الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدران الصامتة

سمير هزيم

2015 / 1 / 3
الادب والفن


ولجت كهوفي بأحلامي الضايعة تحت جنح الليل .. مستفزاً مشاعري المركبة وأحاسيسي الغريبة .. تدفعني كموج هادر نحو تسلق الجدران الليلية ..
غرفتي العلوية لفها الظلام .. كانت روحي سابحة في بحر الاوهام والصور المرئية الباهتة ..
حاولت التسلق كالقرد على جدران الأسطح العالية .. التمس بعيوني اضواءاً براقة .. اختلست مهارتها بعد تدريب طويل عليها .. لبست حذائي المطاطي .. ولففت رأسي بلفحة سوداء لم اترك منه شيئا ظاهراً سوى عيوني .. ورحت ابحث بين حبال الغسيل .. عن قطعة محددة اردتها .. ولكني في تلك الليلة لم اجد ضالتي ..
رجعت خائباً من مغامرتي .. في الليلة التالية .. اتجهت بالجهة الاخرى وانا اتسلق جداراً اثر جدار ... أتفقد حبال الغسيل .. اتلمس الملابس قطعة قطعة .. ارقب بعيوني الذئبية .. مسالك الطريق على أطراف أصابعي ..
على السطح البعيد حبل غسيل تتطاير تتطاير عليه اذيال الملابس المغسولة .. كان الهواء الشرقي ضارباً مباني دمشق القديمة .. قفزت من سطح الى سطح بخفة .. حاولت ان استمع أصوات أهل البيت .. لا صوت ولا حراك .. الأنوار جميعها مطفأة .. تسلقت الجدار المرتفع .. نظرت الى الملابس .. هذا قميص رجالي وهذا بنطال جينز .. تلك البلوزة .. لا ليست هي طلبي .. هنا ملابس طفل .. ملابس داخلية .. على الحبل البعيد .. انها القطعة التي أريدها .. انها هي .. بشكل مؤقت ملأت السعادة صدري .. أمسكت ملاقطها البلاستيكية وسحبتها بهدوء .. وكأني اداري عيوني .. أخذت القطعة .. قربتها من انفي .. سحبت نفسا عميقاً .. لففتها ووضعتها داخل قميصي .. عدت اعبر الجدران .. وصلت الى غرفتي .. .. أشعلت النور .. وضعت القطعة على سريري .. صرت أتأمل الوانها .. اشم رائحتها مرة اخرى .. تمددت على السرير بجانبها ..
طرقٌ على باب بيتنا الحديدي .. فتح جاري الساكن في الأسفل .. قال الرجل القادم : اريد الساكن في الغرفة العلوية .. قال الجار .. اصعد الى عنده ..
كنت اسمع الحديث بعد ان أطفأت نور غرفتي .. بقيت متمسكاً برباطة جأشي .. صعد الى عندي .. دفع الباب دون ان يطرقه .. لقد اصبح داخل الغرفة .. تكورتُ حول القطعة القماشية .. قلت : من انت وماذا تريد ؟
قال : لقد شاهدتك على سطح بيتي .. ماذا سرقت ..؟
قلت انا لم اسرق .. في البداية احتبس لساني في حلقي .. لكن وبعد ان عرفت انه جاري القريب ..
قلت : لقد طار من عندي قميص .. وكي لا أزعجكم .. قفزت لاجلبه وعدت فوراً .. بإمكانك التدقيق بكل المواد الموضوعة على سطح بيتكم وانا أتحمل المسؤولية اذا نقص شيئا من عندكم ..
اقترب الرجل مني .. وصفعني على وجهي قائلا .. انا لا اسمح لأحد ان يعتلي داري من غير أذني .. نظرت اليه معتذراً ... معترفاً بخطأي .. قلت له بتمون ياعم ..
في اليوم الثاني ذهبت لأقوم بالأجر ..
واشارك بتشييع فتاة حارتنا ... التي كنت أصادفها كل يوم تخرج من حارتنا ولا اعرف بيتها .. وقبل يومين تبادلنا الابتسامات في الميكرو ... الفتاة التي كنت احلم ان أتعرف عليها عن كثب ...
قتلتها قذيفة هاون ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي