الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس تستعيد مكانتها بين الكبار

محمد الحمّار

2014 / 12 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


قد يكون سايكس وبيكو-اللذين سطّرا الخارطة الكولونيالية ورسَمَا الحدود القُطرية للوطن العربي- تقلّبا في قبرَيهما حين تأكد العالم من نجاح التحول السياسي الديمقراطي في تونس في آخر مرحلة مؤقتة له وذلك بإعلان الباجي قايد السبسي -في 22 ديسمبر الجاري- رئيسا للجمهورية الثانية خلفا للمؤقت المنصف المرزوقي. تقلّبَا لأنّ تقسيمهما للوطن العربي في سنة 1916 لم يحصل بدافع الرغبة في توجيه الشعب العربي نحو التعايش التعددي وإنما بدافع حرص موكّلَيهما بريطانيا وفرنسا على توجيهه نحو التجزّؤ والتشرذم والذوبان.

أما ما يؤكد التوجه الفاسد، البَعدي للحرب العالمية الأولى، فهو بروز العديد من النعرات العنصرية الأوروأمريكية التي تحث على تفتيت الجغرافيا العربية وتشتيت سكان الوطن العربي وتدجين هويتهم. و من بين رموز هذا الصنف المتعفن من العنصرية الذين نزلوا بكل ثقلهم على الوجدان والعقل العربيّين ونشطوا خلال العشريات الماضية لإذكاء روح الفتنة بين الأشقاء أذكر الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي والصهيوني البريطاني برنارد لويس والصهيوني الأمريكي ماك كاين.

للكلونياليَين الاثنين المطبّقين لبرنامج التقسيم التاريخي، ولأمثالهما، ولممثليها الأحياء وورثة التَّرِكة المسمومة، يقول التونسيون: "هذه البداية والبقية آتية. يكفينا فخرا في الساعة الراهنة أننا تعلمنا كيف نتعايش في ظل الاختلاف داخل الحدود التي رسمتموها لنا قسرا. لكننا سنثبت للعالم انطلاقا من الآن أننا لسنا ذلك البلد الذي شاءت إيديولوجيا الجغرافيا، بإيعاز من قوى الشر في أوروبا و الولايات المتحدة، أن يكون بلدا صغيرا وفقيرا ."

لا يسعني بهاته المناسبة إلا أن أذكر ما صرّح به لي في يوم من الأيام أحد تلاميذي القدامى (وهو اليوم طبيب) من أنّ معلم الابتدائية كان دوما يؤكد له ولأترابه أثناء درس الجغرافيا أنّ تونس تُعدّ ثالث أصغر بلد في العالم. بينما تحتلّ تونس في الحقيقة المرتبة 93 من أصل 221 دولة، من حيث المساحة الترابية.

على أية حال، يمضي التونسيون في إلقاء خطابهم: "سنثبت لكم، بمعية الجارتين الشقيقتين أنّ إفريقيّةَ، التي وهبَت اسمها لكامل القارة السمراء، والتي كانت تشمل تونس لكن كانت أيضا تمتدّ جنوبا إلى جزء كبير من ليبيا الحالية وغربا إلى جزء كبير من جزائر اليوم، أننا قادرون على التعايش عبر بلداننا الثلاثة، إن لم نقل الأربعة والخمسة باعتبار المغرب وموريتانيا، فضلا عن ضرورة إعادة التواصل الطبيعي مع مصر والسودان (لقد امتدّت جذور النوبيين، أصيلي السودان إلى العاصمة التونسية وأماكن أخرى من البلاد حيث اشتهروا بصناعة صنف معيّن من الحلويات يسمى "تَكْوَة" وبلَونٍ من الموسيقى الزنجية يُدعى "اصْطَمْبَالي" - وهو ساري المفعول إلى اليوم)."

فالبرغم من أهمية العملية الانتخابية، التي نجحت والحمد لله، إلا أنّ الاقتراع ليس غاية بحدّ ذاته. بل هنالك غايات أخرى سنعمل على تحقيقها. وهي تتجاوز الصندوق ونتائجه. فمن حق التونسيين أن يفتخروا اليوم ببلوغ واحدة منها ألا وهي فسخ الإيديولوجا التي ضخّتها قوى الدعارة الحضارية في دماء أجدادنا. فالفخر كل الفخر أنّ تونس استردّت لتوّها حجمها الحقيقي على السلّم الجغرافي الواقعي. وكنتيجة لذلك ها هي تتصدّر بكل استحقاق المرتبة التي تخوّل لها الوثب نحو الأعالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تلاميذ بنعلي هم من يحكمون برش برش
عبد الله اغونان ( 2014 / 12 / 22 - 21:52 )

غريب يستكثرون الدمقراطية على النهضة ويفرحون بنتائجها ان كانت لهم

انتظروا قليلا فهذا أحسن لقد دخلتم انبوب الاختبار

وسيعاين الكل ما أنتم فاعلون

اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص