الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفقا بالقوارير

جلال حيدر

2015 / 1 / 3
الادب والفن


كنت برفقة أيوب صديقي المتعب من هذا الزمان كما يحب أن يصف خطواته الواهنة و إلتقينا بمحمد أو موح ليس بعيدا عن المقهى الذي نرتاده تحدثنا في طريق قهوتنا عن رأس السنة الميلادية و عن سؤال الدين ، لم يتأخر عاشق عن ذلك الشارع عن حبيبته ، لم يتأخر سكير عن نشوته ، لم يتعثر حامل الكعك و لا طفل في عمر الأزهار التي يحملها عنوة ، أزهار حمراء مغلفة متأهبة للعشق في يدي هذا البريء ، كانت الشمس توغل في حوار مع الغيم و هي ذاهبة نحو تابوتها ، و كنا نعلق على المظاهر التي نراها ، و نحن نبتعد في الطريق الرئيسي بين أصوات الباعة و ضجيج المارة و المتسوقين و النساك الخارجين من المسجد بعد صلاة المغرب ، بين أطراف الحديث و القهقهات و الزحمة ترتسم امرأة ترتدي عباءة حمراء و شالا يخفي بعض شعرها و بيد تمسك ساقها الأيسر و قد بدى عليها الألم و كان ينتصب على الرصيف الآخر شرطيان ، أردت التقرب منها فرفض صديقاي لكني بعد تردد سألتها إن كانت تحتاج إلى مساعدة ، نظرت إلي قليلا ثم طلبت مني أن أعينها على المسير بأن تمسك بذراعي كعكاز يعيلها ،على أن بيتها قريب لأني كنت بصدد إيقاف سيارة أجرة لتقلها ، بعد خطوات إعتدلت المرأة الثلاثينية في مشيتها و خف ألمها و إقتربت مني أكثر و سرنا كعاشقين في رأس السنة و كان صديقاي يضحكان و يقهقهان و ما إن إستدرنا على حافة البوليفار أين يقع محل مغمور لصديق قديم حتى شعرت بتقزز منها و هي تجذب ذراعي إلى نهدها و تقترب في إيحاء غريب ، وقفت و قلت لها أين بيتك يجب علي المضي رفقت أصدقائي ،لا يمكنني أن أكمل معك الطريق ، كانت نظراتها مربكة تلك العاشقة الثلاثينية الممتلئة ذات الملاءة الحمراء و الشعر الصبوغ المتوهج تحت شالها ، و كانت عيناها تفقآن براميل النشوة ، و لم تتفوه غير الصمت و هي تقترب و تقبلني على وجهي بحرارة و تمضي غريبة ، بقبلة و عكاز تمضي تلك الثلاثينية في الشارع المعتم الطويل في رأس السنة ، إلتفتّ إلى أيوب و قد لفضه حوت الضحك ، و قال : كان أحرى بك أن تهديها أزهارا و تذهب معها في هذه الليلة الباردة ..
و ردد موح أيضا : غريب أمر هذه المدينة ، إنها تعجل في صدمتنا ، كنا نتحدث عن العشاق المتوردين في هذه الليلة ، فتبدد كل شيء من أمامنا و أنت تسير رفقت الثلاثينية الممتلئة و تعبر البوليفار ...
فعلا يا صديقاي لقد صدمت بها ، و هل إلى هذا الحد يحب الإنسان الشعور بأنه ضحية ؟ مثما يقول دوستوفسكي ..
و نحن نعود أدراجنا من ذلك الشارع الرهيب ، تقف ثلاثينية بعباءة سوداء تنتظر سيارة أجرة و قد تقدم منها شخص آخر يبدو غريب الأطوار ، و قلت مخاطبا صديقاي ، إن ساقي اليمنى تألمني ، و أردفا : هذه الثلاثينية تتكفل بإيصالك إلى البيت ... و نحن نغرق في نوبة ضحك أخرى ...
جلال حيدر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب