الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن سلام غير مرغوب به في الجنوب

ديفيد ج. كوج

2014 / 12 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


اندلع حرب ضروس في جنوب السودان في جوبا العاصمة, في الخامس عشر من ديسمبر كانون الاول من عام ثلاثة عشر والفين. لقد وقع خلاف بين الحرس الجمهوري, والي من لا يعرف شيئا عن الجنوب.
يوجد في جنوب السودان - احدث دولة في العالم - قرابة ال64 قبيلة متوزعين في ثلاثة اقاليم وهي اقليم بحر الغزال, عالي النيل والاستوائية. لم يتم الاستفادة جيدا من هذا الاختلاف الذي كان من المفترض ان يمثل لنا مصدر قوة, بالعكس لقد اصبح الامر مصدر شقاق واحتراب بين ابناء الوطن الواحد.
لذا حدث ما حدث في لية الخامس عشر من ديسمبر, وسرعان ما تحول الامر الي حرب قبلية اثنية بغيضة افتك بالوطن والمواطن!
لقد شهد الكثير من الذين كانوا في مدينة جوبا في تلك الفترة حملات انتقامية وتصفية وتطهير عرقي لاثنية معينة. دون رحمة واقبل اقبل الشباب الي القتال بلا هوادة كأنهم يحاربون عدوا غازيا وليس ابناء جلدتهم. دفع الاف الابرياء حيواتهم ثمنا لاخطاء قلة من الناس, وقد ما الاخرين بل قتلوا ليس لانهم شاركوا في المعركة او كما يسميه اعلام الحكومة "المحاولة الانقلابية" قتلوا لانهم ينتمون للاثنية التي ينتمي اليها مدبر الحرب او "المحاولة الانقلابية"
بعد احداث جوبا بايام جري نفس الامر في بانتيو انتقاما لما جري في جوبا, استمر الصراع بعد ان مر بعدة مسميات. استمر الي ان اصبح حربا اهليا وواقعا مريرا نعيش احداثها يوميا.
سقط مدن بور,ملكال وبانتيو علي التوالي واصبح الامر وكان الحكومة ستقط في جوبا قريبا ان كانت مسالة وقت ليس الا. ولكن القوات الاوغندية ظهرت من حيث لا ندري لمسرح الاحداث في البلاد. ويعود ذلك لعقد نظام سلفا كير اتفاقية مع نظام موسفيني الدكتاتور اتفاق سري. وهي ان تساعد القوات الاوغندية قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان لدحر قوات ريك مشار المنشقة عن الجيش الشعبي. وفعلا تم الامر حين ساهم كل هذه القوات في تحرير بور ويقية المدن التي وقعت تحت سيطرة المتمردين.
منا ظهرت قوات اخري شرسة ولا تعرف الرحمة هي مليشيات اكثر من كونها قوات نظامية تسمي بـ"مطيانق انيور" مؤلفة من الشباب الايامي ولهم ولاء قبلي اعمي للنظام. ارتكبت هذه القوات مجازر وجرائم ضد الانسانية في عدة مدن جنوبية اكثرها في اقليم اعاي النيل معقل التمرد. وليس هم وحدهم بل ارتكبت المليشيات القبلية لريك مشار ايضا نفس جرائم قوات مطيانق انيور, وتسمي هذه المليشيات المؤلفة من شباب قبيلة واحدة "جيش مابور" اي الجيش الابيض!
استمر الحرب وما زالت مستمرة حتي الان بالرغم من الضغوطات الدولية "الناعمة" التي لم تستطع ان توقف الحرب في البلاد حتي الان.
واعتقد ان العوامل التي ساهمت عدم تمكن طرفي الصراع للوصول الي سلام حتي الان تعود الي:

1- اعتقاد كل طرف انه يستطيع حسم الطرف الاخر عسكريا "بالقوة"
2- غياب الارادة السياسية لانهاء الحرب
3- دور دولة اوغندا الخفي في استمرار الحرب
4- تورط النظام الحاكم في الخرطوم في الصراع
5- ضعف منظمة الايغاد
6- صراع المصالح بين الدول العظمي

ان تاخر التوصل الي اتفاق سلام دائم حتي الان علي الرغم من مرور عام كامل علي اندلاع الحرب؛ يعود الي افتقاد الطرفين للارادة السياسية واهتمامهم بمصالح المواطن. فهذه الحرب عبارة عن تصفية حسابات شخصية بين الرئيس سلفا كير واعوانه من جهة ونائبه السابق ريك مشار وقومه من جهة اخري. بالاضافةالي الاعتقاد الجازم بل الاعتقاد القاطع لكل طرف علي انه يستطيع كسب الحرب ميدانيا الشئ الذي اثبت استحالته حتي الان. وقس علي ذلك ما تقوم به دولة اوغندا من تحريض نظام كير علي استمرار الحرب للفوائد التي تجنيها القوات والحكومة الاوغندية من الحرب. هنالك شائعات تقول ان الجندي الاوغندي الواحد يتقاضي ثلاثمائة دور في الشهر, ولا ندري كم عدد القوات الاوغندية في الجنوب الان ناهيك عن قادتهم بالاضافة الي نصيب السياسيين من هذا الدعم لحكومة جوبا. لذلك لا يريد موسفيني حلول السلام في الجنوب.
بينما يواصل الخرطوم دعمها - بالرغم من النفي المتكرر- للمتمردين الجنوبيين وذلك ردا لما تفعله حكومة كير, وكانهم يقولون السن بالسن والعين بالعين والبادي اظلم!
اما منظمة الايغاد الضعيفة فهي لا تستطيع فرض ارادتها علي الاطراف المتعاركة لانه ليس لديها اليات لفعل ذلك. وكما يقول المثل من يملك قوته يملك قراره. فالمنظمة لا تستطيع فعل شئ حتي النقود التي تدفع لايجار الفنادق وما اليها من متطلبات لا تتكفل بها بل الاتحاد الاوروبي واضف الي ذلك عدم رغبة اوغندا في حلول السلام في الجنوب. والجزء الاخير يتعلق بعدم رغبة او تماطل المجتمع الدولي والولايات المتحدة في فرض العقوبات اللازمة علي اطراف الصراع. بالاضافة الي تنافس الصين والولايات المتحدة للحصول علي حق استخراج البترول في الجنوب صعب من الامر كثيرا. فالولايات المتحدة ان ليس لديها مصلحة في شئ فهي لا تفعلها لذا فهي ليست جادة في فرض العقوبات او حتي خيار السلام المتحاربة واما لصين فكل ما يهمها هو البترول بغض النظر عن ما يجري.
ان البحث عن سلام غير مرغوب به في الجنوب يقع علي عاتقنا نحن الشعبي الجنوبي وليس علي اي نظام او منظمة ايا كانت قوتها, يجب ان نمتلك الارادة اللازمة, والقدرة لجلب السلام وانهاء الحرب بكل السبل الممكنة. فالسلام ليس خيار وانما ضرورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية