الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن عزيز

رستم أوسي

2014 / 12 / 21
الادب والفن


انتهت الاستراحة القصيرة و أزّت الكراسي المشغولة محتكة ببلاط القاعة لاستكمال ما تبقى من حصة تعليم اللغة الألمانية للمقيمين الأجانب. الضجيج الذي يفتعله حتى الراشدون على مقاعد الدراسة تصدّع بغتةً على وقع قهقهة الشاب اليوناني ، القادم بحثاً عن فرصة عمل. كان يضحك بفظاظة و يكرر مستفزاً زميلته الزنجية الكوبية ((دولتكم إرهابية. دولتكم إرهابية.)). انقبضت ملامح الزميلة -المتزوجة من ألماني- و هي ترد ((أنت الإرهابي.)). تدخل الجار الروسي الخمسيني مدافعاً ((كوبا دولة شيوعية. ليست إرهابية.))
((بلى هي كذلك. الولايات المتحدة قالت هذا.))
و ما لبث أن نهض الطالب الإيراني من وراء طاولته المنزوية مدلياً هو الآخر ، جاهداً عبر ألمانيته الضحلة ، بدلوه ((الولايات المتحدة تعتبر إيران أيضاً دولة عدوانية ، و تقول إنّ حزب الله حزب إرهابي. لكنني لا أراهما كذلك.)) انقشع الضحك و تطبّع الحديث بالجدية ، فجذبت الأنظارَ سبابته المرتجفة الغاضبة ، حينما قال ((الولايات المتحدة هي الإرهابية. و إذا اشتعلت الحرب بينها و بين إيران فسوف أعود فوراً إلى الوطن و أقاتل.))
((الولايات المتحدة تحشر أنفها في شؤون الجميع.)) أضاف الروسي الذي يكسو وجهه النمش.
((و روسيا لا تحشر أنفها في شؤون الجميع!)) قالت الألبانية الشقراء بصوت ممطوط متهكم يتملكه الحنق ، و هي تحملق إلى الكهل. قبل أن تشير إلى إحدى ساقيها مستأنفة الكلام ((أثناء الحرب على كوسوفو أصبت برصاصة هنا ، و الأمريكان هم من أسعفني. و إن كنت الآن بينكم هنا في ألمانيا ، فذلك بفضل الولايات المتحدة.)). أشاح الروسي بوجهه عابساً ، في حين التقط السوريون و العراقي أقلامهم الرصاص بجباه مقطبة ، مديمين النظر ، بإمعان مصطنع ، إلى كتبهم.
صمت مشحون خيّم على الصف. لكن المدرّس الألماني لم يستأنف الدرس ، إنما ظل يتابع المشهد من وراء طاولته ، بابتسامة ماكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق


.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس




.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم