الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإشتراكية والدين

فلاديمير لينين
(Vladimir Lenin)

2022 / 6 / 15
الارشيف الماركسي


ترجمة سعيد العليمى
الاشتراكية والدين ف . ا . لينين
ان مجتمع اليوم مؤسس كليا على استغلال اوسع جماهير الطبقة العاملة من جانب قلة ضئيلة من السكان ، طبقة ملاك الارض والرأسماليين . وهو مجتمع عبودى ، مادام العمال " الاحرار" الذين يعملون طوال حياتهم من اجل الرأسماليين لا " استحقاقات " لهم سوى وسائل العيش الضرورية لإبقائهم عبيدا ينتجون ربحا ، من اجل حماية وادامة العبودية الرأسمالية .
يسبب القمع الاقتصادى للعمال بشكل حتمى ويولد كل انواع القمع السياسي ، والإذلال الاجتماعى ، تبليد واظلام حياة الجماهير الروحية والاخلاقية . قد يؤمن العمال درجة اكبر اواقل من الحرية السياسية لللكفاح من اجل التحرر الاقتصادى ، ولكن مهما كان قدر الحرية فلن يخلصهم من الفقر والبطالة ، والقمع الى ان يطاح بسلطة رأس المال . الدين احد اشكال القمع الروحى الذى ينيخ بوطأته على جماهير الشعب ، المثقلة فوق طاقتها بعملها الدائم من اجل الآخرين ، وبالعوز والعزلة . ان عجز الطبقات المستغلة فى صراعها ضد المستغلين يؤدى بشكل حتمى تماما للاعتقاد فى حياة افضل بعد الموت كما ان عجز البدائى فى معركته ضد الطبيعة يولد الاعتقاد فى الآلهة ، والشياطين ، وماشابه . ان هؤلاء الذين يكدحون ويعيشون فى فاقة طوال حياتهم يعلمهم الدين ان يكونوا خاضعين وصبورين وهم فى الحياة الدنيا ، وان يجدوا السلوى فى امل المكافأة الالآهية . اما هؤلاء الذين يعيشون على عمل الآخرين فيعلمهم الدين ان يقوموا باعمال البر والاحسان فى الحياة الدنيا ، وهكذا يقدم طريقة رخيصة لتبرير كامل وجودهم كمستغلين ويبيعهم بسعر معقول تذاكر التمتع بنعيم السماء . الدين افيون الشعب . الدين احد انواع المشروبات الروحية ، التى يغرق فيها عبيد رأس المال صورتهم الانسانية ، وتطلعهم لحياة جديرة بالانسان لهذا الحد او ذاك .
ولكن العبد الذى اصبح واعيا بعبوديته ونهض للنضال من اجل تحرره قد كف بالفعل عن ان يكون نصف عبد . ان العامل الحديث الواعى طبقيا الذى ترعرع على منشأة صناعة الانتاج الكبير ، ونورته الحياة الحضرية يضع جانبا بازدراء التحيزات الدينية ، ويدع السماء للكهنة والمتعصبون البورجوازيون ، ويحاول ان يكسب حياة افضل هنا على الارض . تنحاز بروليتاريا اليوم الى الاشتراكية ، التى تجند العلم فى المعركة ضد ضباب الدين ، وتحرر العمال من اعتقادهم فى الحياة الاخرى بعد الموت بصهرهم معا حتى يقاتلوا فى الحاضر من اجل حياة افضل على هذه الارض .
يجب ان يعتبر الدين شأنا خاصا . بهذه الكلمات يعبر الاشتراكيون عن موقفهم ازاء الدين ولكن يجب تحديد معنى هذه الكلمات بدقة حتى نمنع اى سوء فهم لها . نحن نطلب ان يعتبر الدين شأنا خاصا لاعلاقة للدولة به ، لكن هذا لايعنى ان بامكاننا ان نعتبر الدين شأنا خاصا بالنسبة لحزبنا . لايجب ان يكون الدين شأنا من شؤون الدولة ، ولابد للجمعيات الدينية من الايكون لها صلة بالسلطة الحكومية . يجب ان يكون كل احد حرا فى ان يعلن ايمانه بأى دين يرغبه ، او الا يؤمن بدين ، اى ، ان يكون ملحدا ، كما هو حال الاشتراكى ، كقاعدة . التمييز بين المواطنين على اساس الاعتقاد الدينى امر مرفوض كليا . وحتى مجرد ذكر دين المواطن فى الوثائق الرسمية يجب ان ينتهى دون جدال . ولاينبغى ان تمنح معونات للكنيسة القائمة ولااعتمادات مالية من الدولة للجمعيات الكهنوتية والدينية . ولابد ان تكون هذه جمعيات حرة تماما تتشكل من مواطنين متماثلين عقائديا ، جمعيات مستقلة عن الدولة . التحقيق التام لهذه المطالب فحسب هو الذى يمكن ان يضع نهاية للماضى المخزى البغيض حين عاشت الكنيسة حالة تبعية اقطاعية على الدولة ، وعاش المواطنون الروس حالة تبعية اقطاعية على الكنيسة القائمة ، حينما كانت القوانين القروسطية المنسوبة لمحاكم التفتيش ( ومازالت قائمة حتى اليوم فى تشريعاتنا الجنائية وفى كتبنا القانونية ) موجودة ومطبقة ، تضطهد البشر بسبب اعتقادهم او عدم اعتقادهم ، منتهكة الضمير الانسانى ، حيث ينعم بالوظائف الحكومية المريحة من يوزع هذا المخدر او ذاك بواسطة الكنيسة القائمة . ماتطلبه البروليتاريا من الدولة الحديثة والكنيسة الحديثة هو الفصل التام بين الكنيسة والدولة .
على الثورة الروسية ان تنفذ هذا المطلب بوصفه مكونا ضروريا من مكونات الحرية السياسية . وفى هذا الصدد فان الثورة الروسية بصفة خاصة فى وضع افضل مادامت ( الدواوينية ) الرسمية المتمردة للاتوقراطية الاقطاعية التى تهيمن عليها الشرطة قد اثارت السخط ، وعدم الاستقرار والنقمة حتى فى صفوف الكهنوت . ايا ماكان الكهنوت الاورثوذكسي الروسي ذليلا ، وجاهلا ، فقد ايقظهم الآن رعد سقوط النظام القديم فى روسيا . حتى انهم قد انضموا لمطلب الحرية ، ويحتجون ضد الممارسات البيروقراطية والدواوينية ، ضد نظام التجسس المفروض لصالح الشرطة على " خدام الرب " . علينا نحن الاشتراكيين ان نقدم الدعم لهذه الحركة وان نحمل مطالب اعضاء الكهنوت الشرفاء والمخلصون لاعضاء لنهايتها ، وجعلهم يلتزمون بكلمتهم بشأن الحرية ، ونطلب منهم ان يقطعوا بشكل حازم كل الصلات بين الدين والشرطة . اما انك مخلص ، وفى هذه الحالة عليك ان تقف فى صف الفصل الكامل بين الكنيسة والدولة والمدرسة والكنيسة ، وان يعلن الدين كلية وبشكل مطلق شأنا خاصا . واما انك لاتقبل هذه المطالب المتماسكة من اجل الحرية . وفى هذه الحالة يكون من الجلى انك مازلت اسيرا لتقاليد محاكم التفتيش ، ويعنى هذا بوضوح انك مازلت تميل لان تتنعم فى الوظائف الحكومية المريحة والدخول المنهوبة ، وهذا يعنى بوضوح انك لاتؤمن بالقوة الروحية لسلاحك وتواصل اخذ الرشاوى من الدولة . وفى هذه الحالة سوف يعلن العمال الواعين طبقيا فى عموم روسيا عليكم حربا بلا رحمة .
والى الحد الذى يعنى حزب البروليتاريا الاشتراكية ، فان الدين ليس قضية خاصة . ان حزبنا هو جمعية للعمال الواعين طبقيا ، مقاتلون متقدمون من اجل تحرير الطبقة العاملة . جمعية كهذه لايمكنها ولايجب ان تكون غيرمبالية ازاء الافتقار للوعى الطبقى ، والجهل ، او الظلامية فى شكل العقائد الدينية . نحن نطلب تجريد الكنيسة من طابعها المؤسسي حتى نكون قادرين على مكافحة الضباب الدينى باسلحة ايديولوجية محضة وايديولوجية فحسب ، اى بواسطة الصحافة والكلمة المنطوقة . ولكننا اسسنا جمعيتنا حزب العمال الاشتراكى الديموقراطى تحديدا لمثل هذا الصراع ضد كل خداع دينى للعمال . وبالنسبة لنا فان الصراع الايديولوجى ليس شأنا خاصا ، ولكن شأن كل الحزب ، بل كل البروليتاريا .
اذا كان الامر كذلك لم لانعلن فى برنامجنا اننا ملاحدة ؟ لم لانمنع المسيحيين والمؤمنين بالله الآخرين من الالتحاق بحزبنا ؟

سوف تخدم الاجابة على هذا السؤال فى ايضاح الاختلاف الهام جدا فى الطريقة التى تعرض بها مسألة الدين من قبل البورجوازيين الديموقراطيين والاشتراكيين الديموقراطيين .
ان برنامجنا مؤسس كليا على النظرة العلمية وبالأحرى المادية للعالم . لذلك يتضمن تفسير برنامجنا بالضرورة تفسير الجذور الحقيقية التاريخية والاقتصادية للضباب الدينى . وتتضمن دعايتنا بالضرورة الدعاية للالحاد ، وطباعة الادب العلمى المناسب ، الذى منعته واضطهدته حتى الآن الحكومة الاقطاعية الاوتوقراطية بصرامة ، وعليه لابد ان يشكل هذا الآن واحدا من مجالات عملنا . وربما كان يتعين علينا ان نتبع نصيحة انجلز التى اعطاها ذات مرة للاشتراكيين الالمان وهى : ان يترجموا وينشروا على نطاق واسع ادب القرن الثامن عشر التنويرى والالحادى *.
ولكن لاينبغى ان نقع تحت اى ظرف فى خطأ طرح المسألة الدينية بطريقة مثالية مجردة ، بوصفها مسألة "فكرية " منفصلة عن الصراع الطبقى مثلما يحدث كثيرا من الديموقراطيين الراديكاليين المنحدرين من اوساط البورجوازية . سيكون من الغباء ان نظن انه فى مجتمع مؤسس على قمع لانهاية له يتسم بتبليد الجماهير العاملة ، ان التحيز الدينى يمكن ان يزاح بوسائل الدعاية المحضة . سوف يكون من ضيق الأفق البورجوازى الصغير ان ننسي ان نير الدين الذى يثقل على البشرية هو نتاج وانعكاس فحسب للنير الاقتصادى داخل المجتمع . لايمكن لأى عدد من الكراسات ولا لكميات من الوعظ ان تنير البروليتاريا ، ان لم تستنير بصراعها الخاص ضد القوى الظلامية للرأسمالية . الوحدة فى الصراع الثورى الواقعى للطبقة المضطهدة من اجل خلق جنة على الارض هى اكثر اهمية بالنسبة لنا من وحدة الرأى البروليتارى حول الجنة فى السماء .
لهذا السبب لانعلن ولايجب ان نعلن الحادنا فى برنامجنا ، ولهذا السبب نحن لانمنع ولاينبغى ان نمنع البروليتاريين الذين مازالوا يحتفظون بآثار التحيزات القديمة من ان يلتحقوا بحزبنا . سوف ندعوا دائما للنظرة العلمية للعالم ، ومن الجوهرى بالنسبة لنا ان " نكافح " عدم الاتساق عند تنويعات من ال "مسيحيين" . ولكن لايعنى هذا على الاقل ان توضع المسألة الدينية فى الصدارة ، حيث لاتنتمى لهذا الموضع على الاطلاق ، كما لايعنى هذا اننا سنسمح لقوى الصراع الاقتصادى والسياسي الثورى الحقيقى أن تنقسم بناء على آراء من الدرجة الثالثة او افكار لامعقولة ، تفقد على اى حال بسرعة كل اهميتها السياسية وتكنس كنفاية بحكم مسار التطور الاقتصادى ذاته . شغلت البورجوازية الرجعية ذاتها فى كل مكان فى روسيا باثارة التنازع الدينى – من اجل ان تحرف انتباه الجماهيرعن المشاكل السياسية والاقتصادية الجوهرية المهمة فعلا ، التى تحلها فى الممارسة الآن كل البروليتاريا الروسية المتحدة فى صراعها الثورى .هذه السياسة الرجعية لشق القوى البروليتارية التى تعلن تتجلى بصفة اساسية فى مذابح المائة السود ، ربما تتخذ فى الغد اشكالا اكثر خبثا . ونحن ، وكيفما كان الامر ، سوف نعارضها بهدوء ، واتساق ، وبصبر مبشرين بالتضامن البروليتارى والنظرة العلمية للعالم – تبشير بعيد عن اى اثارة لاختلافات ثانوية .
سوف تنجح البروليتاريا الثورية فى جعل الدين شأنا خاصا ، بقدر مايتعلق الامر بالدولة . وفى هذا النظام السياسي ، الخالى من العفن القروسطى ، سوف تشن البروليتاريا نضالا عريضا ومكشوفا للقضاء على العبودية الاقتصادية ، المصدر الحقيقى للدجل الدينى للبشرية .
المصدر : لينين ، الاعمال الكاملة ، المجلد العاشر ، ص ص 83 – 87 ، دار التقدم ، موسكو ، 1965 . ( الطبعة الانجليزية )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين يتحدد بحركة الصراع الطبقي
حميد فكري ( 2017 / 1 / 22 - 22:55 )
معالجة المسالةالدينية ،في الفكر الاشتراكي الماركسي تحديدا هي معالجة،اكثر علمية وموضوعية من غيرها .فهي تضع الدين في معمعان الصراع الطبقي ،باعتباره حقلا من حقول الصراع الايديولوجي ،بين الطبقات المستغلة ،والطبقات المستغلة .وهذا يعني ان حقل الدين ،انما يتحدد ببنية علاقات الانتاج ،وليس خارجها ،وبمعزل عنها .والا اعتبر الدين فعلا مستقلا ومتحررا من الواقع الذي يتحرك فيه ،كما يحاول ايهامنا بذلك المؤمنين .فالاسلام مثلا اليوم ،يتخد شكل راسمالي ،وليس ارستوقراطي.انه سلاح البورجوازية الكولونيالية وليس الاقطاع.وهذا يحتم تغيير البنى الاقتصادية ،كشرط ضروري ،لخلق الشروط للتحرر من ايديولوجية الدين .الماركسية باعتبارها ،نظرية الصراع الطبقي ،لا تكتفي بتغيير العوامل الاقتصادية ،فقط ،بل تمارس هذا الصراع ،على مستويات اخرى ،السياسي والايديولوجي.هكذا نفهم الماركسية،ولا اعتقد ان لينين يختزلها الى مجرد فكر اقتصادوي ميكانيكي كما فعل ستالين وغيره .

اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ