الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفر أخير في الهذيان

صبري هاشم

2014 / 12 / 22
الادب والفن



قُلتُ لليلِ الذي جاء مُتَلَبِساً بالآثامِ
لا تبرحْ رائحةَ الوسادةِ
فهي أدمنتْ رأساً مُثقلاً بأفكارٍ هوجاء
أو أفكارٍ سودٍ
كما يحلو لمُتفائلٍ أنْ يُدبّجَ مُحاضرةً مِن بَطَرٍ
ولا أُريدُ للصبحِ أنْ يأتيَ فيفضحَها
صحتُ بالليلِ
أيُّها الليلُ يا لَيْل
يا وطنَ المَجانين والمُشَرَدين والسُكارى
لا ترحلْ قبلَ أنْ تتفتقَ أزاهيرُكَ على أَسيجةِ العراءِ
في زمنِ الحَيارى
وقبلَ أنْ ترتويَ بماءِ الوهمِ نفسٌ
أو تطفحَ بالسُّهدِ جفنٌ
يا لَيْل يا باعثَ الجنون
يا خيمةَ الأحزانِ
يا مُشرعَ أبوابَ الخيالِ نحو آفاقٍ مُضطربةٍ
قُلتُ لهذا الغارقِ في بحرِ الأضواءِ الحُمرِ المُشاكسةِ القادمةِ
مِن بريقِ كوكبٍ تحرّشَ بأجسادِ فاتناتِ السّماءِ ونشرَ عهرَهُ :
لا ترتحلْ خلسةً مِن تحتِ أكفِّ النّجمِ المُزيّنةِ بالمصابيح ،
أو مِن خللِ الأصابعِ المُخضّبةِ بأنفاسِ زهرِ الخشخاشِ
أيُّها المُستباحُ تحت وِطأةِ أقدامِ الغزاةِ
أيُّها الخائنُ الجليلُ ، الجَميلُ
أُناديكَ أنا المُنفعل بثيابِ المَجنون
أنْ تتوقّفَ على حافّةِ المَهزلةِ التي إليها تأخذُنا دوماً ،
دونَ أنْ تستشيرَنا في رأيٍّ مهما كان ضئيلاً ،
وكُنّا إليها نَصير
***
قُلتُ لليلِ :
احملْ لقيطكَ الأخيرَ في صندوقٍ مِن نَسِيم
وامضِ به صوبَ الرعدِ
هنالك ستجدُ رئةَ المُلتاعِ للقاء
هنالك ......................
هنالك ستلتحمُ الأجسادُ في عناقٍ طويل
قُلتُ لليلِ الذي أَلَفَني
لن أنزعَ مِنِ الذّاكرةِ صورةً جَلَتْها الأعوامُ
***
" ... هذه أقوامٌ استمرأتْ وأدَ الحكمةِ وآثرت الفتنةَ ..."
" ... أُحذّرْكَ إذاً مِن صيحةِ المطعونِ ... "
" ... فلا تدخلْ دائرةَ الصيحة ... "
***
خُذْني في سفرٍ طويل
هأنذا سئمتُ احترابَ الأسئلةِ
في كلِّ الليالي
وعويلَ الرّياحِ ، حينَ يُزهرُ في النَّفسِ ، خوفاً
وحينَ تختلطُ علينا الأوقاتُ
فلم نَعُد نُميّزُ بينَ ساعةٍ تدَقُّ
وبينَ ساعةٍ تُرْدي الصَّمتَ قتيلاً
فَيَتَبرعَمُ القتلُ في صَدْرِ القَتيل
خُذْني نحو لُجّةٍ لا رجاءَ في عودةٍ مِنها
نحو قطيعٍ للوعولِ
يُحاصرُني بين جدرانٍ عاليةٍ للفراغِ
خُذْني إنْ شئتَ
فأنا لا أَملكُ رغبةً في البقاء
ولا حُلُماً في اشتهاء
***
"... هذه أرضٌ أنجبتْ أبناءَها على عُجالةٍ مِن أمرِها وباشرتْ الفطامَ ..."
" ... فلا تُحمّلوها وزرَ خطاياهم ... "
" ... هذهِ أرضٌ كادت أنْ تُجهضَ لولا عنايةُ السّماءِ فلا تُحمّلوها عاهةَ مولودٍ ..."
***
قلتُ لليلِ الذي لم يَعُدْ ليلي :
أيُّها الليلُ يالَيْل
أُريدُكَ بكلِّ الزّهوِ الذي أملكُ أنْ تُنادمَني
بكلِّ الخُيلاء
قلتُ لليلِ الذي جاء مُتَلَبِساً بالأحلام :
إيّاك أنْ تُغادرَني على مَركَبةٍ مِن ظَلام


22 ـ 12 ـ 2014 برلين


***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??