الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل مواجهة عالمية لبوادر تكرار الظاهرة الإستعمارية

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2014 / 12 / 19
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


من أجل مواجهة عالمية لبوادر تكرار الظاهرة الإستعمارية

البروفسور رابح لونيسي
-جامعة وهران-
البريد الإلكتروني:[email protected]


شاع في السنوات الأخيرة في الجزائر الحديث حول تجريم الإستعمار قاده سياسيون، مما جعل الكثير من طبقات الشعب أصبح يتقزز من هذا الخطاب بعد ما تبين له أنه مجرد خطاب للإستهلاك وسجل تجاري يستخدم لأغراض سلطوية بحتة، كما أستخدمت رموز أخرى لذلك، ولم يرافق ذلك أي عمل جدي في هذا المجال، فلم نر أي عمل أكاديمي كبير يفضح جرائم الإستعمار في الجزائر، فلو قارننا ما نشره الجزائريون في العهد الإستعماري واليوم حول جرائم الإستعمار، فقلما نجد مقالات ودراسات في مستوى دراسة مصطفى لشرف في مجلة إيسبري الفرنسية عام1955 التي كان يديرها سارتر، أين فضح بشكل كبير مستنطقا المجرمين الإستعماريين ذاتهم حول هذه الجرائم خاصة في القرن19، كما لم نجد دراسة في مستوى ما كتبه محند شريف الساحلي في كتابه "أني أتهم"، دون أن نتطرق لكتابات عديدة أثناء الثورة وقبلها مثل الوثائق التي نشرتها الحركة من من أجل الإنتصار للحريات الديمقراطية حول هذه الجرائم والتي كانت توزع في بقاع العالم سواء في أوروبا أو المشرق العربي، وبعد إسترجاع الإستقلال لم نجد كتابات جزائرية بمستوى كتابات فرنسية جديدة فاضحة الإستعمار وجذوره الأيدولوجية وأبرزها كتاب الإبادة " لأوليفييى لاغراند ميزونن، كما نتساءل هل أعدنا وترجمنا كتابات جنرالات فرنسا الذين يفتخرون بجرائمهم وهو إعتراف منهم كسانت آرنو وبليسيي وغيرهم.
أن تطرقنا إلى ذلك كله يدخل في إطار إن كان الهدف من المطالبة بتجريم الإستعمارفضح جرائمه، لكن أعتقد أن الهدف الذي يجب توخيه هو إستراتيجي أمني وليس فقط الفضح، ولهذا من الخطأ في نظرنا التركيز على تجريم الإستعمار الفرنسي فقط، بل يجب العمل والتنسيق مع كل البلدان المستعمرة في العالم لإستصدار قانون دولي وإدخاله في ميثاق هيئة الأمم المتحدة يعتبر كل الإستعمارات اليوم وماضيا مهما كان شكله هو جريمة لذاتها، وأن أي تمجيد له هو جريمة أيضا، أي العمل بنفس ماقامت به "إسرائيل" التي تعرض للمساءلة والمحاكمة كل من يفند المحرقة، فما يمنعنا نحت القيام بذلك؟، فيجب عدم الكف بذلك، بل الضغط دوليا لفضح أي إستعمار كعمل إجرامي في المدارس والمؤسسات التعليمية، وقد كانت لتجربة الصين مع المقررات التعليمية في اليابان نموذجا لذلك، ولما العمل على إنشاء مؤسسة دولية هدفها محاربة الذهنية الإستعمارية عالميا وتكون شبيهة باليونسكو التي تسعى للحفاظ على السلم بنشر التعارف بين ثقافات الشعوب .
أننا ندرك صعوبة ذلك، خاصة أننا قد عرفنا كيف رفض الغرب أثناء الحوار شمال –جنوب في السبعيينيات تحمل مسؤوليته الأخلاقية في التخلف الإقتصادي لعالم الجنوب بعد ما فرض الإستعمار تقسيما دوليا للعمل لازال تأثيراته سائدة إلى اليوم.
ولم نطرح هذه المسألة إلا لإدراكنا أنه لو لم نقم بذلك على المستوى الدولي فإن الظاهرة الإستعمارية ستتككرر تحت مسميات وأشكال أخرى كما وقع معنا منذ الإستعمار الروماني إلى الفرنسي، فالعمل يجب أن ينصب على حماية أمننا وأمن الدول الضعيفة من تعرضه لإستعمار مرة أخرى، ومايدفعنا إلى هذا الطرح هو صدور قانون23فيفري 2005 في فرنسا الذي يفرض في مادته الرابعة على تمجيد الإستعمار في المدارس وغيرها من المؤسسات، ولو أن شيراك قد عدلها تحت ضغط الأكاديميين وأساتذة التاريخ الفرنسيين الذين خرجوا في مظاهرات ليس دفاعا عنا نحن المستعمرين، بل دفاعا عن حرياتهم الأكاديمية.
ويعتقد الكثير أن إصدار هذا القانون كان نتاجا لضغط لوبيات الأقدام السوداء وإرضاء لهم لأغراض إنتخابية، خاصة في جنوب فرنسا، هذا مايدل على غياب البعد الإستراتيجي في تفكيرنا ووقوعنا تحت تأثيرات أعدائنا الذين يخططون على المدى البعيد، فقد أخفي عنا أن الهدف الحقيقي آنذاك هو تحضير الطفل الفرنسي لمغامرات إستعمارية في المستقبل، وقد ظهر القانون في ظرف دولي خطير آنذاك ينذر بعودة الإستعمار بأشكال جديدة برزت بوادره في الغزو الأمريكي للعراق وإستعداد بوش لغزو دول أخرى وإحتلالها تحت غطاء الحروب الإستباقية التي وضع أساسها منظرها هننتغتون، ونفذها المحافظون الجدد، ففي هذا الظرف بدأت فرنسا أيضا تفكر في حصتها وغنيمتها من تقسيم إستعماري جديد، وقد صرح شيراك آنذاك بالقول بأنه ليس من العدل إحتكار دول لإستغلال بعض الثروات كالطاقة بحكم أنها هبة إلهية لكل البشر، مما يعني حق فرنسا وغيرها في إستغلال هذه الثروات كأنها ملكية مشاعة لكل البشر.
فلا يجب أن يخفى علينا أن الظاهرة الإستعمارية في القرن19 قد صاحبها خطابا فكريا وفنيا وأدبيا خاصة للأطفال يمجد ما يعتبرونهم أبطالا إستعماريين كبارا، وأعطوا له تبريرا ايديولوجيا بأنها رسالة إنسانية محرضين الشباب الأوروبي إلى القيام بذلك وإعتباره بطولة وخدمة للإنسانية، فهو نفس مارغب قانون 23فيفيري إحيائه من جديد في المدرسة، ولهذا يجب أن ينصب جهدنا حول موضوع تجريم الإستعمار في إطار إستراتيجي شامل لحماية أمننا الأستراتيجي من التعرض لأي إستعمار كان في المستقبل في حالة ظهور ظروف دولية جديدة تسمح للاقوياء القيام بذلكن خاصة أن الأزمات الدورية للرأسمالية عادة ما تدفع دولا غربية لحل مشاكلهم في بلداننا خاصة فرنسا التي تنظر إلينا كمجالها الحيوي، لكن ما نستغربه هو عدم إدراكنا لذلك كله في أعمالنا الفكرية والتاريخية، وإلا فكيف نفسر تمجيد بعضنا للأسف للإستعمار الروماني في الجزائر بالإهتمام بآثارهم وعمرانهم مهملين نسبيا كل مقاومات الجزائريين والمغاربيين لهذا الإستعمار البشع الذي لايختلف عن الإستعمار الفرنسي وإستعمارات أخرى جاءتنا من الغرب ومن الشرق، فإن كنا نمجد هذا، فإنه سيأتي يوما من يمجد منجزات فرنسا في الجزائر، أن تمجيد البعض وتركيز بحوثهم على منجرات الرومان ما هو إلا إستمرارية ة لعمل العنصري الإستعماري برتراند لويس بفكرته "أفريقيا اللاتينيية"،، ويبدو أننا نردد ونواصل نشر الأيديولوجية الإستعمارية بإهمال تاريخنا الممتد على عشرات آلاف السنين، فهل من المعقول ان تنسب كل إنجازات الجزائريين والمغاربيين للغزاة الإستعماريين؟ فهل من المعقول أن لاينجز شعبنا شيئا بالرغم من أن هذه الأرض كانت مهد الإنسانية، ووجد فيها أقدم هيكل عظمي هو إنسان تغنيف الذي يتجاوز عمره نصف مليار سنة؟ أليس هناك إرادة من تيارات أيديولوجية تحطم شعبنا نفسيا في المدارس بطمس تاريخه ومنجزاته الحضارية ونسبها للآخرين، ومنها حتى منجزاته في الحضارة الإسلامية؟،أليس أننا نردد نفس الأيديولوجية الإستعمارية التي روجت لفكرة أن هذه الأرض فارغة فجاءها الرومان والأمويين والتراك، ثم جاءوا هم، ولم يكن هدفهم من ذلك إلا إيجاد شرعية بأنهم جاءوا مثل الآخرين، وأهملوا الجزائريون والمغاريبيون في هذا التاريخ، كما يهمله البعض اليوم، وكأن هذه الأرض هي "دار عمي موح"، وهو نفس طرح الصهيونية التي قالت عن أرض فلسطين أنها "أرض بلا شعب لشعب بدون أرض"، وما انجر عنه محو الشعب الفلسطيني وحضارته وتهويد الأرض، فيجب ان نبرز بأن هذه الشعب الجزائري خاصة والمغاربي عامة عريق وأنجز الحضارات وحارب كل الغزاة بداية بالرومان مرورا بالأمويين وصولا إلى الفرنسيين، فيجب أن ينصب عملنا على الإستراتيجي، وليس التكتيكي والظرفي والإستغلال السياسوي، فالذين أصدروا قانون 23 فيفري لم يكن هدفهم إنتخابي كما يتوهم الكثير منا بل كان إستراتيجي فرنسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف