الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسمعني

هالة محمود محمد

2015 / 1 / 2
حقوق الانسان


"اسمعني" ليست اسم اغنية لحمزة نمرة مطرب الثورة فقط بل هي كلمة شاملة لإشكالية كبرى تواجه مجتمعنا وبالأخص الشباب؛ إنها إشكالية تتمثل في فقدان ثقافة أن نستمع لبعضنا وأن نتقبل الرأي الآخر؛ فثقافة قبول الآخر من أهم الدعائم التي تصل بالمجتمعات إلى النظام الديمقراطي؛ فمما لايدع مجال للشك أن قبول الرأي الآخر هو أولى الخطوات لبناء أي مجتمع ديمقراطي.
وللأسف فإن دول العالم الثالث ومن بينها الدول العربية لا تتمتع بأية درجة من درجات الاستماع للآخر نتيجه لعوامل متعددة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية، ولعل من أبرز العوامل التي يجب أن توضع في الاعتبار — وأن تُوضع كذلك تحت نطاق البحث — التنشئة السياسية لأفراد ذلك المجتمع والتي تقوم أساسا على الديكتاتورية والشمولية الحاكمة؛ فلا صوت يعلو فوق صوت الحاكم نصف الإله مما يرسخ لدى أذهان جميع طبقات المجتمع أن هناك رأيًا واحدًا هو فقط الرأي المسموع.
فلا مجال لأي حوار ديمقراطي؛ فالأوامر العليا تأخذها مؤسسسات كارتونية تسهل تمرير ما يقرره الحاكم والذي غالبا ما يكون تابعًا لأجندات خارجية؛ فيتم تدعيم قيم سلبية مثل الانفراد بالرأي وغرس ثقافة القهر والاستبداد، ويصبح الرأي الواحد هو المعتمد كثقافة، وكذلك يترسخ في وجدان المجتمع أن صاحب السلطة في أي موقع هو صاحب السلطة المطلقة ومن يخالفه يستحق العقاب، وذلك بمساعده أدوات السلطة الفاسة من إعلام موجه، وقضاء مسيس، وأحزاب غير قادرة على الالتحام بالجماهير في الشارع، ومناهج تعليمية عقيمة تسهل عملية الاستيلاء على العقول، واحتكار مستقبل الأوطان؛ فيتم تكريس آليات الديكتاتورية لخدمة الحاكم، مما ينتج عنه مجتمع غير مؤهل ديمقراطيًّا غير قادر على صنع مستقبله ولا مواكبة التغييرات الحادثة من حولها اجتماعيًّا وسياسيًّا وتكنولوجيًّا؛ فتظل متخلفة متأخرة بما يضمن للحاكم السيطرة عليها فتتبلور ثقافة المجتمع على أساس الرأي الواحد.
ومع فساد النخبة الحاكمة تظهر المشكلات الاقتصاديه تكون سببًا رئيسيًّا لغرس سلوكيات تدعم الأنامالية وعدم الاهتمام بالمشاركة الاجتماعية أو السياسية وعدم الاهتمام بالآخر عمومًا، وكذلك الفردية وعدم قبول الآخر؛ فيتشكل مجتمع مهترئ تربويًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا.
لذا فإن المحصلة النهائية هي أن الحاكم المستبد تمتد جرائمه ليس فقط للناحية السياسية بل تمتد الي النفس الإنسانية التي تظل لسنوات وسنوات في حاجة لعلاج نفسي وتربوي في بيئة صحية حتي تعود للفطرة السليمة، وذلك يتطلب وقت لا تتيحه اللأنظمة الفاسده المتلاحقه والتي تحكم الشعوب متواترة؛ فلا مجال للإصلاح أو الترميم ويبقى الأمل في الانسان أن يغير داخله بنفسه والمجد كل المجد للأوطان التي تنفض عن نفسها غبار ديكتاتورية المستبد، وتحطم الأوثان في ثورات بيضاء ينتصر فيها الانسان لنفسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا