الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار أممي جائر بحق اللاجئين السوريين في الخارج

إيمان أحمد ونوس

2014 / 12 / 21
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة





دون أية مشاعر إنسانية، ودون أيّ إحساس بالمسؤولية الإنسانية والدولية تجاه ما يُقارب ثلاثة ملايين لاجئ سوري في دول الجوار أوقف برنامج الغذاء العالمي تقديم المساعدات الغذائية لأكثر من مليون و700 ألف لاجئ سوري يعيشون في الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر بسبب نقص الأموال.
هذا ما ذكرته وكالة رويترز بتاريخ 1/12/2014 نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه في المنظمة. وتشير الوكالة إلى أن البرنامج الغذائي المذكور يحتاج إلى 64 مليون دولار لمواصلة المساعدة للاجئين السوريين حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول.
وحذّرت المنظمة الدولية من أن الكثير من النازحين سيعانون من الجوع خلال فصل الشتاء إذا لم يتسنَ لهم الحصول على مساعدات غذائية.
هكذا تُرك اللاجئون لمصيرهم المجهول يصارعون شتاءً وجوعاً قاتلين سيكون لهما انعكاسات خطيرة وكارثية على مختلف الصعُد الاجتماعية والصحية والأخلاقية التي لم تعد تحتمل المزيد من الكوارث على اعتبار أن ما عايشه أولئك اللاجئون منذ بدء الأزمة وحتى اليوم لم يكن بالقليل وكأنه لا ينقصهم سوى اتخاذ مثل هذا القرار.
وبهذا سقطت آخر الأوراق التي تستر عورات المجتمع الدولي الذي يتغنى بمبادئ الديمقراطية والعدالة والمساواة، والذي ما زال يُماطل ويُرواغ في نطاق تعاطيه مع المسألة السورية بكافة جوانبها الإنسانية والسياسية والعسكرية، من أجل تنفيذ مخططاته المشبوهة في المنطقة.
إن اللجوء إلى مثل هذا الإجراء من قبل المنظمة الدولية للأغذية يحمل في طياته الكثير من الفواجع على المستوى الإنساني- الاجتماعي، إذ ستزداد نسبة الجريمة بين أولئك اللاجئين على اعتبار أن صراع الإنسان من أجل بقائه والحصول على قوت يومه هو من أشدّ وأعنف الصراعات التي يعيشها على وجه الأرض، مما قد يقوده إلى ارتكاب أفظع وأشنع الجرائم من أجل ذلك. ولعلّ ازدياد حدّة الضغوط النفسية والمادية لأولئك اللاجئين ستدفع بالجهات والمنظمات المتطرفة والإرهابية إلى استغلال هذا الوضع، ومحاولة تجنيد العديد منهم في صفوفها من أجل القتال في سوريا وغيرها، وهذا من أشدّ المخاطر الناجمة عن مثل هكذا قرار دولي، في الوقت الذي يدّعي المجتمع الدولي محاربة للإرهاب والتطرف، بينما نراه وخلف الستار وعبر مختلف الإجراءات المماثلة يُسهل السبل لتلك التيارات المتطرفة والإرهابية التي تعيث قتلاً وفساداً أينما وُجِدَتْ.
إن الجوع والبرد الذي يتعرض له اللاجئون السوريون في المخيمات أدى وسيؤدي إلى انتشار الأمراض بكافة أنواعها ومسمياتها والتي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى موت الأطفال تحديداً، وهذا ما قضت بسببه طفلة سورية في لبنان، وربما هناك غيرها في أماكن لجوء أخرى. ناهيك عن زيادة وارتفاع وتيرة عمالة الأطفال التي باتت وصمة عار في جبين الإنسانية، إضافة إلى ارتفاع أعداد المشردين الذين لا يملكون مأوىً يلوذون به، ولا طعام يقيهم ذُلَّ السؤال، وكذلك ازدياد نسب زواج القاصرات تحت مسميات مختلفة، مما سيُفضي ربما إلى ارتفاع نسب الطلاق ووجود أطفال مكتومي القيد أو مجهولي النسب وهذا بحدِّ ذاته من أفظع وأصعب الأزمات والمشاكل التي تتعرض لها المجتمعات بما ينتج عنها من مآس متعددة على المدى البعيد، مما يجعلها بحاجة إلى جهد وزمن وتمويل ليس بالقليل من أجل التصدي لمخاطرها المستقبلية. هذا عدا عن ارتفاع نسبة الدعارة التي تقتل لدى المرأة أيّ إحساس بأنوثتها وإنسانيتها، بحكم ما اضطرها لسلوك هذا الطريق وهو تأمين لقمة عيشها وأطفالها في ظل كل ما تتعرض له من جوع وتشرد وقهر.
لقد حذّر برنامج الغذاء العالمي الشهر الماضي من أنه قد يلجأ إلى اتخاذ هذا الإجراء، موضحاً أنه ربما يضطر في يناير/كانون الثاني لإعلان تعليق مماثل للمساعدات التي تقدّم للسوريين داخل الأراضي السورية. وقالت إرثارين كازين المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي: إن تعليق المساعدات "أمر كارثي بالنسبة للاجئين"، وأعربت عن مخاوفها من أن يؤدي هذا التطور إلى "زيادة التوتر وعدم الاستقرار في الدول الخمس الرئيسية التي نزح إليها اللاجئون السوريون".
انطلاقاً من هذا كله، لابدّ من القول أنه على جميع أولئك اللاجئين في الخارج، لاسيما الذين يحتاجون إلى مثل هذه المساعدات التي تبقيهم على قيد الحياة، عليهم التفكير جديّاً بالعودة إلى بلدهم مهما كانت الظروف المعيشية فيها ضيّقة وقاسية، لأن الوطن يبقى أرحم من المتاجرات الدولية بظروفهم ومآسيهم، لاسيما أن الحكومة السورية قد قدّمت التسهيلات الكافية لعودتهم إلى سورية، وهذا ما حصل في الفترة الماضية، حيث عاد الكثيرون منهم عن طريق الأردن.
وكانت اثنتان من المنظمات الإغاثية الدولية قد صرحتا بأن "العالم فشل كليا" في التوحد لدعم الشعب السوري في أزمته.
غير أنني أرى أن العالم لم يفشل، لكنه لا يريد لهذه الأزمة أن تنتهي ما دامت مخططاته وأطماعه ومكاسبه بحاجة لاستمرارها ولو لعقود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟