الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرشيف، ذاكرة أُمّة في يد نصف رئيس مجنون

عزالدّين بوغانمي

2014 / 12 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


القانون الأساسي عدد 53 لعام 2013 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، لم ينصّ عن كيفية النفاذ إلى الأرشيف ولا عن طرقه أو آلياته.
يعني الجانب الإجرائي حول هذه المسألة غائب.

والحقيقة أنّ هذه الفجوات في بعض القوانين هي حِيَلْ سطّرتها الأغلبيّة في المجلس التّأسيسيّ. يُقْصَدً بها توفير هامش واسع للتّأويل لاحِقًا، بما يخدم مصالحهم كحُكّام، سيما وأنّ قادة حركة النّهضة تصرّفوا على أساس أنّهم سيحكمون تونس لعقود طوية، كتكليف ربّانيًّ، وليس كإمكانيّة تاريخيّة!
ونحَتْ نحو تفكيرهم عصابة حزب المؤتمر، تلك العصابة المنحرفة وطنيًّا. التي قدّمت رأس تونس لأحْقر دولة في الكرة الأرضًّية، من أجل الاستمرار في السّلطة. ولقد رأينا كيف استماتوا في الدّفاع على كراسيهم ولم يبرحوها برغم الفشل، وبرغم الوضع الكارثي الذي وصلت له بلادنا.

إنّ التشبث المرضي بالسلطة، هو ما يفسّر تصرّف المرزقي وأعوانه بعد هزيمة 21 ديمسمبر بطريقة تثير السّخريّة. ومن بين التصرّفات الأقرب لقُطّاع الطُّرق منها لرجال الدّولة، هي محاولة السّطو على أرشيف قصر قرطاج.

الجماعة في مونبليزير، وخدمهم في المؤتمر، كانوا واثقين من فوز المرزوقي وبقائِهِ رئيسًا. ولذلك لمْ يفكِّروا بنقل الأرشيف منذ شهر جويلية. والحقيقة أنّهم يُريدون الاستحواذ على أسْرار البلد، أوّلًا لإخفاء صفحات الخيانة التي ارتكبوها خلال حكم التّرويكا. وثانيًا، لمواصلة ابتِزاز رجال الأعمال وإجبارهم عل دفع "الجِزْية". وثالثا للمتاجرة بأسْرار الوطن في سوق المخابرات الدّوليّة.

إنّ ما يُروِّجُه متكلّموا النّظام الظلامي المخلوع، من كون رفع الأرشيف كان بدافع الحِرْص على كشف حقيقة الجرائم والانتهاكات هو كذب وتضليل للرّأي العام، بدليل فضيحة العدالة الانتقاليّة التي جُعِلتْ لها وزارة كاملة صرف عليها الشّعب آلاف المليارات، لكي تتمّ محاسبة المجرمين، حتّى نتمكّن من بناء مصالحة وطنيّة حقيقيّة أساسها العدل والإنصاف. ولكنّ تلك الوزارة لمْ ُتُحاسب الفاسدين، بل ابتزّت رجال الأعمال المظنون في ارتكابهم لجرائم اقتصاديّة. وعقدت صفقة رخيصة فوق جثث الشّهداء، مع بعض رؤوس النّظام السّابق بدافع ضمان البقاء في الحكم، وليس حِرْصًا على كشف الحقيقة ولا تحقيقا العدالة. ولقد كانت كلّ أرشيفات البلاد على ذمّتهم منذ ما يزيد على ثلاث سنوات. فما بالهم استعجلوا نقل أرشف الرِّئاسة الآن؟ وكيف لرئيس منتهية ولايته أن يتّخذ قرار تسليم أرشيف القصر، وعمليّة نقل السّلطة جارية؟ ألا يعرف الرئيس المؤقّت أنّ القانون يمنعه من ذلك؟

يجب أن يعلم المواطن أن "هيئة الحقيقة والكرامة "لم تستحدث بعدُ اللجان المنصوص عليها في نظامها الداخلي. وهي:
لجان البحث والتقصي.
لجنة حفظ الذاكرة الوطنية.
لجنة الفحص الوظيفي.
لجنة التحكيم والمصالحة.

هذه اللجان المختصّة، هي التي يجب أن تتعامل الوثائق بدقّة الخبراء، و حسب متطلّبات القضايا والشّكاوي المقدّمة حصْرًا. ووفق ما يُخوِّله القانون بالضبط والتّحديد. وليس بشكل عشوائي والتصرف في الأرشيف هكذا بلا كاميرا، ولا مراقبة ولا مسؤوليّة. فهذه عمليّة تتّصلُ بمسك أسرار الدّولة وذاكرة أمّة وليس لعب أطفال. ولذلك ففي ظلِّ غياب هذه اللِّجان، فمن الذي سيحُلُّ محلّها؟
أو كيف ستوزّع السيّدة سهام بن سدرين الأرشيف على لجان لم تُستحدث بعد؟
وكيف سيكون التصرف فيه دون اتباع منهج دقيق من الناحية العلمية والمنهجية، ووفق القانون؟

كلّ من يحاول الإجابة على هذه الأسئلة سرعان ما يتوصّل إلى أنّ الهيئة ليست مُحايدة، وليست وطنيّة. وكل حديث عن الخوف من عودة التجمّع ووضع يده على الأرشيف، هو ضرب من الانحطاط. لأنّ الباجي قائد السّبسي لم يُعطّل العدالة الانتقاليّة. وأكثر من هذا، الباجي قائد السّبسي الذي كان منافسنا في الدّور الأوّل، فاز بثقة أغلبيّة المقترعين.
فهل يُعقل أن يثق الشّعب في إفرازات الترويكا التي خرجت من الحكم بالدم. ولا يثق في الباجي المنتخب؟

في هذا السّياق، وردًّا على ادّعاء الحق في رفع أرشيف البلاد وذاكرة الشّعب وإخفائها في مكان مجهول، نذكّر هؤلاء أنّه عندما يمنح القانون مؤسسة عامة، أو هيئة دستوريّة صلاحية ما، يجب عليها أن تتصرّف في هذه الصلاحيات، في حدود القانون، وبالاستناد إلى مبادئ القانون العام، وأولها حسن النية، وثانيها عدم التعسف في استعمال الحقّ. و"هيئة الحقيقة والكرامة" لم تحتكم إلى هذين المبدأين .. بل أّنّ هذه الهيئة المنتخبة من مجلس منتخب على وجه الخطأ، جنحتْ إلى إلحاق الضّررْ بالوطن، فحُقَّ لأعوان أمن الرّئاسة أن يرفضوا دخول "شاحنات باب لخضراء" لقصر الجمهوريّة، وأخذ أسرار بلادهم إلى حيث لا يدرون. خصوصًا إذا كان صاحِب الأمر بالتسليم فاقدًا للصّلاحية ومجنون في نفس الوقت. وإذا كان للمتسلّم، المشرف على العمليّة تاريخ مع السّفارات الأجنبيّة.

باختصار شديد هؤلاء يتصرّفون وفق معايير الدّول الفاشلة. ولقد تبيّن أنّ تونس دولة أكبر من أن يحكُمها قوّادون لدويلات أخرى من أجل الفلوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Socialism the podcast 131: Prepare a workers- general electi


.. لماذا طالب حزب العمال البريطاني الحكومة بوقف بيع الأسلحة لإس




.. ما خيارات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة عمليات الفصائل الف


.. رقعة | كالينينغراد.. تخضع للسيادة الروسية لكنها لا ترتبط جغر




.. Algerian Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الجزائر