الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حياتي : درس بحرارة الماء

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2014 / 12 / 26
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية



في التاسعة من عمري وربما أصغر ، وحين كنت يوماً في بيت عمتي ، رحمها الله ، وقع إبريق الماء من الطباخ واندلق ماء ساخن في درجة الغليان على يدي فانسلخ الجلد واعتصرني ألماً ، لكنني لم اتفوه بكلمة ، ورحت الى حيث كانت عمتي تجلس ووقفت صامتة ، فسألتني عما بي ؟ أجبتها بأن ماء الإبريق المغلي اندلق على يدي .. سألتني مندهشة : احترقت يدك ولاتصرخين ؟!
مرت السنوات ، ودلقت الدنيا عليّ الكثير من مائها الحار ! وبقيتُ على طبعي في التكتم على آلامي .. تلك الآلام زادت من قدرتي على التحمل والمكابرة وتجاوز الخذلانات بوجه يبتسم للدنيا ..
مرت السنوات وبقيت الدمعة المحبوسة وراء عيني تعيد إنتاج ذاتها عبر شفتيّ في شكل ابتسامة ، مثلما يعيد ماء الإبريق الساخن إنتاج ذاته في ذاكرتي كلما أعدّت الدنيا إبريقا من أباريقها لتضعه في طريقي ، او كلما وجدتُ من يشكي او يبكي امراً لايستحق البكاء او الحزن ، لأنّ جلده لم ينسلخ بماء حار حتى يعرف مامعنى القدرة على التحمل .. ومامعنى أن يبتسم شديد الألم ويستمر في أداء واجباته والاضطلاع بمسؤولياته من غير أن يتأوه ، حتى ليظن الناظرون اليه أنه من المحظوظين والسعداء ، وتصيبهم دهشة المفاجأة حين يعرفون أيّ آلام ٍ يحمل في أعماقه وأيّ صعوبات يتحداها ويواجهها في حياته .
شكراً لإبريق الماء الحار الذي اندلق على يدي مبكرا .. وشكرا للدنيا التي تملك من الأباريق الحارة مالايعد ولايحصى ، فالحكمة والقوة تزيدان في الإنسان كلما زاد عدد الحروق ومساحة الأوجاع .. وعرف كيف يوظفها ليرقع جلده بها ويكتسب المناعة بفضلها .
***
آخر سطر :
لاتدع قلبك يمزقهُ الألم ، ولابيادرك يهشمها غضبُ العواصف . الروح العظيمة ترى الألم ريحاً صرصراً ، أما الفرح فهو السنبلة التي تنحني للريح لكنها لاتنكسر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخت العزيزة اسماء
جمشيد ابراهيم ( 2014 / 12 / 26 - 11:25 )
عزيزتي اسماء
جميل هذا التشبيه بين الماء المغلي و الالام و منذ الطفولة و تقول الالمانية عندما ينفجر الانسان من الغضب بان هذه كانت قطرة الماء التي حركت سيلان العاطفة او الالام على السطح و لا تنسين ان الالام هي محرك اكبر من الافراح
اجمل التحيات و تمنياتي بالسنة الجديدة


2 - تحياتي
أسماء محمد مصطفى ( 2014 / 12 / 26 - 21:09 )
جمشيد ابراهيم
شكرا لقراءتك المقال وابداء الرأي .
ما اجمل ماقالته الالمانية ، وكل عام انتم بخير


3 - وجهة نظر!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 12 / 27 - 03:42 )
الاخت الكريمة بعد التحية:احيي فيك هذا الاصرار وقوة العزم على مواجهة ضروف الحياة وهذا يذكرني بقول ينسب للامام علي وهو:
صن النفس واحملها على ما يزينها ** تعش سالما والقول فيك جميل
ولا ترين الناس الا تجملا ** نبى بك دهر او جفاك خليل
وان ضاق رزق اليوم فاصبر الى غد *** عسى نكبات الدهر عنك تزول. لكن لا يجب هذا الاصرا ر على مواجهة المحن بتخدير ديني لانه الذل بعينه والانسان الحر لا يرضى الذل. اختي الكريمة نحن نعيش الذل والمهانة ونتحمل لوعات اباريق الماء الحارة المسكوبة على وجداننا برضا وقناعة بتخدير ديني وهذا لا يجوز عند العقلاء والاحرار. عندما اسمع خطيبا في كل يوم جمعة يحذر الناس بعذاب الله في الآخرة ان هم خرجوا على ولاة الامر الظلمة والفسقة ومن تطبيق آية الحرابة عليهم في الدنيا وانا ارى كيف هم يسكنون القصور ونحن نسكن القبور واصر على القول:لاتدع قلبك يمزقهُ الألم ، ولابيادرك يهشمها غضبُ العواصف . الروح العظيمة ترى الألم ريحاً صرصراً ، أما الفرح فهو السنبلة التي تنحني للريح لكنها لاتنكسر .فهذا منتهى السذاجة عندي لان هذه الحكمة غير قابلة للتطبيق الا عند المؤمنين بافيون الدين.


4 - تفسيرك للقول مخطوء
أسماء محمد مصطفى ( 2014 / 12 / 27 - 14:25 )
الأخ الكريم فهد العنزي
تحية
ليس في موضوعي مايذهب الى مواجهة المحن بتخدير ديني ، فهو عن مواجهة محن الحياة بقوة وإرادة وليس الخضوع والاستسلام للالم ، الحياة تحمل الكثير من التحديات والظروف الصعبة ومن الضروري ان نكون اقوياء لنستمر ، فهل القوة والارادة وقوة تحمل الشدائد مفاهيم نابعة من تخدير ديني ؟ السذاجة ليس في الحكمة بل في سوء فهمها


5 - التحمل بمعنى الصلابة وليس القبول والذل
أسماء محمد مصطفى ( 2014 / 12 / 27 - 14:56 )
التحمل لايعني بالضرورة الرضا والقبول والذل ، فالمخدرون يعجزون عن مواجهة الحياة والاستمرار في تحقيق الاهداف التي وضعوها لأنفسهم . التحمل يمكن ان يأخذ معنى الصلابة في ان لاتترك الحياة تضربك فتبكي وانما تجفف دموعك وتنهض لتستمر في اهدافك . وربما تكتسب المناعة ضد الكثير من الآلام بحيث لاتعود تبالي بها ولاحتى تستوقفك كثيرا الا لتستمر من غير ان يمنعك احد .


6 - مع الاعتذار!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2014 / 12 / 27 - 15:10 )
اختي الكريمة ردك خاطئ ينم عن استعجال في الرد. اقرئي التعليق مرة ثانية بتمعن وروية وستدركين انك خاطئة.انا فرقت بين المحن وقلت ان المحن في الحياة اصناف ويجب مواجهتا بثبات واستثنيت المحن الناتجة عن التخدير الديني واستشهدت بقول الامام علي وهو يؤكد ما ذهبت اليه ولم اقل ان الحكمة ساذجة الا اذا اتخذها المتدينون كـ افيون يخدر العقول. اعود واكرر قول الامام علي:
لولا ترين الناس الا تجملا ** نبا بك دهر ام جفاك خليل
وان ضاق رزق اليوم فاصبر الى غد ** عسى نكبات الدهر عنك تزول.

اختلاف الراي لا يفسد للود قضية ولا باس ان كنا سدجا.


7 - اخي الكريم
أسماء محمد مصطفى ( 2014 / 12 / 27 - 16:19 )

اخي الكريم فهد لعنزي
اولاً لابد ان اشكرك لاهتمامك بالموضوع .
الآن في ردك الثاني لم نعد نختلف في الرأي ، ففي تعليقك الاول قلت : -هذه الحكمة غير قابلة للتطبيق الا عند المؤمنين بافيون الدين. - وانا حكمت على قولك من خلال كلماتك ، وأقول لك ردا عليها انها قابلة للتطبيق من قبل الاحرار اكثر لأنهم احرار ، وفي تعليقك الثاني ذهبت الى القول : - أن الحكمة ليست ساذجة الا اذا اتخذها المتدينون كـ افيون يخدر العقول - ، وكنت في تعبيرك هنا اكثر دقة ، وأقول لك ردا عليها : اتفق معك في ماقلته هنا كما اتفق مع ماذهبت اليه حول اختلاف المحن .
واضيف اننا يجب ان نعرف متى واين نستخدم هذه الحكمة اذا جاز لنا تسميتها حكمة . كما ان الحكم و النصائج النبيلة يمكن ان تستغل بشكل سيء ، وهذا ليس لعيب فيها وانما لخلل في من يستغلها على نحو يجردها من محتواها الحقيقي .
علما انني اقرأ تعليقات وآراء الآخرين اكثر من مرة من باب الدقة وعدم الاستعجال .
شكرا لك مرة ثانية

اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة