الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاستا ديفيا بائعة الورد الارجواني

شعوب الجبوري

2015 / 1 / 5
الادب والفن


كاسـتا ديفيـا ...بائعة الورد الأرجواني، دَّكْنَاء كحبة بُن، كانت كالرابعة والعشرين شَّتاءًا...أيُّهذا الجمال؟ حُزْن في عينّاها البّلّيلة، كأنكسار الغروب بخموره المُعَتقة. حُزْنها جحيم سحيق، صفيق،...حُزْن يسير بمَسّاء خَلفَ أطراف عميقة السَّماءُ، كُلّ شيء في يديها يُسكب في طيوب. يَطالَه رفات السفر، في حليّكَة، وَالسير الذهول، يتمادى بنان شّحذ في الجسّد الرَّاقص تيهه.

كاسـتا ديفيـا... كانت كالفراشة تطير بأنبهار، تتلظَّى وتنشُّ الفرح المَّيتُ والتليفُ، تثريّ مسخ عملاق منْ الزوال وَالطَّويَّهْ، تُسرج وَتًسرح فرْط الدلّال، تًطلَّ عَلينا من قلادات البلايـا، تمسُّ، تًلوي، تًفتح المزاليج الحزْينة بالعَيْن بلكزة قويّة، تًذَرْذَرْ مُخْمَل اللَّحْن.

أيُّتها العطرُالمُرَفَّه، وَرَخاءَ الوهجُ، وَأُغْنيَّةَ الحُسّن العَفّيفّ، (كاسـتـا ديفيـا) مَليكَة مُثْقَلة النشّيد المُدلَّل...، بَابَ الْمَدينّة كَقصيدة تنشّي رَخاوة الْتميّع بالْمَيل وَالْشَّهوة وَالْهوى، الخَمْرَةُ تتحلَّب منْها العاطفة، تعلَّم ذاك الْقَلْبَ يَشيل الْبَحْرَ إلَى القادمون، الخوافيّ، وَبَخَرُ الْخمرة أشْيعُ من لَّمْس الْقُبلّة، قَطْفاً، في شرهة متحفزة أبدًا للوثوب....، (كاسـتا ديفيـا) مُنسرحة كَصفحة النّهْرَ تتقفى أحُزْانها الَّتي لا تُمهي، كأنَّما إنسراح يَمطلَ فيها منَ الرموز خليقة منْ الأستعارات وَالتشّابيه لحُزْنها الأَيْهَم.

كاسـتا ديفيـا، غَريبة في هذه الْمَدينّة المُؤجلة، غريبة خَلْفَ هذه الحانة الْحَجَريَّة تجئ، بعيدة تراها للحياة، تحفر مَنْ قابلها خطاها، لها ذاكرة شاسعة وأبخرة، منْ خلاّل الْنَوافذَ المُتَمَوّجَة والْصَّفائح الوَحلة تَراها، تَرنو إلَى أشّراقة السكون، تكتمل في شُبَّاك كَالخُطى، كأزهّارُ الشبَّابيك تَنتظر، وعيناها كَحقول ترزح تَحْتَ الخريف...، (كاسـتـا ديفيـا) صَّمْتها مُتسع كَالأَعماق، كَضَّؤ الْهمزة في آخَرَ الْكلمة، كاَلّأزقَّة الْحَجَريّة المُتكسَّرة، وَتتأمل بهدؤ كَالْطيور في الْبَرَاريَّ الواسعة، تَرقبُ في الدُّرُوب كَالّمقابر، تتجه إلَى دَمْها ... ولاّ أَحدَّ يلتقاها بالعزاء.!

كاسـتا ديفيا، فيها الغابة وَضّياء الْمَطَر، تَلتقيني قليلاً كَالناس، بالصّبْح كَالتّفّاحْ، تزارعني صَّمْتي بأتسّاع اللَّيل وضيق الدُّرُوب، تزارعني أبْتسَامَتي الخريفية، تَنهمر عَليَّ كألعاب الطّيْورُ شفافة وَمْيضة، وَبَعْدَ كُلّ لقاء تلقيني التحية بصَّمْت، وَلاّ تبدل من الضَّياء، تبادلني أنتزاعاتي، وَتسّالكني الظَّلال كَالضَّؤ وَالسكون، تتقاسّمُني في حنجرتها تلك بالغناء والعويل، فسحتها الْظَّلمَاء من الْوَهم وَالْوحشة....

كاسـتـا ديفيـا، لَّيَل من الْصَّفاء، تتمتمني في تتابع رتيب للْعشّق، لَمْ تقبض علَيها الْظّلمَة والبرودة بَعْد، تنهض بأبْتسَامَة كعيدَ الورد الارجواني للقرية، تعبر بعيدة من لون الثلج الباهت، إنَّها كَسَّراج ... تَحْب الصَّمْت وَلَمْس اللَّوْز والتّفّاحْ... (كاسـتا ديفيـا) تَجلسُ كَعادتها قبلَّ وَداعي، خَلْفَ البقالة الْحَجَريَّة، ليس كالنوافذ الفارغة، تودعني وَفيها مَلْمَس الشَّمس وَالمشّمش، تتلوى دَمْعَتها بتلويحة كَمدار يَتلوى، وَبعَيْنيها أقوام عشق، في أنفاسها يُهرولون، وَبعدَ كُلّ وَداع تقلع قبلتها الصَّباحية في سلال الغابة.. تعبر كُلّ الصَّباحات بصَّمْت داَفئ كَالّْحضن، تعبر وَفي داخلها الْشَّوارع وَالْبيوتْ، ممنْ يجعل اللَّيَل وَالقَمْرَ والصَّمْت كَالتورد في السلال، إلَيهّا يتدافعون...،آواه.... كاسـتـا ديفـيا، فأفريقيا الورد الارجواني أرخى ذابلا دونك.!

باريس، 4.1.2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب


.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي




.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء