الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة اللحظات الاخيرة من السنة الغابرة........قصة قصيرة

محمود جلبوط

2015 / 1 / 1
الادب والفن



مشى عشواء على رصيف شارع من شوارع المنفى حيث نهر الراين , ليسري عن نفسه ثقالة الدقائق العابرة بين السنتين .
تعبث ساعة الوقت به وهو يمشي بمحاذاة النهر.....دوى انفجار كاد يلامس وجهه , نظر بحركة غريزية سريعة يلاحق مساره . كانت السماء تتلألأ بأنوار ملونة فأدرك لتوه أن السنة الغابرة قد مضت بكل كلكلها مفسحة الطريق لسنة أخرى تزيد في عمر منفاه الصقيعي .
وزحمة أصوات انفجارات الألعاب النارية تواصل ذاكرته البحث عن أشلاء لحم محترق متناثر قد غطى حيطان المنازل المدمرة .....بقع دم وأزيز طائرات متعددة الاعلام .
كانت كلما زادت أجواء المكان ضجيجا وقهقهات عشاق الفرح والباحثين عنه في أعماق بهجة المكان تبدو ذاكرته مشوشة متدافعة : دخان كثيف وحطام منازل وألعاب أطفال متناثرة تبين من تحت الركام بقربها أشلاء بشرية , يد هناك , رأس هنا , قدم في إحدى الزوايا , أسمال ألبسة وأغطية فراش ممزقة مازالت تفوح منها رائحة أجساد قد أصابتها قذيفة بعيد وصولها النشوة أثناء ممارسة الحب على أسرة محطمة .
مشاهد عشواء من شرق المتوسط : مخيم هنا ومخيم هناك ...مدينة بالقرب من النهر ومدينة يحدها البحر , سوريا ..فلسطين ....العراق ...اليمن.....لبنان ...ليبا....صومال ......يا لسوء حظ هذي البلاد التي تقع جنوب المتوسط كلعنة....
ضاق ذرعا من زحمة الآلام , ومن ضيق التنفس الذي لازمه حتى كاد أن يختنق , والفرح المحيط يطبق على صدره .......
زمن طال لم يزر الفرح أروقته , ولم تنفع محاولاته لاقتفاء أثره ...
قد تجعدت روحه من الوجع لدرجة لم يعد تجدي كل محاولات تسويتها ولا حتى على حرارة مشاعر حب الأميرة الجديدة.
ما الذي يجري ؟ سأل نفسه . لماذا تهاجم ذاكرته تفاصيل هذه الأشياء وهو يبحث عن مكان في أروقة هذا الفرح؟ „ألأن العهر ساد العالم ؟ „ألأن الردة قد قتلتنا ؟ و"لأسرلة“؟
تاهت الذاكرة في أروقة لا يدري لها نهاية ...لم يذكر سوى أن ذاكرة كانت هنا وتداخلت حتى كادت تسد الرؤية.
„أمي ...يا أمي : لما ترمقيني هكذا معاتبة؟ ...لم يبقى لنا من الذكريات ما ندافع به عن حاضرنا يا أمي فاغفري لنا... لم يبقى لنا ما نستحضره من أصالتنا ضد من يحاولون "أسرلتنا" , أمركتنا , تدعيشنا , وتطييفنا ومذهبتنا وإعادتنا إلى عهد السبية والغنيمة ......أمي : إنهم يمزقون ذاكرتنا ويعبثون في محتوياتها فيعيدوا تشكيلها بما ينسجم مع عولمتنا “ .
تعب فقرر أن يأفل راجعا إلى المنزل....يتدثر معطفه بكلتا يديه ليتقي قشعريرة عمت جسده.......أي ريح تثيرها تلك الريح فتمزقه هكذا .
"يا بني : كيف يجد الألم طريقه إليك إلى هذا الحد والصدر قد ضاق إلى أضيق مما يتسع لكل هذا القهر؟..كل عام وأنت بخير يا ولدي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف