الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايمانويل والرشتاين والنظام العالمي الحديث

محمد خضر خزعلي

2014 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


بالاعتماد على دورات كوندراتييف يرى والرشتاين أن العالم مع نهاية 1999 خرج من فترة الركود الأخيرة التي أصابته منذ عام (71 ، 1967 )، وان الفترة من عام (2000 – 2050) تمثل دورة جديدة أو خامسة لدورات كوندراتييف حيث يتراوح طول الدورة كاملة من ( 50 – 60 سنة) ، وان الفترة من عام ( 2000 – 2025) هي فترة النمو ، وبعدها سيقع النظام العالمي في أزمة تؤدي إلى انهياره ، وفي جانب آخر يرى أن أفول نجم الهيمنة الأمريكية خلق مجال للصراع على الهيمنة .
اذن ما هو تصور والرشتاين للكيفية التي يسير عليها النظام العالمي حتى انهياره ، ثم ما هي الدول المتنافسة على الهيمنة في بداية فترة النمو ؟ وما هي طبيعة فترة النمو العامة ؟ وما هو تصور والرشتاين لنهاية النظام؟
أولا : تصور والرشتاين لفترة النمو (2000 – 2025) :
1-الصراع على الهيمنة:
يرى والرشتاين ان هذه المرحلة ستشهد صراعا جديدا على الهيمنة بين ( اليابان والاتحاد الأوروبي ) لخلافة الولايات المتحدة ، وهو يتوقع نظريا أن اليابان خلال الـ ( 50 – 70 ) سنة القادمة سوف تتحول قوتها البحرية والجوية إلى تحويل القوة المهيمنة السابقة للولايات المتحدة إلى شريك اصغر ، وان تباشر المنافسة مع الاتحاد الأوروبي كقوة أرضية ، وان هذا الصراع سيبلغ ذروته في حرب عالمية لثلاثين سنة تنتهي بالانتصار المحتمل لليابان .
ويرى أن المنافسة سوف تنحصر ضمن هذه القوى الثلاث ( أمريكا ، اليابان ، الاتحاد الأوروبي ) في السنوات العشر الأولى من فترة النمو ( 2000 – 2010 ) وان هذه المنافسة ستكون من اجل أسبقية حاسمة للإمكانات الخاصة مثل القدرة على الإقناع بوسائل القدرة الاقتصادية ، ويرى أن اليابان ستحوز على احتكارات ( H.V.S ) أكثر من الاتحاد الأوروبي ، ولهذا السبب سيتعاقد المقاولون الأمريكيون مع المقاولون اليابانيون من اجل الحصول على حصة من الربح ، ويرى أن سبب هذا التعاقد هو أن الأمريكيين لا يريدون أن يشعروا بأنهم استبعدوا من ميدان المنافسة ، وهو يرى أن اليابان سوف تحصل من هذا التحالف على :
أ- أن الولايات المتحدة إذا أصبحت شريك لليابان فلن تعود منافسا لها .
ب- بما أن الولايات المتحدة هي القوى العسكرية العظمى في العالم فان اليابان ستحتمي بها لفترة من الزمن .
ج-استفادة المؤسسات اليابانية من أفضل قطاع للأبحاث التنموية للاقتصاد في العالم والموجود في أمريكا .
وان هذا التحالف سيدفع الاتحاد الأوروبي إلى عزل مشاكله جانبا والتوجه إلى التوسع نحو بلدان وسط أوروبا الشرقية ، وسيقوم بتشييد صرح اقتصادي متين كحجارة الميغاليت وهي منافسة جيدة للتحالف الياباني – الأمريكي .
أما بالنسبة لبقية دول العالم فإنها ستنسج علاقاتها مع هذا العالم ثنائي القطبية الجديد ، وان الكيفية التي ستتحدد بها العلاقات الدولية بين هذا الثنائي و الأهمية النسبية لباقي دول العالم تتمحور حول ثلاث عوامل:
1- درجة الأهمية بالنسبة لصناعاتها .
2- مدى الطلب على الإنتاج .
3- الدرجة التي ينبغي على هذه البلدان بلوغها من اجل غايات وأهداف استراتيجية.
وهو يرى أن هناك بلدين غير مندمجين كفاية في هاتين الشبكتين الوليدتين ، وهما الصين بالنسبة للتحالف الياباني – الأمريكي ، وروسيا بالنسبة للاتحاد الأوروبي ، ويراهن والرشتاين على أن كلا من هذين البلدين سيندمجان في النهاية ضمن أطار المنظومة الثنائية ، وعليه فان الهيمنة على النظام العالمي غير واردة مدى فترة النمو .
2-الطبيعة العامة لفترة النمو2000-2025:
يبدأ والرشتاين تصوره لمسيرة نصف الدورة الجديدة ( النمو ) خلال الفترة 2000 – 2025 من خلال المقارنة بنفس الفترة التي حدثت في الفترة السابقة ( 1945 – 1973 / 1967 ) وبنا على ذلك فهو يرى :
أ- في الفترة من 2000 – 2025 ستتركز الاستثمارات والتوظيفات المالية في الصين وروسيا غير أن الفائض الذي ستحصل عليه هذه الدول هو اقل من الفائض الذي حصلت عليه أوروبا الغربية واليابان في الفترة السابقة ، وذلك لان الولايات المتحدة هي المنطقة الوحيدة المستثمرة عمليا ، غير انه في الفترة الحديثة هناك ثلاث مراكز للاستثمار .
ب- يشهد العالم حاليا تزايدا في عدد السكان ، والمثير للجدل هنا أن النسبة المئوية للدول الغنية من سكان العالم تتراجع ، وخلق ذلك هوة ديمغرافية بين الشمال والجنوب ربما تتجاوز الهوة الاقتصادية بينها ، وان هذه الهوة في فترة (1945 -1973/1967) كانت اقل اتساعا ، وان هذا سيدفع بشكل واسع خلال الفترة 2000 – 2025 بالهجرة من الجنوب إلى الشمال ، وسينجم عن هذه الهجرة رد فعل سريع من بلدان الشمال يتمثل بفرض قوانين أكثر صرامة للحد من الدخول إليها ومن اجل تحديد الحقوق السياسية والاجتماعية لأولك الذين يتمكنون عمليا من الدخول ، واستنادا إلى ذلك يرى والرشتاين أن نسبة السكان المعرفين اجتماعيا من أصل جنوبي في كل من ( أمريكا ، اليابان ، الاتحاد الأوروبي ) ستبلغ في عام 2025 25 % وحتى 50% في بعض المناطق الفرعية أو داخل المناطق الحضرية الكبرى ، وبما أن الغالبية منهم لم تتمتع بالحقوق السياسية والاجتماعية فقد تنمو روابط قوية بين العاملين بأجور متدنية والمحرومين من الحقوق السياسية .
ج- أن الفئات الوسطى في المركز كانت هي المستفيد الأكبر في فترة(1945 – 1973 / 1967)، ولكن طرأت تغيرات عليها شملت زيادة هائلة في أعدادها وارتفاع مستوى معيشتها ، نتيجة ارتفاع مداخيلها ، وأصبحت الدعامة المركزية لاستقرار المنظومات السياسية ، وبالتالي ففي مرحلة 2000 – 2025 ونتيجة للممارسات التي يستخدمها الرأسماليين والمتعلقة بتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح ، سيهدد الوضع الراهن الذي ستعيشه هذه الفئات ، وان الآثار التي ستلقيها على النظام العالمي من جراء ذلك هي عواقب وخيمة . وهذا يعيدنا إلى أحداث عام 1968 والتنازلات التي قدمتها الحكومات لكبح جماح هذه الحركات المناوئة والتكاليف اللاحقة لهذه التنازلات ، وبالتالي في فترة 2000 – 2025 سيكون من الصعب القيام بمثل هذه التنازلات ، وسيكون النظام العالمي أمام خيارين إما الحد من تراكم رأس المال أو مواجهة الثورات .
د- الضغوط البيئية : حيث القاعدة البيئية للنظام العالمي استمرت على الدوام في التدهور بسبب عدم وجود حكومة عالمية تفرض ضرائب على الرأسماليين لتجديد هذه القاعدة ، وان آخر توسع للاقتصاد العالمي (1945 – 73 / 1967) أجهز على الهوامش الباقية في هذه القاعدة ، وهذا أدى إلى قيام حركات عالمية للدفاع عن البيئة ، وعلية فان التوسع خلال الفترة من 2000 – 2025 سيكون محروم من قاعدته البيئية .
ه- إن توسع النظام العالمي جغرافيا قد شمل العالم كله منذ عام 1900 ، وحدود النظام العالمي غطت حلقات إنتاج المواد الاستهلاكية في قترة النمو الأخيرة ( 1945 – 73 / 1967 ) وأيضا جرى التوسع في اتجاه نزع الصبغة الريفية في العقدين الأخيرين ، ونزعت الصبغة الريفية تماما في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان ، وكذلك قطعت بلدان الجنوب شوطا طويلا في اتجاه نزع الصبغة الريفية ، ومن المحتمل أنها سوف تمضي في نهايتها في سنوات 2000 – 2025 ، وهذا سيؤدي بعملية تراكم رأس المال إلى عنق الزجاجة لان عملية تخفيض كلف الإنتاج ستكون صعبة للغاية وسترتفع تكاليف الإنتاج وينخفض هامش الربح .
و- إن النسبة المئوية للفئات الوسطى ارتفعت بشكل خطير في بلدان الجنوب ، وهذا له انعكاسات خطيرة داخل هذه الدول من ناحية زيادة حجم مطالب هذه الفئات ، وعلاوة على ذلك كانت هذه الفئات خلال فترة النمو السابقة ( 1945-73 /1967 ) مستغرقة في التحرر من الاستعمار ، وهذا ما دفعها في تلك الفترة للصبر قليلا بالنسبة لوضعها الاقتصادي الضعيف على أمل تحسينه بعد الاستقلال ، اما في فترة 2000 – 2025 فان هذه الطبقات ستكون ملتفة ومركزة على أوضاعها الاقتصادية الضعيفة والمتردية .
ز- صعود الدمقرطة وتراجع النزعة الليبرالية ، حيث أن الأساس في ولادة الليبرالية هي حصر وضبط الطبقات الاجتماعية الخطيرة ، أولا في دول المركز التاريخي ثم في داخل منظومة النظام العالمي كله ، وكان الحل الليبرالي هو في منح هذه الطبقات منفذا محدودا إلى السلطة السياسية وفي قسمة محدودة أيضا لفائض القيمة الاقتصادي بنسب لا يمكنها أن تهدد إطلاقا العملية المتواصلة لتراكم رأس المال ولا المنظومة الدولية الضامنة لذلك ، وان تراجع النزعة اللبرالية مع انتشار الديمقراطية التي تناهض السيطرة والتسلط ، والتي تطالب بالمساواة بين الأفراد في التطور السياسي ونظام المكافئات الاقتصادية و الاجتماعية ، يؤدي الى ازدياد خطورة الطبقات الاجتماعية ويصبح النظام العالمي في موقف لا يحسد عليه ، ويرى والرشتاين أن تراجع الليبرالية مقابل انتشار الديمقراطية هو سمة بارزة في بداية طور النمو من كوندراتتيف الجديدة .
ثانيا : السقوط والفوضى وما بعد النظام الرأسمالي العالمي 2025-2050:
السقوط والفوضى :
يرى والرشتاين أن ما سيحدث في البداية هو عجز النظام العالمي عن حل مشكلاته وعجزه عن العودة إلى شكل جديد من التوازن ، ويرى والرشتاين أن حدود هذا العجز تتمحور حول :
• ضعف الدولة من ضبط النظام على مستوى الداخلي وهو يستبعد فكرة تفكك الدولة في مناطق الأطراف ، ويرى أن عجز الدولة عن ضبط نظامها الداخلي سيؤدي الى التوتر في سير عمل المنظومة القائمة بين الدول .
• ضعف الدولة في دول المركز وهو الذي يحمل خطر التهديد الأكثر عنفوانا .
• فقدان الثقة بإمكانية تسوية مؤسساتية ليبرالية ( يرى والرشتاين أن هذا حاصل في الوقت الحالي وسوف يزاد أثناء السقوط ) .
ويستبعد والرشتاين قيام حرب ذرية في ظل جو من الخشية للاقتصاص بالمثل ، ويرى أن الأيديولوجيا سوف تختفي بوصفها المبرر الأخير للنزاعات بين الدول ، وهو لا يستبعد قيام منظمات منافسة للأمم المتحدة نظرا لضعفها حاليا في الحفاظ على السلام ويرى بان دورها لن بتعزز في المستقبل .
ويرى أن فقدان الدول والعلاقات بين الدول لحالة التوازن وانعدام الفاعلية سيدفع الناس إلى الناس إلى البحث عن الحماية في ظل جماعات ( اثنيه – دينية – لغوية .. ) ، وستكون هذه الجماعات كخيارات بديلة عن المواطنة والمشاركة في الدولة ، وبما أنها ( الجماعات ) لم تكن من نتاج الدمقرطة والإحساس بفشل الدول بالإصلاح ونتيجة الخوف المتزايد فقط بل أيضا من نتاج من نتاج وعيها بحقها في المساواة ، فان هذا يجعل منها قوة معبئة ومؤثرة للغاية .
وعلية تبدأ الحروب في الانتشار ( جنوبية-جنوبية ، شمالية – شمالية ، شمالية جنوبية ، نزاعات الأقليات المنضوية تحت لواء الجماعات في الشمال ) .
ما بعد النظام العالمي الرأسمالي :
إن الفوضى التي تصورها والرشتاين لن تدوم ، حيث يتم الاتجاه نحو الخلاص والحل وإيجاد نظام جديد ، وهو يرى أن هناك فئتين سوف تقودان هذا الاتجاه :
أ- فئة الحالمين بترسيخ عملية التدرج الطبقي والامتيازات ، وهي تقود الاتجاه نحو نضام يضمن لها الامتيازات .
ب- قوى الديمقراطية وهي التي ظهرت سابقا كحركات مناوئة للنظام وتاريخها قدر له أن يكون تاريخ انتصارات وتاريخ إخفاقات .
وبالنسبة لما بعد 2050 أو 2070 يرى استحالة استمرار النظام الرأسمالي الحالي وسوف يمتد نسق جديد ما ( بالمفرد أو بالجمع ) من منظومة جديدة ما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو