الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نطالب بالصلح قبل الاصلاح؟؟

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2005 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هل يستطيع رب الأسرة أن يقوم بإصلاح شئون بيته ، بينما يحمل في قلبه عداء وكراهية لأهل بيته؟! سؤال منطقي - بالطبع - فلابد أن يكون : علي وئام معهم ، حتى يستطيع أن يُصلح شئونهم ، ويكونوا علي قناعة بأن التعاون معه ، أمر واجب وضروري ، فأنت لن تستطيع - بأي حال من الأحوال - أن تُصلح من شأن ولدك ، معتمدا علي إيمانك - فقط- بأنك مسئول عنه ، وهو يراك تلعن اليوم الذي جاء فيه ، وتلعن أمه التي ولدته ، وتلعن الظروف التي جعلته ابنك!! أتستطيع أن تُصلح من شأنه وأنت علي هذه الحالة من الغضب والكراهية والعداء !!؟ بالطبع لن تستطيع أن تفعل شيئا ، إلا إذا بادرت إلي الصلح مع أهل بيتك ، وولدك ، في هذه اللحظة ، تستطيع أن تمارس مهامك في الإصلاح بشكل طبيعي ، وتلقائي ، وبتعاون أكيد وحقيقي منهم .. وفي أمور السياسة الأمر لا يختلف كثيرا ، عن المثل الذي ضربته .
القائمون علي شؤون بلادنا ، يكرهون الشعب ، ويمارسون كل ألوان القمع والقهر والتسلط ، ظنا منهم أن تلك الوسائل هي الأفضل في التعامل ، وينسون أن وسائلهم غير الإنسانية ، وغير المقبولة ، هي أقرب الطرق لتحقيق الكراهية ، المُعلنة أحيانا ، والمستترة غالبا ! تلك الكراهية تضع الجماهير ، في موقف لا تستطيع معه الحصول علي أدني درجات التعاون في الإصلاح ، لو أنك أردت مساعدتهم علي تحقيقه ، بل يخلق حالة من اللامبالاة ، وااللانسانية ، واللاهتمام ، بما يتساوي - تماما - مع سلبية النظام ، وعدم اهتمامه بشؤونهم ، وعندما تواجه السلطة الغاشمة مأزقا يحتاج إلي مساندة الجماهير لها ، تجد ها تنفض عنها ، وتنفُض يديها من كل شيء ، وكأن الأمر لا يعنيها ، فالكراهية تولد كراهية ، والمثل الشعبي يقول( عليا وعلي أعدائي) .. الصلح مع الشعب ضروري قبل الإصلاح .. أنظر حولك لتري بعض مظاهر الكراهية التي يمارسها المسئولون ، وتمارسها السلطة الحاكمة ، ظنا منهم ومنها أن العناية الآلهية قد أعطتهم وأعطتها حق معاملة الرعية ، بوصفهم أنعاما عليهم الطاعة العمياء ، وتنفيذ كل الأوامر دون أن تملك حق المواجهة ، وحق الاعتراض ، وحق الرفض ..
الحزب الوطني يُعطي لنفسه الحق - وحده - في إدارة شئون البلاد ، غير معترف بأن هناك أحزابا أخري وحركات وطنية اختارتها الجماهير ، ومن حقهم جميعا التعبير عن هموم الجماهير ، والدفع بأحلامها نحو التحقق ولكن من الكريه أن لجنة واحدة في الحزب ، هي لجنة السياسات ، تري أنها- وحدها - هي الجهة المنوط بها دفع القيادات إلي المواقع المتقدمة في مؤسساتنا ، بصرف النظر عن مؤهلات الاختيار ، وبصرف النظر عن مدي قدرة هؤلاء الذين يتم اختيارهم ، علي إدارة شؤون المؤسسات ، المهم هو الولاء ، ويغور الصالح العام ، ويروح في ستين داهية !! في نفس الوقت يتم استبعاد قيادات أخري ،لا لشيء إلا لأنها لاتنتمي إلي الزمرة التي تملك اتخاذ القرار!! والعدالة الغائبة أصبحت مظهرا آخر ُيولد الكراهية - أنظر إلي ما يحدث لبعض القضاة الذين يُمارس عليهم ، نفس مايُمارس علي الأفراد العاديين ، مع أن القضاة يملكون حصانه ، تقوي مواقفهم ، فما بالك بالذين لا يملكون أي حصانة ، من أمثالنا ؟!
وتصريح رئيس الوزراء - منذ فترة - بأن الشعب المصري لا يملك الوعي السياسي الذي يساعده علي تقبل التغيير الدستوري بشكل ايجابي ، يكشف مدي استهانته بالشعب ، ويكشف حجم الكراهية الكامنة في قلبه، وكأنه يريد أن يقول : إن الشعب ليس من حقه أن يختار حكامه، وعلينا أن نحكمه غصبا عنه ، وبغير إرادته ، لأنه مازال طفلا رعديدا ، يضع البزازة في فمه ، ولم يُفطم بعد !!
ورئيس الدولة دائما ما يتحدث عن أسباب المشكلات العويصة التي تواجه بلادنا ، ولا نستطيع أن نجد لها حلا ، يختزلها في سبب واحد يُرجعه إلي الزيادة السكانية ، وعلي الشعب طالما لا يستجيب لطلب الحكومة في وقف الخلفة ، أن يتحمل نتيجة أفعاله ، والأرقام تقول إن ملايين الأسر لا يتعدي عدد أفرادها - الآن - أكثر من ثلاثة أفراد ، أو أربعة أفراد - علي أكثر تقدير - والتعامل مع الشرطة ، في أقسام البوليس ، أو أي مكان آخر يوجد فيه رجل البوليس ، أصبح من الأمور المكروهة لدي معظم الناس ، نتيجة للتجاوزات التي نقرأ عنها، ونراها بأنفسنا ليلا ونهارا ، أذكر أنني وكنت عائدا من سفر مع أفراد أسرتي بعد منتصف الليل ، وأثناء ركوبي مع آخرين باصا مليئا بالأطفال والنساء ، فجأة رأينا رجلا ، أمر السائق بالوقوف ، وأعلن عن هويته ، مُفصحا أنه مباحث ، وكان معه رجال آخرين ، وطلب من الركاب إخلاء العربة لأنهم يحتاجونها في القسم ، ربما لنقل مساجين ، وربما لنقل عفش مأمور القسم .. الله اعلم ، يحدث هذا في الوقت الذي ينبغي فيه أن تكون الشرطة في خدمة الشعب ، بينما الذي يحدث الآن يقول : إن الشعب في خدمة الشرطة!! هل هذا التصرف لايخلق أعداء جددا للنظام ؟!! الدولة أطلقت أصحاب المدارس الخاصة ، ليصفوا حسابهم مع أولياء الأمور ، وأعطت الصلاحيات كاملة لمديري المدارس الحكومية ، لممارسة قمع وازلال أولياء الأمور، والتحكم في مصير أبنائهم ، والموظفون في المصالح الحكومية ، يعبرون عن كراهيتهم للنظام ، من خلال تعاملهم - غير الإنساني- مع الجماهير ، إنهم - في واقع الأمر - يفشون غلهم ، وينفسون عن غضبهم ، نتيجة ما يواجهونه من تعنت ، وظلم ، فإذا أعطتهم الدولة منحة بسيطة لاتكفي لشراء كيلو لحم ، قامت بإذلالهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، مما يعطي الفرصة للتجار والبائعين ، علي ممارسة هواية رفع الأسعار ، بدون رقابة ، وبدون ضابط ، فالكل يمارس الكراهية علي الكل ، والكل ينفث عن غضبه ، طالما أن قانون الطوارئ يمنعه من حق الإضراب ، ومن حق التظاهر ، ومن حق الاعتصام ، أنظر إلي قاعات المحاكم في مصر ، لتري أن الشعب المصري ، أصبح كله داخل المحاكم ، يقاضي بعضه البعض و يُصفي حساباته مع نفسه ، وأتساءل : كم قضية تم رفعها علي النظام ، الذي فعل كل هذا؟؟ وهل الحكومة التي تعرف أن موادا متسرطنة تتسرب إلي غذائنا ، وأصابت أكثر من نصف الشعب المصري بالمرض ، تكون هذه الحكومة محبة لشعبها، إن الحكومة غير القادرة علي حماية شعبها ، لاتستحق إلا الرفض ، والكراهية ..
الإصلاح ليس مجرد كلمة نرددها ، بينما الواقع يُفصح عن حالة عداء مستحكم بين الدولة والشعب ، كيف يطلب النظام الآن من الشعب الوقوف إلي جواره ، من اجل المستقبل !! بينما النظام مازال يعيش مناخ الكراهية ، التي يدعمها بمزيد من الفساد ، ومزيد من عدم الاهتمام ، ومزيد من القمع !؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا