الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية في ظل العولمة

إبراهيم الحسيني

2014 / 12 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الثورة المصرية في ظل العولمة
رف طائر صغير
بجناحين صغيرين
واشتعلت نار في ريشه :
الأخضر والأصفر والأحمر والأزرق
الفكر طب الحضارة ، يعالج الأمراض والعلل الاجتماعية ، والثائر جراح التاريخ ، إن مهمة الفكر تغيير العالم لا تفسيره وتشخيصه فقط ، والتغيير ما هو إلا الثورة ، عملية جراحية كبرى ، بعد أن يتوقف الجسد الاجتماعي عن استقبال والتفاعل مع الأدوية والعقاقير ، يستأصل الزوائد الدودية والجراثيم والطفيليات الاجتماعية ، حينذاك يكون الفكر سلاح للثورة ، والثورة ، دون شك ، سلطة ، فوق كل السلطات ، وشرعية تتجاوز وتعلو كل الشرعيات ، وتجبها ، فهي تعبير عن إرادة مجتمعية تنبذ القديم وتتطلع إلى نظام سياسي جديد ، يلبي احتياجات لم تعد النظم القديمة قادرة على الاستجابة لها وتلبيتها ، والثورة قد تكون ثورة سياسية قشرية تستهدف التحول بالنظم السياسية ، وقد تكون ثورة سياسية اجتماعية تستهدف تغير نمط الإنتاج وأساليبه وتغير عوائده ، فأين تقع الثورة المصرية : سياسية أم سياسية اجتماعية ؟ عملية تاريخية كبرى يقودها أطباء التاريخ ، أم إصلاح تدريجي ، يسكن ويجمل القبيح ، الثورة السياسية الاجتماعية أعمق تصل إلى الجذور والأبنية التحتية التي تيبست ، تخلخلها ثم تقتلعها ، فهي تعبير مكثف ، عن تناقض علاقات الإنتاج مع أدوات ووسائل الإنتاج ، والرغبة المجتمعية لحل وتجاوز هذا التناقض ، بصياغة عقد اجتماعي جديد ، يعيد توزيع الثروة " قوة العمل " والسلطة " " المشاركة في الإدارة أو إحلال إدارة جديدة محل الإدارة السائدة " والمعرفة " الثقافة والتعليم والحضارة " والخدمات " الاحتياجات اليومية لجموع السكان والمواطنين ، لقد انطلقت الثورة المصرية في زمن تآكل الدولة وزوالها ، هبت في زمن العولمة ، في زمن زوال الحدود أمام السلع ورأس المال والتدرج في زوال الحدود أمام قوة العمل بضوابط مقيت وبغيضة وعنصرية ، لتنشأ شرعية جديدة تتجاوز شرعية الدولة القومية ، فلا يمكن بناء نظام سياسي ، قابل للحياة ، في إطار الدولة القديمة ومفاهيمها ، السيطرة على المواد الأولية والسوق المحلية والحدود الجغرافية ، فالعولمة في أحد أهم تجلياتها : انتصار للتاريخ على الجغرافيا ، انتصار للإنسان على الحدود الطبيعية الصارمة المقيتة ، انتصار لوحدة الكوكب في إطار ترسيخ حق الاختلاف والتعددية الثقافية والتنوع السياسي ، وقبل التقدم إلى بناء هياكل ومؤسسات للعولمة ، لا بد من تفكيك وتفتيت هياكل ومؤسسات الدولة القومية ، فالتفكيك والتفتيت آلية ثورية للتوسع البشري ، وإعادة المجتمعات إلى عناصرها الأولية ، تقوده الرأسمالية في المراكز ، لتلحق المجتمعات الطرفية ، بوحدة الجنس البشري ، مع إعادة تقسيم العمل الدولي ، احتكار التكنولوجيا صديقة البيئة في المراكز الرأسمالية ، ونقل الصناعات القديمة الملوثة للبيئة إلى أطرافها ، رخيصة قوة العمل ، مع تجريفها من الكفاءات العلمية والفكرية والثقافية والتكنولوجية " التطور اللامتكافئ " ، وهذه احدي عمليات التاريخ الكبرى ، وتضع الرأسمالية العالمية ، في اللحظة الراهنة ، أفريقيا والشرق الأوسط ، نصب أعينها ، وقد بدأت ثورات الربيع العربي بتفكيك السودان ، وفصل جنوبها عن شمالها ، أعقبتها الثورة التونسية الملهمة ، وتفجرت الثورة المصرية ، على هذه القاعدة ، التناقض بين الدولة والعولمة ، التناقض بين الدولة والمجتمع الدولي ، والدولة المصرية ، تاريخيا ، مركزية ، نهرية ، استبدادية ، تؤله حكامها ، الذين ينحدرون من مؤسسة القوة ، ومن كهنة المعابد ، وهما العناصر الأولية للدولة المصرية التي أصبحت متناحرة ، استنفذت أغراضها المجتمعية ، بالسيطرة على النهر وكبح جماحه ، فيضانا وجفافا ، وأصبح الاندماج ، وليس التبعية ، في العولمة ، للانتقال من النهر إلى البحر ، من النهر إلى الصحراء ، من الاستبداد إلى الديمقراطية ، ضرورة مجتمعية ، تنال من طغاة الأمة ومحتكري ثرواتها ، لجأت الديكتاتورية العسكرية إلى المؤسسة الدينية غير الرسمية " الإخوان والسلفيين " والرسمية " الأزهر والكنيسة والأوقاف ، لتكبح جماح الموجة الثورية الديمقراطية ، كي لا تنضج وتتحول إلى ديمقراطية اجتماعية ، تنال من ثروات الطبقات العليا ونهبها التاريخي المنظم ، لتكبح جماح التاريخ ، لكن الديكتاتورية العسكرية التي لا تمتلك عقولا سياسية بل تمتلك رصاصات وبنادق ، اكتشفت ، غرة ، أن الإسلام السياسي كوكبيا وليس وطنيا ، والعولمة التي تناهض الدولة القومية ، لا تنسجم مع أفكارها ودعوتها فحسب بل هي العامود الفقري والنواة الصلبة في دعوتها وأحلامها اليوتوبية ، وقد وقعت رأسمالية المراكز في فخ استدعاء شمولية الدولة الدينية على رأس ديمقراطية العولمة ، استدعاء ماضي الخلافة الشمولية لتقرر مستقبل ديمقراطية العولمة ، فالعولمة من دون ديمقراطية لن تكون ، وما كان أمام الديكتاتورية العسكرية إلا أن تلتقط الخيط ، وتعزف على تناقضاته ، وتفض تحالفها مع الإسلام السياسي ، الذي سرعان ما تفكك وانهار ، وأصيب بالسكتة القلبية ، لتتكلم البندقية ويعلو صوت الرصاص ، ومازالت عناصر الدولة القومية الأولية ، الجند والكهان ، يتصادمون صداما تاريخيا مدويا ، يتقاتلون ، ويتبادلون كرات اللهب ، يحرقون الأخضر واليابس ، ويحرثون الأرض ، دون إرادة منهم ، للعولمة الديمقراطية الاجتماعية ، بمكر وخبث التاريخ وصراعاته الاجتماعية ، التي تهيمن على الوقائع ، وتصوغها ضمن منطقها الداخلي ، وإدراك التباين والاختلاف والمغايرة في مشاريع العولمة وأنساقها المختلفة ، فأين موقع نسق الدولة الدينية ، من هذا التباين ، بين الليبرالية المتوحشة والديمقراطية الاجتماعية ؟ أظن ، وليس كل الظن إثم ، أن الدولة الدينية تمت بصلات ووشائج وطيدة لليبرالية والرأسمالية المتوحشة ، التي تستدعى أسوأ ما في تاريخ البشرية ، من تمييزية عنصرية ، بين الرجل والمرأة ، بين أصحاب الديانات والعقائد المختلفة ، وترسيخ قيم وثقافة العبودية المعممة ، التي تلتصق تماما بجلدة الإقطاع العسكري وديكتاتوريته التي تحول بين الأمة المصرية وعولمة الديمقراطية الاجتماعية .
يسقط الشاويش والكاهن والدرويش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور وبانين ستارز.. أسئلة الجمهور المحرجة وأجوبة جريئة وصدمة


.. ما العقبات التي تقف في طريق الطائرات المروحية في ظل الظروف ا




.. شخصيات رفيعة كانت على متن مروحية الرئيس الإيراني


.. كتائب القسام تستهدف دبابتين إسرائيليتين بقذائف -الياسين 105-




.. جوامع إيران تصدح بالدعاء للرئيس الإيراني والوفد المرافق له