الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرطي خمس نجوم

ماجدولين الرفاعي

2005 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما حصلت على رخصة القيادة قبل سنوات كنت أرجو من الله في كل مرة أقود فيها سيارتي أن يشير لي الشرطي للتوقف. لاشيء إلا لكي افتخر باني املك رخصة قيادة. ولكنني وبعد تجديد الرخصة لمرتين متتالين لم يشر لي الشرطي مرة واحدة لا لأنني نظامية بل لأني امرأة قد لا أدفع رشوة لو أشار لي الشرطي للتوقف! وقد أكون بالصدفة ابنة مسئول ويتسبب له توقيفي بمسائلة قانونية!
ولعل أجمل تعليق سمعته عن شرطي المرور، حين طلب الشرطي من سائق المركبة رشوة كي لا يخالفه، وحدد المبلغ بورقة نقدية من قيمة الخمسين ليرة سورية، فبادر السائق للقول أن ليس لديه سوى مئة ليرة وعلى الشرطي أن يعيد نصفها لكن الشرطي طلب منه أن يقوم بمخالفة أخرى بقيمة الخمسين ليرة لكي لا يعيدها إلى صاحبها!
تعتبر تلك الحكاية طرفة وقد يشك البعض بأنها من باب الدعابة ومن الصعب حصولها. ولكنها وللأسف تحصل وقد تحصل كثيرا. شرطي المرور الرجل الكادح الذي يمضي نهاره متوسطا الشوارع تحت وطأة حرارة الشمس الملتهبة صيفا وانهمار الأمطار والبرد الشديد شتاء يحمل عصاه وفي فمه صفارة! هذا الرجل الذي علمه السلك الذي انتسب إليه الرشوة وبات شرطي المرور من فئة المجتمع الغنية! فما أن يقول لك احدهم انه شرطي مرور حتى تهز راسك بطريقة تعبر عن دهشتك من غناه.
شرطي المرور لاينكر احد مدى تعبه والجهد الذي يبذله لتنظيم حركة المرور لولا.. انتمائه لجماعة مرتشي البلد الذين لاتهمهم المصلحة العامة بقدر ما يهمهم مصالحهم الشخصية والتي حرضتهم على القيام بها أساليب معاشهم ورواتبهم المتدنية التي لا تتناسب مطلقا مع مجهوداتهم وطبيعة عملهم الشاقة! وربما النظام المتبع في عملهم! إذ على كل دورية كتابة عدد من المخالفات في الشهر وتسجيلها كبطولة لهم! مما يدع للشرطي مجالا لطلب ما يريد: ادفع فلا تكتب المخالفة! ومن يحاول التمنع وعدم الدفع محاولا استخدام القوانين فان اسمه يدرج في دفتر المخلفات التي سيثاب عليها الشرطي الأمين والغيور على مصلحة بلده!
وأرجو ألا يستهجن أحدكم حين يعلم أن مكان وقوف الشرطي يحدد قيمة الرشوة التي عليه تقاضيها! فمثلا شرطي المرور في مدينة نائية لا يأخذ أكثر من خمسين ليرة! بينما في المدن الكبيرة فقد تتجاوز رشوته الخمسمائة ليرة! وكذلك في المطارات والفنادق الراقية! وأما في المناطق السياحية فتلك لها أسعارها السياحية الخاصة! وقد حصلت تجربة من هذا النوع مع احد المقربين مني. فقد صفر له الشرطي لأجل ضوء مكسور في واجهة السيارة وحاول مخالفته. لكن قريبي أقسم أن الضوء كسر منذ دقائق فقط! ابتسم الشرطي ابتسامة ذات معنى! اختفت تلك الابتسامة تماما حين رأى الخمسين ليرة في يد قريبي قائلا له: اذهب وستجد المخالفة في مدينتك! وعلى كل حال أنا هنا حتى الحادية عشرة ليلا!
فهم قريبي أن المبلغ تافه. فعاد ليلا مع مبلغ يتناسب مع شرطي يقف قرب منتجع الشاطئ الأزرق!
قد لا يلام الشرطي وحده وإنما المواطن الذي يستسهل الأمور ويجد أن الدفع أسهل الطرق للهروب من النظام والقانون! إضافة إلى ميوعة قانون السير الذي لو كان صارما لالتزم الجميع به. وإلا.. فما الذي يجعل أبناء الدول الغربية ملتزمين بقوانينها؟ ترى هل يولدون منظمين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة