الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط و المعارضة في صف واحد ضد النظام

بوشن فريد

2014 / 12 / 26
الادارة و الاقتصاد


عرفت أسعار النفط في السوق الدولية انخفاض غير مسبوق, و في ظرف أشهر قليلة فقط تدهورت أسعاره قرابة نصف من سعره المعتاد, إذ بينما كانت أسعاره في مرحلة التسعينات تتمحوّر بين 100 دولار إلى 105 دولار, ارتفعت لمدة زمنية طويلة, لتصل إلى 115 دولار سعر البرميل الواحد في عمر العهدات الرئاسية الثانية و الثالثة, حتى بلغت مستوى الإنعاش الغير المنتظر من طرف الحكومة و السلطة الجزائرية, و ساهمت تلك الأسعار النفطية المرتفعة في تغطية العجز الاقتصادي الذي كان عائقاً أسوداً في مفكرة السلطة المعتمدة في قياس مستوى انتصاراتها الميدانية و السياسية على بركات النفط, فهي على دراية تامةً بأن بنعمة البترول فقط يمكن لها أن تجد الموقع السياسي و الشرعي, لدحر الخصوم السياسيين المعارضة لخطة السلطة التي تفتقد لرؤية إستراتيجية واضحة في بناء القاعدة الاقتصادية القوية و التي تتحكم فيها إلى أبجديات الصناعة المتجددة و خلق بديل اقتصادي آخر, يكفي للحفاظ على سيادة البلاد و أمنها و استقرارها.
برغم من السقوط الرهيب لسعر النفط يومياً في السوق العالمية, حتى بلغ سعر البرميل الواحد لا يتعدى 60 دولار, بعدما عرف قفزة غير متوقعة , وصل إلى أعلى المحطات في المؤشرات الدولية في عهد بوتفليقة, و رغم الخرجات المتكررة و التحذيرات السياسية التي حاولت من خلالها أحزاب المعارضة تنبيه السلطة الحالية, بضرورة فتح المجال للمختصين الاقتصاديين و الشركاء الاجتماعيين و السياسيين لإيجاد الوصفة العاجلة و دراسة الملف بأعين اقتصادية ذات أبعاد مستقبلية مشرقة, و خلق بديل اقتصادي منتج آخر غير تصدير النفط(98 في المئة من صادرات الجزائر منذ الاستقلال), نظراً للتداعيات الخطيرة التي قد تؤدي بانفجار شعبي و انفلات أمني, ليس بمقدور أحد توقيفه أو إقناعه بتغيير اجتماعي وشيك, لم تتحف السلطة بها, بل الأدهى صنفتها في خانة التهويل الإعلامي الغاية منه تهديد استقرار البلاد, و أن الحالة الاقتصادية للبلاد تعرف رفاهية دائمة و مستقرة, ضاربة بذلك حلول و تحذيرات المعارضة عرض الحائط, دون قراءتها و مناقشتها و لو من باب "ربما المعارضة على خطأ."
و أمام هذا التعنت السلطوي إزاء تدحرج سمعة النفط الجزائري, يبقى الشأن الاجتماعي الجزائري هو الخاسر الوحيد و المتضرر الأول, حيث ستكون سياسة التقشف التي تتبناها الحكومة الجزائرية و وقف برنامج التشغيل في الوظيف العمومي خلال سنة 2015, و تقليص الأغلفة المالية الخاصة بالمشاريع الكبرى في السكك الحديدية و الترامواي و البنية التحتية, و أيضاً تجميد الزيادات في الرواتب, المخرج المتبقي لإنقاذ هيبة و سيادة النظام و استمراريته.
ربما ما ستفعله أسعار النفط المنخفضة داخل أروقة النظام, من تأهب و حالة استنفار غير معتادة لدى المتحكمين في قوت الجزائريين بشتى الطرق الغير الأخلاقية و الغير المدروسة, و تسييس النفط لدواعي أمنية و سياسية كشراء السلم الاجتماعي و ذمم النخب المعارضة, قد تعجز عنه مختلف التشكيلات السياسية المعارضة في الجزائر, و لو من زاوية صناعة البلبلة و السقوط الحر للنظام.
و في المقابل, و قياساً بحجم الهلاك المحدق و القادم جراء تدهور أسعار النفط, و بحكم أن هذا الأخير هو أكسوجين الجزائريين و متنفس للنظام منذ الاستقلال, يفترض على الحكومة الجزائرية السعي جاهدة لإعادة النظر في أجور موظفيها الساميين كالوزراء و السفراء و المدراء, حتى لا يظل الموظف البسيط وحده من يدفع فاتورة المؤامرة الخليجية- الغربية.
و كان لزاماً عليها المحاولة و لو من باب البحث عن التوافق الوطني الغائب في الجزائر غداة الاستقلال, أن تعيد قراءة مستوى خطاباتها السياسية ضد المعارضة, و إشراكها كشريك جزائري بحت في إصلاح ما يمكن إصلاحه, و الكف عن سياسة الهروب للأمام لإرضاء أطراف خفية داخل النظام معروفة بتعاطفها الشديد مع النفوذ الاقتصادي الفرنسي.
إن الاستقرار السياسي يؤدي إلى الاستقرار الاقتصادي, و الحالة السياسية في البلاد توحي إلى ميلاد مؤشرات الفوضى التي لا تحمد عقباها, بحيث يعتبر غياب الرئيس بوتفليقة بداعي المرض لفترة ليست بالقصيرة, و شغور المنصب يعد أحد رموز لانتشار الفساد و الرذيلة الاجتماعية, و من ثمة بقاء النظام الحقيقي منطوي على نفسه, لا يسمع و لايرى, قد يزيد من سرعة الانفجار الاجتماعي و الجمود الاقتصادي, و على هذا المنطق قد يمكن للمعارضة الجزائرية المنضوية في إطار التنسيقية من أجل الحريات و الانتقال الديمقراطي, المساهمة في إيجاد الحلول المستعجلة و اتخاذ التدابير الملائمة لمجابهة هذا التهديد النفطي الوشيك.
بقلم: بوشن فريد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 بالصاغة


.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل




.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده


.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال




.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.