الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام الحزن 2014

أحمد هيهات

2015 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



كباقي سنواتنا العجاف الطويلات انقضت سنة 2014 على وقع دمدمة المنية، وأهازيج الحزن والتعاسة ومشاهد العار والشناعة والشنار، فقد أبت هذه السنة قبل رحيلها إلا أن تدمي قلوبنا بأكبر فاجعة مناخية في تاريخ المواسم الشتوية التي عهدناها عصية القطر شيمتها الضنة والشح ، فلما منحت أخذت أرواح زمرة من المواطنين الأبرياء الذين قدموا أرواحهم ثمنا لاستهتار مسؤولينا ، وانعدام روح المسؤولية فيهم واستصغارهم قيمة وحرمة أرواح البسطاء المستضعفين ، فمنهم من قضى نحبه في رابعة النهار أمام أنظار عدسات الكاميرات ،ومنهم من جاد بها تحت ظلمة أنقاض البنايات التي انهارت بعد كللها من إطلاق صافرات الانذار مع كل قطرة تجود بها السماء . أما بنيتنا التحتية التي تتزيى بقشور يانعة وباطن منتن فلله الحمد والمنة على ما بقي منها ، وللمستعمر الظالم الغاشم الشكر على ما ترك من طرق وقناطر بعد استنزاف ما لذ وطاب من خيرات البلاد .
ومن دواعي الحزن في هذه السنة التي أفلت رحيل عالم المستقبليات المفكر المغربي الكبير المهدي المنجرة رئيس الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية ،نصير قضايا الشعوب المقهورة المدافع عن حرياتها ،ومناهض الصهيونية والتطبيع ، ورغم صيته الذائع في أقطار المعمور رحل الرجل في صمت مخيف بسبب الحجب المتعمد لإشعاعه ،والتضييق الشديد على أنشطته ، والإقصاء الممنهج لفكره بسبب مساندته للمستضعفين ، ونضاله من أجل تعليم مُحرِر منتج لا مجرد تعليم فولكلوري ، ونبوءته بسقوط بعض الأنظمة العربية ، وتبشيره بانتفاضات شعبية في العالم العربي قبل عقدين من الزمن ، فهو الجدير بالاهتمام والقمين بحسن النعي والتوديع ، ولكنه لفم ينل عشر التمجيد والمدح الذي حظي به من عاش للوطن بربع ضمير ونصف وطنية .
وقد كانت فضيحة "موندياليتو المغرب" الأكثر تداولا وتفاعلا داخليا وخارجيا رغم بساطتها وتضاؤل فداحتها في حال مقارنتها بفضائح أخرى أفقدت المغرب الأموال والأرواح والكرامة والهيبة والمستقبل ،غير أن سحر كرة القدم - أفيون الشعوب الجديد - وبريقها في واقعنا الحاضر كان من وراء عولمة هذه الفضيحة ،فتحول المغرب إلى نكتة ومشهد هزلي أضحك الأنام في كل بقاع المعمور لما شاهدوا من فضائح وعاينوا من قبائح ، وطبعا لا أقول هذا دفاعا عن وزير الشباب والرياضة ،ولكن لأن السلالم تكنس من الأعلى كما يقول المثل الفرنسي ،فالغرض والقصد هو التأكيد على أن هذه الواقعة الأسيفة والمهزلة التاريخية الموثقة بالصوت والصورة تتضاءل إلى جوار الفضائح التي سمعنا بها سابقا ونسمع بها حاليا وسنسمع بها يقينا في المستقبل ، مما يفرض التعامل بالطريقة نفسها والتعيير والقياس بالمعيار عينه والنظر بمنظار واحد إلى كل تقصير تسبب في الإضرار بالصالح العام والمنفعة الوطنية ، وبالنتيجة القطع مع الانتقائية التي يفرضها اطلاع الخارج على أسرارنا ،فإن خفيت أذنت بسرمدية الأخطاء والفضائح وأبدية عذاب الشعب وألمه .
أما مصدر الحزن ذي الوقع المرير، والعويص المتعذر عن الطمس والتزوير فهو التفات المنظمات الدولية إلى كارثية الأوضاع في وطننا الحبيب حتى غدا زهرة تهوي إليها أسراب من المؤسسات والمنظمات التي انفتحت شهيتها لكتابة تقارير تطفح سما وتفيض قتامة يصعب تصديقها لولا أن الواقع أقتم منها وأحلك ،وسنشير في ما يلي إلى غيض من فيض هذه التقارير ، فقد وضع تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" المغرب في المرتبة 136 عالميا في مؤشر حرية الصحافة لسنة 2014 ،وأكدت "منظمة العفو الدولية" في تقريرها السنوي أن السلطات المغربية قد فرضت قيودا على حرية التعبير وقاضت منتقدي الحكم والدين ومؤسسات الدولة ،وأنها استعملت العنف في قمع الشارع والصحفيين و المدافعين عن حقوق الإنسان ،وقد أطلقت هذه المنظمة حملة دولية، في 13 مايو الماضي، ورفعت خلالها شعار "أوقفوا التعذيب" شملت مجموع بلدان المعمور، مع التركيز بشكل أساسي على خمس بلدان ممثلة في المكسيك، والفلبين، ونيجيريا، وأزبكستان والمغرب، داعية حكومات هذه البلدان إلى اعتماد آليات وقائية لمنع التعذيب.
وقد صنفت منظمة " ترانسبارانسي" المغرب في المرتبة 91 حول مؤشر الفساد والرشوة بسبب فشل الحكومة في تدبير ملف الفساد الذي أقام عليه حزب العدالة والتنمية بنيان برنامجه الانتخابي لبلوغ رئاسة الحكومة والذي لم يختلف عن برامج الأحزاب الأخرى ،لأنه في ظلام السياسة المغربية يستوي كل شيء، كما نبهت مجلة "الإكونومست" في تقريرها الصادر عن وحدة المعلومات والأبحاث إلى أن المغرب بلد معرض لمخاطر اجتماعية مرتفعة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وإجراءات التقشف وتراجع القدرة الشرائية للطبقات الوسطى، بالإضافة إلى نقاط الضعف المؤسسية والسياسية والاقتصادية. وتقرير مجلة "فوريس" الأمريكية حول اقتصاد المغرب ،وفي القضاء تقرير منظمة "مشروع العدالة الدولية " ،وحول حقوق الانسان تقرير المفوضية الأوربية ...
وغير هذه المنظمات كثير كلها يممت وجهها شطر مغربنا الغالي الذي أمسكت عليه ألف ممسك في الهشاشة والتراجع والانتكاس في كل المجالات بسبب استشراء الفساد وتكريس جريرة الإفلات من العقاب ،وانخفاض الموارد المالية بسبب الاختلاسات والاعفاءات الضريبية واستفحال اقتصاد الريع ، وغياب الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية ،وقمع حرية التعبير والصحافة وتراجع حقوق الانسان , والتعامي عن التقارير السلبية التي تترى ، ومواجهتها بالتشكيك ووصفها بالتحامل والإغراض بدلا من تقبلها وتمحيصها والاستفادة منها في تصحيح الأوضاع وحل المشاكل والمعضلات.
أحمد هيهات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص