الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسبانيا الشقيقة وخير الله طلفاح

رشاد الشلاه

2005 / 9 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تذكرت "خير الله طلفاح" وأنا أتابع التلفزيون العراقي وهو ينقل على مدار الساعة وقائع حملة التبرع لضحايا فاجعة جسر ألائمة، بعد أن كنت أظن أن حسنة النسيان قد اركنته كائنا دينوصوريا في إحدى زواياها. ولأجيالنا الشابة اعرَف باختصار" خير الله طلفاح" فهو خال وأب زوجة الدكتاتور صدام حسين وكان" ألمع" شخصية سياسية واجتماعية في بغداد إبان السنوات الأولى من سبعينات القرن الماضي، شغل مناصب هامة منها محافظ مدينة بغداد، ولكن المنصب الاهم الذي شغله حتى مماته هو منصب خال السيد الرئيس، وكفى جدارة فائقة لحامله. كان موسوعي المعرفة، "ألف" كتيبا تعدى فيه على الذات الإلهية عنوانه " ثلاثة ما كان على الله أن يخلقهم الفرس واليهود و الذباب" بيع قسرا على جميع موظفي الدولة العراقية، ومن كان يجرؤ على رفض شرائه أو الاعتراض على مضمونه فهو كتيب خال السيد النائب صدام حسين قبل أن يخطف الدكتاتور الرئاسة من احمد حسن البكر عام 1979.

في ندوة تلفزيونية جرت صيف عام 1971 سأل المذيع الأستاذ طلفاح عن معنى الاشتراكية راجيا مساعدة الإخوة المشاهدين على فهم هذا المصطلح الذي هو ثالثة الأثافي في شعار البعث، أجابه الأستاذ خير الله بعد أن استقام في جلسته مبتسما بسخرية من سذاجة السائل والسؤال قائلا: أعطيك مثلا على معنى الاشتراكية، أنا مثلا الأستاذ خير الله طلفاح جالس مع موظف بسيط مثلك وأتحدث معك، ألا يعني ذلك اشتراكية؟ فما كان من المذيع المسكين ألا بلع الإهانة مشيدا باضطراب بهذا الشرح الجامع المانع للاشتراكية.

وعلى ذكر مذيعنا المسكين مع خال السيد الرئيس فان مذيع القناة العراقية وهو في غمرة حماسة الإشادة بالوحدة العراقية التي تجسدت بهذا السيل من المتبرعين متنوعي الانتماءات والولاءات، استدرك قائلا: لعلكم شاهدتم تواً كيف قامت أسبانيا باستقبال عدد من الجرحى من ضحايا الفاجعة لعلاجهم وهذا الموقف يؤكد العلاقة الوطيدة بين الدولتين الشقيقتين!!، ويبدو انه نسي ما تعلمه في دروس الجغرافية و التربية الوطنية أو القومية من أن أسبانيا دولة أوربية ، أما الدول العربية والإسلامية فهي الشقيقة للعراق ولكنها لم تسمع بفاجعة جسرالائمة لذلك فتح بعضها خزائنه لضحايا كارثة إعصار كاترينا وربما سيفتح مستشفياته لهم لأنهم ضحايا أفقر دولة في العالم اسمها الولايات المتحدة الأمريكية، ثم أليس الكفار و الأبعدون أولى بالمعروف!؟

وقد يسأل القارئ وما علاقة كل ذلك بالمرحوم خيرالله طلفاح؟ الجواب هو أن واحدة من مزايا طلفاح هو التفنن في ابتكار أساليب الجباية والتبرع، ثم وهو ما كان مبعث هذه المقالة إنني وبعد إقفال القناة التلفزيونية التي استثمرت ضحايا فاجعة جسر ألائمة في سوق الصراع السياسي عندما كانوا أحياء وكذلك بعد استشهادهم، لجأت إلى الحاسوب لقراءة ما استجد من أخبار وإذا بخبر يتصدر موقعا الكترونيا يقول؛ إن مسلحين مجهولين قاموا بتفجير احد صالونات الحلاقة النسائية في مدينة النجف في ثاني هجوم من هذا النوع خلال أسبوع. وهنا ما حفز الذاكرة أيضا بتراث خير الله طلفاح فقد كان يأمر شرطة بغداد بتعقب الفتيات البغداديات ورشهن بالإصباغ ما دمن لا يلبسن وفق المقاسات التي وضعها والتي تتلخص بان لا يقل طول ردائهن عن ثلاثة أصابع أسفل الركبة، لقد كان رحيما عطوفا مقارنة بما تفعله اليوم عصابات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البصرة والنجف وبغداد والموصل والفلوجة من ضرب وقتل للنساء العراقيات وللحلاقين وتفجير لصالونات الحلاقة.

أهناك من مجافاة للواقع في التأكيد أن ولايتي طالبان والفقيه هما ما ينعم بظلهما الوافرعراقنا الآمن اليوم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل