الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداعرة الشريفة! قصة قصيرة

ديفيد ج. كوج

2014 / 12 / 19
الادب والفن


انها لا تعرف مكانا غير الازقة الضيقة والمظلمة من المدينة , معرفتها لا تتعدي الملاهي الليلية ! ان الحياة بالنسبة لها رحلة كفاح , ولكن ليس من اجلها فقط بل من اجل الاخرين , المستضعفين , المظلومين , الفقراء , المعدمين . نعم لم لا وهي خريجة الجامعة درست علم النفس , وكانت ميالة اكثر الي علم النفس الاجتماعي , وبالرغم من تخصصها هذا الا انها كانت لها مشاعر انسانية حساسة للغاية تتأثر بمجرد رؤيتها لاناس اخرين يتألمون , فهي مثالية في تفكيرها احلامها بجعل العالم مكان جيد للعيش فيها غير ممكنة؛ المساواة بين الناس خاصة الفقراء والاغنياء هدفها ولكن هذا غير ممكن ايضا, كل ما يهمها هو ان لا يجد احدا يعاني؛ مع انها لم تمر او تختبر المعاناة الا انها تعرف ذلك جيدا من خلال خبرتها.
لقد عاشت في اسرة ميسورة الحال فهي كانت بالكاد تحصل علي كل ما تحتاجه من ماديات, ولكنها كانت دائمة الاحتياج الي امور واشياء اخري لم يهتم بها من هم حولها, ولا حتي ابناء جيلها . لقد كانت تتألم كثيرا عندما تري احدا يتالم او يعاني منذ نعومة اظافرها, لقد تربت علي القيم المحافظة التي لا تسمح للفتاة ان تخرج علي كيفها او تعود الي البيت في اي وقت تشاء, ولكن كيف انتهي بها الامر الي ان اصبحت بائعة هوي؟
هذا اللغز ظل يحير الكثير من الناس ليس لانهم يعرفون خلفيتها, وانما لم يفهموا كيف يمكن لفتاة جميلة هكذا ان تعمل كبائعة هوي او كما يقول المتشائمون الداعرة .
فهي بطولها الفارع مع اسنانها الناصعة البياض والعيون السوداء والجسم المتناسق يوجد فيها كل ما يحتاجه الرجل, ومن الممكن ان تدري اموالا لذويها ولكنها اختارت طريق اخر, طريق في نظر الكثيرين غير جيد طريق لا يسلكه الا فاقدي التربية والاخلاق بل وحثالة المجتمع ومع فهي لا تهتم بما يقوله الاخرين. بل وهي مهمكة جدا في عملها هذا .
ما لم يعلمه احد سواها هو انها كانت تنفق كل ما تجنبه من تجارتها هذه في سبيل المحتاجين, في كل مساء تشتري اطعمة وكل ما يمكن ان يحتاجه المساكين التي كانت تدعوهم بالمنكوبين وتذهب اليهم سرا لتوزع كل ذلك عليهم. وتعود ادراجها الي مكان عملها, لم تكن تستمع بممارسة الحب مع كل زبائنها في اشبه بالمحترفة التي تؤدي اي عمل لقد اعتبرت عملها هذا انه مثله مثل اي عمل مكتبي تؤديه دون اي مشاعر, دون الاهتمام بالاخرين فما جعلها تفعل ذلك هو ان تساعد الفقراء الذين لا يهتم بهم احد علي الاطلاق .
لم ترد ان يكشف احد امرها ليس لانها تخاف من ذلك, ولكن كي لا يشعر الذين تساعدهم بالامتنان فهذا اخر ما تحتاجه . ولكن ما لم تنتبه له هو انه كان في صبي صغير يتابعها كل ما تأتي الي اكواخهم المتواضعة, كانت لا تراه كثيرا بملابسه المهترئة وشعره الاشعث المجعد, ولكن الصبي كان يتابعها حتي تصل الي مكان عملها دون علمها. لقد كان الطفل يلف في شوارع المدينة متسولا ولكن منذ ان ظهرت تحسن حالهم بعض الشئ ماديا, ارد الصبي ان يسأل والدته البائسة عن ما جري اي تحسن الوضع المادي! ولكنه لم يستطع لذلك اكتفي بتقفي اثر المحسنة اليهم.
اما هي فلم تتوقف عن عملها الانساني الشريف, بل استمرت في الذهاب الي الازقة واحيانا الي الملاهي والاياب منها, وذات مساء واثناء عودتها من عملها صادفت الصبي واقفا ينظر اليها باستغراب وامتنان معا, وعلي حسب طبيعتها نادته وحاولت ان تشتري له شئ يأكله اعتقادا منها انه جائع وربما بلا اهل ولكن وبكل ادب رفض الصبي.
باغتها بسؤال لم تتوقعه يوما "من اين تاتي بالنقود وبالاشياء التي تاتين بها الينا ولماذا تفعلين ذلك" بدأ عليها انه صبي ولكن سؤاله هذا لا يمكن ان يسأله صبي علي الاقل صبي في مثل سنه, واحست بشئ اخر وهو ان الصبي قد يكون متمردا مثلها يوما ما. قالت له "لا ادري كيف اقول لك ذلك"! ترددت من ان يؤثر ما ستقوله عليه وذلك لانها لم تتخلص بعد من طبيعة تربيتها المحافظة, ولكنها في النهاية قررت ان تخبره لانه يستحق ذلك. " انا يا عزيزي اعمل كداعرة وانا في الحقيقة لا اعتبرها عملا وانما خدمة اؤديها للطرفين؛ الطرف الاول يبحث عن لذة انية اعطيه بمقابل مادي احيانا تكون زهيدا, والطرف الاخر هم المحتاجون الذين اساعدهم بالعائد المادي الذي اتسلمه من الممارسة الجنسية, فانا لا اعتقد ان ذلك لااخلاقي ولست مجبرة لفعل ذلك ولكني اتوقع منك ان تتفهمني انا اخترت هذا الطريق"
ارادت ان تقول له الكثير ولكنها احست بانه لم يستوعب ما قالته له كله, لم يكن الصبي يعلم انه هناك مقولة الغاية تبرر الوسيلة ولو علم لسألها, ولكن بالنسبة لهذه الحسناء فالامر سيان سواء بررت الغاية الوسيلة ام لا فهي لا تهتم كثيرا سوي بالمساعدة . فهي بالفعل داعرة ولكنها شريفة لانها تفعل ذلك دون ان تستفيد من ذلك بشكل مباشر كانها تعمل بمبدأ الواجب, كأن للاخلاق معني اخر معها معني اخر للانسانية وكم سيشعر الكثيرين بالخزي عندما يسمعون بقصتها !
الا ان الصبي وعلي الرغم من انه لم يفهم الكلام كله اكتفي بالقول " انت فعلاً داعرة شريفة"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ