الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العام الجديد، الامنيات والتمنيات

سمير عادل

2014 / 12 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بمناسبة العام الجديد، تخيل فقط وانت تشاهد فلم لخيال غير علمي وانتاجه ليس في استوديوهات هوليود، ان يصدر قرار بأن تكون رواتب الرئاسات الثلاثة، من رئيس الجمهورية ونوابه العاطلين عن العمل ورئيس الوزراء ونوابه الذين لا يحلون ولا يربطون ورئيس البرلمان ونوابه ديكوارت نشاز، ان موظفي الرئاسات الثلاث المذكورة لا تتجاوز رواتبهم اكثر من اجرة عامل ماهر. وما هي اجرة عامل ماهر في العراق؟ انها لا تزيد عن 600 الف دينار عراقي شهريا، وهو يكد ويعمل لمدة لا تقل عن ثمان ساعات يوميا مع عدم وجود مخصصات وامتيازات وبدلات خطورة وعدوى ونقل وسكن وضمان اجتماعي. وبعكس من هم في الرئاسات الثلاثة الذين يعيشون كطفيليين متخمي البطون ولا يحركون ساكن ولا يجيدون غير عقد المؤتمرات الصحفية وتنظيم الولائم والادلاء بتصريحات طائفية وقومية وتسميم اجواء المجتمع وعقد الصفقات السرية مع حكومات المنطقة والمخابرات الدولية والمليشيات المحلية، ومع كل هذا يكلفون ميزانية المجتمع التي هي ثمرة عمل العامل الماهر وغير الماهر المليارات من الدولارات شهريا.
لنكمل مشاهد ذاك الفلم الذي هو من نسج خيال غير علمي، وفجأة يطرح مشروع قانون في البرلمان، مفاده ان يكون يكون راتب موظف في السلطة التشريعية والتنفيذية وبغض النظر عن سلم وظيفته لا يزيد عن اجرة عامل ماهر، ماذا سيحدث؟ تخيل شكل السيناريو، فهو بسيط جدا ولا يحتاج الى عناء يذكر، فأولا تهمة الخيانة بارتباط صاحب مشروع القرار بجهات خارجية، وثانيا والاخطر بأن من يقف وراء مشروع القرار هم الشيوعيين، وترتفع عقيرة المصلحين الاجتماعيين والدينيين بان الشيوعية كفر والحاد، والمجتمع العراقي اسلامي ولا يقبل الشيوعية والاباحية..الخ. وبهذا نصل الى نتيجة ان المجتمع الاسلامي يقبل ان يكون رواتب الرئاسات الثلاثة واعضاء البرلمان والمدراء العامين اعلى بعشرات الاضعاف من رواتب ومعاشات العمال والكادحين الذين هم منتجي خيرات النفط والثروات في المجتمع العراقي. والجانب الاخر من السيناريو تحرك مافيات وعصابات مليشيات الرئاسات الثلاثة لتصفية من يقف وراء مشروع القرار المذكور بكواتم الصوت والعبوات الناسفة.
ان مفهوم "الحق" و"الحقانية" وتحويله الى بديهية طبيعية لا تناقش في المجتمع حول ان يكون اجرة العامل في الحضيض بينما تكون معاشات السادة "الموقرين" في الرئاسات الثلاثة والبرلمان ارقام فلكية هو مفهوم خطير ومقلوب ثبت رغما عن المجتمع في مفاهيم وتصورات وافكار المجتمع نفسه. بحيث تقوض مفهوم "المساواة" في الرواتب والاجور بين الفئات الاجتماعية المختلفة وتحول الى تقليل من رواتب والرئاسات الثلاثة واعضاء البرلمان والموظفين الذي يتقاضون الملايين وفرض الادخار الاجباري عليهم حسب ما جاءت في مسودة موازنة 2015 وتم القراءة الاولى عليها في البرلمان دون التلاعب بارقام تلك الرواتب ومساواتها بين اجرة العامل الماهر في المجتمع. وهكذا بدل من ان يطالب العمال والكادحين من الموظفين الصغار والعاطلين عن العمل بمساواة اجورهم مع الرئاسات الثلاثة واعضاء البرلمان ووكلاء الوزرات والمدراء العامين، تحولت رواتب الاخيرة الى حق بديهي في المجتمع ويقر عليه البرلمان ويمرره على شكل قانون ويفرض على الميزانية ويجيش لها الجيوش ويجند لها اجهزة القمع كي يسهل استساغتها من قبل الجموع الجائعة في "العراق الجديد".
ان المشكلة والمعضلة الحقيقية لا تكمن بوجود الفساد ولا في الجهة التي بأمكانها محاربة الفساد او لا حسب ما تروج لها الاقلام المأجورة والمتوهمين بالحكومة العراقية الجديدة وطيبي النية من الليبراليين وغيرهم الذي لا حول لهم ولا قوة ولا بوصلة لهم، بل المعضلة تكمن بشرعنة قسم من الفساد ومحاربة الجزء الاخر منه الواضح للعيان، بحيث تحول القسم المشرعن الى حق بديهي والهي ولا يجوز مناقشته او المطالبة بألغلائه نهائيا.
فتخيل ان تكون رواتب الرئاسات الثلاثة واعضاء البرلمان ومن لف لفهم متساوى مع اجرة العامل الماهر، لذهب كل من علاوي ومعصوم والنجيفي والاعرجي وسهيل والعبادي والجعفري وزيباري.... وعادو ادراجهم ولتركوا العراق بأول طائرة الى من حيث جاؤوا ولتاهت مليشياتهم وحلت نفسها دون اي عناء، ولحل الامن والامان والاستقرار في العراق.
ان "الحق" مفهوم نسبي ومرتبط بميزان الصراع الطبقي وقوته في المجتمع، ويجب قلبه الى صالح الاغلبية المطلقة من العمال والمحرومين، وان تعي الاغلبية تلك بأن حفنة طفيلية في الرئاسات الثلاثة والبرلمان لا تستحق ولا من حقها ابدا تلك المعاشات والامتيازات ويجب العمل على انتزاعها منهم.
في العالم الوقعي ليس هناك انسان جبان ولا انسان شجاع، بل هناك انسان غير واعي بأن حقوقه البديهية في الحياة والعيش الكريم والمساواة، هي حقوق يجب عدم المس بها وبين من يعي بأن تلك الحقوق هي حقوق بديهية ويجب الذود عنها. وعليه فأن على الملايين من العمال والمحرومين ان يعوا ويسالوا سؤالا بديها. لماذا لا تتساواى اجورهم مع من في العملية السياسية؟ بماذا يختلون عنهم؟ ما سر اختيارهم لانفسهم بأنهم "شعب الله المختار"؟
في العام الجديد، لا تفيد تمنيات المرء بأحلال الامن والسلام في العراق، لان الامنيات والتمنيات عفا عليها الزمن، وطوال اكثر من عشر سنوات بقيت تلك الامنيات في محلها دون ان تتحقق، لان نقل العراق الى بر الامن والامان لن يكون بالتمنيات ولن يكون بالانتظار ولا بالانتخابات، ولن يكون بأختبار العبادي ومن قبله المالكي عسى ان ينجح واحد منهما في انقاذ العراق من دوامة العنف والارهاب والفساد والفقر والعوز. ان تحقيق الامنيات والتمنيات يكون فقط بالقناعة بتلك الحقوق وبعدها فقط بالعمل والتغيير الثوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم