الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجير البرلمان الليبي من عين المكان.. وقائع ودروس..

فاضل عزيز

2015 / 1 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


عند الساعة الثانية عشر وثلاثون دقيقة من ظهر الثلاثاء الموافق 30 ديسمبر 2014، وبينما كنت جالسا بقاعة جانبية بفندق دار السلام بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي حيث ينعقد مجلس النواب، اطالع كتبا حول الفتنة الكبرى ، هز انفجار مرعب المكان بالتزامن مع انهيال أكوام من الزجاج المحطم والغبار حولي و وجدت نفسي أطير في الهواء بين الكراسي وقطع السقف المعلق المحطم والغبار يملأ القاعة، حيث سقطت على الارضية بين الكراسي المبعثرة، نهضت مذهولا من هول الانفجار، وخمنت لحظتها أن المبنى قد تعرض لقصف جوي لشدة الانفجار.. حاولت الاندفاع نحو باب القاعة متعثرا في حطام الكراسي والطاولات والغبار يحجب الرؤية بالكامل ولم اتمكن من الوصول الى الباب بسبب ركام الابواب والكراسي والفوضى، تراجعت عائدا نحو القاعة التي كنت جالسا بها خوفا من اندلاع حريق نتيجة الانفجار، في القاعة اكتشفت ان كل زجاجها قد تحطم فدلفت نحو سطح ملاصق لها بحثا عن الهواء ، إذ كان الغبار والدخان يملآن الجو، تمكنت من استنشاق بعض الهواء واستعدت قوتي، كنت اسمع في ذهول صياح ونداءات العالقين وسط الغبار وناديت عليهم للخروج من جهة الزجاج المحطم في الصالة الجانبية، بحثت عن مخرج من ذلك السطح لتفادي الغبار والدخان، فاهتديت الى درج للطوارئ نزلت مسرعا أتأبط جهاز الحاسوب وحقيبة أوراقي لأجد نفسي عند حوض السباحة الجاف حيث مجموعات من النواب والموظفين المرعوبين يجوبون ذهابا وإيابا مذهولين من التفجير، كل يبحث عن قريبه او صديقه او يواسي آخر مصاب، تلقاني احد أفراد الأمن وحمد لي السلامة وأخذ يزيل الغبار عن ملابسي ويسألني ما إذا كنت قد أصبت بأي أذى ، شكرته وأكدت له أنني بخير، اتصلت بزملائي للاطمئنان عليهم وشعرت براحة لما عرفت أن ايا من الزملاء او الموجودين بالفندق ساعة التفجير لم يمت، وان إصابات بعضهم بسيطة .. داهمتني نوبة سعال شديدة جراء استنشاقي للغبار وحاولت استخراج ما علق بصدري من غبار ودخان واستلقيت على حافة الحوض محاولا استرجاع تلك اللحظات البائسة..
كان الكل مصدوم جراء هذا العمل الإرهابي، وبدأت أتسقط الأخبار حول زملائي وعرفت انهم بخير ما عدى أحد زملائي الذي أصيب بجروح طفيفة، كما حاولت ان اعرف سبب الانفجار من الجماعات التي تتحلق بالساحة، حيث أوضح أحدهم أن الانفجار تم بفعل انتحاري تسلل بسيارته المفخخة من بين البيوت التي تطل على الفندق والتي تعود لعائلة يتولى أفرادها غير المؤهلين أمنيا حماية وتأمين الفندق، واندفع بقوة مستفيدا من انحدار سطح الأرض نحو الفندق واقتحم بوابة مقفلة جانبية للفندق ليجد نفسه أمام سيارة كانت متوقفة أمام بوابة القاعة التي كان يبدو أنه يستهدفها، ما أدى الى انحراف سيارته الملغمة لتنفجر خارج مبنى القاعات محطمة الجانب الغربي من الفندق ..
وبعد أن خرجت من الصدمة جلست أفكر وأطرح التساؤلات:
- كيف أقنع ممولوا الإرهاب ومخططيه هذا الارهابي بركوب آلية الموت لقتل أكبر عدد من الناس، لا لشيء سوى أنهم يختلفون معه في وجهات النظر حول إدارة البلاد؟
- هل حقا هذا القاتل الارهابي صدق ما يعدونه به هؤلاء القتلة من جنة عرضها السماوات الأرض، سيدخلها على جثث مسلمين موحدين مثله؟
- هل يعتقد هؤلاء القتلة الذين يتخندقون في ريكسوس وفي فنادق تركيا وقطر وفي مزارعهم ومرابعهم بطرابلس ومصراته المخطوفتان، أن مثل هذه الأعمال وغيرها من الأعمال المسلحة التي تحرق الأخضر واليابس التي ينفذونها يمكن أن تؤسس لليبيا كدولة يعيش فيها كل الليبيين ويعترف بها المجتمع الدولي؟
- لماذا لم يبادر أعضاء الامن في فندق دار السلام و الذين ظهروا فجأة بعد فوات الاوان كأسراب الذباب، لماذا لم يبادروا الى جمع شظايا التفجير التي تتناثر في كل مكان ؟ ولماذا لم يعثر على أي بقايا للانتحاري المزعوم؟ وإذا عثر على بقايا لماذا لم يتم الكشف عن الـ دي إن أي للارهابي وتحديد هويته؟
- كيف تفسر قيام مليشيا العائلة التي تسيطر على الفندق بالعبث بآثار التفجير بعد ساعات من وقوعه وطمسهم للكثير من المعالم التي خلفها والتي كانت يمكن ان تساعد رجال البحث الجنائي في الوصول الى المزيد من الخيوط التي يمكن ان تكشف من يقفون وراء هذا العمل الارهابي؟
- هل سيأخذ مجلس النواب والحكومة والقيادات العسكرية والسياسية والأمنية التابعة للدولة الليبية عبرة من هذا الحادث، ويعيدوا النظر في سياساتهم ويصححوا توجهاتهم التي مكنت الجماعات الارهابية من الوصول بسهولة الى أعلى سلطة تشريعية للبلاد وتفجيرها، رغم رسائل الانذار التي ارسلها لهم الارهابيون منذ أكثر من شهرين عندما نفذوا تفجيرين منفصلين أحدهما في شارع رئيسي بالقرب من مقر المجلس؟
إذا لم يستفد المجلس والحكومة والمؤسسات الامنية من هذا التفجير ويعيدوا النظر في سياساتهم القائمة على النفعية وحصد الامتيازات والاموال والصراع على المناصب، فإن التفجير القادم سيكون أكثر إيلاما وقد يؤدي الى انهيار كامل لهذا الجسم التشريعي الذي يعاني من ضعف مريع وتضارب في أدائه على مستوى الرئاسة واللجان المختلفة فضلا عن انغماس ديوانه الإداري في فساد وصراعات تزيد من أزمته وتدهور اداء أجهزته المختلفة وهو ما ينعكس سلبا على أداء الحكومة والجيش..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو