الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأتان.. في ظل النظام العالمي الجديد

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


من الحوادث الكثيرة التي برزت في المشهد العراقي، استوقفني حادثتان تعبران عن الحرب المعلنة على العراق بدون (رتوش) إعلامية!!
امرأتان، أميركية وأخرى إيطالية..
(جيسكا لنش).. مجندة من المارينز الأميركي في العراق، (أسرت) ذات يوم على يد (الإرهابيين).. بعد مقاومة عنيدة منها.. ثم حررها رفاقها بعملية بطولية غامضة، لتعود جيسكا إلى واشنطن مكللة بكل تيجان النصر والتحدي.. وتطل على الشعب الأميركي مقعدة على كرسي متحرك، تدمع عيناها حين تتحدث عن الأمة الأميركية، فتدمع معها عشرات الملايين من عيون الشعب الأميركي..
جوليانا سيغرينا.. صحفية إيطالية اختطفت من قبل (الإرهابيين) أيضاً، وأطلق سراحها بعد مفاوضات طويلة، إلا أن القوات الأميركية تطلق النار على سيارتها قبل أن تصل إلى مطار بغداد بسبعمئة متر، وهي عائدة إلى روما فتصيبها بجراح خطيرة وتردي ضابطاً إيطالياً برفقتها قتيلاً بعد أن تكوم بجسده فوقها لحمايتها من رصاص المارينز الأميركي..
كلا الحادثتين تحملان حقيقة كبيرة، تختفي بين التفاصيل، لتغور عميقاً فيما يسمى النظام العالمي الجديد..
جيسكا لنش بعد أسابيع من الحديث البطولي عنها وعن (المارينز ـ السوبر)، تتحدث صحيفة (الواشنطن بوست) ومراسلي الـ BBC في العراق، أن جيسكا كانت قد تعرضت لحادث سير ورقدت في مشفى عراقي حتى شفيت، وبعلم المخابرات العسكرية الأميركية التي أخفت هذا الخبر إعلامياً ثم اخترعت قصة تحريرها (البطولية) في عز هزائم الأميركان على يد المقاومة العراقية..
(جوليانا سيغرينا) حفلت جعبتها بالكثير من الأسرار والحقائق، طيلة فترة أسرها، وقبل ذلك من خلال عملها الميداني إعلامياً في جميع المناطق العراقية التي يجتاحها الخطر والخوف والخطف والتفجيرات.. والقتل.
وسيغرينا بين الخاطفين (الإرهابيين) والمحررين (الأميركان).. انحازت إلى خاطفيها: (لم أتعرض خلال مدة الاختطاف لأي أذى نفسي أو جسدي.. كانوا شرفاء وأخلاقيين.. إنهم أصحاب قضية)!!
ونددت بادعاءات التحرير والديمقراطية وحقوق الإنسان والحرب على الإرهاب التي تطلقها قوات الاحتلال: (لقد حذرني الخاطفون من أن المارينز لن يسمح لي بالخروج حية من العراق.. وأنهم يطاردون الحقيقة، في سبيل قتلها ودفنها في العراق.. لتختفي معها خريطة المصالح الأميركية، والوحشية الأميركية وحجم الإبادة الجماعية التي تمارسها في العراق..
وفي أحد الردود الأميركية (العجيبة) لتبرير إطلاق النار على سيغرينا: أن إطلاق النار كان خطأ ولو أراد المارينز قتل سيغرينا لكان استأجر مرتزقة عراقيين لذلك؟!!
هو تبرير ضعيف.. إنما هو اعتراف قوي وكبير وخطير، أن المارينز يستأجر مرتزقة للقيام بتفجيرات ومذابح، ولن يكون الأمر صعباً على فهم حقيقة الكثير من المجازر بعد هذا الاعتراف.. خصوصاً التفجيرات التي طالت جوامع وحسينيات.. وكنائس أيضاً!!
الغريب في قصة سيغرينا، أنه قد توترت العلاقات بين أيطاليا وأميركا بعد تلك الحادثة، وبيرلسكوني (رئيس وزراء إيطاليا وعراب مافيا تمتد بين واشنطن وروما، هدد آنذاك بسحب القوات الإيطالية من العراق، وبتقديم استقالته بعد ضغط شعبي كبير، إلا أنه بعد أيام تراجع عن كلا الفكرتين.. وسكت العالم أجمع عن جوليانا سيغرينا.. حتى اليوم!!
(جوليانا) الصحفية الجميلة، والجريئة.. تحمل أسراراً وحقائق لا يعلمها أحد، دفنت مع دفن قصتها تحت تواطؤ النظام العالمي الجديد، ووراء كواليس الامتداد الأخطبوطي للمخابرات الأميركية في إيطاليا وأوروبا وبقاع العالم أجمع.
(جيسكا لانش) ظلت ترمز إلى البطولة الأميركية عبر جغرافية العالم الذي تجتاحه أميركا بـ(الديمقراطية والحريات والحرب على الإرهاب)!!
والأهم بهوليوود التي تنتج هذه الأيام فيلماً بعنوان (جيسكا لانش) قُدمت له كل تسهيلات وزارة الدفاع الأميركية، وفُتح (مزراب) المال السياسي على أوسعه في سبيل (جيسكا) التي تعرضت لحادث سير في العراق.. ليس إلا!!
تحية إلى سيغرينا بدءاً من لوركا وماياكوفسكي وتشي غيفارا وفرج الله الحلو وجان جينه وكمال عدوان وناجي العلي والشيخ ياسين وحسن نصر الله والمقاومة العراقية..
سيغرينا ستبقين ضمير العالم الذي يرفض عجلة الكذب الأميركي..
جيسكا لانش.. هنيئاً لك بدموع العلم الأميركي ونياشين هوليوود المصنوعة من ورق مقوى وكرتون.. وأكذوبة تتكرر من سايغون إلى بيروت إلى كابول.. إلى بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية