الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأب .. الابن .. روح الوطن

منعم وحتي

2015 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا بد أن ثالوث الأب والابن و الروح استأثر بجدل طويل بين الأديان التوحيدية، لكن المقصود في هاته الخُطاطة، استعارة لتمجيد الأب، الذي لم يأخذ حيزا كبيرا في الإبداعات الأدبية بالمقارنة مع الأم.

ونحن على مسافة سُوِيعَاتٍ من السنة الجديدة، مع متمنياتي لأصدقائي/صديقاتي المسيحيين/المسيحيات، و كل المشارب، بأحلى الأوقات، وهُم كثُرُ على امتداد كوكب الأرض، إلا أن هناك تقاطُعا يخص الفاتح من يناير، شهر على اسم جانوس، إله المداخل في الأسطورة الرومانية.

مناسبة استحضار هذا الثلاثي، سردُ حكايةٍ من وطني/بيتي، حيث أن تأخر تقنين تسجيل الولادات القديمة في بلدي بالسجلات الرسمية، حين لا تستطيع العائلة تذَكُّر حَدَث بارزٍ لتأريخ ازدياد الأطفال، يضطر الإدارة إلى وضع تاريخ افتراضي للولادة: الأول من يناير، ما يصادف رأس السنة الميلادية، وذلك كان شأن والدي، وكما يحتفل مسيحيو العالم بعد 25 ديسمبر برأس السنة، أقاسمهم أفراحهم بطعمِ محبة أبي. ما يجعلني أقص عليكم بعض ما بقي عالقا حول رجل استثنائي في زمن استثنائي: أبي.
*
أُحِبُّكَ أبي.. يوم صرختي الأولى سميتني تيمُّنا بالقائد العظيم عبد المنعم رياض ومعركة العبور تضع أوزارها.
*
أُحِبُّكَ أبي.. عقدتُ صداقتي بمكتبتك الضخمة من أعداد مجلة العربي، مرورا بالعقاد ومصنفات علم النفس و التاريخ.
*
أُحِبُّكَ أبي.. علمتَني معنى الأنفة والكرامة حين ترفع صوتك عاليا نُصرةً للمُضطهَدين أمام سُلطةٍ جائرة.
*
أُحِبُّكَ أبي.. وأنت ثابت على المبادئ وقد قطعوا رزقك بعد إضراب التعليم في أبريل 1979، ولم تُساوِم، ولم تنكس علم الحرية، والسنوات رصاص.
*
أُحِبُّكَ أبي.. وقد فتحتَ أعْيُننا على هامات شامخة في هذا الوطن، من طينة : بوكرين، عواد، بنرادي، منير، بنجلون، بنعمرو، ...
*
أُحِبُّكَ أبي.. حين كنتَ تحاضرُ حُبًّا في هذا الوطن، بالأسواق، في الحواري وفي الجُموعِ، بصوت جهوري، صادقٍ ومُقنعٍ.
*
أُحِبُّكَ أبي.. حين كنتَ تحيطُنا بِدفئِكَ الأُسري وكُتُبُنَا تحيط بنا، كان الحنان مرافقا لصرامة إيجابية، نِعْمَ الصديقِ كُنتَ.
*
أُحِبُّكَ أبي.. في لحظات انشراحِكَ العامة وأنت تُدنْدِنُ بمقطوعات محمد عبد الوهاب ومحمد فوزي وأغاني الأعراس الأمازيغية.
*
أُحِبُّكَ أبي.. حين يتطلب الموقف القطعَ، حاسمٌ كعادتك، فلا مجال للرمادي في طيفك القزحي.
*
أُحِبُّكَ أبي.. عندما تنهَمِرُ دُموعك الساخنة، ويُطِلُّ ذلك الطفل الحنون من أحشاء رَجُلٍ فولاذي البناء.
*
أُحِبُّكَ أبي.. عندما تستند إلى مقومات تكوينك في علم النفس لحل الإشكالات الأُسرية والمجتمعية.
*
أُحِبُّكَ أبي.. وزملاؤك في المهنة، أسرة التعليم، المواطنون، بل حتى رجال السلطة أتوا لتوديعك، احتراما، في نهاية مسارك التعليمي المُشَرّف: شهادة طبية واحدة في نصف قرن من العمل إثر حادثة سير بدراجتك النارية الغيفارية.
*
أُحِبُّكَ أبي.. لأنك جعلتني أمشي مرفوع الرأس في الشارع العام، وحكاياتك المُشرفة تخترق حتى الفضاء الأزرق وصُحْبَتُكَ تتداولها.
*
أُحِبُّكَ أبي.. لأني أؤمن بأنه ليس الفتى من يقول كان أبي، لكنني مُصِرُّ على الاعتراف بِجَميلِ رجل علمني حبَّ هذا الوطن.
*
أُحِبُّكَ أبي..

منعم وحتي / المغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح