الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في التعاطي القانوني والرسمي مع ملف الأراضي التي ستخليها قوات الاحتلال الإسرائيلي

صلاح عبد العاطي

2005 / 9 / 5
القضية الفلسطينية


وضعت قوات الاحتلال الإسرائيلي يدها على الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة،عام 1967م، وحولت ملكيتها باسم الحاكم الإسرائيلي العسكري، واستمر أصحاب الأراضي في دفع ما يسمى ب(العشر) في دائرة الأملاك، وبعضهم استمر في الدفع حتى عام 1998م، ومنهم من يمتلك أوراقاً ثبوتيه(سند تمليك) في هذه الأراضي ويحلم بالعودة إليها في حال الانسحاب منها، وتؤكد السلطة الفلسطينية إن حوالي 97% من أراضي المستوطنات هي أراضٍ حكومية حيث تقدر بحوالي 23 ألف دونم منها نحو خمسمائة دونم فقط ملكيات خاصة وهي أرقام تم حصرها عند نشوء السلطة الفلسطينية، وتعهدت السلطة بإعادة هذه الأراضي لأصحابها بموجب صكوك الملكية التي بحوزتهم، فور إخلاء المستوطنات، وخصوصا المواطنين التي سلبت أجزاء من أرضهم وضمت لأراضي المستوطنات،والذين يحتفظون بالصكوك التي تثبت حقوقهم، وأوضحت بأنها لن تقترب من الأملاك الخاصة إلا تلك التي تدخل في خطة التطوير وسيتم تعويض أصحابها.
ويعتقد الكثيرين من أهالي غزة بأن القطاع سيشهد ازدهارا اقتصاديا وحركة عمران قوية بعد إخلاء المستوطنات في الفترة القادمة، لذا يذكر أن سعر الأراضي المحاذية للمستوطنات في جنوب القطاع خلال الانتفاضة كان قرابة7آلاف دولار للدونم الواحد، وارتفعت الآن إلى20-30ألف دولار للدونم الواحد، اثر حركة نشطة من تجار الأراضي وبعض المسئولين في السلطة لتملك وشراء هذه الأراضي.
وفي محاولة من السلطة الفلسطينية لوضع حد لحمى شراء الأراضي في قطاع غزة وخاصة أن رئيس سلطة أراضي الحكومة أكد قيام البعض بمحاولات للاستيلاء على أراضٍ حكومية والتلاعب بملكيتها، حذرت وزارة الداخلية وسلطة الأراضي الفلسطينية المواطنين من أن جميع عمليات بيع وشراء الأراضي التي تقع داخل مستوطنات تم إخلاؤها بالفعل باطلة وغير شرعية داعية كل من تورط من قريب أو بعيد فيها سرعة الإبلاغ للجهات المعنية تحت طائلة القانون، كما شكلت السلطة الفلسطينية محكمة خاصة للنظر في ملكية الأراضي، وأكد رئيس سلطة الأراضي بأن الأراضي هي الاحتياط الاستراتيجي الوحيد للجيل القادم، وتساءل أين سنبني مدارسنا والمرافق العامة بدون هذه الأراضي؟ معتبراً أن الأزمة الحالية تتمثل في مساحات الأراضي الحكومية، حيث لم تعد هناك أماكن شاغرة حتى للقبور.
وبالرغم من التناول الذي حضي به موضوع الأراضي والقوانين المنظمة لها من طرف الحكومة والمشرع و من طرف المهتمين والمعنيين بين رافض ومعالج ومنتقد ومساند، فإن الاهتمام الجماهيري من قبل المواطنين بالموضوع كان ضعيفا، ولقد عكست هذه الحالة من اللامبالاة إشكالية العلاقة بين المواطنين والسلطة، بين المواطنين والإصلاحات القانونية بصفة عامة، وما قد يترتب عنها من مشكلات قد تمس حقوقهم، وذلك عائد إلى أن القوانين كانت دائما موضوع هتك وتجاوز وبالتالي فالقوانين لم تكتسب رضا الناس وثقتهم لأنه لم يكن لها حضور في حياتهم، ولم تأخذ فرصتها كممارسة على أرض الواقع.
ويثار الآن جدل كبير في الأوساط الحقوقية والسياسية والشعبية حول أي قانون سيطبق على المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال؟،كون قانون الأراضي لم يصدر بعد عن المجلس التشريعي،والذي يأتي ليوحد القوانين المعمول بها في فلسطين حيث يوجد أكثر من"26" قانون للأراضي معمول بها في مناطق السلطة، ومشروع قانون الأراضي بالمناسبة يعمل المجلس علي قراءته بالقراءة العامة وهو مقدم للمجلس التشريعي من الحكومة منذ يناير 2005، وكما أن قانون المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال قد أعاده المجلس التشريعي إلى الحكومة بعد أن كانت الأخيرة قد قدمته للمجلس خلال شهر تموز 2005، وطلبت منه إقراره علي وجهة الاستعجال، فما كان من المجلس إلا أن إعادة للحكومة، وهذا بدورة أثار جدل، وأفضي مؤخراً إلى إصدار مرسوم رئاسي أثار أيضا جدلاً حول مدى دستوريته؟ من الجدير ذكره بان المرسوم الصادر عن الرئيس محمود عباس بتاريخ 20/8/2005م ينص على سبع مواد كان مشروع قانون المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال قد تضمنها، وهي مواد توضح كيفية تصرف السلطة في الأموال المنقولة وغير المنقولة في المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال، حيث أصدر الرئيس مرسوماً يتعلق بتنظيم سيطرة السلطة على أراضي المستوطنات التي ستخليها إسرائيل علي اثر تنفيذ خطة فك الارتباط. ويقضي المرسوم، بأن تبسط السلطة سيطرتها فوراً، على المناطق التي تنسحب منها قوات الاحتلال الإسرائيلي وتضع يدها مؤقتاً على جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة في هذه المناطق إلى حين البت في مصيرها بموجب القانون، ويحظر المرسوم، على أي شخص عادي، أو اعتباري، التعرض أو التعدي على أي جزء من هذه الممتلكات أو الأموال، وأضاف المرسوم أن اللجنة الوزارية المشكلة بموجب قرار رئيس الوزراء في الخامس عشر من شهر مارس 2005، ستتولى الإشراف على هذه الأراضي وستباشر إجراء كافة التحضيرات اللازمة لتسلم المسؤوليات والمهام في كافة القطاعات والمجالات بعد الانسحاب من محافظات غزة وشمال الضفة.
ودعا المرسوم كل من يدعي بأي حق على الأموال المنقولة وغير المنقولة المشار إليها في المرسوم، أن يتقدم بطلب لرئيس سلطة الأراضي، مؤيداً بالمستندات والوثائق الثبوتية، ويذكر أن اللجنة مشكلة من رئيس سلطة الأراضي فريح أبو مدين ووزير الداخلية والأمن العام اللواء نصر يوسف ووزير المالية سلام فياض ووزير الأشغال العامة والإسكان محمد شتيه، والمحافظين.
وفي هذا السياق ظهرت مجموعة من وجهات النظر، فوجهة النظر الأولى وهي وجهة واضعي مشروع القانون تنادي بأهمية إصدار قانون بصفة الاستعجال ينظم موضوع المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال، لمعالجة موضوع الأراضي التي ستخليها قوات الاحتلال بسبب تعلقها بالمنفعة العامة، بشكل ينظم عملية استملاك الأراضي للصالح العام وسبل أدارتها وما عليها من قبل السلطة كما يوضح حقوق المواطنين ويوفر الحماية القانونية للأراضي التي ستخليها قوات الاحتلال، وضمان إدارة سليمة ونزيهة لهذه الأراضي، وسجل أصحاب هذا الرأي نقدا شديدا إلى المجلس التشريعي بسبب إعادته للقانون للحكومة باعتبار هذا الأمر خارج عن العرف التشريعي كون المجلس التشريعي يملك رد القانون أو التعديل عليه أو الإنقاص منه وبالتالي كان لابد للمجلس التشريعي أن يتعاطى مع هذا القانون على وجه الاستعجال، ولو تم ذلك لم يكن هناك داعي لإصدار المرسوم الرئاسي، ويدافعون أيضا عن المرسوم ويؤكدون صحة إصداره باعتباره قرار إداري تنفيذي لا يرتب أي مراكز قانونية ولا يجوز الطعن في المرسوم الرئاسي كونه ليس قانون وإنما قرار تقتضيه المصلحة العامة وهو يعتبر أرقى قرار يصدر عن السلطة التنفيذية كما أنه لا يتعارض مع أي حكم مع أحكام القانون ولا ينزع ملكية أحد ولا يقضي بأمر مخالف للقانون.
أما وجهة النظر الثانية وهي وجهة نظر معارضي القانون والمرسوم فتقول لا حاجة لنا بقوانين جديدة كون قانون الأراضي وقانون المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل تحتاج إلى وقت طويل وموضوع الانسحاب يقترب بسرعة وبالتالي القوانين المعمول بها سابقا تفي بالغرض وما يجب على الحكومة عمله هي المحافظة والدفاع عن الأملاك العامة وبسط ولايتها على المناطق التي تنسحب منها قوات الاحتلال مؤكدين كفاية التشريعات الفلسطينية السارية المفعول لحل أي إشكالات قد تنشأ عن عملية الانسحاب من المستوطنات، فهناك خلط بين عجز السلطة عن تنفيذ القانون وبين حاجة السلطة لقانون جديد، فهناك قوانين تكفي لحماية حقوق الدولة والأفراد،وبالتالي لا داعي للقانون المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال و للمرسوم الرئاسي كونه لا يجوز إصدار مرسوم رئاسي له قوة القانون إلا في حالات الطوارئ وبشرط أن يعرض المرسوم على المجلس التشريعي في حالة انعقاده، كما أن مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة يفتقر إلى التعريفات وعباراته عامة، وينقصه التحديد لإجراءات المحكمة الخاصة لحل النزاعات التي يمكن أن تنشئ، و يحتاج إلى النص على معايير واضحة لإدارة الأراضي واستغلالها، ويتساءل أصحاب هذه الوجهة هل المجلس التشريعي قادر علي إقرار مشروع قانون الأراضي علي أهميته قبل انتهاء ولايته؟ وخاصة في ضوء تحديد موعد الانتخابات التشريعية يوم 25/1/2006.
إلا أن الآراء السابقة قد ركزت علي الأمر من زوايا محددة وأغفلت صلاحيات الرئيس والحكومة من جهة، ومن الجهة الاخري تناست بان موضوع المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل هو أمر إجرائي تنفيذي يكفي فيه قرارات الإدارة التنفيذية وبشرط عدم الإخلال بأي قانون أو أنشاء مراكز قانونية جديدة، وخاصة أن المطلوب هو منع الصراع وحماية حقوق المواطنين على وجهة الاستعجال كون تنفيذ خرائط التسوية للأراضي تحتاج إلى وقت طويل، ولتسريع حسم الخلافات وللحفاظ على الأراضي ومنع التعرض والتعدي عليها، لابد من تحديد المسؤوليات والأدوار للجهات المختصة بما يكفل إدارة فاعلة لهذه المناطق، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء، فالمطلوب هو إجراءات أمنية وقانونية تحمي حقوق الدولة من جهة ومن جهة أخري تحمي حقوق المواطنين.
بالرغم من عدم انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كل المناطق التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس واستمرارها في بناء جدار الفصل العنصري وعدم احترام حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والمقرة بموجب قرارات الشرعة الدولية ذات الصلة، وبالرغم من رغبة إسرائيل لتغيير الوضع القانوني لقطاع غزة بعد إخلاء المستوطنات، إلا أن قواعد القانون الدولي الإنساني تؤكد استمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة بشقة المادي والقانوني، إلا أن انسحاب قوات الاحتلال والمستوطنين من المستوطنات في قطاع غزة نقطة تحول تاريخية وتحدياً كبيراً في الحياة السياسية للشعب الفلسطيني مما يتطلب تعاطي ايجابي وقانوني سريع ومنظم مع الأراضي والأملاك في المناطق التي ستنسحب منها قوات الاحتلال، ويستلزم من السلطة بناء مؤسسات حكومية فعالة لها القدرة في إدارة شؤون الشعب الفلسطيني على كافة المستويات وقادرة علي إنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني وتعزيز سيادة القانون، والاستجابة بشكل أفضل مع احتياجات المواطنين، وتشجيع الجميع على المشاركة في العملية الديمقراطية والتنموية و تعزيز مفهوم المسائلة، وتطور الأداء العام لمؤسساتها لتوفير خدمات أساسية بمستوى لائق لكافة شرائح المجتمع بما فيهم الفئات والمناطق الأكثر حاجة، والتي كانت محاصرة وتنقصها الخدمات الأساسية، ويتطلب من المجتمع عامة وجود منظمات ومؤسسات مجتمع مدني نشيطة يستطيع المواطن من خلالها أن يعبر عن حاجته ويتمكن من خلالها التأثير على سياسات الحكومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا