الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس:انتهت الانتخابات فلننبذ الاوهام

الديمقراطية الجديدة( النشرة الشهرية)

2014 / 12 / 30
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تونس: انتهت الانتخابات فلننبذ الاوهام

فاز ، كما كان متوقعا، مرشح النداء -السبسي- بنسبة 55,68 بالمائة على منافسه المرزوقي الذي غنم 44,32 بالمائة من الأصوات وصوتت - كما كان متوقعا- أغلب قواعد الجبهة "الشعبية" لفائدة السبسي وأغلب قواعد النهضة للمرزوقي إلى جانب السلفيين وحزب التحرير الذين يتظاهرون بمقاطعة الانتخابات. وشارك في عملية الاقتراع ما يقارب 3ملايين من أصل حوالي 5,3 ملايين مرسما,صوّت منهم (مليون و731529 للسبسي ومليون و378513 للمرزوقي مع 28755 ورقة بيضاء و50585 ورقة ملغاة) وسجلت ولاية بن عروس- تونس- اكبر نسبة مشاركة في حين سجلت اقل مشاركة في سيدي بوزيد و أجمعت كل الأطراف السياسية على أن نسبة مشاركة الشباب منخفضة جدا لا تتجاوز 2بالمائة وهو ما يؤكد نجاح المقاطعة ورفض الشباب الاستقطاب الثنائي باعتباره صناعة استعمارية تحاول وضع الشعب المنتفض أمام خيارين لا ثالث لهما ( إما دساترة و إما إخوانجية ) وذلك لطمس الخيار الثوري الذي يرفع شعارات الانتفاضة ويدافع عن الديمقراطية الشعبية وليس عن ديمقراطية الائتلاف الحاكم والاستقطاب الثنائي المعزز باليسار الانتهازي .
وكالعادة رغم الإخلالات والتجاوزات نوّه الإعلام الرسمي بعملية "الانتقال الديمقراطي" واعتبرها نموذجا يُحتذى به حتى في بلدان "الديمقراطية العريقة" والجدير بالذكر أن هذه العملية تمت وسط استنفار امني لم يُشهد له مثيل نجح النظام في تحويله إلى أمر واقع وتقبله الرأي العام بفعل التهديدات الإرهابية.
1- من ساند من؟
اتضحت الخارطة السياسية في تونس و أصبح واضحا من يقف إلى جانب ترميم النظام السابق ومن يدعم مشروع الإخوان وما ينجر عنه من فوضى خلاقة وإرهاب ويهدف المشروعان إلى دفن مطالب الانتفاضة وتحويل وجهة الصراع من صراع ضد الاستعمار الجديد وعملائه إلى صراع رجعي بين الطبقات الحاكمة ويزايد الجميع بالديمقراطية والثورية واستكمال مهام "الثورة" فلا أحد يصدّق السبسي عندما يتحدث عن الثورة المزعومة ولا أحد يثق في الغنوشي -النهضة – عندما يزعم تحقيق استحقاقات "الثورة" لان الحقيقة المرة والتي يعرفها أبناء الشعب تتمثل في أن لا السبسي ولا الغنوشي ولا أي حزب آخر أشعل شرارة الانتفاضة . إن الانتفاضة من صنع الشباب المهمش الذي عانى سنوات من الحرمان والقهر والبطالة والتهميش و دوس كرامته ومصادرة حريته...
بينت الانتخابات أن لا أحد من الأحزاب يقف إلى جانب الشعب وان ادعى بعض الانتهازيين أمثال حزب العمال التحدث باسم "ولد الشعب" فقد اصطفت جل الأحزاب المحسوبة على اليسار وراء النداء-السبسي- إلى جانب الدساترة وبعض القوميين بحيث نجد "الحزب الاشتراكي"(المنشق عن حزب العمال) و حزب العمل الوطد الذي يشيد بالسبسي جهرا و يُثمّن خطاب الغنوشي الداعي للتوافق والوحدة "الوطنية" كما نجد المسار(الحزب الشيوعي سابقا) وحركة النضال الوطني (التصفوين سابقا الذين طالما وقفوا إلى جانب الإخوان و الآن يدعمون السبسي وقد تبجّح الناطق الرسمي بشجاعته في دعم النداء... ) واغلب قواعد الجبهة الشعبية وخاصة حزب الوطد الموحد (أرملة شكري بلعيد و أرملة البراهمي...)كما نجد الدساترة أمثال حزب المبادرة والحركة الدستورية وحزب اللقاء الدستوري وحزب صوت شعب تونس ثم حركة الديمقراطيين الاجتماعيين والجبهة الوطنية التونسية للانقاذ... هذا فضلا عن العديد من جمعيات "المجتمع المدني" والعناصر المسماة "شخصيات وطنية" "ومثقفة"...
أما معسكر المرزوقي فقد ضم أساسا قواعد النهضة (70بالمائة) وحزبه - حزب المؤتمر- الذي لم يجن في مجلس النواب سوى 3 مقاعد وحركة وفاء وحزب البناء الوطني وحزب الإصلاح والتنمية والحركة الوطنية للعدالة والتنمية وحزب البناء المغاربي هذا إلى جانب أنصار الشريعة وحزب التحرير وكل المتعاطفين مع التيار الإخواني رغم ادعاء البعض مقاطعة الانتخابات.
ومقابل هذا الاستقطاب الثنائي من صنع استعماري ، نجد جمهور المقاطعة وفي طليعته شباب الانتفاضة والعمال والفلاحين الذين اعتبروا أنهم غير معنيين بانتخابات النظام التي شارك فيها أقل من 3ملايين ناخبا من 7.5ملايين يحق لهم الاقتراع .
وحاولت أجهزة النظام تهميش ضعف الإقبال على المشاركة لطمس واقع المقاطعة لانتخابات تحكّم فيها النظام من خلال المال السياسي أولا وواقع العسكرة ثانيا ودور الإعلام ثالثا في توجيه الرأي العام وفي إحياء منطق الولاءات الشخصية و العروشية و الجهويات ، و وصل الأمر إلى حد الحديث عن "شعب الجنوب وشعب الشمال أو الساحل" وذلك مقابل السكوت التام عن برامج المترشحين خلال الحملة الانتخابية التي طغت عليها الوعود الكاذبة والخطب الفضفاضة .
إن نسبة الإقبال الحقيقية - والتي يتجنّب الإعلام ذكرها- لا تتجاوز ثلث من يحق لهم الاقتراع وهو ما يثبت نجاح تيار المقاطعة وإن لم يكن مؤطرا بما فيه الكفاية كما سنرى لاحقا في علاقة بواقع القوى الثورية عامة . فهذه الانتخابات غير شرعية وإن كانت قانونية حسب قانون المجلس التأسيسي بأغلبيته الإخوانية آنذاك وهي غير شرعية كذلك لأنها لم تتناول عمليا واقع الشعب ولأنها أعادت تنصيب رموز النظام المتداعي للسقوط مع تشريك الإخوان واليسار تطبيقا لتوصيات خارجية تعمل على إبقاء الشعب فريسة لواقع الهيمنة والتخلف.
لقد لعبت عناصر اليسار وتحديدا مكونات الجبهة "الشعبية" دورا تخريبيا كبيرا تمثل أساسا في الإشادة بالانتقال الديمقراطي وبالانتخابات الشفافة والنزيهة من جهة والتنديد بتيار المقاطعة الذي اعتبرته انتحارا وضربا من الانعزالية و الثورجية ، و ساهمت قيادات الجبهة في تخريب الحركة الثورية وتشويه وعي الجماهير ومغالطتها في كل المراحل على امتداد 3سنوات فاعتبرت ما حصل "ثورة" وشرعت في التنظير إلى "أن الأوضاع تغيّرت على كل المستويات" وكأن دولة الاستعمار الجديد انتهت وان الائتلاف الطبقي الحاكم تغيّر كذلك ، وقد خلطت عمدا بين الدولة التي بقيت قائمة- بجيشها و بوليسها وأجهزتها القضائية والإعلامية وبنيتها التحتية والفوقية..- وبين شكل السلطة الذي تغيّر على مقياس الترويكا كما ورد ذلك في الدستور بحيث وقع اختيار النظام المزدوج- برلماني معدل-
و كشفت الأحداث حقيقة هذا اليسار الانتهازي الذي عوض مواصلة "المشوار الثوري" الذي زايد به في البداية تنكّر حتى لأرضيته في الجبهة التي ادعت أنها ستكون بديلا للاستقطاب الثنائي وانخرط في الوفاق الطبقي مع أعداء الشعب تطبيقا لإستراتجيته :"الجمهورية المدنية ذات البعد الاجتماعي". وستنخرط كتلته النيابية (15 نائبا- 120الف صوتا تقريبا)وفق خطها الإيديولوجي والسياسي - رغم الجعجعة الثورية لبعض عناصرها - في خط التحوّل السلمي و"المصالحة الوطنية" والميثاق الاجتماعي و"التعايش مع النداء والنهضة"حسب قول مرشح الجبهة للرئاسة ، تعايش في شكل معارضة شكلية نظرا لحجمها في المجلس.
2 - الانتخابات وتأجيل أزمة النظام .
إن الأوضاع التي اندلعت ضدها الانتفاضة لازالت قائمة بل أن وضع الجماهير قد تفاقم على كل المستويات ولم يشهد أي تحسّن رغم الوعود المتكررة كما أن المفاوضات الاجتماعية والزيادات المرتقبة والتي لن تتجاوز 6بالمائة حسب البيروقراطية النقابية لن تغطي التدهور المشهود الذي عرفته القدرة الشرائية لعموم الشعب.هذا فضلا عن تدهور الوضع الأمني و تدني الخدمات الاجتماعية.
ولن تفلح الحكومة القادمة مهما كانت تركيبتها، حكومة كفاءات أو وحدة "وطنية" في تجاوز الأزمة وفي تحقيق مطالب الشغالين والشباب المنتفض بما أنها ستسلك نفس السياسات السابقة باعتبارها امتدادا لنفس الائتلاف الطبقي وإن تغيّرت الوجوه وتفاعلت ظاهريا مع احتجاجات الجماهير وأوهمت البعض بالدفاع عنها وتحقيق "استحقاقات الثورة"كما تدّعي .
ويحاول النداء عبر حواراته إيجاد الحد الأدنى للتوافق حتى لا تصبح النهضة مثلا عنصرا معرقلا لقرارات مجلس النواب وحتى يحقق بعض الاستقرار للطبقات الحاكمة وفي هذا الإطار تعددت دعوات السلطة والمعارضة و بعض منظمات المجتمع المدني إلى التزام الهدوء واحترام هيبة الدولة والقوانين المنبثقة عنها لتحقيق "الوحدة الوطنية" والانصراف إلى العمل الجاد ومضاعفة الجهود في مجال العمل و الإنتاج و الإنتاجية.هذا ما يطمح إليه النظام وما يروجه الإعلام الرسمي دون اعتبار الواقع المزري الذي تتخبط فيه الجماهير الشعبية في مختلف الجهات و الأحياء الشعبية ودون تقديم ولو بصيص من الأمل للشباب العاطل .
و الآن يمكن القول أن الرجعية في تونس قد تمكنت من خلال الفوضى الخلاقة والانتقال الديمقراطي من العودة إلى الحكم بتزكية ما يقارب 3مليون ناخبا على عكس ما يحصل في ليبيا وسوريا والعراق واليمن...ورغم بعض التحسّن على المستوى الأمني والحريات العامة فان شباب الانتفاضة ما يزال يغلي غضبا وقد فَقد الثقة في الأحزاب التي ركبت على الانتفاضة وتاجرت بقضيته وبالشهداء للوصول إلى الكرسي وقد يُوظّف هذا الغضب من قبل قوى رجعية مثلما يحاول المرزوقي فعل ذلك عبر "حركة أو حراك شعب المواطنين" والتقدم كمعارضة وبديل يظل ورقة بيد الدوائر الامبريالية والعملاء العرب والمحليين تُحرّك عند الحاجة.
3- لنستعد للنضال
يطرح هذا الوضع مهامّ جسيمة على القوى الثورية وهي مهام تتجاوز حجمها الحالي وواقع التشتت التي تتخبط فيه منذ عقود ونظرا لتكتل الرجعية وانتعاش الانتهازية اثر تمثيلها في مؤسسات النظام فان القوى الثورية مدعوة إلى :
- إعادة الأمل في النضال لدى شباب الانتفاضة وصلب العمال و الفلاحين وباقي المضطهدين الذين لم تنطل عليهم لعبة "الانتقال الديمقراطي" و ذلك ب :
- مواصلة كشف مخططات العملاء وفضح انتهازية الأحزاب المتحدثة زيفا باسم الشعب "وأولاد الشعب"
- بلورة أرضية مشتركة توضّح:
أ- مفهوم "الوطنية"التي أصبحت محل مزايدة بما أن العميل أصبح يقدم نفسه وطنيا والرجعي ديمقراطيا وأصبح الانتهازي وطنيا ديمقراطيا و حتى المرزوقي- على يمين النهضة- صار يزايد هو الآخر بالجبهة الوطنية الديمقراطية .
ب- توضيح و شرح مفهوم الديمقراطية في مرحلة التحرر الوطني وفي ظل مجتمع زراعي متخلف غير قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي والنهوض بواقع المرأة وتثبيت الحريات العامة
ج- التركيز على المطالب العاجلة للعمال والفلاحين وفئات البرجوازية الصغيرة بما في ذلك الشبيبة ودراسة أشكال الدعاية والتحريض واختيار أفضل أشكال التنظيم وفق ما توصلت إليه الجماهير من تجربة في هذا المجال مع تشجيع عملية التنظم في اطر تضمن لأبناء الشعب استمرارية النضال واستقلالية القرار وتساهم في فرز قيادات ثورية على أرض الواقع .
ووجب التذكير بان واقع التشتت والتشرذم يخدم الرجعية ويترك النضال العفوي يتخبط في عفويته وضحية التجاذبات الرجعية والمزايدات الانتهازية دون برنامج موحّد وخطط ميدانية تنقذ الحركة الشعبية من الارتجالية والتجريبية و الاقتصادوية .
وطالما لم تتجاوز الحلقات الثورية نقائصها وتصلح ما يشوب خطها من أخطاء وتعي بحتمية وجود هيأة أركان موحدة أي "منظمة ثورية محترفة" لا شغل لها سوى النشاط الثوري فلا يمكن الحديث عن حركة ثورية ولا عن ثورة ولا عن تسليح الجماهير ببرنامج ثوري يكون بديلا لبرامج الاستعمار الجديد ويمهد طريق التحرر .
أما تشبث الحلقات بنشاطها الحِرفي والتخبط في المشاكل الذاتية والمشاغل اليومية والاكتفاء ببعض البيانات الموسمية أو بالدعاية الفضفاضة لإرضاء الضمير والتظاهر بهضم النظرية الثورية واعتبار أن نشاطها الارتجالي هو أفضل تعبير عن الممارسة الثورية ، إن الاستمرار في مثل هذه الوضعية يعني السير على طريق الاندثار والتفسخ والالتحاق بالأطراف الانتهازية كما حصل للعديد من العناصر الموجودة حاليا في قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل أو في أطراف الجبهة...
إن من يريد مساعدة الشعب على التحرر يبدأ قبل كل شيء بالقطع مع الحلم الرومانسي والمساهمة ميدانيا في فرز قيادة ثورية تعلن عن تأسيس حزب الطبقة العاملة لان الممارسة العملية بينت انه لا وجود لمثل هذا الحزب الآن رغم تعدد الأطراف التي تدعي ذلك .
(الديمقراطية الجديدة-النشرة الشهرية-) تونس 30 ديسمبر 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال