الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عايش (مسرحية) 2

تحسين كرمياني

2014 / 12 / 27
الادب والفن


جندي1: لم أجد وازعاً لترك مكاننا.
جندي2: وأنا أرى ترك هذا المكان ينقذنا من الموت.
جندي1: ألم نوقع على تعهدات بالموت من أجل..من أجل..البلاد؟
جندي2: وقعنا على تعهدات من أجل أن نفدي الحكومة(يتقافز راقصاً)بالروح بالدم.
جندي1: بقاء الحكومة بقاء البلاد.
جندي2: بقاء البلاد يعني بقاءنا.
جندي1: بقاءنا يعني الموت عسكرياً.
جندي2: وهل تستحق بلادنا أن يموت الواحد من أجلها.
جندي1: نعم لا تستحق،ولكن الواجب أن لا نتنازل عن كرامتنا.
جندي2: نعم..كرامتنا أغلى من بلادنا.
جندي1: أنا أخالفك،ربما كرامتنا أغلى من نظامنا.
جندي2: نعم..نعم..هذا ما عنيت بكلامي.
جندي1: تكون البلاد كريمة،لو كان الكرماء يقودونها.
جندي2: أليس الأجدر بالبلدان غير الكريمة أن تفنى وتعاد بناءها من جديد؟
جندي1: هذا التغيير يحتاج إلى بحر من الدماء.
جندي2: أن نعطي بحراً من الدماء أهون من كرامة مباحة.
(صوت ضربات داخل الكتلة الصخرية،أصوات طائرات تمرق)
جندي1: مرة أخرى يحدث شيء غريب(يشير بأصبعه نحو الكتلة الصخرية)داخلها.
جندي2: (يشير بأصبعه إلى سقف الغرفة)آه لو تمكنت من تسلقها،ربما هناك فتحة أو
باباً سرياً،ليس من المعقول أن تكون هذه الكتلة من غير منفذ.
جندي1: (حائراً)وهل من الممكن هذا القمقم هو غرفة متنقلة تم قلبها لسبب ما؟
جندي2: لا شيء نملك كي نتأكد من هذا الأمر.
جندي1: نظامنا يمتلك أعاجيب ساخرة.
جندي2: حيرتي تزداد..قل لي ما هذه الفوضى بداخلها؟
جندي1: ربما الجرثوميات تتحسس مروق الطائرات.
جندي2: (بتعجب)حقاً ما تقول،كلما تمرق الطائرات تحدث جلبة في الداخل.
جندي1: (متذكراً)آه..أليس نظامنا أختطف ناس ـ كويتيين ـ ؟
جندي2: (متذكراً)..آه..نعم..ولكن لم تذكرتهم الآن؟
جندي1: (ينقر رأسه)..إذا لم أكن غبياً،نظامنا حجزهم في هذا القمقم.
جندي2 (متعجباً)أكاد أصرخ أنك اكتشفت الحقيقة.
جندي1: (فرحاً يدور حول نفسه)نعم..نظامنا خبأهم لغاية كبيرة هنا،وجاءوا بنا لحراستهم.
جندي2: أتعرف لم؟
جندي1: حين تضيق الأمور،ستشهرهم سلاحاً للحفاظ على بقاءهم في السلطة.
جندي2: وهذا ما وضعته في بالي أنا أيضاً.
جندي1: (ما زال يدور فرحاً)،الم أقل نظامنا شيطان لا يشق له غبار أوان الضيق.
جندي2: لو لم يكن شيطاناً لما بقى طويلاً على رقابنا.
جندي1: والآن بعدما عرفنا سبب تواجدنا وسر هذا القمقم،ما هي خطوتنا التالية؟
جندي2: حتماً هذه الصحراء هي الصحراء الكبرى.
جندي1: كيف عرفت؟
جندي2: ألم تر حركة الطائرات المغيرة؟
جندي1: حقاً تملك ذكاءً جغرافياً إضافة إلى ذكائك الميداني؟
جندي2: علينا أن نفكر بجديّة؟
جندي1: عندما تحاصرنا الحرب،يمكننا أن نساوم بهم.
جندي2: ومن يؤمن نجاتنا منهم؟
جندي1: سنقول لهم الحقيقة كاملة.
جندي2: (حائراً)لا أفهم كلامك.
جندي1: هم يقدمون التسهيلات لمن يتعاون معهم.
جندي2: هذا يعني أن نتخاذل ونترك بلدنا عرضة للهتك.
جندي1: علينا أن نحافظ على أرواحنا أولاً.
جندي2: في هكذا حرب لا أحد يعرف كيف يفكر.
جندي1: حربهم الماضية ألم تنته بسرعة البرق؟
جندي2: كانت حرب تأديبية.
جندي1: وربما هذه ستكون تأديبية أشد من الأولى بدرجة أو درجتين.
جندي2: ليت هذا يحصل كي ننجو.
(ضربات تأتي من الداخل،يصغي الجنديان،ضربات أقدام،ضربات قلوب،
زمجرات،أسنان تصطك،ضربات وعراك وفق موسيقى جنائزية،أصوات التهام
وتمزيق وكسر وصراخ بشري يتخافت تدريجياً،الجنديان يجلسان)
جندي1: ما الذي يحدث؟
جندي2: علمي علمك.
جندي1: (متسائلاً)هل يعقل ذلك؟
جندي2: ما الذي يعقل؟
جندي1: أشم رائحة حياة في الداخل.
جندي2: هذا من فرط خوفك.
جندي1: (يهز رأسه)بدأت أشعر بالجوع.
جندي2: علينا أن نوفر طعامنا ربما ستطول الحرب.
جندي1: لم يعد غير الطعام شغلي الشاغل.
جندي2: ماذا لو طالت الحرب؟
جندي1: عندما نجوع نتحرك.
جندي2: كل ما حولنا صحراء.
جندي1: سنطلق النار على الطائرات لتكتشفنا.
جندي2: ومن قال أنهم لا يلقون علينا صاروخاً.
جندي1: لا أظن أنهم يفعلون ذلك،لأنهم لا يسمعون أصوات بنادقنا.
جندي2: بقاء الطعام يطيل فترة بقاءنا.
جندي1: دعنا من فكرة نفاده،ما زلنا نحتفظ بالكثير.
جندي2: (يتحرك قليلاً إلى الوراء،يتوقف،يتقدم)أسمع..ليلة أمس حلمت.
جندي1: (متعجباً)..ماذا؟حلمت..قل لي:أحقاً في الحرب توجد أحلام!
جندي2: وما علاقة الحلم بالحرب؟
جندي1: في الحرب تهيمن الكوابيس على الرؤوس.
جندي2: لكنني حلمت.
جندي1: ماذا حلمت؟
جندي2: أنني أتزوج من جديد.
جندي1: (يضحك)أنك ستقتل.
جندي2: بل سأنجو من هذه الحرب.
جندي1: أحلام الحرب معكوسة.
جندي2: أحلامي دائمة التحقيق.
جندي1: وما دخلي أنا بزواجك أو نجاتك؟
جندي2: لكنك لم تسمع حلمي إلى النهاية.
جندي1: وما النهاية،تزوجت وعشت نوماً سعيداً..وووو...وووو.
جندي2: ووو.ووو..ماذا تريد أن تقول؟
جندي1: أردت أن أقول،استفقت ووجدت سروالك مبللاً ببولك وغائطك.
جندي2: قد لا تسرك نهاية حلمي.
جندي1: أرجو أن لا تقول أنك تزوجت أمي في الحلم.
جندي2: لكن الزوجة التي تزوجتها...!
جندي1: أختي المعوقة.
جندي2: كلا.
جندي1: لابد أنك تزوجت أحدى بنات رئيسنا.
جندي2: كلا.
جندي1: خلصني وقل من تزوجت؟
جندي2: أنت.
جندي1: (يصرخ)نعم.
جندي2: تلك هي الحقيقة.
جندي1: (يفحص نفسه)ماذا؟تزوجتني.
جندي2: كنت جميلاً.
جندي1: وهل كنت........أعوذ بالله.
جندي2: لكنك تحولت إلى فتاة جميلة.
جندي1: (يضحك)ألم أقل أنك ستقتل وأنا سأنجو من هذه الحرب.
جندي2: آه..ذكرتني بالحرب.
جندي1: وأنا شغلي الشاغل الطعام (يشير نحو المكعب)وهذا القمقم.
جندي2: هل بوسعنا أن نحدث ثغرة فيه؟
جندي1: كيف؟
جندي2: بصلية رصاص.
جندي1: وما يفعل الرصاص بهذا الكونكريت الصلد.
جندي2: حسناً..لنستخدم رماناتنا اليدوية.
جندي1: لن تنفع فكرتك.
جندي2: حسناً..لنهرب.
جندي1: وهل تعلم مكاننا كي نهرب.
جندي2: نرتدي أسمالنا المدنية ونمشي باتجاه مشرق الشمس.
جندي1: نحن في صحراء بلا حدود.
جندي2: آه..عليهم اللعنة أتوا بنا ليلاً لكي نجهل جغرافية المكان.
جندي1: ألم أقل نظامنا يسيرنا بشيطانية تفوق شيطنة الشيطان عليه اللعنة.
جندي2: لدي فكرة.
جندي1: أفكارك لا تنتهي.
جندي2: لنتتبع آثار المركبة التي أتت بنا.
جندي1: (يضحك)يبدو أن حلمك أفقدك عقلك.
جندي2: هات ما عندك؟
جندي1: يا مفكر،قل كيف أتوا بنا إلى هنا؟
جندي2: (ينقر رأسه بأنامله)آه..حقاً كيف غاب هذا من بالي.
جندي1: كذلك حلمك هراء.
جندي2: حقيقة نسيت أنهم أتوا بنا ليلاً وعبر مروحية.
(صريخ أسراب طائرات حربية تمرق)
جندي1: لابد أنهم دمروا كل شيء.
جندي2: قالوا أنهم لا يستهدفون المدنيين.
جندي1: سياسة أبوـ ناجي ـ والعم ـ سام ـ .
جندي2: ومن هما ناجي وسام؟لم أسمع بهما.
جندي1: هما سببا صداع ثلثي العالم.
جندي2: الصداع يردعه ـ الباراسيتامول ـ .
جندي1: هؤلاء أمراض عالمية مزمنة،لا تنفع معهم العقاقير.
جندي2: هم كذبوا..ونظامنا استخدم شيطنته في التعامل معهم.
جندي1: شيطنة نظامنا لا تنتهي.
جندي2: وهل ينجو بهذا الفعل من شرهم؟
جندي1: حولوا المدارس إلى ثكنات عسكرية،كي يبقى الجيش بمأمن من القصف.
جندي2: وهل يسكت العدو على هذا الأمر؟
جندي1: لديهم خيارات مفتوحة،الكرة دائماً أقدامهم.
جندي2: حتماً ستدفع الناس ثمن شيطنة نظامنا.
جندي1: لا تنسى،نظامنا زج بكل الجيش في الحرب باستثناء الموالين والمقربين.
جندي2: ألسنا مقربين؟
جندي1: مقربون مبعدون.
جندي2: ولم أبعدونا؟
جندي1: لا يريدنا أن نموت.
جندي2: إذا اقتضت الضرورة سيزجنا في المحرقة.
جندي1: كلا.
جندي2: آه..لابد أنه وضع في باله قلاقل ما بعد الحرب.
جندي1: هذا عين الصواب،إذا ثار الشعب سيصبنا ناراً على رؤوسهم.
جندي2: هذا ما يجعلني أن أفكر بطريقة نجاة غير مكلفة.
جندي1: لكي ننجو علينا أن نكتشف حقيقة ما يجري في البلاد.
جندي2: وما أدرانا ما يجري في بلادنا؟
جندي1: هذا ما ينقصنا كي نتحرك،أخبار بلادنا.
جندي2: كلما أتذكر أخبار بلادنا أشعر بعصافير بطني تزقزق.
جندي1: وأنا كلما تضج ضفادع معدتك،عقلي يخمل،وبطني يغرد موسيقى الجوع.
جندي2: حسناً في معدتي ضفادع ولكن في بطنك جرذان وفئران.
جندي1: لا..لا..لا..لو كان حقاً كما تقول،حسناً كنت دائماً أسمع نباح كلاب من جوفك.
جندي2: وأنا كنت أسمع نهيق حمير يخرج من فمك أوقات الطعام.
جندي1: حسناً..لنترك جرذاننا وفئراننا وكلابنا وحميرنا وعصافيرنا..قل لي هل حقاً بلادنا
أصبحت في خبر كان.
جندي2: وربما في خبر أنّ وأخواتها وأخوالها وأعمامها وجيرانها.
جندي1: صه..صه..صه..ألم أقل في جوفك تماسيح الجهل.
جندي2: لا تتدخل في شيء أنت غبي عنها.
جندي1: وما نفع ما درست..ها أنت مثلي كلب حراسة.
جندي2: دعنا من الكلام الفارغ..قل لي ألم تشعر بالجوع.
جندي1: أحتاج إلى خلوة كي أعرف إن كانت بطني تقرقر من الجوع أم من المجهول؟
جندي2: قل أنها ترعد من الخوف.
جندي1: يبدو أنك تتشجع أوان الخلوة،أنسيت كيف هربت وكيف حشرت نفسك داخل حوضية
القمامة في معركتنا السابقة.
جندي2: النجاة من الموت بأيّة طريقة كانت قمّة الشجاعة.
جندي1: هذا بالنسبة لك.
جندي2: كان يجب أن أهرب كي لا ألوّث يدي بدماء..بدماء..بدماااااااا.....!
جندي1: قلها..لا تخف..قلها لم ابتلعتها؟
جندي2: هل بوسعك أن تقتل الناس كي تبقى سالماً؟أليست الهزيمة رحمة إلهية؟
جندي1: الهزيمة جبن،أن تقتل من يبغي قتلك قانون.
جندي2: (يتحرك قليلا إلى الخلف،يلقي نظرة ويعود)أليس من العقلانية أن نترك كلامنا
العقيم ونأكل بعض الشيء.
جندي1: ها أنت قئت سمومك خارجاً وعاد عقلك إلى محله.
جندي2: دعنا من هذ اللغو..لنأكل شيئاً قد لا نجد فرصة لذلك.
جندي1: الآن..الآن..بدأت أشعر بالجوع.
(ينهض الجندي1،يذهب إلى الطرف اليمين،يسحب من تحت التراب
صندوقاً،يخرج معلبات وقطع بسكويت وعلب عصير،يبدآن بالأكل
شيئاً فشيئاً يتم تعتيم المسرح)
(ستارة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة