الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غمامة الإبداع

سوسن أحمد سليم

2014 / 12 / 21
الادب والفن


أقصوصة ..
سيكونُ طفلها المدلل رغم العبث !
أن تقبلَ بالإعاقةِ وتقدسَ حاملها ، لهوَّ دلالةٌ صارخةٌ على مقامها وحاملها في وجدانكَ ، وإشارةٌ لحجمِ مااقتطعت من روحكَ ، وهائلِ شغفك برؤيةِ صورتها ، حتى ولو لم تكتمل المعاني الظاهرةَ منها فيما أردتَ ورغبتَ من إيجادها بشكلٍ ، رغمَ سكنهِ فيكَ ، غيرَ أن استعجالاً اقتضاهُ أمرُ ألحَّ عليكَ ، لم يدع شهورَ الحملِ تكتملُ ، ليكتملَ باكتمالها مولودكَ المنتظر ، وفي المخاضِ الصناعي خطرٌ محتمل على الوالدةِ والمولود على حدٍّ سواءَ ، وللوالدةِ النصيبُ الأكبر في احتمالها ، للولادةِ المبكرة ، والمخاضِ الصناعي ، واحتمالاتِ الإعاقةِ أو النقصِ في بنيةِ مولودِ الروحِ قبلً الرحمِ ، وتبعاتِ هذا النقصِ في القادمِ من الحياة .
تعبٌ ستحملهُ راغمةً حتى لو كانت راضيةً بما أشكلَ على الفهمِ من القضاءِ والقدر ، الذي يكونُ لنا فيهِ المشيئةَ المبتدأةِ برغبةٍ في استمرارٍ للحياةِ منا بشكلٍ آخر .
هي امرأةٌ مولعةٌ بتربيةِ الأطفالِ وبارعةٌ فيها ، العنايةُ بهم حتى أدقِّ تفاصيلهم أكثرُ ماأجادتهُ من همومِ الحياةِ منذ أضحت أماً لأولهم ، بل منذ كانت تلاعبُ دميتها .
لم تنتبه أنها بلغت مشارف الأربعين حين قيلَ لها : أمٌّ كأنتِ ، قدمت للحياةِ هذهِ الزهراتُ اليانعاتُ ، عليها أن لاتتوقفَ عن الإنجابِ ، أطفالٌ فارقتِ الترفَ منذُ وعيها ، وخطت على محملِ الجدِّ حتى في الهزلِ ، ثروةٌ تضيفُ وتتقنُ البناءَ بشكلٍ يليقُ بمعنى الوجود ، بل يبلورُ المعنى الحقيقي لهُ، حيثُ الفهمُ والعلمُ والهمةُ والصبرُ ، في كلٍّ منهم كتابٌ يقتضبُ المعاني فيهِ ، ويطلقها بفعلٍ يترجمُ ، كم اعتنت هذهِ الأمُّ ، وكم كانَ الثمرُ يانعاً ، يحملُ كل الخصائصِ المفترضةِ في إنسانٍ خُلِقَ ليعمرَ هذهِ الأرضَ ، ويكونَ خليفةً للإلهِ عليها ، يحققُّ مشيئتهُ في الخلقِ ، نشر الحب .
بعضُ الرغباتِ تستعصي على الفهمِ ، وتسقطُ من الإدراكِ في الجلبة ، ربما هي إرادتها في أن تعطي أكثر ، فهي ليست من النوعِ الغرور ، وماظهرَ منها يوماً إلا غيرةً إيجابيةٍ همها البناء ، رغمَ كل العبثِ الذي ربما بات يجدُ العذرَ لمهتمٍّ يبدو أنه يحفرُ في الصخرِ ، فيما لو توقفَ عن الحفرِ ،لما يطولُ أمدُ التطويعِ في هزلٍ باتَ مظهراً عاماً ، حتى كادَ أن يلبسَ في الأذهانِ الصورةَ الحقيقيةَ للحياة والمرادِ منها وفيها ، في استمراءٍ لها ، ربما فرضتهُ فسوتها على الأغلبيةِ ، لكن الصدقَ يفرضُ على من وعى أن يعيدَ لها ثوبها الحقيقي ، وهذا كانَ دأبها . وهذا ماجعلَ من حولها من قريناتها يستعجلنها في مولودٍ جديد قبلَ أن تبلغَ سنَّ انقطاعِ الحيضِ ، في قصدٍ منهنَّ أظهرنَ منهُ كسبَ المؤسسة الإنسانية لفردٍ فاعلٍ جديد ، ومالم يظهرَنَّهُ، أنَّ في انشغالها بهِ ، طيٌّ لوجودها الفاعلِ حينَ تدورُ رحى المقارنةِ بينها وبينهنَّ .
هي رغبتها على حال ، رغبةٌ مستعصيةٌ على الفهمِ أسقطت الإدراكَ منها في هذهِ الجلبة ، فحملت دونَ اسشارةِ طبيب .
اليومَ .. قالَ لها الطبيب : طفلكِ سيكونُ معاقاً ، وحملكِ ضعيفاً ، ولكِ القرارُ في أن تسقطيهِ ، أو تتركيهِ لقدرٍ ليسَ لكِ منهُ نجاة في احتمالِ مغبة القرار ..
هو طفلُ روحي على كل حال ، القرارُ صعبٌ ، وربما في الاستشارة ، إستنارة .
قالت لها صديقتها المقربةُ : أسقطيهِ ولكِ أن تحاولي مرةً أخرى إن شئتِ مع متابعةٍ طبيةٍ وعنايةٍ منذ البدءِ ، الطبُّ اليومَ قادرٌ إلى حدٍّ كبيرٍ على معالجةِ الألم بطرقِ الوقايةِ قبلَ أن يكون . وأنتِ مازلتِ قادرةً ، أسقطيهِ ولاتبتئسي ، ولاتترددي في القرار .
الباقياتُ قلنَ لها : أكملي حملكِ ، وإن تعرضتِ لولادةٍ مبكرة ، فالحواضنٌ موجودة ، ولن يكونَ هو الطفلُ الوحيدٌ المعاقَ في هذا الكون ، مثلهُ كثر ، قتلُ النفسِ حرام ، ثم إن كمالَ إخوتهِ سيغطي على إعاقتهِ ولن تشعري بها ، ومن يحبكِ لن يفرقَ بينهُ وبينَ إخوتهِ في الدلال ، هو وجودٌ صعبٌ حاضر سيحملهُ الماضي السهل المشرق .
هي الآن في غرفة المخاضِ ، وربما ولدت بجراحةٍ قيسرية ، رغمَ ألمها ، ضائعةٌ في أمنية لم تفصح عنها ، مابين أن تحصلَ معجزةً ويولدُ الطفلُ معافاً لا معاقاً ، يسيرُ على مدارجِ إخوتهِ ، أو أن .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضبط الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في الشيخ


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 20 مايو 2024




.. عوام في بحر الكلام -الأغاني المظلومة في مسيرة الشاعر إسماعيل


.. عوام في بحر الكلام - قصة حياة الشاعر الكبير إسماعيل الحبروك




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: الأسطورة الخالدة الأغ