الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الانتحار أنانيّة، أم أنّ الأنانيّة في لوم المنتحر؟

أشمون رعد

2014 / 12 / 21
حقوق الانسان


كثرت نسبة الانتحار في العالم، ولعلّ كل منّا يعرف شخصاً واحداً أقدم على الانتحار، أو على الأقل محاولة الانتحار. ولطالما سمعت الناس يلومون المنتحر ويصفونه بالأنانيّة: ’’كم هي أنانيّة لتترك أولادها يكبرون من دون أم‘‘ أو ’’هكذا يردّ جميل والديه بعد أن تعبوا بتربيته!‘‘ وغيرها الكثير من جمل اللوم والعتاب التي تطال الميت.... ولكن هل فكّر العذّال بمعاناة المنتحر التي جعلته يقدم على قتل نفسه؟ هل شعروا بآلامه؟
إنّ ما لا يعرفه الناس أنّ الأمراض النفسية قد تكون أكثر ألماً من الأمراض الجسدية. كم قليل سمعنا عن إنسان ينتحر بسبب ألم جسدي! وكم كثير سمعنا عن حالات انتحار بسبب الأمراض النفسية! لو كان الألم الجسدي أصعب من الألم النفسي لكانت حالات الانتحار بسببه لتكون أكثر منه بسبب الأمراض النفسية.
إن الطب الحديث أوجد المسكنات للآلام الجسدية، ولو لم تكن باستطاعة هذه المسكنات أن تعالج العلّة ذاتها. ولكنّ الأمراض النفسية مازالت مستعصية على الطب. ينبّه الأطباء النفسيون أنّ أدوية معالجة الاكتئاب قد تؤدي للاكتئاب إن لم تتناسب مع حالة المريض! وكم من مريض يقدم على الانتحار وهو يتناول أدويته!

هل الانتحار أنانيّة؟ أم أنّ الأنانيّة في لوم المنتحر؟
الانتحار أنانيّة طبعاً، فالمنتحر لم يفكّر إلا في سبيل لإراحة نفسه من الألم، لم يفكّر إلا في أناه (نفسه). ولكن ألا يحق له أن ينهي حياته وهو الذي لم يخترها في الأصل؟ أنحن فعلاً مجبورون على الحياة؟ إن كنّا مجبورين على أن نأتي إلى الحياة وعلى أن نبصر النور، ألا يحق لنا أن نقرر الرحيل متى نرغب؟ ألا يحق لنا أن نقرر العودة إلى ظلام الفناء؟
الانتحار أنانية طبعاً، ولكنّها أنانية أكبر أن نلوم المنتحر! المنتحر إنسان يمر بألم نفسي عظيم، ألم لم يستطع أن يتحمّله على الرغم من محاولاته الطويلة. المنتحر إنسان قرّر مصير حياته... طبعاً هنالك من يتأثر بقراره من أفراد عائلته وغيرهم. ولكن أليست هي أنانيّة أن تجبره على الحياة وهو يعيش بألم عظيم!؟
طبعاً لا أشجع هنا على الانتحار، ولا أقول أنّه أمر عادي أن يقتل إنسان نفسه... وطبعاً على الإنسان أن يلجأ للطب وللعلاج إذا ما شعر أنّه يتحوّل إلى إنسان كئيب، وإذاما راودته أفكار انتحارية... ولكنّني هنا أحاول أن أعرض فكرة ألا وهي أن التوقّع من المريض النفسي أن لا يقدم على الانتحار وأن يعيش في ألمه كي لا يفقده الناس حوله، هو عين الأنانيّة، بل هو أنانيّة أعظم من أنانيته حين أقدم على قتل نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟


.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا




.. اعتقال حاخامات وناشطين في احتجاجات على حدود غزة


.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل




.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة