمد مقدار الولاء والطاعة او مقدار البعد والاستياء من هذه الشخصية او تلك هي التي تجزء النظرة الى التاريخ وتجعلها متضادة ومتناقضة ليتم اتهام التاريخ بالتزوير .
قراءة الاحداث والوقائع والشخصيات من قبلنا بشكل مختلف هو ما يتسبب في اتهام التاريخ بالتزوير والا فان التاريخ القديم والمعاصر قد ذكر مختلف المواقف والاتجاهات حتى التي صدرت من قبل الانبياء والرسل حيث سجل لبعضا منهم مواقف شتى فما كان ممن يؤمن برسالاتهم الا ان يرسخ قناعاته بقدسيتهم بينما ترسخ لدى اطراف اخرى قناعات مغايرة عندما نظروا لهؤلاء الانبياء والرسل على انهم اصحاب مشاريع سياسية استيطانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -فيلم يحاكي الأفلام الأجنبية-.. ناقد فني يتحدث عن أهم ما يمي


.. بميزانية حوالي 12 مليون دولار.. الناقد الفني عمرو صحصاح يتحد




.. ما رأيك في فيلم ولاد رزق 3؟.. الجمهور المصري يجيب


.. على ارتفاع 120 متراً.. الفنان المصري تامر حسني يطير في الهوا




.. فيلم -ولاد رزق 3- يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المص