الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رواية الخلق التوراتية الثانية هل الذكور أصل و الإناث فرع؟

التهامي صفاح

2014 / 12 / 30
الطب , والعلوم


من أجل ثقافة عقلانية تنتمي لعصرنا

المرجع:الكتاب المقدس اليهودي القديم
الفصل : سفر التكوين
الإصحاح :2
الأعداد :من 18 حتى 23
الزمان: قرون عديدة قبل الميلاد حسب الروايات .
النص :(( 18 وقال الرب الإله: ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره 19 وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها 20 فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية. وأما لنفسه فلم يجد معينا نظيره 21 فأوقع الرب الإله سباتا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما 22 وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم 23 فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أخذت.))
هذا جزء صغير من سفر التكوين الذي قال عنه زغلول النجار ، لما حدثه الدكتور عبد الصبور شاهين ذات مرة بمناسبة صدور كتابه "أبي آدم" في مناظرة بينهما عن وجود ما يسمى الإسرائيليات في الثراث الإسلامي و في التفاسير،قال أن القدماء لم يجدوا غير سفر التكوين في التفسير فأخذوا منه .
و ذكر زغلول النجار هنا ليس لقيمة علمية أو شيء من هذا القبيل و إنما فقط ليفهم القارئ المستنير القصد من إعترافه الضمني بوجود إسرائيليات فيما يسمى تراثا إسلاميا مشتركا بين المختلفين من سنيين و شيعة وأحمديين و بهائيين و غيرهم.
و في أي نسق فكري يدعي الحقيقة المطلقة ، يكفي إعطاء مثال واحد منه يكون خاطئا لكي يحال كله على أنه خاطئا.
و الجزء المقتطف من سفر التكوين أعلاه يريد أن يقول لنا حسب تفسيرأصحابه القدماء الذين كتبوه و تكلموا عن الرب بصيغة الغائب معترفين بأن البشر هم من كتبوه "أن آدم هو الرجل و أن حواء هي المرأة و أن الأصل هو الرجل و الفرع هي المرأة التي أُخذت من ضلع الرجل" .و هي الحكاية التي إنتشرت بين الأوساط غير المتعلمة من المحيط للخليج كحقيقة مقدسة بحيث توصف السيدات بأنهن "ضلع أعوج" لا يُطِعْن الرجال و أنهن "إذا أراد الرجل إصلاح إعوجاجها كسرها" لأنها ضلع أعوج..الخ من الترهات القديمة ...المخالفة لمعلومات البيولوجيا العصرية و العلم الحديث .فهل السيدات فرع من الأصل الذي هو الرجل ؟
إذا نظرنا لحسم الذكور نجد به براعم أثداء متوقفة عن النمولعدم قيامها بوظيفتها الإرضاعية مثل ما عند الإناث.و هذا يعني أن المورثات المسؤولة عنها (المورثات هي قطع معينة من المادة الوراثية التي تكون في نوى كل الخلايا مسؤولة عن الصفات الوراثية للنوع) و الخاصة بالإناث قد تم التعبير عنها في جسد الذكور.و إذا علمنا أن البويضة الأنثوية هي الخلية المؤهلة و ليس الحيوان المنوي لتعطي خلال النمو بعد الإخصاب عبر إنقسامات خلوية متسارعة الجنين سواء كان ذكرا أم أنثى نفهم لماذا توجد براعم أثداء عن الذكورو لماذا يرث الذكور العضيات الخلوية لأمهاتهم و ليس لآبائهم الذكور.
و بالإضافة لذلك يمكن الإطلاع على كيف يتكون الجهاز الجنسي الذكري إنطلاقا من نسخة جاهزة لجهاز جنسي أنثوي و ذلك بإختفاء ما كان سيعطي الرحم وإنسداد ما كان سيعطي فتحة المهبل و الفرج و البظرعند الأنثى ليتحول لقضيب عند الذكور.ثم بهبوط ما كان سيعطي مبيضين عند الأنثى من مكانهما الأصلي للأسفل تحت القضيب لتتشكل الخصيتين اللتان تحتاجان درجة حرارة أقل من درجة حرارة داخل الجسم كشرط ضروري لتكوين الحيوانات المنوية و غير ذلك من التحولات المدهشة فعلا.
هذه معلومات علم النمو Embryologie و غيرها هي معلومات متوفرة الآن لأي كان عبر الأنترنيت يمكنه التأكد منها.و هي معلومات علمية تم تأكيدها بتجارب لا يرقى لها الشك .إنها حقائق علمية نتيجة إعمال العقل و الذكاء الإنساني .
وإذا نظرنا بصفة عامة للتوالد الجنسي عند باقي الأنواع النباتية والحيوانية فيبدو بشكل شمولي أن هذا النوع من التوالد هو الأقدر على توفير إمكانيات هائلة في تنوع الصفات الوراثية التي تمكن من مقاومة و مسايرة التغيرات البيئية.و بالتالي إستمرار الحياة الذي تلعب فيه الأعضاء الأنثوية الدور المركزي .هذه الحقيقة المتوصل لها بالعلم الحديث في إعتقادنا هي إرادة الله .
وما هذه الأنواع الرائعة من الفواكه المتنوعة و ذات الألوان الزاهية والمميزات المختلفة التي تحتوي كل منها على أدوية و حاجيات ضرورية للجسم البشري إلا نتاج لإشتغال الأعضاء الجنسية الأنثوية بنشاط دؤوب و ليس للأعضاء الجنسية الذكرية.
و كمؤمنين بوجود الله فإن المعلومات العلمية الحديثة البسيطة التي ذكرناها أعلاه تدفعنا دفعا لكي لا نعتقد أنه هو الموحي بجزء سفر التكوين الذي سقناه و الذي يجعل من الرجل أصلا و من المرأة فرعا في رواية الخلق التوراتي القديم التي لا أدلة عقلانية عليها.
نستنتج أنه كلام أولئك المثقفين حسب عصرهم من اليهود القدامى الذين كانوا في زمنهم يجهلون معطيات العلم الحديث بطبيعة الحال و تصوروا أو نقلوا روايات عن آخرين و نسبوها له لأسباب تخصهم .لأن الجزء يتحدث عنه بصيغة الغائب أولا.ثانيا لا يمكن أن يوحي الله بأشياء مخالفة لعلمه .لأن القول بأن تلك السطور هي وحي إلهي يجعل الإله جاهلا و هذا مستحيل.إذن الجاهلون هم من كتبوا تلك السطور ليفسروا وجود الإناث والذكور في رواية الخلق التوراتي .و إذا كانوا جاهلين بإنتمائهم لعصور الظلام المعرفي التي تبعد عنا بألفي سنة فهذا شيء طبيعي .وهم معذورون بجهلهم .لكن أن يكرر اليوم الحاضرين معنا في هذا القرن نفس كلام الأقدمين فهنا المشكلة ،بل يمكن القول أن هؤلاء هم الأسوأ من الأقدمين. إذ أي عذر لهؤلاء اليوم؟
إن المشكلة المثارة هنا ليست قضية دين أو سياسة إنها قضية علم و معرفة و منطق .من حق الناس خصوصا في شمال إفريقيا و الشرق الأوسط ، لتحقيق النهضة و التقدم ، معرفة الحقيقة كحق شرعي دولي مسطر في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .
فهل بعد هذا يمكن الإستمرار في القول أن الإناث فرع و الذكور أصل ؟

رابط سفر التكوين :
http://st-takla.org/pub_oldtest/Arabic-Old-Testament-Books/01-Genesis/Sefr-Al-Takween_Chapter-02.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل هناك مهن ستتأثر سلبيا بالذكاء الاصطناعي؟ شاهد رد المهندس


.. شاهد| رفح بعدسة الأقمار الصناعية بعد التوغل الإسرائيلي فيها




.. المهندس محمد سعد خبير تكنولوجيا المعلومات لخالد أبو بكر: كل


.. د.خالد قاسم مساعد وزير التنمية المحلية: الوزير وجه المحافظين




.. مرض السكري.. قريبا حبوب الأنسولين ستعوض الحقن لمرضى السكري